تشكّل المراعي الطبيعية في محافظة ظفار التي تنمو بفعل الأمطار الموسمية المكوّن الأهم للموارد الطبيعية بجبال محافظة ظفار، وتزخر محافظة ظفار بثروة حيوانية متنوّعة من الأبقار والإبل والماعز وتتميّز المراعي الطبيعية بمحافظة ظفار بخصائص متنوّعة وفريدة في البيئات الرعوية والتضاريس المختلفة، حيث تُقدّر مساحة المراعي الطبيعية في محافظة ظفار بنحو 500 ألف هكتار، وتُعد السلسلة الجبلية الممتدة من ولاية ضلكوت غربًا وحتى ولاية سدح شرقًا المنطقة الرعوية الأساسية في المحافظة.

وبما أنّ هذه المراعي الخضراء تعتمد على الأمطار الموسمية فقد تُسجّل بعض الأعوام تذبذبًا في هذه الأمطار وقد يصاحبها عوامل أخرى تؤدّي إلى تدهور الغطاء النباتي وبالتالي التأثير على التوازن البيئي وكما أنّ الحمولة الهائلة على هذه المراعي بسبب الأعداد الكبيرة للثروة الحيوانية التي تعتمد على هذه المراعي بعد مواسم الأمطار تُشكّل مهدّدات للغطاء النباتي في محافظة ظفار ممّا يتوجّب العمل على استراتيجية موحّدة بين الجهات المعنية والمجتمع المحلي من أجل الحفاظ على الغطاء النباتي ومكافحة تصحّر المناطق الخضراء.

وقال علي بن سالم عكعاك أخصائي نظم بيئة بالمديرية العامة للبيئة بمحافظة ظفار: إن مساحة المنطقة المتأثرة بأمطار الخريف بمحافظة ظفار التي تبلغ مساحتها (3069) كم2 و تشكل (3%) من مساحة محافظة ظفار.

وأوضح أن الغطاء النباتي يُعد القاعدة الأساسية لتغذية شبكات السلاسل البيئية المختلفة ويسهم في تثبيت وتمكين وتماسك التربة من الانجراف والتعرية وتخصيبها. كما يسهم في تنقية الجو وفلترة الهواء من الغازات السامة وامتصاص ثاني أكسيد الكربون وإنتاج الأكسجين. كما يسهم الغطاء النباتي في تأثير هطول الأمطار أثناء عملية النتح وإنتاج بخار الماء أثناء التمثيل الضوئي ويشكل طبقة واقية لسطح الأرض من أشعة الشمس بحيث يقلل تسخين الجو مما يسهم في تلطيف الجو والحد من ارتفاع درجات الحرارة.

وقال المهندس أحمد بن آزاد العمري رئيس قسم الإرشاد والإنتاج الحيواني بالمديرية العامة للثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه بمحافظة ظفار: إن سلطنة عمان تحتوي على تنوع نباتي مهم على المستوى الإقليمي والعالمي، حيث يوجد حوالي 1453 نوعًا من النباتات في سلطنة عمان، وتحتوي محافظة ظفار وحدها على أعداد كبيرة من هذه النباتات المستوطنة تصل إلى 750 نوعًا من النباتات. ويُعد الغطاء الرعوي بمحافظة ظفار مصدرًا مهمًا ورئيسيًا في توفير الغذاء للحيوانات، إذ يوفر ما نسبته 25% من إجمالي احتياجات الثروة الحيوانية من الأعلاف المراعي، مما ينعكس ذلك على الحيوان بصورة إيجابية حيث يسهم في تحسين صحة القطيع ويعزز من مستوى المناعة لدى الحيوان وقدرته على مقاومة الأمراض، ورفع نسبة الإنتاج في المواليد وكذلك اللحوم والألبان ويوفر على المربي من كاهل المصاريف الغذائية على الحيوان. وأوضح العمري، أن توفر الغطاء الرعوي يسهم في التوازن البيئي ويعمل على امتصاص ثاني أكسيد الكربون وإنتاج غاز الأكسجين اللازم للتنفس، وعلى المستوى الاجتماعي يسهم في الاستقرار المعيشي للمجتمعات من خلال توفر الغذاء لثروتهم الحيوانية مما يسهم اقتصاديًا في دخل الأفراد من خلال المشاريع الزراعية والحيوانية وتحقيق الأمن الغذائي، وكذلك تعمل المناطق الخضراء الطبيعية كعامل جذب سياحي مما يسهم في دعم البرامج السياحية وبالتالي تنويع مصادر الدخل للدولة من خلال استثمار السياحة الخضراء.

