عربي21:
2025-03-26@14:14:03 GMT

أربع محاولات فاشلة في إعادة تدوير الأسد

تاريخ النشر: 8th, July 2024 GMT

لأسبوع ونيّف ورئيس النظام السوري بشار الأسد لم يرد على دعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للقائه ولزيارة تركيا، إن هو قام بخطوة أو خطوتين لم يتم الإفصاح عنهما. وعلى الرغم من تكرار القيادة التركية ممثلة بالرئيس ووزير خارجيتها هاكان فيدان تلك الدعوة، إلّا أن رئيس النظام السوري ملتزم الصمت، ومن فهم وفسّر ذلك على أنه حنكة دبلوماسية، وكأن بشار يقدح من دماغه وقراره بيديه، فهو مخطئ، ولا يُدرك حقيقة الواقع السوري الذي لم يعد أبدا كما كان عليه قبل الخامس عشر من آذار/ مارس 2011 يوم انطلقت الثورة السورية.



اليوم نحن أمام حقيقة وتجربة، أما الحقيقة فهي أن سوريا تنتشر فيها عشرة جيوش أجنبية، وكل جيش يمثل دولة لديها مصالح وانشغالات وقلق، وبالتالي فمن الصعب أن تنفرد دولة مهما كان وزنها في تقرير مصير المعركة، ومصير البلد. وإذا كان التحليل الرياضي يعطي أوزانا لكل لاعب دولي وإقليمي ومحلي في أي قضية، فإن هؤلاء اللاعبين لكل منهم وزنه، مما يزيد من تعقيدات المشهد السوري، وعجز اجتماع دولة أو دولتين أو أكثر على تقرير مصير البلد الذي تتقاذفه مصالح الدول الموجودة كلها فيه.

سوريا تنتشر فيها عشرة جيوش أجنبية، وكل جيش يمثل دولة لديها مصالح وانشغالات وقلق، وبالتالي فمن الصعب أن تنفرد دولة مهما كان وزنها في تقرير مصير المعركة، ومصير البلد
وبالإضافة إلى وجود هذه الجيوش فإن أكثر من 66 مليشيا طائفية مسلحة موجودة على الأرض السورية اليوم، هذا عداك عن اللاعب الثوري الموجود على الأرض أيضا، والمتمثل بالقوى العسكرية التي عبر كثير منها عن رفضه لأي حل لا يتضمن إسقاط الأسد، ومعه أيضا هناك ورثة المليون شهيد، بالإضافة إلى 14 مليون مشرد، الرافضين للعودة إلى حظيرة الأسد من جديد.

أمام التجربة، فمنذ 2017 وحتى اليوم سعت أكثر من دولة إلى إغراء النظام السوري في تأهيله، مع إبعاده عن الحضن الإيراني، فكانت التجارب كلها فاشلة، أو على الأقل غير مشجعة. وتشير كل الأدلة التاريخية أن النظام منذ أيام المؤسس حافظ أسد؛ درج على خديعة العرب ومحاوريه بالرغبة في الانفكاك عن إيران، بينما يقوم في نفس الوقت بتعزيز علاقاته معها. أما اليوم فإن القضية أبعد من أن تكون تعزيزا للعلاقة في ظل تحكم الإيراني بكل ما هو على الأرض، وهو خلاف الدور الروسي تماما، ولذا فإن الاختراق العسكري والسياسي والاجتماعي والاقتصادي والتعليمي الإيراني وغيره من اختراقات تعكس مدى تغلغل طهران في مفاصل الدولة والمجتمع السوري، مما يستحيل على النظام السوري أن يتجاهل كل هذه الحقائق على الأرض، وهو الأمر الذي يفرض عليه قيودا حقيقية حتى لو أراد الابتعاد ولو قليلا عنها.

كانت التجربة الأولى في إعادة تأهيل النظام السوري على يد الإمارات حين سعت إلى ما وصفته بإبعاد النظام عن الحضن الإيراني، ليتبين بعد سنوات استحالة هذا التوجه الرغائبي، على الرغم من خطوات تجميلية لا معنى لها من قبل النظام لإقناع مفاوضيه، ولكن على الأرض ازداد الحضور الإيراني وتعاظم تغلغله.

