أحمد رفعت وقتيل بني إسرائيل ورسائل الرحيل
تاريخ النشر: 8th, July 2024 GMT
عبر ورسائل تركها رحيل اللاعب أحمد رفعت، واضحة وضوح الشمس لا تخطئها عين، فلا أرى دخول اللاعب غيبوبة لفترة طويلة، نتيجة توقف قلبه، ثم إفاقته بأعجوبة شديدة، ليظهر في وسائل الإعلام ويشير إلى مشكلة أثرت فيه، وضغطت عليه، حتى وصل إلى مرحلة صعبة انتهت بتوقف القلب، ثم بعد أيام قليلة تصعد روحه إلى السماء، إلا رسالة تندرج تحتها مجموعة من الرسائل، لا يجهلها إلا غير المتعقل، فكل لبيب بالإشارة يفهم.
المتأمل في حالة أحمد رفعت الفريدة من نوعها، يعلم أنها رسالة إلهية، وتأصيل لمبدأ واضح وهو الظلم ظلمات، ولن ينسى الله تعالى أفعال الظالم، وأنه في لمحة بصر يفضحه، حتى لو كان بإحياء شخص من الموت، للإشارة ولو بتلميح إلى من ظلمه، ولنا في قصة قتيل بني إسرائيل التي وردت تفاصيلها في سورة البقرة، عبرة وعظة.
أحيا الله قتيل بني إسرائيل، عندما ضربوه ببعض من البقرة، التي ذبوحها، تنفيذا لطلب سيدنا موسى، ومن ثم اعترف القتيل على قاتله، وبعدها توفي مرة ثانية، ورغم الفارق بالطبع بين الحالتين، إلا أنهما في المضمون -أراهما من وجهة نظري- يتشابهان، فكلاهما كان في عالم آخر غير الذي نعيشه، أحدهما في عالم البرزخ بعدما توفي، والثاني في عالم آخر بعد دخوله الغيبوبة، وأحيا الله الأول وأفاق الثاني، واعترف الأول على من قتله وأشار الثاني إلى من ظلمه، ولو بتلميح للرأي العام -بينما المقربين منه يعرفون الظالم- ومن ثم أماتهما الله مرة أخرى.
في الدقيقة 88 من عمر مباراة فيوتشر (سابقا) ومودرن سبورت حاليا، الفريق الذي يلعب له أحمد رفعت، أمام نادي الاتحاد السكندري، سقط اللاعب على أرض الملعب بشكل مفاجئ، إيذانا بدخوله فترة كبيرة من الغيبوبة، وشخَّص الأطباء حالته بأنها نادرا ما تحدث، بتوقف عضلة القلب والكلى وإجراء جلسات مكثفة للغسيل الكلوى، وفحوصات ورعاية مركزة استمرت لشهور، ثم أفاق الله اللاعب بعدها من الغيبوبة، ثم خرج في حديث إعلامي على إحدى القنوات، وقصَّ تفاصيل ما حدث له، وفي خِضَّم حديثه أشار إلى وجود ضغوطات شديدة تعرض لها، أرَّقت حياته وأوصلته إلى حالته الصحية التي انتهت بالغيبوبة، وتوقف قلبه، وحدد شخصا مسؤولا في الدولة، هو الذي مارس الضغوط عليه وظلمه، من دون أن يسمّه أو يحدد شخصيته واكتفى بتلك الرسالة.
حديث رفعت عن المسؤول لم يأخذ اهتماما وقتها، فربما انشغلنا جميعا بعودته وتعافيه، واكتفينا بتفحص تفاصيل وجهه وجسده الذي أكل المرض منه، ولكن الصدمة كانت بعدها بأيام قليلة، إذ خبر وفاته الذي نزل كالصاعقة، على المحبين والمتابعين، المقربين وغيرهم، والذين يعرفونه والذين لا يعرفونه، كلهم انتابتهم صدمة وتعاطف مع اللاعب، الذي رفع الله له ذكره بين الناس في ليلة وضحاها، وانهالت دعوات الملايين من الرياضيين والعوام بالرحمة والمغفرة للاعب، وكأن الله يريد أن يعوضه عما تعرض له قبل وفاته.
