المتلازمة السودانية والقوة الناعمة
تاريخ النشر: 8th, July 2024 GMT
المغيرة التجاني علي
Mugheira88@gmail.com
يرجع شيوع مصطلح القوة الناعمة الي أستاد العلوم السياسية بجامعة هارفارد و مساعد وزير الدفاع الأمريكي بيل كلنتون لاحقا جوزيف صموئيل ناي و قد عرفها / القوة الناعمة / بأنها القدرة علي تحقيق الأهداف المنشودة عن طريق الجاذبية و السحر والإقناع للتأثير في سلوك الآخر عبر الجذب و الاحتواء و ليس بمعني مفهوم القوة القائم علي الجبر و الاكراه.
كانت بلاد السودان و منذ العصور القديمة منطقة تلاقي و ساحة للتفاعل بين التقاليد الثقافية لأفريقيا و منطقة الشرق الأوسط و آسيه. ليس ذلك فحسب, بل أن كثيرا من علماء الأنثروبولوجي يعدون بلاد السودان أصل البشر و يستشهدون بجمجمة الجدة لوسي التي تم اكتشافها و اعتبارها أصلا لسلالة الجنس البشري في أواسط ستينيات القرن الماضي مما جعل السودان قبلة للباحثين والعلماء و صار من بعد منطقة جذب سياحي و كشفي من جميع الأجناس . و في البلاد الاسلامية و العربيةفإن اكتشاف الحقيقة التي توصل اليها العالمان البروفسيور عبد الله الطيب و البروفسيور حسن الفاتح قريب الله المدعمة بالوثائق و الوقائع بأن هجرة صحابة الرسول رضوان الله عليهم أجمعين كانت منطقيا و جغرافيا و تاريخيا الي السودان الحالي والذي هو ضمن نطاق مملكة أكسوم و التي تعرف في البلاد العربية بالحبشة , ولم تكن الهجرة الي ما يعرف اليوم بأثيوبيا . هذا الكشف الكبير جعل للسودان مكانة تأريخيه و دينية سامقة و جعلت له شأنا لدي العرب و المسلمين والعالم بأثره .
و الفنون تعد أيضا من القوة الناعمة لما لها من دور مهم في تعزيز التواصل بين الثقافات، في جميع انحاء العالم حيث أن الفن لغة عالمية تقوم بكسر أي حواجز ثقافية موجودة و تتجلّى أهمية الفن في تعميق مشاعر الفخر والاعتزاز لدى الأفراد فيما يتعلّق بتاريخ أمّتهم، وغنى ثقافتهم، وسموّ مكانة ما تركوه من إرث حضاريّ يُعبّر عنهم فبعد ان قوي سلطان حضارة كوش و مروي أثرت في من حولها في الفنون الاوربية والاسيوية حتي لقد نقل الصناع الأوربيون كثيرا من الحروف المروية و استخدموها في الزخرفة كما قلدوا اشكال الأواني المعدنية والفخارية التي كان الكوشيون يصنعونها علي هيئات طيور و حيوانات صغيرة واشجار و غيرها, كذلك انتقلت صناعة النسيج و طرق الحديد والمعادن والحلي الي كثير من أنحاء المعمورة كعمليات تبادل ثقافي . و في جانب الغناء و الكلام الملحون فان الغناء السوداني قد بدأ منذ التاريخ القديم لحضارات النوبة بممالكها المختلفة ويستند الغناء في السودان على موروث ثر مستمد من الغناء الشعبي والديني الصوفي (المديح ) ومع مرور الزمن امتزجت الثقافة الأفريقية القديمة مع العربية المستحدثة حين ذاك، وكانت البداية لنشوء ما يُعرف الآن بثقافة الوسط وتكون الدولة السودانية الحديثة ليظهر الفن السوداني الخاص الذي يعبر عن وجدان شعبه ويعكس تنوع بيئاته و من ثم انتقل و أثر في كثير من البلدان العربية والأفريقية . كذلك انتشر لبس الثوب السوداني النسائي و الجلابية الرجالية في البلاد المجاورة كأثر للقوة الناعمة لما للبس السوداني من جمال و جاذبية .
أما أهم ما يميز الفرد السوداني و ثقافته في بلدان الخليج بعد نموء ظاهرة الاغتراب وتعد من أسلحة القوة الناعمة عظيمة التأثير فتتمثل في جملة من الخصائص و الميزات التي يتحلى بها الفرد السوداني علي الأقل في نظر الآخرين . فنظرة المجتمع الخليجي الي الفرد السوداني الذي يمثل بلاده و ثقافتها تقوم علي الأكبار و التقدير لأن الفرق بينهم والمجتمعات المغتربة الأخرى يكمن في أنماط السلوك والممارسة التي تشكلت وترسخت عبر سنين من التربية والثقافة في مجتمعنا السوداني . فعند تحليل سلوك الناس في مجتمع معين تجد أن الغالبية ينظرون للمبادئ التالية و علي رأسها باقة من الأخلاقيات والخصائص التي سماها أحد الباحثين الخليجين ( بالمتلازمة السودانية )- و منها الوفاء و الأمانة والمحافظة وعدم افشاء الاسرار و الكرم والشهامة و المرؤة و نظافة اللسان و التأدب فالمعلم السوداني والطبيب و السائق و الطاهي و الحارس و المحاسب و المزارع و الراعي و الحرفي مفضل علي جميع رصفائه من الجنسيات و المجتمعات الأخرى وجميع هذه السمات المميزة للشخصية السودانية تندرج و بالضرورة ضمن مفهوم القوة الناعمة و تعد من المظاهر الجاذبة و اتساع مدي القبول لدي الآخر وهي صفات و خصال و خصائص يمتلكها الفرد السوداني خلال رحلته التاريخية والثقافية ولازمته أيضا في بحثه عن الحياة الافضل في مهاجره و اغترابه و منافيه .
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: القوة الناعمة
إقرأ أيضاً:
وزارة الخارجية السودانية: سيظل حرمان أبنائنا من الجلوس لإمتحانات الشهادة السودانية نقطة سوداء في سجل السلطات التشادي
وزارة الخارجية السودانية:– بذلنا كل الجهود الممكنة بالتواصل مع الخارجية التشادية ومفوضية اللاجئين لإقناع السلطات التشادية بإقامة الامتحانات حتى لا يتضرر الطلاب بسبب التقديرات السياسية الخاطئة، لكن دون جدوى– يأتي هذا الموقف امتداداً لنهج السلطات التشادية العدائي من السودان، إذ ظلت تقدم كل أنواع الدعم للمليشيا خدمة لأجندة رعاتها الإقليميين– إن حرمان الطلاب الأبرياء من حق التعليم وتهديد مستقبلهم يمثل خرقاً واضحاً لأحد مبادئ حقوق الإنسان الأساسية التي نصت عليها القانون الدولي– سيظل حرمان أبنائنا من الجلوس لإمتحانات الشهادة السودانية نقطة سوداء في سجل السلطات التشادي وسياستها العدوانية تجاه الشعب السوداني.الجزيرة – السودان إنضم لقناة النيلين على واتساب