عربي21:
2025-01-22@08:52:15 GMT

أربع محاولات فاشلة في إعادة تدوير الأسد

تاريخ النشر: 8th, July 2024 GMT

لأسبوع ونيّف ورئيس النظام السوري بشار الأسد لم يرد على دعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للقائه ولزيارة تركيا، إن هو قام بخطوة أو خطوتين لم يتم الإفصاح عنهما. وعلى الرغم من تكرار القيادة التركية ممثلة بالرئيس ووزير خارجيتها هاكان فيدان تلك الدعوة، إلّا أن رئيس النظام السوري ملتزم الصمت، ومن فهم وفسّر ذلك على أنه حنكة دبلوماسية، وكأن بشار يقدح من دماغه وقراره بيديه، فهو مخطئ، ولا يُدرك حقيقة الواقع السوري الذي لم يعد أبدا كما كان عليه قبل الخامس عشر من آذار/ مارس 2011 يوم انطلقت الثورة السورية.



اليوم نحن أمام حقيقة وتجربة، أما الحقيقة فهي أن سوريا تنتشر فيها عشرة جيوش أجنبية، وكل جيش يمثل دولة لديها مصالح وانشغالات وقلق، وبالتالي فمن الصعب أن تنفرد دولة مهما كان وزنها في تقرير مصير المعركة، ومصير البلد. وإذا كان التحليل الرياضي يعطي أوزانا لكل لاعب دولي وإقليمي ومحلي في أي قضية، فإن هؤلاء اللاعبين لكل منهم وزنه، مما يزيد من تعقيدات المشهد السوري، وعجز اجتماع دولة أو دولتين أو أكثر على تقرير مصير البلد الذي تتقاذفه مصالح الدول الموجودة كلها فيه.

سوريا تنتشر فيها عشرة جيوش أجنبية، وكل جيش يمثل دولة لديها مصالح وانشغالات وقلق، وبالتالي فمن الصعب أن تنفرد دولة مهما كان وزنها في تقرير مصير المعركة، ومصير البلد
وبالإضافة إلى وجود هذه الجيوش فإن أكثر من 66 مليشيا طائفية مسلحة موجودة على الأرض السورية اليوم، هذا عداك عن اللاعب الثوري الموجود على الأرض أيضا، والمتمثل بالقوى العسكرية التي عبر كثير منها عن رفضه لأي حل لا يتضمن إسقاط الأسد، ومعه أيضا هناك ورثة المليون شهيد، بالإضافة إلى 14 مليون مشرد، الرافضين للعودة إلى حظيرة الأسد من جديد.

أمام التجربة، فمنذ 2017 وحتى اليوم سعت أكثر من دولة إلى إغراء النظام السوري في تأهيله، مع إبعاده عن الحضن الإيراني، فكانت التجارب كلها فاشلة، أو على الأقل غير مشجعة. وتشير كل الأدلة التاريخية أن النظام منذ أيام المؤسس حافظ أسد؛ درج على خديعة العرب ومحاوريه بالرغبة في الانفكاك عن إيران، بينما يقوم في نفس الوقت بتعزيز علاقاته معها. أما اليوم فإن القضية أبعد من أن تكون تعزيزا للعلاقة في ظل تحكم الإيراني بكل ما هو على الأرض، وهو خلاف الدور الروسي تماما، ولذا فإن الاختراق العسكري والسياسي والاجتماعي والاقتصادي والتعليمي الإيراني وغيره من اختراقات تعكس مدى تغلغل طهران في مفاصل الدولة والمجتمع السوري، مما يستحيل على النظام السوري أن يتجاهل كل هذه الحقائق على الأرض، وهو الأمر الذي يفرض عليه قيودا حقيقية حتى لو أراد الابتعاد ولو قليلا عنها.

كانت التجربة الأولى في إعادة تأهيل النظام السوري على يد الإمارات حين سعت إلى ما وصفته بإبعاد النظام عن الحضن الإيراني، ليتبين بعد سنوات استحالة هذا التوجه الرغائبي، على الرغم من خطوات تجميلية لا معنى لها من قبل النظام لإقناع مفاوضيه، ولكن على الأرض ازداد الحضور الإيراني وتعاظم تغلغله.

