دراسة لمكافحة العارنوت وتقليل أضراره على السياحة بمحافظة ظفار
تاريخ النشر: 8th, July 2024 GMT
يعد العارنوت أو الذباب العاض أكثر الحشرات إزعاجا للسياح في محافظة ظفار بمناطق العيون المائية خاصة، إذ إن هذا النوع من الذباب العاض ينشط بكثرة خلال موسم الخريف، مسببا الكثير من الإزعاج بسبب لدغاته المؤلمة التي تترك آثارا حمراء على الجلد وتسبب الحكة الشديدة، وشاع عند بعضهم أن ما يقوم باللدغ هو البعوض، وعلى عكس ذلك فإن العارنوت ينتمي لعائلة الذباب العاض (Ceratopogonidae) التي تعد أصغر حجما من البعوض حيث يمكن إيجاده بطول 1 ملمتر.
وقال أحمد بن خميس السديري، مساعد باحث بمركز الدراسات والبحوث البيئية بجامعة السلطان قابوس: إن عائلة الذباب العاض تضم أكثر من 6200 نوع حول العالم، موزعة على 4 عائلات فرعية و112 جنسا، وسجل وجود 32 نوعا من هذه العائلة في سلطنة عمان، تتوزع في عدة أجناس "Culicoides ـ Leptoconops ـ Forcipomyiـ Dasyhelea" إلا أن العارنوت هو الأكثر شيوعا وإزعاجا في مناطق الجبال والعيون المائية بمحافظة ظفار، حيث يتركز نشاطه خلال المدة من يوليو إلى سبتمبر، التي تشهد موسما سياحيا مزدهرا في المحافظة، ويطلق السكان المحليون في ظفار أسماءً مختلفة على أنواع الذباب العاض، كـ"العارنوت" أو "الخانيوت" يشير إلى النوع "Forcipomyia whitcombei" بينما تسمى حشرة "Lyperosia minuta" محليا بـ"الجيفت" وحشرة "Musca crassirostris" بـ"القصيذت" وهذا التنوع في المسميات يعكس المعرفة المحلية العميقة بهذه الأنواع من الحشرات.
وأشار إلى أن الدراسات العلمية على العارنوت تعد شحيحة، حيث عرج العالم بورمان في دراسته عام 1989 إلى الأهمية الطبية للعارنوت، وقد وصف بالتفصيل شكل الأنثى وخصائصها المورفولوجية، وأعطى وصفا عاما لدورة حياة هذا النوع في جبال ظفار بناءً على ملاحظات الباحث البيئي روبرت وايتيكومب الذي سميت الحشرة على اسمه، وأكد الدكتور طاهر باعمر وزميله الدكتور ديفا في دراستهما عام 1994 على خصائص الجهاز التناسلي لهذا النوع من الحشرات، وفي عام 2020، أكد الدكتور كومار في دراسته على الآثار الطبية للدغات العارنوت التي تسبب حالة تسمى بـ"Popular urticaria" المعروف طبيا باسم الشرى الحطاطي وأطلق عليه اسم "طفح صلالة" بظهور بثور وطفح جلدي حاد مصحوب بالحكة الشديدة في منطقة الأطراف السفلية والعلوية خاصةً، وهو ما يسبب إزعاجًا للسياح وقد يؤثر على الإقبال السياحي في المحافظة.. مشيرا إلى أن ضرر الذباب العاض لا يقتصر على الإزعاج وتقليل متعة السياحة فحسب، بل يمتد ليشمل الحيوانات المستأنسة أيضا، حيث أشار الدكتور الميحي في دراسته عام 2011 إلى أن العارنوت والأنواع الأخرى من الذباب العاض في ظفار لا تلدغ الإنسان فقط، وإنما الحيوانات المستأنسة كالأبقار والإبل كذلك، وذكر أن الرعاة يلجؤون إلى حبس حيواناتهم في أماكن مظلمة خلال ساعات النهار لتجنيبها لدغات تلك الحشرات خلال مدة نشاطها.
