مؤتمر القاهرة: هل توقف الكلمات حرب السودان
تاريخ النشر: 8th, July 2024 GMT
د. الشفيع خضر سعيد
بدعوةٍ من حكومة جمهورية مصر العربية، وتحت شعار «معاً من أجل وقف الحرب في السودان» انعقد في القاهرة بتاريخ السادس من يوليو الجاري، مؤتمر ضم القوى المدنية والسياسية السودانية، وذلك لبحث قضية الحرب والسلام في السودان. حضر المؤتمر وزير الخارجية المصري وممثلون عن المنظمات الأممية والإقليمية، كما حضر الجلستين الافتتاحية والختامية ممثلون عن البعثات الدبلوماسية إضافة إلى المبعوثين الدوليين للسودان.
إن القوى المشاركة في هذا المؤتمر، تؤكد أنها تقف على ذات ضفة الوطنية ورفض الحرب، وأنها على قناعة بأن الوطن كله أصبح في مهب الريح، وأن خطرا داهما يتهدد الجميع، وأن ما يجمع بينها من مصالح في الحد الأدنى الضروري للحياة في سودان آمن، أقوى مما يفرقها، وأنها لابد أن تلتقي وتعمل بجدية وإخلاص لتمنع انهيار الدولة السودانية، ولتتماهى مع حلم الشعب السوداني اليوم في وقف الحرب وبسط السلام واستكمال ثورته ورتق جروح الوطن. وكل هذا لن يتأتى إلا بتوفر الإرادة القوية والرؤية الصحيحة عند هذه القوى، وبقناعتها بأن وقف الحرب وإعادة بناء الوطن يحتاج إلى توسيع مبدأ القبول والمشاركة ليسع الجميع إلا من إرتكب جرما في حق الوطن، فهولاء مصيرهم المثول أمام العدالة.
صحيح أن الطرفين المتقاتلين قد يصلان إلى اتفاق لوقف إطلاق النار والقتال، ولكن ليس باستطاعتهما وحدهما وقف الحرب ولا يمكن أن يحددا هما فقط مصير السودان ومستقبله. فالمسؤولية الأكبر والرئيسية في وقف هذه الحرب المدمرة تقع على عاتق القوى المدنية السودانية، لأنها هي المناط بها تصميم وقيادة العملية السياسية التي بدونها لن تضع الحرب أوزارها. وجوهر العملية السياسية يبدأ بصياغة الرؤية لوقف الحرب، والتي في قمة أولوياتها مخاطبة المأساة الإنسانية الراهنة والمتفاقمة في البلاد، وخاصة مناطق النزوح، وفي المعاناة الجسيمة في مواقع اللجوء، بالإضافة إلى الإجابة على العديد من الأسئلة الجوهرية الأخرى كالمساءلة والمحاسبة بالنسبة لجريمة اندلاع الحرب وما صاحبها من انتهاكات، وكذلك أسئلة إرساء ملامح فترة إنتقال بقيادة مدنية لا تشوه بأن تختصر فقط في اقتسام كراسي السلطة، وإنما تكتسب طابعا تأسيسيا عبر مخاطبتها لجذور الأزمة السودانية والأسباب الجوهرية لاندلاع الصراعات والحروب في البلاد، ومنها هذه الحرب المدمرة. وكل هذه المهام المصيرية ليست فرض كفاية، يقوم بها قسم من القوى المدنية ويسقط عن أقسامها الأخرى، بل هي تشترط مشاركة كل القوى المدنية الرافضة للحرب في حوار سوداني سوداني، ولقاؤنا هذا والذي يلتئم بمبادرة من القيادة المصرية، هو ضربة البداية وخطوة هامة في هذا الاتجاه، وبالضرورة أن تتبعها خطوات أخرى، وهو فرصة ثمينة، شكرا لمصر قيادة وشعبا على إتاحتها لنا، ويجب علينا أن نكون على قدر المسؤولية ونستثمرها بالكامل وعلى أحسن وجه لصالح أحلام شعبنا الممكون وصابر.
