سودانايل:
2025-01-29@06:13:15 GMT

المتلازمة السودانية والقوة الناعمة

تاريخ النشر: 8th, July 2024 GMT

المغيرة التجاني علي

Mugheira88@gmail.com

يرجع شيوع مصطلح القوة الناعمة الي أستاد العلوم السياسية بجامعة هارفارد و مساعد وزير الدفاع الأمريكي بيل كلنتون لاحقا جوزيف صموئيل ناي و قد عرفها / القوة الناعمة / بأنها القدرة علي تحقيق الأهداف المنشودة عن طريق الجاذبية و السحر والإقناع للتأثير في سلوك الآخر عبر الجذب و الاحتواء و ليس بمعني مفهوم القوة القائم علي الجبر و الاكراه.

وتتمثل القوة الناعمة في جملة المبادئ السائدة في مجتمع ما و مجموع القيم السامية والثقافة الجاذبة و الخصائص الأخرى الملهمة باعتبارها النموذج القادر علي التأثير في الآخرين و اتباعه طوعا و امتثالا . فأساليب الحياة المدنية الراقية و التطور الحضاري و النماء العمراني و سلوك الأفراد من دقة و نظام ولطف في التعامل والالتزام بنظافة البيئة المحيطة و أناقة الملبس والمظهر في مجتمعات معينة تندرج ضمن معني القوة الناعمة التي يكون لها التأثير و مخاطبة النفوس المتطلعة للتميز والارتقاء وكل ذلك بفضل تأثير القيم و المبادئ الثقافية و طرائق الحياة التي تصير نموذجا يحتذي .

