أوضحت دار الإفتاء المصرية سبب التأريخ للعام الهجري بشهر المحرم بدلاً من ربيع الأول، وذلك للإجابة على سؤال أحد المواطنين، الذي يرغب في معرفة هل حقًّا أن هجرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كانت في ربيع الأول؟، ولو كانت كذلك، فلماذا نحتفل ببداية السَّنَة الهجرية ويوم هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم في شهر المحرم؟.

وأجابت دار الإفتاء إن هجرته صلى الله عليه وآله وسلم كانت في ربيع الأول، وكان العزم عليها والاستعداد لها في شهر المحرم، ولهذا كانت بداية العام به، وكذا الاحتفال بها يكون في شهر المحرم، فيكون الاحتفال بها بمعنى الهجرة لا بخصوص يومها.

وقالت الإفتاء: من المعلوم أن دخول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة كان في شهر ربيع الأول وإنما كان العزمُ على الهجرة والاستعداد لها في شهر المُحَرَّم بعد الفراغ من موسم الحج الذي وقعت فيه بيعة الأنصار، ثم قالوا: وأي الشهور نبدأ؟ قالوا: رمضان، ثم قالوا: المُحَرَّم، فهو مُنْصَرَفُ النَّاسِ مِنْ حَجِّهِمْ، وهو شهر حرام فاجتمعوا على المُحَرَّم.

العام الهجري الجديد

وقال الحافظ ابنُ كثير في "البداية والنهاية" (4/ 512) [والمقصود أنهم جعلوا ابتداء التاريخ الإسلامي من سنة الهجرة، وجعلوا أولها مِن المُحَرَّم فيما اشتهر عنهم، وهذا هو قول جمهور الأئمة] اهـ.

وقال أبو القاسم السُّهيْلي في "الروض الأنف" (4/ 151، ط. دار إحياء التراث العربي): [قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة يوم الإثنين حين اشتد الضحاء وكادت الشمس تعتدل لثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول، وهو التاريخ فيما قال ابن هشام] اهـ.

وقد سبق ذكر أثر سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه أنهم ما عَدُّوا إِلَّا مِن مَقدَمِ النبي صلى الله عليه وآله وسلم الْمَدينة.

كما روى الحافظ البيهقي عن أبي البَدَّاح بن عاصم بن عدي، عن أبيه، قال: "قدِم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة يوم الإثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول، فأقام بالمدينة عشر سنين".

العام الهجري الجديد

وفي روايةٍ عن ابن شهاب، قال: "كان بين ليلة العقبة وبين مهاجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثلاثة أشهر أو قريب منها، وكانت بيعة الأنصار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلة العقبة في ذي الحجة، وقدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة في شهر ربيع الأول، وتوفي في ربيع الأول لتمام مهاجره من مكة إلى المدينة عشر سنين". ينظر: "دلائل النبوة" للإمام البيهقي (2/ 511، ط. دار الكتب العلمية).

وما ذُكر هو مذهب الجمهور، ولم يخالف سوى ابن حزم رحمه الله، فمذهبه أن أول السنين الهجرية شهر ربيع الأول الذي قدم فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة مهاجرًا، ولكن لم يتابَع عليه، إذ الجمهور على أن أول التاريخ من محرم تلك السَّنَة.

قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (7/ 464، ط. دار المعرفة) عن غزوة خيبر: [وحكى ابن التين عن ابن الحَصَّار أنها كانت في آخر سَنَة ست، وهذا منقول عن مالك، وبه جزم ابن حزم، وهذه الأقوال متقاربة، والراجح منها ما ذكره ابن إسحاق، ويمكن الجمع بأن مَن أطلق سَنَة ست بناه على أن ابتداء السَّنَة من شهر الهجرة الحقيقي، وهو ربيع الأول] اهـ.

وقد حاول العلماء طلب مناسبة اختيار المُحَرَّم لبداية التاريخ، فذكروا حرمته وفضله، قال الحافظ السخاوي في "فتح المغيث" (4/ 306، ط. مكتبة السُّنَّة): [لكونه شهر الله، وفيه يُكسى البيت، ويُضرب الوَرِق، وفيه يوم تاب فيه قوم فتيب عليهم] اهـ.

وقيل: لأن فيه اجتماعًا للأشهر الحرم في السَّنَة الواحدة، قال أبو هلال العسكري في "الأوائل" (ص: 151، ط. دار البشائر- طنطا): [أراد بذلك اجتماع الأشهر الحرم في سنة واحدة] اهـ.

العام الهجري الجديد

وقيل: "لكونه وقت انصراف الناس وصدَرهم إلى بلادهم، قالوا: قدم المدينة في ربيع الأول، لأنه منصرف الناس من حجهم، وهو شهر حرام". ينظر: "التوشيح" للإمام السيوطي (6/ 2474، ط. مكتبة الرشد).

جاء في "الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفا" للحافظ مغلطاي (1/ 168، هامش 1، ط. دار القلم، الأولى ت: الفتيح): [وقالوا في سبب جعله من المُحَرَّم على الرغم من أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قدم المدينة في ربيع الأول: لأنه منصرف الناس من حجهم، وهو شهر حرام، فأجمعوا على المُحَرَّم. وفي قول آخر: لتجتمع الأشهر الحرم في سَنَة واحدة] اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (7/ 268): [وقد أبدى بعضهم للبداءة بالهجرة مناسبة، فقال: كانت القضايا التي اتفقت له ويمكن أن يؤرخ بها أربعة: مولده، ومبعثه، وهجرته، ووفاته، فرجح عندهم جعلها من الهجرة، لأن المولد والمبعث لا يخلو واحد منهما من النزاع في تعيين السَّنَة، وأما وقت الوفاة فأعرضوا عنه، لما توقع بذكره من الأسف عليه، فانحصر في الهجرة. وإنما أخروه من ربيع الأول إلى المُحَرَّم، لأن ابتداء العزم على الهجرة كان في المُحَرَّم، إذ البيعة وقعت في أثناء ذي الحجة، وهي مقدمة الهجرة، فكان أول هلال استهل بعد البيعة والعزم على الهجرة هلال المُحَرَّم، فناسب أن يجعل مبتدأ، وهذا أقوى ما وقفت عليه من مناسبة الابتداء بالمُحَرَّم] اهـ.