أرقام رفعت في الملعب كبيرة، فقد خاض مع الأندية التي لعب لها وهي: إنبي والزمالك والاتحاد والمصري ومودرن سبورت والوحدة الإماراتي، 211 مباراة وأحرز خلالها 46 هدفا و40 أسيست، ومع منتخب مصر خاض 7 مباريات أحرز خلالها هدفين وأسيست، ولكن أرقامه خارج المستطيل الأخضر، كانت أكبر، فهو لاعب من نوعية اللاعبين الذين يتركون بصمة بإسهامتهم لا بتصريحاتهم، فلم نجد له تصريحا يثير أزمة أو إشارة أو صورة مخلة، لكها كانت إنجازات على أرض الملعب، تركت بصمة سواء على مستوى النادي أو المنتخب.
رسائل عدة تركها رحيل اللاعب، الذي تسبب في اتشاح مواقع التواصل الاجتماعي بالسواد؛ حدادا عليه، وحملة كبيرة تطالب بمعرفة من ظلمه ومن ضغط عليه ليموت كمدا وقهرا بهذه الطريقة، رافضين أي تهرب لأي مسؤول قهره، مهما كان منصبه أو مستواه، وضرورة تغيير المنظومة الرياضية وتغيير طريقة عملها لتفادي تكرار مثل حالة أحمد رفعت.
أولى تلك الرسائل كانت موجهة إلى كل من ظلموا اللاعب، فالله الذي شفاه من غيبوبته المميتة ليتحدث عن تعرضه للظلم والقهر، وإشارته إلى الظالم، يبعث برسالة إلى الظالم بأنه أمام أزمة حقيقية، وسيحاسبه على ما اقترفته يداه بحق اللاعب، وفضحه قبل رحيل اللاعب، فماذا كان الوضع لو لم ينج اللاعب من غيبوبته ويكشف عن ظلم تعرض لها؟ كنا سنتعامل مع قصته بأنه سقط مغشيا عليه لظروف عادية ومن ثم توفاه الله، وانتهى الأمر.
ثاني تلك الرسائل كانت للناس، بأن الموت ليس له معاد محدد، وما أكثر الموت فجأة وتحديدا بين فئة الشباب، وما أحقرها الحياة التي تشغلنا بما لا يستحق ولا يرضى الله عنا، أو ما ينفعنا، فقد انغمسنا في الظلم والكذب واللهو والسرقة واستباحة الأعراض والأموال، وما أحوجنا إلى وقفة حقيقية أمام أنفسنا نعيد فيها ترتيب أولوياتنا وتجعلنا مستعدين إلى لقاء الله.
قصة أحمد رفعت محزنة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وهي لم تكن الأولى، ولن تكون الأخيرة، فهناك ألف أحمد رفعت في جميع المجالات، والقهر مستشري، ولكن شهرة اللاعب كانت كفيلة بمعرفة قصته.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: أحمد رفعت غيبوبة وسائل الإعلام توقف القلب رسالة إلهية الظلم سورة البقرة سيدنا موسى فيوتشر مودرن سبورت الاتحاد السكندري الزمالك المصري الوحدة الإماراتي المستطيل الاخضر منتخب مصر مواقع التواصل الاجتماعي أحمد رفعت
إقرأ أيضاً:
حزنت جدا للمصيبة التي حلت بمتحف السودان القومي بسبب النهب الذي تعرض له بواسطة عصابات الدعم السريع
كنت من محبي زيارة متحف السودان القومي..
واكاد اجزم أني احفظ المعروضات في القاعات في الدور الاول والثاني..
واعرف ممر الكباش والضفادع الحجرية علي البحيرة الصناعية والمعابد التي نقلت كما هي ووضعت في ساحة المتحف كمعبد دندرة وحيث اثار العهد الاسلامي في الطابق الثاني كدولة سنار
◾️- الصورة المرفقة صورتها بنفسي بجوالي النوكيا في ابريل 2011 ولازالت احتفظ ببعض الصور من ساحات العرض..