منذ 2017 وحتى اليوم سعت أكثر من دولة إلى إغراء النظام السوري في تأهيله، مع إبعاده عن الحضن الإيراني، فكانت التجارب كلها فاشلة، أو على الأقل غير مشجعة. وتشير كل الأدلة التاريخية أن النظام منذ أيام المؤسس حافظ أسد؛ درج على خديعة العرب ومحاوريه بالرغبة في الانفكاك عن إيران، بينما يقوم في نفس الوقت بتعزيز علاقاته معها. أما اليوم فإن القضية أبعد من أن تكون تعزيزا للعلاقة في ظل تحكم الإيراني بكل ما هو على الأرض
وبعد التجربة الإماراتية بسنوات سعى الأردن إلى أن يكون ممثلا عن الجامعة العربية في سياسة أطلق عليها خطوة مقابل خطوة، وذلك من أجل تأهيل النظام السوري، ولكن الخطوة الأردنية تم خطفها من قبل السعودية، يوم دعت بشار الأسد لحضور القمة العربية، وهو ما رأت فيها عمّان نسفا لكل سياستها واستراتيجيتها في سوريا. هذا الواقع أغرى النظام السوري في الضغط على الجميع، وكان ذلك بتكثيف تهريب المخدرات، والذي تم ترقيته لاحقا إلى تهريب الأسلحة والمتفجرات إلى الأردن، وسعى إلى تحويله لمحطة ترانزيت إلى الخليج وما بعده.

والظاهر اليوم أن الأردن ينظر إلى النظام السوري على أنه قد أحبط مخططه في تأهيله، مستغلا اللعب على خلافات الصف العربي. ونفس الأمر تكرر بالمناسبة مع التقارب السعودي- الأسدي، حيث ظهر بوضوح أن النظام لا يمكن له أن يقبل بالشروط العربية، إمارتية كانت أو أردنية أو سعودية، بل ويعمل على التصعيد معهم جميعا، استجابة للإيراني، ورغبة منه في الانتقام من محيطه الذي يرى فيه داعما ومسببا لما حصل في سوريا، إذ إنه لا يزال يُنكر حتى الآن المطالب الشعبية الداخلية المحقة.

اليوم تدخل تركيا على خط المصالحة، وباعتقادي فإن التجربة لن تكون بأفضل حالا من التجارب العربية السابقة، فالأسد غير قابل للتعديل، ولا يمكن الوثوق بوعوده، أولا لأنه ليس محلا للثقة بحسب سيرته الذاتية، وثانيا لأنه فعلا وواقعا بات مسلوب الإرادة. ولعل ما تعرضت له مستشارته الإعلامية لونا الشبل، وما تردد عن تحقيق الحرس الثوري الإيراني معها ثم قتلها، يؤكد أن الجانب الإيراني مستعد لأن يذهب إلى أبعد مدى مع النظام السوري ورموزه، ولذا فإن القضية غاية في التعقيد، ولا أعتقد أن الروسي لوحده يستطيع أن يجبر الأسد على شيء يخالف الرغبة الإيرانية ويتصادم معها.

بقي أن نقول إنه طوال سنوات الثورة لم نرَ أي تنازل من الأسد وحلفائه تجاه الثورة ومن وُصفوا بحلفاء الثورة، بينما رأينا العكس من قبل حلفاء الثورة الذين سعوا طوال تلك السنوات إلى تقديم التنازلات له على حساب الثورة وأهلها، مما عزز تشدده وتمسكه بمواقفه.

وهمسة أخيرة، فإن الرد العملي على كل هذا هو بوحدة الفصائل وتقديم برنامجها المنسجم مع المطالب الشعبية، وحينها سيبدأ قلب الطاولة على النظام وأسياده وداعميه..

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الأسد أردوغان تركيا سوريا تأهيله سوريا الأسد تركيا أردوغان تأهيل سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النظام السوری على الأرض

إقرأ أيضاً:

الشرع وحده لا يكفي.. ماذا ينتظر سوريا؟

برز أحمد الشرع، مؤسس الفرع السوري لتنظيم القاعدة الإرهابي، كزعيم انتقالي لسوريا بعد الإطاحة بحكم الرئيس السابق بشار الأسد، الذي دام 55 عاماً، في حملة عسكرية خاطفة في ديسمبر (كانون الأول) 2024. 

مؤيدو الشرع يؤكدون أن تحوله بدأ في إدلب

 
ورغم ماضيه المتطرف، يسعى الشرع لتقديم نفسه كموحِّد للبلاد، واعداً بإعادة بناء سوريا تحت رايتي الاعتدال والشمولية، ولكن قيادته تواجه تحديات جسيمة، وفق تقرير روبرت إف. وورث، كاتب مساهم في مجلة "ذا أتلانتيك" الأمريكية، منها: العنف الطائفي، والانهيار الاقتصادي، وانعدام الثقة بين الأقليات، ومهمة شبه مستحيلة لإقامة دولة من بين ركام ديكتاتورية، وحرب أهلية دمّرت البلاد لعقود.
 