إن القوى المشاركة في هذا المؤتمر، تؤكد أنها تقف على ذات ضفة الوطنية ورفض الحرب، وأنها على قناعة بأن الوطن كله أصبح في مهب الريح
الشعب السوداني لا ينتظر ولن يقبل أن تغرق مناقشات المؤتمر في تكرار ما ظلت تتبادله، وتتناوش به في أحيان كثير، مخاطبات القوى المدنية والسياسية، بل يتوقع أن يسعى المؤتمرون جميعا لمضاعفة المشتركات ومواصلة سبر غور المختلف حوله، وأن لا تبدأ المناقشات من الصفر وإنما تُبنى على نتائج السمنارات وورش العمل العديدة التي جمعت القوى المدنية في الفترات السابقة. وبإعتباره ضربة بداية، فليس من المتوقع أن يحسم المؤتمر كل القضايا المطروحة من أول وهلة، فهي قضايا تحتاج إلى إعداد ذهني وسياسي وسط الفصائل المختلفة المكونة للقوى المدنية والسياسية السودانية، وذلك من خلال عمل تحضيري واسع يشارك فيه الكل، وصولا إلى لقاء ثان، أو عدة لقاءات، لحسم التوافق حولها. لذلك، ليس مفيدا أن نشحن المؤتمر بحمولة زائدة من القضايا الشائكة، ويستحسن في هذه المرحلة أن نخرج بالتأكيد على المبادئ العامة حول وقف الحرب عبر التفاوض، وأولوية مخاطبة الأزمة الإنسانية، والحفاظ على وحدة السودان، وعملية سياسية تؤسس لفترة انتقال تأسيسية، وأن نسعى للتوافق حول آلية للمتابعة والتحضير السياسي والذهني والتنظيمي للقاءات تالية مكملة. ولتكن بوصلة مناقشاتنا في المؤتمر أن الشعب السوداني ينتظر منا إجابات جدية تواسيه في حزنه وتنعش آماله في وقف هذه الحرب المجرمة. واتمنى لكم النجاح والتوفيق، وشكرا مصر مرة أخرى».
أما مخرجات النقاش، فشملت ضرورة الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار ووقف العدائيات، والالتزام بإعلان جدة والنظر في آليات تنفيذه وتطويره لمواكبة مستجدات الحرب، ومناشدة الدول والجهات الداعمة لأطراف الحرب، للتوقف عن إشعال المزيد من النيران، وأن الأزمةُ الإنسانية الراهنة في البلاد يجب أن تأتي في رأس الأولويات، وأن وصولِ المساعدات وحماية العاملين في المجال الإنساني هو أمر واجب لإنقاذ حياة ملايين السودانيين، كما ناشد المؤتمرون المجتمع الإقليمي والدولي الإيفاء بالتزاماتهم.
وفي المسار السياسي، شدد المؤتمرون على وحدة السودان على أسس المواطنة والحقوق المتساوية والدولة المدنية الديمقراطية الفدرالية، وضرورة تجنيب مرحلة ما بعد الحرب كل الأسباب التي أدت إلى إفشال الفترات الانتقالية السابقة، كما توافقوا على تشكيل لجنة لتطوير النقاشات ومتابعة جهود وقف الحرب.
نقلاً عن القدس العربي
الوسومد. الشفيع خضر سعيدالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: المدنیة والسیاسیة الشعب السودانی القوى المدنیة وقف الحرب
إقرأ أيضاً:
بعد انتهاء فعالياته.. ننشر توصيات مؤتمر أدب الطفل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
شهدت وزارة الثقافة المصرية، ممثلة في دار الكتب والوثائق القومية برئاسة الدكتور أسامة طلعت، اليوم، ختام فعاليات المؤتمر السنوي التاسع لمركز توثيق وبحوث أدب الطفل تحت عنوان "أدب الطفل والذكاء الاصطناعي".
انعقدت على مدار يومين ٤ جلسات شارك فيها ١٩ باحثًا وباحثة من المهتمين بأدب الطفل وتقنيات الذكاء الاصطناعي. وأعلنت إدارة المؤتمر مساء اليوم توصياته التي جاءت كالتالي:
١- السعي لتغذية برامج الذكاء الاصطناعي بمحتوى الصناعات الأدبية المقدمة للطفل العربي لصون تراثنا الثقافي.
٢- تحفيز الوعي العام بعصر الذكاء الاصطناعي وحتمية ولوج أدباء الطفل لخوض هذه الصناعة.
٣- أهمية التوعية بالمخاطر الأخلاقية التي قد يتعرض لها الطفل بمحتوى الأدب الناتج عن الذكاء الاصطناعي.
٤- تنظيم ورشة عمل للأطفال حول سمات أدب الطفل الياباني.
٥- الاهتمام بتوظيف الذكاء الاصطناعي في مجال أدب الطفل لغرس وتعزيز تراثنا الثقافي بعقول الطفل المتلقي.
٦- تجنب مخاطر التعدي على حقوق الملكية الفكرية لأدباء الأطفال وللطفل المبدع.
٧- تنظيم برامج تفاعلية لتدريب الأطفال على التعامل الآمن مع تطبيقات الذكاء الاصطناعي تحقيقا لمفهوم الأمن الثقافي متمسكين بقيم وعادات وأعراف مجتماعتنا العربية وبما يضمن الأمن السيبراني.