◾️- حزنت جدا للمصيبة التي حلت بمتحف السودان القومي بسبب النهب الذي تعرض له بواسطة عصابات الدعم السريع وتم سرقة مشغولات ذهبية عمرها الاف السنين وبعض الاثار الصغيرة من العاج والحجر والابنوس تعود للعهد المروي ولعهد دولة نبتة
– مع ان السودان اطلق حملة لاستعادة المسروقات بالتعاون مع اليونسكو الا ان الامل ضعيف في العثور عليها لان هناك هواة جمع تحف واثار يشترون مثل هذه المقتنيات ويحتفظون بها في خزائنهم لمدد طويلة ولا يعرضونها ابدا وبذا تقل فرص مطاردتها واسترجاعها..
????- الحل في نظري هو اطلاق حملة قومية للتنقيب عن الاثار مرة اخري.. هناك مواقع اثرية كبيرة ومتعددة متناثرة في السودان..
◾️- مثلا في العام 1998 زرت الولاية الشمالية باللواري في سفرة استغرقت عدة ايام فرايت كثير من الاثار ملقاة علي الطريق قريبا من شواطئ نهر النيل , احجار ضخمة واعمدة معابد لايستطيع اي احد ان يحركها من مكانها وربما هذا سبب حفظها حتي الان.. فلو تم التنقيب حول هذه الاماكن فالبتاكيد سنحصل علي اثار جديدة..
◾️هناك ايضا موقع النقعة والمصورات الاثري الذي يشرف عليه معهد حضارة السودان التابع لجامعة الخرطوكم تحت اشراف البروف جعفر ميرغني – وقد زرته من قبل في العام 2010 – الثلات صور الاخيرة – ففي هذا الموقع تتناثر الاثار علي العديد من التلال والسهول و الموقع ذات نفسه يقع علي نهاية وادي العوتيب وهذا الوادي الان عبارة عن رمال ولكنه حتما في قديم الزمان كان من روافد النيل الموسمية فعلي ضفاف هذا الوادي وحتي موقع النقعة والمصورات هناك احتمال وجود عشرات الاثار التي قد تغير التاريخ ذات نفسه
◾️- ايضا سفح جبل البركل وكثير من المواقع التي يمكن اعادة التنقيب فيها
◾️- في العام 2010 كانت هناك شركة تقوم بحفريات لبناء عمارة في احد الاحياء شرق مطار الخرطوم فعثرت علي ما يشبه المدفن لقرية تعتبر اول اثر علي وجود الانسان في منطقة الخرطوم والمقرن قدرت بالاف السنين..
– وكثير من الاثار هنا وهناك علي ضفاف النيل الذي كان علي الدوام جاذبا للمستعمرات البشرية منذ القدم
????- بهذه الطريقة يمكننا اعادة ملء المتحف القومي مرة اخري والحفاظ علي التاريخ الذي اراد تتار العصر ان يمحوه لهدم رواية الامة السودانية عن عراقتها وحضارتها الممتدة من الاف السنين وحتي الان..
♦️- بهذا يمكننا مرة اخري ان نضع قطع الاحجية جنبا الي جنب ونعيد بناء قصة متماسكة تمتد من الان الي عمق التاريخ ونضع معلما لاطفالنا والاجيال القادمة تحاجج به وتفتخر.
♦️- بعض الدول تحفر في اللاشئ وتعثر علي صخور صماء لايوجد عليها نقش واحد فتضعها في متحف ضخم لتقول للناس ان هذا الحجر استخدمه شخص في هذه البقعة قبل اربعة الف سنة كوسادة او كمسند او مربط لحيوان لتقول للعالم انها دولة ذات تاريخ وذات عراقة..
♦️- نحن كبلد اولي بان تكون لنا قصة لها شواهد وعليها ادلة والاسهل والحل الذي بين ايدينا هو اطلاق حملة جديدة للتنقيب عن الاثار تحت الارض والكشوفات الجديدة هذه توكل كمشاريع لكليات الاثار والدراسات الانسانية كالتاريخ وعلم الاجتماع مع التمويل من الدولة والشركات الوطنية مع مواصلة جهود البحث عن الاثار المفقودة.
النور صباح
إنضم لقناة النيلين على واتساب