Can One Man Hold #Syria Together?
A former jihadist has remade himself in a bid to remake a scarred and divided country. https://t.co/ZhJTcWiFUW

— Bassem Mroue باسم مروه (@bmroue) March 24, 2025



شكَّلَ إسقاط الأسد بحملة عسكرية بزعامة الشرع استغرقت 11 يوماً مفاجأة للعالم، حيث سيطرت قواته، بما فيها تحالف "هيئة تحرير الشام"، على مدن كحلب ودمشق بضبط نفس مدهش، متجنبة الانتقام الدموي المُتوقَّع من جماعة سابقة للقاعدة. 
وفي حلب، روى مسيحيون تعاملاً محترماً من مقاتلي هيئة تحرير الشام، الذين وزعوا الطعام وحافظوا على الهدوء، وتناقض هذا الانضباط بوضوح مع الصورة النمطية للجماعات الإرهابية.
وفي خطاب تنصيبه بدمشق، قدم الشرع نفسه كـ"ابنٍ بار" لـ"أمٍّ حزينة" (سوريا)، مُتعهداً بملء فراغ السلطة ومنع أعمال الانتقام. إن تحوُّله من قائد متشدد – معروف سابقاً بلقب "أبو محمد الجولاني" – إلى رجل دولة أنيق يرتدي بذلات حديثة يرمز لمحاولته كسب الشرعية. 
قال الشرع في خطابه محاولاً الابتعاد عن ماضيه العسكري: "قد تُسقِط الثورة نظاماً، لكنها لا تبني دولةً".


العنف الطائفي وتحديات الحكم 

ورغم وعود الشرع، أصبحت الأقلية العلوية – طائفة الأسد – هدفاً للخطف والمجازر.  
وما زالت الأقليات، كالمسيحيين والدروز، يشعرون بالتوجس من جذور الشرع، روى القس فراس اللطفي كيف أخفى رجالاً شيعة خلال سقوط دمشق. 
ويسود القلق  موقف الشرع الغامض من مستقبل سوريا، إذ يعد بالشمولية، ويتجنب التصريح بالديمقراطية. وحين سُئل عن تبني الديمقراطية، أجاب: "إذا كانت تعني أن يختار الشعب حكامه، فنعم".
ولا شك في أن وجود عناصر متطرفة داخل تحالف الشرع يُضعف صورته المعتدلة.  
وظهرت التناقضات الأيديولوجية داخل النظام من خلال تعيينات مثيرة للجدل، مثل وليد كبولة، وهو المشرف التعليمي الذي دعا إلى "تطهير سوريا من العلويين والشيعة واليهود".


 إعادة الإعمار والانهيار الاقتصادي 

وتعاني بنية سوريا التحتية من الخراب. تفتقر المدارس إلى الورق والتدفئة؛ يتقاضى المعلمون 20 دولاراً شهرياً. وفي مستشفى ابن سينا النفسي قرب دمشق، يرتجف المرضى خلف القضبان، ويعيشون على تبرعات الطعام بينما توزع الممرضات السجائر لتهدئتهم. تساءلت ممرضة: "من سيبقى مع مجانين دون حصوله على راتب؟"

Many Syrians agree that after 14 years of brutal civil war, there is now a need for a strong pair of hands that can keep the country together.

✍️ Daniel Thorpe https://t.co/dgJNNJQXoZ

— The Spectator (@spectator) March 19, 2025

ويعاني الاقتصاد المُنهك بالحرب والعقوبات من العزلة. اعتماد الأسد على تجارة الكبتاغون خلّف إرثاً ساماً. داهمت قوات الشرع مستودعات تخزين كان يسيطر عليها ماهر الأسد (شقيق بشار)، وأحرقت كميات ضخمة من المخدرات. لكن تحويل الميليشيات المعتمدة على التهريب لخدمة الجيش والدولة تحدّ لا يعرف أحد نتيجته. 
تؤدي العقوبات الدولية، المفروضة بسبب تصنيف هيئة تحرير الشام كإرهابية، إلى خنق سبل التعافي. ويُحجم الغرب عن تقديم المساعدة برغم مناشدات الشرع. أما تركيا، الداعم الرئيس، فتفتقر للأموال اللازمة، بينما تباطأت وعود الخليج. 
وحذر محللون من أن "فشل الشرع في إنعاش الاقتصاد سيؤدي إلى تفكيك تحالفه" متخيلين سيناريو ليبي من الفوضى.