منذ 2017 وحتى اليوم سعت أكثر من دولة إلى إغراء النظام السوري في تأهيله، مع إبعاده عن الحضن الإيراني، فكانت التجارب كلها فاشلة، أو على الأقل غير مشجعة. وتشير كل الأدلة التاريخية أن النظام منذ أيام المؤسس حافظ أسد؛ درج على خديعة العرب ومحاوريه بالرغبة في الانفكاك عن إيران، بينما يقوم في نفس الوقت بتعزيز علاقاته معها. أما اليوم فإن القضية أبعد من أن تكون تعزيزا للعلاقة في ظل تحكم الإيراني بكل ما هو على الأرض
وبعد التجربة الإماراتية بسنوات سعى الأردن إلى أن يكون ممثلا عن الجامعة العربية في سياسة أطلق عليها خطوة مقابل خطوة، وذلك من أجل تأهيل النظام السوري، ولكن الخطوة الأردنية تم خطفها من قبل السعودية، يوم دعت بشار الأسد لحضور القمة العربية، وهو ما رأت فيها عمّان نسفا لكل سياستها واستراتيجيتها في سوريا. هذا الواقع أغرى النظام السوري في الضغط على الجميع، وكان ذلك بتكثيف تهريب المخدرات، والذي تم ترقيته لاحقا إلى تهريب الأسلحة والمتفجرات إلى الأردن، وسعى إلى تحويله لمحطة ترانزيت إلى الخليج وما بعده.

والظاهر اليوم أن الأردن ينظر إلى النظام السوري على أنه قد أحبط مخططه في تأهيله، مستغلا اللعب على خلافات الصف العربي. ونفس الأمر تكرر بالمناسبة مع التقارب السعودي- الأسدي، حيث ظهر بوضوح أن النظام لا يمكن له أن يقبل بالشروط العربية، إمارتية كانت أو أردنية أو سعودية، بل ويعمل على التصعيد معهم جميعا، استجابة للإيراني، ورغبة منه في الانتقام من محيطه الذي يرى فيه داعما ومسببا لما حصل في سوريا، إذ إنه لا يزال يُنكر حتى الآن المطالب الشعبية الداخلية المحقة.

اليوم تدخل تركيا على خط المصالحة، وباعتقادي فإن التجربة لن تكون بأفضل حالا من التجارب العربية السابقة، فالأسد غير قابل للتعديل، ولا يمكن الوثوق بوعوده، أولا لأنه ليس محلا للثقة بحسب سيرته الذاتية، وثانيا لأنه فعلا وواقعا بات مسلوب الإرادة. ولعل ما تعرضت له مستشارته الإعلامية لونا الشبل، وما تردد عن تحقيق الحرس الثوري الإيراني معها ثم قتلها، يؤكد أن الجانب الإيراني مستعد لأن يذهب إلى أبعد مدى مع النظام السوري ورموزه، ولذا فإن القضية غاية في التعقيد، ولا أعتقد أن الروسي لوحده يستطيع أن يجبر الأسد على شيء يخالف الرغبة الإيرانية ويتصادم معها.

بقي أن نقول إنه طوال سنوات الثورة لم نرَ أي تنازل من الأسد وحلفائه تجاه الثورة ومن وُصفوا بحلفاء الثورة، بينما رأينا العكس من قبل حلفاء الثورة الذين سعوا طوال تلك السنوات إلى تقديم التنازلات له على حساب الثورة وأهلها، مما عزز تشدده وتمسكه بمواقفه.

وهمسة أخيرة، فإن الرد العملي على كل هذا هو بوحدة الفصائل وتقديم برنامجها المنسجم مع المطالب الشعبية، وحينها سيبدأ قلب الطاولة على النظام وأسياده وداعميه..

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الأسد أردوغان تركيا سوريا تأهيله سوريا الأسد تركيا أردوغان تأهيل سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النظام السوری على الأرض

إقرأ أيضاً:

السوريون يعودون إلى فلسطين.. فلسطين تعود للسوريين

مع الإعلان عن التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة الاربعاء الماضي خرجت العديد من مظاهرات الاحتفال في العديد من المدن السورية، وباتت لا تنسى مشاهد خروج أهالي دمشق وحماة ومناطق كثيرة في سوريا من تلقاء أنفسهم للاحتفال بشكل عفوي عقب إعلان وقف إطلاق النار. والمعروف أن الاحتفالات في كثير من البلاد العربية والإسلامية بصورة عفوية، لكن الفوارق في سوريا مهمة ونوعية، أبرزها:

أولها، أن هذا الشعب مكلوم رغم فرح انتصار الثورة والتحرير، ولم يتعاف بعد من معاناته وآلامه، بل أمضى الأسد الهارب ووالده نصف قرن ونيف في المتاجرة والكذب وتجويع السوريين وإفقارهم وإذلاهم باسم فلسطين، لكن على الرغم من ذلك خرجوا محتفلين بغزة ولغزة.