كانت بلاد السودان و منذ العصور القديمة منطقة تلاقي و ساحة للتفاعل بين التقاليد الثقافية لأفريقيا و منطقة الشرق الأوسط و آسيه. ليس ذلك فحسب, بل أن كثيرا من علماء الأنثروبولوجي يعدون بلاد السودان أصل البشر و يستشهدون بجمجمة الجدة لوسي التي تم اكتشافها و اعتبارها أصلا لسلالة الجنس البشري في أواسط ستينيات القرن الماضي مما جعل السودان قبلة للباحثين والعلماء و صار من بعد منطقة جذب سياحي و كشفي من جميع الأجناس . و في البلاد الاسلامية و العربيةفإن اكتشاف الحقيقة التي توصل اليها العالمان البروفسيور عبد الله الطيب و البروفسيور حسن الفاتح قريب الله المدعمة بالوثائق و الوقائع بأن هجرة صحابة الرسول رضوان الله عليهم أجمعين كانت منطقيا و جغرافيا و تاريخيا الي السودان الحالي والذي هو ضمن نطاق مملكة أكسوم و التي تعرف في البلاد العربية بالحبشة , ولم تكن الهجرة الي ما يعرف اليوم بأثيوبيا . هذا الكشف الكبير جعل للسودان مكانة تأريخيه و دينية سامقة و جعلت له شأنا لدي العرب و المسلمين والعالم بأثره .
و الفنون تعد أيضا من القوة الناعمة لما لها من دور مهم في تعزيز التواصل بين الثقافات، في جميع انحاء العالم حيث أن الفن لغة عالمية تقوم بكسر أي حواجز ثقافية موجودة و تتجلّى أهمية الفن في تعميق مشاعر الفخر والاعتزاز لدى الأفراد فيما يتعلّق بتاريخ أمّتهم، وغنى ثقافتهم، وسموّ مكانة ما تركوه من إرث حضاريّ يُعبّر عنهم فبعد ان قوي سلطان حضارة كوش و مروي أثرت في من حولها في الفنون الاوربية والاسيوية حتي لقد نقل الصناع الأوربيون كثيرا من الحروف المروية و استخدموها في الزخرفة كما قلدوا اشكال الأواني المعدنية والفخارية التي كان الكوشيون يصنعونها علي هيئات طيور و حيوانات صغيرة واشجار و غيرها, كذلك انتقلت صناعة النسيج و طرق الحديد والمعادن والحلي الي كثير من أنحاء المعمورة كعمليات تبادل ثقافي . و في جانب الغناء و الكلام الملحون فان الغناء السوداني قد بدأ منذ التاريخ القديم لحضارات النوبة بممالكها المختلفة ويستند الغناء في السودان على موروث ثر مستمد من الغناء الشعبي والديني الصوفي (المديح ) ومع مرور الزمن امتزجت الثقافة الأفريقية القديمة مع العربية المستحدثة حين ذاك، وكانت البداية لنشوء ما يُعرف الآن بثقافة الوسط وتكون الدولة السودانية الحديثة ليظهر الفن السوداني الخاص الذي يعبر عن وجدان شعبه ويعكس تنوع بيئاته و من ثم انتقل و أثر في كثير من البلدان العربية والأفريقية . كذلك انتشر لبس الثوب السوداني النسائي و الجلابية الرجالية في البلاد المجاورة كأثر للقوة الناعمة لما للبس السوداني من جمال و جاذبية .
أما أهم ما يميز الفرد السوداني و ثقافته في بلدان الخليج بعد نموء ظاهرة الاغتراب وتعد من أسلحة القوة الناعمة عظيمة التأثير فتتمثل في جملة من الخصائص و الميزات التي يتحلى بها الفرد السوداني علي الأقل في نظر الآخرين . فنظرة المجتمع الخليجي الي الفرد السوداني الذي يمثل بلاده و ثقافتها تقوم علي الأكبار و التقدير لأن الفرق بينهم والمجتمعات المغتربة الأخرى يكمن في أنماط السلوك والممارسة التي تشكلت وترسخت عبر سنين من التربية والثقافة في مجتمعنا السوداني . فعند تحليل سلوك الناس في مجتمع معين تجد أن الغالبية ينظرون للمبادئ التالية و علي رأسها باقة من الأخلاقيات والخصائص التي سماها أحد الباحثين الخليجين ( بالمتلازمة السودانية )- و منها الوفاء و الأمانة والمحافظة وعدم افشاء الاسرار و الكرم والشهامة و المرؤة و نظافة اللسان و التأدب فالمعلم السوداني والطبيب و السائق و الطاهي و الحارس و المحاسب و المزارع و الراعي و الحرفي مفضل علي جميع رصفائه من الجنسيات و المجتمعات الأخرى وجميع هذه السمات المميزة للشخصية السودانية تندرج و بالضرورة ضمن مفهوم القوة الناعمة و تعد من المظاهر الجاذبة و اتساع مدي القبول لدي الآخر وهي صفات و خصال و خصائص يمتلكها الفرد السوداني خلال رحلته التاريخية والثقافية ولازمته أيضا في بحثه عن الحياة الافضل في مهاجره و اغترابه و منافيه .  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: القوة الناعمة

إقرأ أيضاً:

السلطات السودانية تدق ناقوس الخطر بسبب ارتفاع عدد ضحايا الكوليرا.. ماذا يحصل؟

أعلنت السلطات السودانية، الثلاثاء، عن ارتفاع حصيلة ضحايا وباء "الكوليرا" إلى أكثر من 1407 حالات وفاة، وذلك منذ آب/ أغسطس 2024. فيما أكدت وزارة الصحة السودانية، تسجيل 11 إصابة جديدة بوباء الكوليرا أمس الاثنين، بينها حالتا وفاة. وهو ما دقّ ناقوس الخطر بقلب البلد الذي يعاني سلفا من أزمات متتالية.

وعبر بيان لها، أوضحت وزارة الصحة السودانية: "ارتفع عدد الإصابات بالكوليرا إلى 52 ألف و517، بينها 1407 حالات وفاة".

وأبرزت أن "التدخلات لمكافحة الكوليرا أدت إلى انحسار معدل الإصابة والدخول بالمرض لمراكز العزل في أغلب الولايات عدا ولايتي القضارف (شرق) والنيل الأبيض (شمال)".

