تخيّل أنّك تنظر إلى شخص ما فإذا بسيرته ماثلة أمامك، يظهر اسمه وعمره وعمله وأصدقاؤه وأين كان قبل ساعات أو أيام، وجدول مواعيده لقادم الأيام. كل ذلك تراه خلال جزء من الثانية.

هذه القدرات كان يدعي امتلاكها رجال من أهل الباطن، وتسمى عندهم "كشف الحجاب"، ومدّعيها إما تقي ورع، أو محتال يسترزق من خلالها. لكن اليوم يمتلكها كل من يدفع قرابة 50 دولارا أميركيا.

ما نتكلم عنه، هي عدسات الواقع المعزز الجديدة اللاصقة، ويُشار لها اختصارا بـ"إيه آر سي إل"، وهي عدسات عالية التقنية توضع على العين مباشرة تشبه عدسات التجميل، قادرة على عرض معلومات مرئية على قرنية العين وتكون متصلة بالإنترنت وتستخدم تقنية الواقع المعزز.

عند مرور شخص من أمامك، فَتتعرف عليه عبر نظام التعرّف على الوجه، ومن ثم تجلب المعلومات المتوفرة عنه من خلال حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي وتعرضها أمام المستخدم. وقبل الكلام عن مواصفات هذه العدسة واستخداماتها لا بد من فهم فلسفتها.

البطارية.. العمود الفقري للعدسات الجديدة

ما أخّر ظهور بعض التقنيات، ومنها هذه العدسات هو البطاريات، فهي العمود الفقري لأي جهاز. وطالما الكلام عن تقنية يرتديها البشر وعلى مكان شديد الحساسية وهي العيون، لذا فإنّ تصميم البطاريات تكون على درجة عالية من الدقة والحذر، والخيارات أمام المطورين تكون محدودة للغاية.

تعتمد البطاريات القابلة لإعادة الشحن المعمول بها حاليا في الأجهزة الذكية على أسلاك أو ملفات حثية تحتوي على معدن، وهي غير صالحة للاستخدام في العين البشرية، لأنها غير مريحة وتشكل خطرا على المستخدم.

لذا طوّر علماء من جامعة "نانيانغ التكنولوجية" في سنغافورة بطارية مرنة رقيقة تشبه مثل قرنية الإنسان، يمكنها تخزين الكهرباء عندما تكون مغمورة في محلول ملحي، ويمكنها تشغيل العدسات اللاصقة الذكية.

هذه البطارية مصنوعة من مواد متوافقة حيويا مع الجسم البشري؛ إذ تحتوي على طلاء مصنوع من الغلوكوز يتفاعل مع أيونات الصوديوم والكلوريد الموجودة في المحلول الملحي المحيط بها، في حين أن الماء الذي تحتويه البطارية يعمل بمثابة "السلك" أو "الدائرة" لتوليد الكهرباء.

نموذج آخر من البطاريات طرحته شركة "موجو فيجن"، وهي بطاريات تُشحن بشكل خارجي، أي عند نزعها يضعها المستخدم على الشحن، وتطمح الشركة أن تكفي كل شحنة استخدام يوم كامل.

وقالت الشركة: "إن هدف موجو عندما تشحن المنتج هو أن يضع مرتديها العدسة في عينه طوال اليوم وأن يكون قادرا على الوصول إلى المعلومات بانتظام ثم إعادة شحنها طوال الليل".

النماذج الأولى للعدسات اللاصقة

تعمل عدَّة شركات على طرح النموذج الأولي من هذه العدسات، لكن أبرز تلك الجهود تقودها شركتان هما "موجو فيجن" و"إكسبانسيو".

الأولى وهي الأبرز، صادفت في البدء مشاكل تتعلق بالتمويل، لكن بعد سنوات تمكن وبالشراكة مع شركة تصنيع العدسات اللاصقة اليابانية (مينيكون) من جمع قرابة 160 مليون دولار وطرح النموذج الجديد.

نموذج شركة موجو فيجن بالغ الدقة والنحافة، إذ يبلغ عرضها أقل من نصف ملليمتر، وفيها جهاز عرض مسمى "الفيمتو بروجكتور"، وهو نظام تكبير صغير، لتوسيع الصور بصريا وعرضها على رقعة مركزية من شبكية العين.