اقرأ أيضاًمحافظ بني سويف يشهد احتفال الأوقاف بالعام الهجري الجديد

من رحاب المسجد الأحمدي.. محافظ الغربية يشهد الاحتفال بحلول العام الهجري الجديد 1446

الرئيس السيسي يتبادل مع قادة الدول العربية والإسلامية التهنئة بالعام الهجري الجديد

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: العام الهجري العام الهجري 1446 دار الإفتاء المصرية ربيع الأول شهر المحرم رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم شهر ربیع الأول فی ربیع الأول العام الهجری شهر المحرم فی شهر الم کانت فی إلى الم الم ح ر

إقرأ أيضاً:

شهر ربيع الآخر أو ربيع الكلأ.. تعرف على سبب التسمية

شهر ربيع الآخر هو الشهر الرابع في ترتيب الأشهر الهجرية في التقويم الإسلامي للسنة الهجرية، في شهر ربيع الآخر لسنة 1446 هو عدد أيامه 30 يوم، ويوافق شهر ربيع الثاني الأشهر الميلادية : شهر أكتوبر وكذلك شهر نوفمبر.

غدا غُرة ربيع الآخر.. دعاء النبي عند رؤية الهلال التقويم الهجري.. موعد غرة شهر ربيع الآخر 1446هجريًا موعد غرة شهر ربيع الآخر 

استطلعت دار الإفتاء المصرية هلال شهر ربيع الآخر لعام 1446 هجريًا بعد غروب شمس يوم الأربعاء 29 من شهر ربيع الأول لعام 1446 هجريًا، الموافق 2 من شهر أكتوبر، بواسطة اللجان الشرعية والعلمية المنتشرة في أنحاء الجمهورية.

وقد تحقق لديها شرعا من نتائج هذه الرؤية البصرية الشرعية الصحيحة عدم ثبوت رؤية هلال شهر ربيع الآخر لعام 1446، وتقدمت الدار بالتهنئة للرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، متمنية له دوام الصحة والعافية، كما تقدمت بالتهنئة للشعب المصري الكريم، ولجميع رؤساء الدول العربية والإسلامية وملوكها وأمرائها وللمسلمين كافة في كل مكان، داعية الله سبحانه وتعالى أن يعيد على مصر وعليهم جميعا أمثال هذه الأيام المباركة باليمن والخير والبركات والأمن والسلام.

 

لماذا سُمى ربيع الآخر بهذا الاسم 

جاء في ذلك روايات كثيرة أنه سُمِّي هذا الشهر بهذا الاسم نحو عام 412م في عهد كلاب بن مُرّة وقد جاء في تسمية هذا الشهر والشهر الذي يسبقه بالربيعين روايات كثيرة، من ذلك أن العرب كانوا يشرعون في استثمار كل ما استولوا عليه من أسلاب في صفر، والعرب تقول (ربيع رابع)؛ أي مُخْصِب.

وقيل بل سمي كذلك لارتباع الناس والدواب في هذا الشهر والشهر السابق له؛ لأن هذين الشهرين كانا يحلان في فصل الخريف الذي تسميه العرب ربيعًا، وتسمي الربيع صيفًا، والصيف قيظًا. والربيع عند العرب ربيعان:

ربيع الشهور وربيع الأزمنة؛ فربيع الشهور: شهرا ربيع الأول وربيع الآخر، أما ربيع الأزمنة فربيعان: الربيع الأول؛ وهو الفصل الذي تأتي فيه الكمأة (الفقع) والنَّور، ويسميه العرب ربيع الكلأ، والثاني الفصل الذي تُدْرَك فيه الثمار، ومنهم من يسميه الربيع الثاني ومنهم من يقول بل هو الربيع الأول كسابقه.

وكان أبو الغوث يقول: العرب تجعل السنة ستة أزمنة: شهران منها الربيع الأول، وشهران صيف، وشهران قيظ، وشهران الربيع الثاني، وشهران خريف، وشهران شتاء.

 

 

مقالات مشابهة

  • يايسلة: المباراة كانت معركة قتالية بين الفريقين
  • كيف أبلغ النبي الصحابة بصيغة الصلاة عليه؟.. الشعراوي يوضح «فيديو»
  • ذكرى أكتوبر.. الجيش المصري في السنة النبوية
  • أهم أحداث ربيع الآخر.. الصلاة الرباعية وغزوة بحران
  • صلاة الضحى متى تبدأ ومتى تنتهي؟.. تغفر ذنوبك وإن كانت مثل زبد البحر
  • الأوقاف : السبت هو فاتح شهر ربيع الآخر لعام 1446 هحرية
  • نجم الأهلي: كل حاجة في الفريق بمباراة السوبر كانت غلط
  • مكتب السيد السيستاني يحدد غرة شهر ربيع الآخر
  • شهر ربيع الآخر أو ربيع الكلأ.. تعرف على سبب التسمية
  • هل تسبب حرب اسرائيل وحزب الله موجة هجرة جديدة إلى تركيا؟