وثانيها، أن أمرا كهذا لم يحدث كثيرا في سوريا في سابق المواعيد خلال عهد الممانع الهارب وخاصة خلال الحروب السابقة؛ بأن يكون بهذه العفوية والحرية، ولم يحدث حتى في حروب وأحداث فلسطينية سابقة قبل الثورة أو خلالها باستثناء حالات محددة خلال تشييع القادة الفلسطينيين الشهداء كخليل الوزير وفتحي الشقاقي؛ لأن الأمر حينها كان أكبر من كل نظام الأسد.. كان الأمر في معظم الأحيان مقتصرا حينها على أهالي المخيمات الفلسطينية فقط؛ الذين يتفاعلون مع قضيتهم الأم ويكسرون جدران المتاجرة والخوف لأجل أبناء جلدتهم في فلسطين.. أما نظام الأسد المتاجر فقد كان يحول بين الشعب السوري وفلسطين ويمنعه عن الشعور بحرية تبني القضية الفلسطينية، يكفي الرعب الآتي إليهم من فرع فلسطين ويكفي الخوف من محاولة إبراز عن أي شكل من أشكال التعبير عن النفس اجتماعيا أو سياسيا، فكيف إن كان الأمر يتعلق بفلسطين.. حين زال هذا الجدار عادت الأمور لنقطة البداية في علاقة السوريين الفطرية بفلسطين وشعبها، وتحررت القلوب والعقول وبات مجال الحرية مفتوحا وبمنأى عن حسابات سياسية أو مخاوف أمنية، وتغير فهمهم للأمر وطبيعة تعاطيهم وفهمهم لعلاقتهم بفلسطين وشعبها ولكيفية التعاطي مع الاحتلال، وهو ما ظهرت مؤشرات له بعد انتصار الثورة وباتت تظهر وتُرى بشكل أوضحممنوع عليك أيها السوري في حظيرة الأسد أن تعبر عن فلسطين عفويا وبصورة شعبية أو بأي صورة إلا من خلال هذا المتاجر ووفقا لما يراه ممكنا ومناسبا. والأمر لدى هذا النظام مضاعف جدا عن بقية أنظمة العرب خاصة في ما يتعلق بفلسطين، فهو يظهر بصورة المستبد الممانع لكنه في الواقع بممارسة الجاسوس الديكتاتور؛ على عكس كل الأنظمة العربية الواضحة غالبا في الأمر، وهنا صعوبة المسألة على السوريين..

حين زال هذا الجدار عادت الأمور لنقطة البداية في علاقة السوريين الفطرية بفلسطين وشعبها، وتحررت القلوب والعقول وبات مجال الحرية مفتوحا وبمنأى عن حسابات سياسية أو مخاوف أمنية، وتغير فهمهم للأمر وطبيعة تعاطيهم وفهمهم لعلاقتهم بفلسطين وشعبها ولكيفية التعاطي مع الاحتلال، وهو ما ظهرت مؤشرات له بعد انتصار الثورة وباتت تظهر وتُرى بشكل أوضح.. نصف قرن من التعتيم والمنع للسوريين عن فلسطين الحقيقية والصحيحة التي باتت تقوم على علاقة الشعب السوري المباشرة بالشعب الفلسطيني وقضيته دون أصنام تتوسط الطريق، وصار زمام المبادرة بيد الشعب نفسه..

الحقيقة الثالثة هي أهمية موقع سوريا لفلسطين وحقيقة أن هناك أراضي سورية محتلة إسرائيليا، ما أعاد في أذهان الشعب السوري فهم وترتيب علاقته بهذا الغول المترصد لسوريا واللص الطامع بأراضيها وغير الراغب بانعتاقها ورؤيتها بخير من جهة الجنوب، فكل ما قام به الاحتلال الإسرائيلي بعد سقوط الأسد من إبطال اتفاق فض الاشتباك للعام 1974 وتوغلات وعبث وتوتير للأجواء وقصف وغارات وتدمير واستباحة للقنيطرة وريفها وريف درعا؛ ما هي إلا انتهاكات وجرائم يصعب بعدها أن يسمح السوريون بأي شكل من أشكال الشعور بأن إسرائيل شيء آخر سوى المحتل والعدو الذي تغيظه فرحة السوريين وحريتهم ولا تناسبه أن تكون سوريا موحدة أو حرة، فلا سلام أو شعور بالأمان مع من يقوم بتدمير ما تبقى من قدرات سوريا ويعفش أراضيها ويهجر سكانها.