وتم تصميم العدسة ليتم ارتداؤها على كلتا العينين للحصول على رؤية مجسمة، وهي عبارة عن حاسوب مصغّر فهي محاطة بإلكترونيات من كُلّ جانب، الكاميرا تلتقط صور العالم الخارجي. ومن ثم تقوم شريحة الكمبيوتر بمعالجة الصور، والتحكم في العرض، والتواصل لاسلكيا مع الأجهزة الخارجية مثل الهاتف، وكل ذلك في أقل من 10 مللي ثانية.

تتمثل خطة الشركة في تجاوز مشاكل النظارات الثقيلة التي أنتجتها شركات مثل آبل ومايكروسوفت. وإذا نجحت بذلك، فيمكن أن تساعد عدسات موجو الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الرؤية، كما ويمكن لها أن تساعد الرياضيين على معرفة المسافة التي قطعوها بالدراجة أو مدى سرعة نبضات قلوبهم بدون فحص الأجهزة الأخرى.

والأهم من ذلك حسب تعبير الشركة، أنها خفيفة ولا تسبب الضباب وفي نفس الوقت لا تحجب رؤية العالم الخارجي.

بالنسبة لنموذج شركة إكسبانسيو، جاء بمميزات كثيرة منها تمكين الرؤية الليلية والتكبير/التصغير، والقدرة على رؤية محتوى الفيديو والرسومات في الواقع المعزز.

ولعلّ أهم ما في هذه العدسة أنها يمكنها مراقبة صحة مرتديها، إذ تحتوي على مختبر صغير، فهي مزودة بمستشعرات تقيس المؤشرات الحيوية مثل مستويات الغلوكوز والتوتر وجفاف العين، بالإضافة إلى قياس درجة حرارة العين وضغطها.

وقال مؤسس الشركة العالم الأوكراني (فالنتين س. فولكوف): "هذه العدسة تفتح آفاقا واعدة لأكثر من 800 مليون شخص مصاب بمرض السكري والزرق وأمراض القلب".

وأضاف: "إن الشركة لديها الآن العديد من النماذج الأولية في مراحل مختلفة من الجهوزية، وبحلول عام 2026 يتوقعون أن يدمجوا كل هذه النماذج الأولية في جهاز واحد سيسمونه العدسة اللاصقة المثالية، وسيكون سعر العدسة نحو 50 دولارا".

وتابع فولكوف: "نحن نستهدف، على الأقل، سوق الواقع المعزز والعدسات اللاصقة الذي تبلغ قيمته 790 مليار دولار، وننشئ أول جهاز في السوق يسمح لنا باستخدام جميع التطبيقات والبرامج في واجهة واحدة للعدسات اللاصقة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الواقع المعزز

إقرأ أيضاً:

إطلاق «فرصة» لتعزيز التوطين وتمكين الشباب في العين

أبوظبي (الاتحاد)
أعلن مركز تريندز للبحوث والاستشارات، تعاونه مع منصة «فرصة»، التابعة لشركة سلوشنز+، إحدى شركات مبادلة، للمشاركة في مبادرة «فرصة» التي انطلقت في سنة 2023، وتسعى إلى توظيف عدد من المواطنين في مدينة العين.
وتهدف مبادرة «فرصة» إلى خلق فرص عمل مميزة للمواطنين في مختلف القطاعات، وتعزيز الكفاءات الوطنية من خلال برامج تدريب وتطوير مستمرة، ودعم التوطين المستدام، بما يتماشى مع رؤية الإمارات المستقبلية.