وأضاف: على الصعيد العالمي، تسبب أنواع الذباب العاض أضرارا جسيمة للسياحة وتربية الماشية، حيث تعمل كناقل للعديد من الأمراض الفيروسية والطفيلية كـ"فيروس أوروبوش"، و"حمى الكونغو النزفية"، و"فيروس اللسان الأزرق" وغيرها؛ فاللدغات المتكررة من هذه الحشرات تسبب فقر الدم والهزال في الحيوانات، وتنقل الأمراض بين الحيوانات البرية والمستأنسة والإنسان، الأمر الذي يُلقي الضوء على ضرورة تكثيف الجهود البحثية لإيجاد طرق فاعلة للسيطرة على هذه الآفة، ومن بين هذه الجهود، الدراسات المتعمقة لنوع "Forcipomyia taiwana" في تايوان والصين، التي أعطتها معلومات قيمة حول بيولوجيا هذا النوع، ودورة حياته، وسلوك التغذية، والمواقع التي يتكاثر فيها، وتركيبة مجتمعاته وديناميكيات التعداد على مدار العام، مُستفادًا منها في دراسة الأنواع المحلية في عمان مثل العارنوت.
وأوضح أن العديد من الدراسات أثبتت فاعلية بعض طرق المكافحة، مثل استخدام المصائد الضوئية التي تعتمد على جذب الذباب العاض بالأشعة فوق البنفسجية القريبة، حيث أظهرت دراسة في جامعة كاسيتسارت في بانكوك فعاليتها في جذب 27 نوعا من الذباب العاض، واستخدام الفطريات الممرضة للحشرات كذلك مثل "Entomopathogenic fungus" الذي أثبت فعاليته كوسيلة مكافحة بيولوجية ضد بعض أنواع الذباب العاض.
وأكد أن إدارة المواقع التي تتكاثر فيها هذه الحشرات كذلك مثل "تجمعات السماد الحيواني" و"الأعشاب المتحللة" و"التربة الرطبة"، و"الحفاظ على بيئة نظيفة وجافة" يمكن أن يقلل بشكل كبير من أعدادها، وكذلك استخدام المراوح الهوائية في المواقع السياحية يساعد في إبعاد هذه الحشرات المزعجة، أما بالنسبة للسياح، فينصح ارتداء الملابس الطويلة ذات الألوان الفاتحة لتغطي أكبر قدر من الجسم، واستخدام طارد الحشرات الآمن على الجلد، وقد أثبتت الدراسات كذلك أن لبس بعض الأساور التي تصدر ترددات فوق صوتية تساعد على طرد بعض أنواع الذباب العاض والبعوض بشكل عام، وينصح تجنب الخروج في أوقات ذروة نشاط العارنوت إذا أمكن في ساعات الصباح الباكر وقرب الغروب خاصةً، والابتعاد ـ قدر الإمكان ـ عن مواقع تكاثره كالعيون المائية المحاطة بالأعشاب والأشجار الكثيفة.
وقال: في سبيل تقليل أعداد العارنوت في المواقع السياحية بمحافظة ظفار شكلت البلدية لجنة توجيهية برئاسة رئيس البلدية سعادة الدكتور أحمد الغساني، حيث تتضمن اللجنة فريقا للمكافحة الميدانية وفريقا بحثيا علميا متخصصا، حيث نفذ فريق المكافحة الميدانية حملات مكافحة مكثفة في بعض العيون المائية باستخدام طرق عدة مثل رش المبيدات الحشرية بطائرات بدون طيار؛ للوصول للمناطق الوعرة، والتضبيب الحراري الأرضي؛ لتغطية مساحات واسعة بكفاءة عالية، ورش التربة الرطبة على حواف العيون المائية؛ للقضاء على اليرقات والحد من التكاثر، كما استخدمت البلدية مصائد خاصة تحتوي على مواد كيميائية جاذبة للذباب العاض توضع في أماكن استراتيجية، وقد أسهمت هذه الجهود في تقليل أعداد العارنوت بشكل ملحوظ وتخفيف الإزعاج والأذى لمرتادي هذه الأماكن، وانعكس نجاحها على ردود فعلهم الإيجابية وارتياحهم، إضافة إلى الجهود الميدانية، شكلت البلدية فريقًا بحثيًا علميًا متخصصًا من باحثين بمختلف الجهات