ما كلمات أم وليد الساروت، والدة أيقونة الثورة السورية عبد الباسط الساروت، بأن الفرحة السورية ناقصة بدون فلسطين في ظل الإبادة التي يتعرض لها الفلسطينيون في غزة ودعواتها المتكررة لجموع السوريين في الساحات ألا ينسوا دعم ونصرة فلسطين وغزة؛ إلا دليل شعبي صادق وعميق على أن عامة السوريين يرون أنفسهم فلسطينيي الانتماء بطبيعتهم، وبأن الهتاف الذي زين ساحات الثورة والمخيمات "واحد واحد واحد فلسطيني سوري واحد" هو حقيقة تراها العين
وأما الحقيقة الرابعة فهي أن طبيعة علاقة الفلسطيني بسوريا تقوم على الاندماج والانتماء التام لها جغرافيا واجتماعيا وحضاريا، وهو ما أثبتته الوقائع وآخرها الثورة السورية، واختلاط الدماء بين السوريين والفلسطينيين، والدور الكبير والتضحيات التي قدمها فلسطينيو سوريا على مذبح الحرية. وسأكرر هنا ما قاله المفكر الفلسطيني السوري الكبير أحمد برقاوي: "نحن الفلسطينيين ناسا ومجتمعا سياسيا ومدنيا ما زلنا على قناعة كاملة بأننا نحن والسوريين شعب واحد"

وهذا ما يقود إلى الحقيقة الخامسة التي تكمل فكرة برقاوي، إذ إن السوريين وبعد التخلص من الطاغوت وتحرر قلوبهم وعقولهم من الخوف والاستبداد والمتاجرة بفلسطين والحيلولة دونها، وفعله الأسدان لإشغالهم عنها بجراحهم العميقة ودمائهم الغزيرة وقتلهم وترهيبهم أمنيا وسياسيا، من قبل الأسد وإيران، إضافة إلى مسيرة الاندماج الاجتماعي الطويلة مع الفلسطينيين في سوريا، وامتلاك السوريين كل الأدلة الدامغة على أن هؤلاء الفلسطينيين هم سوريون مثلهم بالممارسة وفي كل شيء، حتى في الثورة ضد الأسد وفي بذل الشهداء والدماء بعد التحرر.

وبإدراك كل ذلك باتوا يبنون في العقلية الجمعية والممارسة وليس الخطاب والشعارات فقط؛ فكرة مفادها أن فلسطين أرضا وقضية وشعبا هي جزء طبيعي من سوريا، وما كلمات أم وليد الساروت، والدة أيقونة الثورة السورية عبد الباسط الساروت، بأن الفرحة السورية ناقصة بدون فلسطين في ظل الإبادة التي يتعرض لها الفلسطينيون في غزة ودعواتها المتكررة لجموع السوريين في الساحات ألا ينسوا دعم ونصرة فلسطين وغزة؛ إلا دليل شعبي صادق وعميق على أن عامة السوريين يرون أنفسهم فلسطينيي الانتماء بطبيعتهم، وبأن الهتاف الذي زين ساحات الثورة والمخيمات "واحد واحد واحد فلسطيني سوري واحد" هو حقيقة تراها العين.

ربما يصح القول إن السوريين عادوا إلى فلسطين بالطريقة الصحيحة للعودة، بل عادت فلسطين إليهم.

مقالات مشابهة

  • تدوينة لوزير الخارجية السوري عن الأكراد وتعامل نظام بشار الأسد معهم تثير تفاعلا
  • اشتباكات عنيفة بين الأمن السوري وفلول الأسد في ريف حمص الغربي
  • عربية النواب: بشار الأسد ارتكب أخطاء تاريخية أضرت بالنظام السوري
  • فلسطين: تحذير من محاولات الاحتلال تفجير الأوضاع في الضفة
  • وزير الاتصالات السوري: منع إعادة تشكيل شركات نظام الأسد
  • الثورات في مواجهة إرث الديكتاتوريات.. إدماج ومصالحة أم إقصاء ومحاكمات عادلة؟
  • خلال مئة عام.. تعرف على رحلة الدساتير في سوريا بعد انتصار الثورة
  • السوريون يعودون إلى فلسطين.. فلسطين تعود للسوريين
  • الرئيس الإيراني يهني الشعب الفلسطيني في غزة ويؤكد انهم واجهوا إسرائيل بقوة
  • كابوس يناير الذي لا ينتهي