هنا السودان المعاناة المنسية المجاعة الاسوء على مستوى العالم في السودان
يوميا وفيات للأطفال بسبب المجاعة
لا يقتصر الأمر على ذلك وانتشار الاوبئة بسبب شرب مياه المستنقعات التي تسبب الملاريا وحمى الضنك
pic.twitter.com/8TNftd6RAB — Wolverine (@Wolveri07681751) December 19, 2024
الكوليرا..  وباءً في البلاد
مع استمرار المعاناة التي يكابدها السودانيون، جرّاء الحرب المتواصلة بين الجيش السوداني و"قوات الدعم السريع" منذ منتصف نيسان/ أبريل 2023، أدّت لأكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية. أعلنت السلطات السودانية في 12 أغسطس الماضي، الكوليرا وباءً في البلاد. 

آنذاك، قال وزير الصحة السوداني، هيثم إبراهيم: "نعلن أن هناك وباء الكوليرا في السودان، نتيجة للأوضاع البيئية والماء غير الصالح للشرب في عدد من المواقع"، مبرزا أن القرار قد اتّخذ "بحضور كل المعنيين على المستوى الاتحادي ووزارة الصحة في ولاية كسلا ووكالات الأمم المتحدة وعدد من الخبراء، بعد عزل المايكروب خلال الفحص المعملي، وثبت أنه كوليرا".


وأشار إبراهيم إلى أنّ: "ولايتي كسلا والقضارف بشرق السودان هما الأكثر تضررا من الوباء"، من دون أن يحدد عدد الحالات التي تم رصدها. فيما دعت السلطات في ولاية كسلا، التي تبعد حوالي 480 كلم شرق العاصمة الخرطوم، وهي المتضررة بشكل خاص، المجتمع الدولي، إلى تقديم مساعدات "عاجلة" و"فورية".

وفي السياق نفسه، تداول عدد متسارع من رواد مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، صورا ومقاطع فيديو توثق لتحول مستشفى كسلا الرئيسي، إلى ما وصفوه بـ"مستنقع من مياه الصرف الصحي التي أغرقت جناح الطوارئ بالكامل منذ يومين، ما تسبّب في إغلاق الجناح وترك المرضى في ظلام دامس، يعتمدون على الهواتف المحمولة لتلقي الإسعافات الأولية".

انتشار #حمى_الضنك في #السودان يزيد الوضع الصحي سوءاً، مع استقبال مستشفى كسلا لعشرات الحالات يومياً. #الاوبئة_تفتك_بالسودان #الصحة_العامة pic.twitter.com/CjrbxXfIsh — شريف عثمان (@shiryff) October 24, 2024
تجدر الإشارة إلى أن "الكوليرا" تعتبر عدوى إسهالية حادّة تنتج من تناول طعام أو ماء ملوث ببكتيريا ضمة الكوليرا. ويتسبب المرض بالإسهال والجفاف الشديد الذي قد يؤدي إلى الوفاة خلال ساعات فقط.

إلى ذلك، قالت المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية، حنان بلخي، إنّ: "الحرب في السودان قد تزهق أرواحًا لا حصر لها إذا لم يتم اتخاذ إجراءات فورية لوقفها". مؤكدة أنّ: "الأطفال والأمهات يموتون بسبب سوء التغذية ونقص الرعاية الصحية، في ظل انتشار الأوبئة وعرقلة الجهود الإنسانية".

مقالات مشابهة

  • السلطات السودانية تدق ناقوس الخطر بسبب ارتفاع عدد ضحايا الكوليرا.. ماذا يحصل؟
  • السلمية: قوة المستقبل.. ثورة ديسمبر السودانية نموذجاً
  • بين القوة الناعمة وساحات المعارك.. نساء حكمن العالم
  • هل تستغل جوبا الأزمة السودانية لفرض واقع جديد في أبيي؟
  • بابا الفاتيكان يحث الأطراف السودانية على بدء مفاوضات لتحقيق السلام
  • الصحة العالمية: 70 قتيلا في الهجوم على المشفى في مدينة الفاشر السودانية  
  • حسام هيبة: 240 مليون دولار الاستثمارات السودانية في مصر
  • الإمارات تُدين بشدة استهداف المستشفى السعودي في الفاشر السودانية
  • هيئة الاستثمار: المناطق الحرة في جنوب مصر تحقق ميزة تنافسية للصناعات السودانية
  • السوداني يثمن الجهود التي أمّنت وسهّلت مراسم إحياء ذكرى استشهاد الامام الكاظم