غطاء نباتي مهدد

وحول مهددات الغطاء النباتي في محافظة ظفار قال المهندس أحمد بن آزاد العمري: إن مهددات الغطاء النباتي كثيرة ومتعددة منها عوامل مرتبطة بتغير المناخ ومنها ما هو بسبب السلوك البشري والحيواني، ولكن هناك ظاهرة انتشرت في بعض المناطق الرعوية بمحافظة ظفار وهي مهددة للأشجار ألا وهي ظاهرة تقشير الإبل والأغنام لحاء الأشجار وما زالت هذه الظاهرة محدودة في بعض المناطق الرعوية وليست ظاهرة عامة. والمعروف أن لحاء الأشجار هو الطبقة الخارجية التي تغطي كامل جذوع النباتات الخشبية، حيث تشكل الهيكل الصلب الخارجي لجسم الشجرة، كما تتكون هذه الطبقة من أنسجة معينة تختص بإيصال المحاليل المائية إلى كامل أجزاء الشجرة، مما يعني أن تأثر هذا اللحاء بأي عامل ينعكس سلبًا على عملية تغذيتها بالأملاح والمعادن.

وحول مدى تأثير هذه الظاهرة على الأشجار الرعوية أكد أحمد العمري أن تقشير لحاء الأشجار يؤدي إلى عدم قدرة الأشجار على تحمل تغيرات الطقس وسهولة تعرض هذه الأشجار للأمراض والآفات وعدم القدرة على مقاومة الحرائق في حال حدوثها وتيبس وموت الأشجار مما يساعد في زيادة التصحر. وأشار إلى أن أسباب حدوث هذه الظاهرة هي جفاف المراعي من فترة يناير إلى يونيو من كل عام وقلة الأمطار غير الموسمية وزيادة أعداد الحيوانات عن حمولة المراعي وضعف التغذية المطلوبة لجسم الحيوان ونقص الأملاح المعدنية في الأعلاف الحيوانية.

وأشار إلى أهمية توفر الأملاح المعدنية في أعلاف الحيوانات للحد من هذا السلوك لدى الحيوانات ورفع الوعي المجتمعي بأهمية الحفاظ على الأشجار على البيئة بشكل عام، والأشجار الرعوية بشكل خاص، من خلال بث رسائل توعوية عبر برامج التواصل الاجتماعي وتفعيل حلقات العمل والندوات في هذا المجال، وأن يكون هذا الموضوع محل نقاش واهتمام من قبل أفراد المجتمع في التجمعات والمناسبات المختلفة. وعلى مربي الثروة الحيوانية التصدي لهذه الظاهرة من خلال توفير مكعبات الأملاح بصفة مستمرة في الحظيرة وحجز الحيوان المتأثر بهذا السلوك عن بقية القطيع حتى لا تتأثر بنفس السلوك وتحديد احتياجاتك من أعداد الحيوانات بما يتناسب مع حمولة المراعي.

وكما أوضح علي بن سالم عكعاك، أخصائي نظم بيئية بالمديرية العامة للبيئة بمحافظة ظفار، أهمية وجود حملات مكثفة من قبل الجميع من أجل رفع الوعي بأهمية الغطاء النباتي والحفاظ عليه، وأشار إلى أن الاستخدام المفرط للموارد الطبيعية يسهم بشكل كبير في تهديد البيئة بشكل عام والغطاء النباتي جزء من ذلك، وقال إنه توجد مهددات عديدة تواجه الغطاء النباتي في محافظة ظفار منها الرعي الجائر والتحطيب الجائر واستنزاف المياه وعدم الترشيد في الاستهلاك والآفات الحشرية الناتجة عن خلل في التوازن البيئي والتي تدمر الأشجار المعمرة (حفار الساق، الرمة..) وكذلك الأمراض التي تصيب الأشجار لأسباب مجهولة. (أشجار السدر تصاب بفطريات وميكروبات تؤدي إلى إفراز موادها للخارج) قد تؤدي إلى موت الشجرة ولكن في الغالب تقاوم الأشجار بقدر الإمكان. وكما أن الرعي المبكر قبل إتاحة المجال للنباتات الرعوية بإنتاج البذور ونشرها يهدد الغطاء النباتي بالإضافة إلى كثرة عدد المواشي التي تدمر النموات الصغيرة للأشجار.