البحثية والأكاديمية والحكومية؛ لإجراء دراسة متعمقة حول العارنوت في ظفار، بهدف تطوير استراتيجيات مكافحة فعالة ومستدامة مع الحفاظ على التوازن البيئي، لذا فإننا ندعو إلى مزيد من البحث العلمي المتعمق لدراسة بيولوجيا وبيئة العارنوت والذباب العاض عامةً في سلطنة عمان، تمهيدًا للتوصل إلى طرق إدارة متكاملة وفاعلة تحافظ على بيئة ظفار الطبيعية الفريدة، وتوفر بيئة آمنة ومريحة للسياح والسكان المحليين على حد سواء، ونؤمن بأهمية التعاون بين الجهات الأكاديمية والبحثية والحكومية والمجتمعية تحقيقًا لهذا الهدف، وحماية المقومات السياحية والبيئية لهذه المحافظة الاستثنائية في سلطنة عمان، وهذا ما بادرت إليه بلدية ظفار بالتعاون مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، حيث طُرح موضوع دراسة العارنوت بشكل علمي مكثف كتحد بحثي في برنامج البحوث الاستراتيجية، وقدمت بعض الجهات البحثية والأكاديمية مقترحات بحثية عدة تنفيذًا للدراسة، وتعد هذه الخطوة مبادرة وطنية لحل أزمة العارنوت في محافظة ظفار.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
رسميا.. إضافة عناصر جديدة إلى خبز التموين لمكافحة الأنيميا عند المصريين
أطلقت وزارة التموين والتجارة الداخلية بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي برنامجًا قوميًّا لتعزيز الدقيق المستخدم في صناعة الخبز البلدي التمويني حيث يهدف البرنامج إلى مكافحة أنيميا نقص الحديد، وهي من أكثر أنواع الأنيميا انتشارًا في مصر، بسبب سوء التغذية.
آلية تنفيذ برنامج الخبز التموينييقوم البرنامج بإضافة الحديد وحمض الفوليك إلى الدقيق المستخدم في إنتاج الخبز البلدي، وهو العنصر الغذائي الأساسي لمعظم الأسر المصرية. وتأتي هذه الخطوة ضمن استراتيجية أوسع للحد من الأمراض الناتجة عن نقص المغذيات الدقيقة، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة مثل الأطفال والنساء الحوامل.
لماذا أنيميا نقص الحديد؟تشير الإحصائيات إلى أن أنيميا نقص الحديد تُعد الأكثر شيوعًا بين المصريين، مما ينعكس سلبًا على الصحة العامة والإنتاجية، ويؤدي نقص الحديد إلى ضعف المناعة، وقلة التركيز، وانخفاض مستويات الطاقة، وهو ما يؤثر على جودة الحياة بشكل عام.
التوزيع الجغرافي للبرنامجمن المقرر أن يتم توفير الخبز المدعم المعزز بالمغذيات في 13 محافظة، وهي المحافظات التي سجلت أعلى معدلات للإصابة بالأنيميا، ويُعد الإجراء خطوة أولية ضمن خطة توسعية تستهدف تعميم التجربة على مستوى الجمهورية بعد تقييم نتائجها الأولية.
تأثير البرنامج على الصحة العامةيسهم هذا البرنامج في خفض معدلات الإصابة بالأنيميا بين المصريين خلال السنوات القادمة، وهو ما سيؤدي إلى تحسين الأداء الدراسي للأطفال وزيادة كفاءة العمالة، وبالتالي تعزيز الاقتصاد الوطني، كما أنه يواكب توصيات منظمة الصحة العالمية التي تدعو إلى تدعيم الأغذية الأساسية بالعناصر الغذائية الضرورية لمكافحة سوء التغذية.
يمثل البرنامج القومي لتعزيز الخبز البلدي التمويني خطوة استراتيجية لمواجهة أحد أهم المشكلات الصحية في مصر، فمن المنتظر أن يُحدث تحولًا إيجابيًّا في صحة المصريين، خاصة الفئات الأكثر احتياجًا، مما ينعكس على المجتمع ككل.