مناورات سياسية ووحدة هشة 

برعت حنكة الشرع في صفقاته السياسية كالاتفاق مع الأكراد. وفي مارس (آذار) 2024، منح حكماً ذاتياً للشمال الشرقي، مُدمجاً ميليشياتهم المدعومة أمريكياً في الدولة. وأُطلقت الأفراح أعيرة نارية، لكن التوترات باقية: الأكراد يسيطرون على النفط، والمفاوضات المستقبلية ستختبر مدى ولائهم. أما الدروز فيقاومون الاندماج. طالب زعيمهم الشيخ حكمت الحجري بـ"دولة قانون" قبل نزع السلاح. وفي إدلب، أظهرت تجربة "شبه الدولة" بزعامة الشرع نجاحاً؛ فقد كبح المتطرفين، وأقام المحاكم وأعاد الخدمات. 


التصور الشعبي: أملٌ مقابل شكوك 

السوريون منقسمون. بعضهم، كالمصور ضياء السيد، يرون الشرع "صاحب رؤية". كان ضياء موثِّقاً جيداً لجرائم الأسد، وأشاد بجهود الشرع وتركيزه على "طي الصفحة". أما آخرون، وخاصة العلويين، فيرونه "ذئباً في ثياب حمل". وقال ناشط علوي: "نخشى أن يظهر الجولاني الذي بداخل الشرع".
مؤيدو الشرع يؤكدون أن تحوله بدأ في إدلب، حيث حكم بنزعة براغماتية. أقام "ديوان مظالم" لمعالجة شكاوى المواطنين، وتقبل الاحتجاجات سواء إسلامية أو علمانية. "تعامل بحكمة مع الحركات"، هكذا قال الجراح خلدون الملاّح، الناجي من وحشية تنظيم داعش الإرهابي. 
وأشارت المحللة السياسية دارين خليفة إلى تحوله التدريجي بقولها: "إنه إسلاموي براغماتي يقرأ سياسات المنطقة".


أمة عند مفترق طرق

وحذر معد التقريرمن أنه إذا تعثر الإعمار، فقد يصبح الفشل الليبي نموذجاً محتملاً لمستقبل سوريا. وتعتمد عملية التعافي الاقتصادي بشكل حاسم على المساعدات الخارجية ورفع العقوبات، لكن الغرب تساوره شكوك كبيرة بشأن المستقبل السوري.
وتواجه قيادة أحمد الشرع تحدياً رئيساً يتمثل في التوفيق بين ماضيه العنيف وصورته الحالية كرجل دولة. ورغم أن كاريزميته وقدرته على إبرام الصفقات توفر أساساً هشاً للوحدة الوطنية، فإن الانقسامات العميقة في سوريا - بسبب التوترات الطائفية والانهيار الاقتصادي والتدهور المؤسسي - تشكل تهديداً وجودياً.
ويكمن الاختبار الأهم للشرع، وفق الكاتب، ليس في المجال العسكري، بل الأخلاقي: هل يستطيع، بصفته جهادياً سابقاً، إعادة تشكيل نفسه كقائد لإعادة بناء سوريا؟، أم أن إرث سجون الأسد و"دولة الخلافة" سيبقى يطارد مستقبل البلاد؟ الإجابة تتوقف على قدرته على تجاوز ماضيه وإقناع الشعب بالسير في الاتجاه ذاته.

مقالات مشابهة

  • الأمن السوري يعتقل أحد قادة النظام العسكريين.. متورط بجرائم في حي التضامن
  • أبرز رموز نظام الأسد الذين اعتقلهم الأمن العام السوري
  • الشرع وحده لا يكفي.. ماذا ينتظر سوريا؟
  • أغنيس مريم الصليب.. راهبة الأسد
  • محكمة النقض الفرنسية تدرس مذكرة توقيف بشار الأسد
  • لماذا تنهار الجيوش سريعا؟ وماذا حدث لقوات الأسد؟
  • في عملية مفاجئة وخاطفة الجيش السوري يعلن القبض على مسؤول الأسد للتجنيد ومدبر الإنقلاب في الساحل
  • إعادة تدوير الرواكد بورش مدرسة أسيوط الثانوية الزخرفية
  • أسيوط.. إعادة تدوير الرواكد بورش المدرسة الثانوية الزخرفية
  • الأمن السوري يطلق حملة أمنية واسعة ضد فلول النظام في جنوب إدلب