جهود لدعم الغطاء النباتي

وحول جهود هيئة البيئة في تنمية الغطاء النباتي قال علي عكعاك: إن هيئة البيئة قامت بإطلاق مبادرة العشرة ملايين شجرة في سلطنة عُمان وقد جاءت فكرة هذه المبادرة استكمالًا للجهود التي تبذلها هيئة البيئة لتوعية وتثقيف المجتمع للمحافظة على النباتات البرية ومكافحة التصحر والمشاركة في زيادة الرقعة الخضراء في سلطنة عُمان وقد تم تدشينها في 8 يناير 2020م بالتعاون مع شركة تنمية نفط عُمان وشراكة مع القطاعات المختلفة (الحكومية والخاصة والمجتمع المدني) بالإضافة إلى مشاريع الأحزمة الخضراء من الشرق إلى الغرب وإنشاء آلاف المسورات الفردية لكل شجرة وحماية بعض الأشجار المعمرة بالتسوير وزيادة المشاتل ورفع إنتاجها إلى مئات الآلاف من الأشجار المحلية سنويًا وكذلك مشروع مكافحة الآفات ومشاريع التعامل مع الأنواع الغازية من النباتات والطيور ومشاريع تقليم الأشجار المعمرة ومشروع جمع ونثر بذور الأشجار المحلية وقرار وقف إصدار تراخيص الاحتطاب والتعاون مع الفرق التطوعية والمبادرات المجتمعية لحماية البيئة وتعزيز الوعي المجتمعي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الغطاء النباتی فی محافظة ظفار بمحافظة ظفار هذه الظاهرة النباتی فی یسهم فی من خلال

إقرأ أيضاً:

خبير مائي:إتفاقية المياه بين العراق وتركيا تفتقر إلى الغطاء القانوني

آخر تحديث: 4 نونبر 2025 - 3:13 م بغداد/ شبكة أخبار العراق- كشف خبير الموارد المائية تحسين الموسوي، الثلاثاء، عن جملة من المساوئ التي تتضمنها اتفاقية تنظيم المياه بين العراق وتركيا، والتي تم توقيعها الاحد الماضي في بغداد، مشيراً إلى أن الاتفاقية تفتقر إلى الغطاء القانوني وتتنصل من الاتفاقيات الدولية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة والتي تضمن حقوق العراق المائية.وقال الموسوي في تصريح صحفي، إن “الاتفاقية التي تم توقيعها مؤخراً بين الجانبين العراقي والتركي فاقدة للشرعية القانونية، ولا يمكن تطبيقها في الوقت الحالي، لأنها تحتاج إلى استكمال الإجراءات الدستورية، بدءاً من عرضها على مجلس الأمن القومي للمصادقة عليها، ثم رفعها إلى مجلس النواب للتصويت عليها بأغلبية الثلثين، وهي خطوات لايمكن استكمالها بالوقت الحالي بسبب تعطل المؤسسة التشريعة “.وأضاف أن “الاتفاقية الجديدة تمثل تراجعاً خطيراً عن الاتفاقيات الدولية التي سبق أن وقعتها تركيا، والمسجلة لدى الأمم المتحدة، والتي تضمن للعراق حقوقه المائية في نهري دجلة والفرات باعتبارهما نهرين دوليين، وتشمل هذه الاتفاقيات الأعوام 1920 و1921 و1923 و1930 و1946، وهي اتفاقيات لا تسقط بالتقادم”.وتابع الموسوي أن “من أبرز سلبيات الاتفاقية أيضاً أنها لم تحدد كميات الإطلاقات المائية المخصصة للعراق، وهو ما يُعد إخلالاً جوهرياً بحقوقه، فضلاً عن أن الاتفاقية حصرت تنفيذ جميع مشاريع الموارد المائية على الشركات التركية فقط، مما يمنح أنقرة امتيازات غير مبررة في هذا الملف الحساس”.يذكر أن وزيري خارجية العراق وتركيا وقعا، الأحد الماضي، اتفاقية لتنظيم ملف المياه بين البلدين، في حين اعتبر عدد من الخبراء أن الاتفاقية منحت الجانب التركي اليد الطولى في إدارة هذا الملف الحيوي.

مقالات مشابهة

  • استشاري: العلاج الضوئي يسهم في خفض التكاليف وتوفير وقت المرضى
  • مبادرة بيئية في عكّار: إعادة طيور بريّة إلى الطبيعة
  • جهود بيئية لمواجهة السحابة السوداء خلال موسم حصاد الأرز
  • «البلديات والإسكان» توضح آلية منح المكافآت المالية لمن يسهم في الكشف عن المخالفات
  • «تعليم الرياض» يشارك في «موسم التشجير» بحملة اتصالية
  • خبير مائي:إتفاقية المياه بين العراق وتركيا تفتقر إلى الغطاء القانوني
  • عبد اللطيف يثمن جهود محافظة الدقهلية في تطوير المدارس وتطوير المباني التعليمية
  • "الغطاء النباتي" يزرع مليون شتلة لأمهات البذور بمنطقة الجوف
  • تعمل على مكافحة التصحر إنتاج الأوكسجين وامتصاص ثاني أكسيد الكربون.. “الغطاء النباتي” يزرع مليون شتلة لأمهات البذور النباتية الرعوية بمنطقة الجوف
  • كارثة بيئية في العراق.. الأسماك والطيور اختفت من هور الدلمج