أخبار ذات صلة جهود إماراتية مستمرة لإغاثة أهالي غزة مهرجان ليوا الدولي.. «استعراض المهارات» في «تحدي الدريفت»

وأكد الدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، أن مبادرة «فرصة» تمثل قفزة نوعية في تعزيز الشراكة بين المؤسسات الوطنية، وهي ليست مجرد مبادرة لتوظيف المواطنين، بل رؤية متكاملة تهدف إلى إعادة صياغة بيئة العمل لتكون أكثر إبداعاً واستدامة.
وأضاف: إن مركز تريندز يؤمن بأن الاستثمار في الشباب هو استثمار في المستقبل، لافتاً إلى أن المبادرة تجمع بين أفضل الممارسات العالمية والرؤية الوطنية لتعزيز الكفاءات وتطويرها.
وأشاد بمنصة «فرصة» التابعة «لسلوشنز+» وجهودها من أجل تعيين وتدريب المواطنين، مؤكداً أن «تريندز» يسعى دائماً لدعم المبادرات الوطنية التي تمكّن المواطنين، وتوفر لهم فرصاً جديدة للابتكار والتطور.
من جانبه، وصف ناصر النبهاني، العضو المنتدب لشركة «سلوشنز+» المبادرة بأنها نموذج عملي لدعم رؤية الإمارات في التوطين.
وقال: «إن منصة «فرصة» تعكس التزام سلوشنز+ بتعزيز الشراكات التي تدعم استراتيجية التوطين الوطنية، مشدداً على أن إعداد جيل جديد من الكفاءات الوطنية يحتاج إلى دعم مستمر وبرامج تدريبية متخصصة. وثمن تعاون «تريندز»، وشراكته الوثيقة مع «فرصة» من خلال تعيين عدد من المواطنين في مكتب «تريندز» بمدينة العين، معرباً عن تطلعه إلى تحقيق إنجازات ملموسة من خلال هذه المبادرة».
بدوره، أثنى الباحث ناصر آل علي، رئيس قطاع الشؤون الإدارية في «تريندز»، على الجهود المبذولة من جميع الشركاء لإنجاح المبادرة، وقال: «إن التعاون بين المؤسسات الوطنية مثل «سلوشنز+» و«تريندز» يؤكد التزام الجانبين المشترك بخلق فرص عمل مستدامة ومتميزة للمواطنين، مضيفاً أن «تريندز» يهدف إلى تمكين الشباب وتوفير فرصة بحثية مميزة لهم، وإيجاد مسارات مهنية تدعم طموحاتهم، وتساهم في صنع المستقبل».
إلى ذلك، أشاد الباحث فهد المهري، رئيس قطاع مكتب «تريندز» دبي بتكامل الجهود بين «تريندز» و«سلوشنز+»، مؤكداً أن الشراكة مع سلوشنز+ تعد انعكاساً لالتزام وسعي «تريندز» بتوفير بيئات عمل تتماشى مع تطلعات الأجيال القادمة، مؤكداً أن هذا التعاون في منصة «فرصة» يأتي في وقت محوري، حيث تزداد الحاجة لتمكين الشباب المواطن، ودمجهم في سوق العمل بطرق مبتكرة. 
وقال: «إن التوطين ليس مجرد هدف، بل رحلة مستمرة تحتاج إلى تعاون جميع الأطراف لتحقيقها بنجاح».
من جانبها، أكدت وردة المنهالي، مديرة إدارة التواصل المؤسسي، مديرة مكتب تريندز في العين، أهمية الدور الكبير والمهم الذي تلعبه مدينة العين في هذه المبادرة.
وأوضحت أن «تريندز» اختار أن يكون مكتبه في العين لدعم أبناء المدينة وتوفير فرص عمل بحثي خلاق، موضحة أن العين موطن للعديد من المواهب الوطنية التي يمكن أن تساهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مشيرة إلى أن منصة «فرصة» مصممة خصيصاً لتكون منصة انطلاق لهذه المواهب.

مقالات مشابهة

  • برج الحوت اليوم الأحد 22 ديسمبر.. أمامك فرص جديدة
  • العين والجزيرة.. «قمة متجددة»
  • الحلقة الثانية من كتاب ..عدسات على الطريق .. !!
  • خطر يهدد العين: تحذير هام لمرتدي العدسات اللاصقة!
  • تحذير لمرتدي العدسات اللاصقة!
  • تحذير لمرتدي العدسات اللاصقة أثناء النوم!
  • فارس عراقي يحقق وصافة بطولة العين الدولية للفروسية
  • الحلقة الاولى من كتاب ( عدسات على الطريق)
  • «أمامك الكثير من التحديات».. حظك اليوم برج الحوت الجمعة 20 ديسمبر
  • إطلاق «فرصة» لتعزيز التوطين وتمكين الشباب في العين