سودانايل:
2024-10-06@09:08:23 GMT

لماذا يُهزم الجيش؟.. إلى ماذا أفضى الحياد؟

تاريخ النشر: 8th, July 2024 GMT

أحمد ضحية
(1-5): مشكلة الجيش السوداني بالطريقة التي أُفتضح بها أمره على الملأ الآن، تقع في قلب أزمة السودان التاريخية. خصوصاً فيما يخص الفشل المزمن في إدارة التنوع وتحقيق المواطنة.
وبصرف النظر عن العوامل الإقليمية والدولية في انفجار واستمرار هذه الحرب حتى الآن، تظل العناصر المحلية للأزمة هي الأساس والجوهري، الذي يجب أن نوليه الاهتمام أكثر من غيره.


ولو تأملنا بطريقة موضوعية كمراقبين لوقائع هذه الحرب منذ بدايتها، لن تُدهشنا هزائم الجيش في الأقاليم السودانية، أو انسحاباته في المناطق الحدودية إلى دول الجوار. فما حدث ويحدث هو نتيجة تدمير ممنهج للمهنية باختراق القوى العقائدية والشمولية للجيش وتسيسه، ونتيجة لانهاك الحروب الداخلية الطويلة. وكذلك الاستعانة بالميليشيات طوال الأنظمة المتعاقبة منذ عهد الفريق عبود (58-1964).
وعلى هذه الخلفية يمكننا أن نجد تفسيراً لطرح حزب الأمة لمشروع ميليشيات (الدفاع الشعبي) في أواخر عهد الديمقراطية الثالثة (85-1989)، والذي لم تجيزه الجمعية التأسيسية وقتها، فبقي حبيس الأدراج إلى أن نفضت الحركة الاسلاموية الغبار عنه في عقابيل انقلاب الترابي-البشير (1989)، ومن ثم إعلان الإسلامويين الجهاد ضد القوى السياسية والمدنية المناوئة لهم وضد الجنوب، جنوب النيل الأزرق، جنوب كردفان ودارفور.
وفي الوقت نفسه كانت الحركة الإسلاموية منذ انقلابها في 30 يونيو 1989 قد عمدت إلى إحالة آلاف الضباط غير الموالين لها إلى الصالح العام، ومضت في تقعيد مشروعها الكارثي، بأسلمة بقايا الجيش، وصناعة الكتائب والميليشيات الجهادية الموازية. لمقابلة الحاجة لمقاتلين ضد المناطق المهمشة، موسعةً بذلك رقعة الحرب في هذه المناطق، التي اعتبرتها ديار حرب وجهاد ورباط في سبيل الله!
وهكذا، مشكلة عدم وجود أعداد كافية ومؤهلة من مقاتلين الجيش النظامي، خصوصاً (المشاة) أدت محاولة حلها بطرق غير نظامية بتكوين ميليشيات صديقة للجيش، إلى أن تصبح هذه الحلول بمرور الوقت مشكلة أكبر من المشكلة الأساسية!

(2-5): في الحرب الدائرة الآن إذا أضفنا انهيار الروح المعنوية عند المقاتلين النظاميين، وحاولنا البحث عن تفسير، يتضح أن صغار الضباط والجنود أدركوا على عهد النظام الاسلاموي، أنهم لا يقاتلون من أجل وطن، وإنما من أجل شرذمة من الضباط الاسلامويين الفاسدين، الذين زكمت رائحة فسادهم مقرات الألوية والفرق العسكرية والمكاتب السيادية، وفاضت حتى أصبح القاصي والداني يعلم بشأن تفرغهم للتجارة وإدارة الشركات وشبكات تهريب الموارد، على حساب المهنة العسكرية والعقيدة الوطنية، واستغلالهم للسلطة والنفوذ في مجالات البيزنس المشروع وغير المشروع، على حساب الاقتصاد الوطني والتنمية، وكل ذلك يتم تحت غطاء الدين والتدين الذي ابتذلته الحركة الاسلاموية!

(3-5): من جهة أخرى وعود إلى البدء، نجد أن كل الجنرالات الذين تعاقبوا على قيادة الجيش، كانوا يدركون المشكلات البنيوية للجيش و يمتلكون المعرفة والمعلومات الكافية لإعادة تأهيله وبنائه على أسس قومية تعكس تنوع السودان، لكن لم يفعلوا!
فقد كانوا باستمرار يختارون على ضوء ايديولوجياتهم الحزبية الضيقة الحلول السهلة، كالترميز التضليلي لبعض المهمشين بجعلهم قادة كبار في جيش مشوه ذا تكوين غير قومي، أو بصناعة الميليشيات بالطريقة نفسها التي تتم بها صناعة عشرات الأحزاب والتنظيمات الكرتونية والتحالفات والحركات المسلحة، كأحزاب التوالي وقوى وتحالفات (النظام الخالف) الذي لم تكتب له الولادة كالتيار الإسلامي العريض والكتلة الديمقراطية وعشرات الحركات والقوى والتحالفات المصنوعة!
وبطبيعة الحال ظل المواطن مغيب تماماً عن الحقائق. فظل ينظر للجيش بوجدان الأغاني الحماسية وأغنيات الحقيبة وجلالات "الطالب الحربي اللابس البوريه".
ولذلك حتى الآن لم يفهم الأسباب الجوهرية التي أدت إلى هزائم الجيش في المعارك، أو انسحابه سواء إلى مدن سودانية أخرى غير التي تسقط بيد قوات الدعم السريع، أو الانسحاب من حاميات حدودية كأم دافوق والميرم والجنينة، إلخ.. إلى دول الجوار (تشاد، افريقيا الوسطى ودولة الجنوب).

(4-5): برهان تاريخياً منذ الإطاحة بابن عوف وحتى هذه اللحظة سواء عن رغبة أو رهبة (!) ظل يتبنى موقف الحركة الاسلاموية، وانعكس ذلك بوضوح منذ الفترة الانتقالية مراراً وتكراراً، في خطاباته التي ظل يدعو فيها إلى "حوار لا يستثني أو يقصي أحداً" —يقصد بأحدٍ هنا الحركة الإسلاموية— كما انعكس مؤخراً بعد سقوط سنجة على خطاب لاءاته الرافضة لكل شئ عدا الاستمرار في الحرب، باعتباره ملتزماً بخط الحركة الاسلاموية، وحامياً لمصالحها المتشابكة مع مصالحه ومصالح حلفائه الذين يقاتلون معه ضد قوات الدعم السريع، من موقعه كرئيس الحكومة وقائد الجيش، و رئيس لمالك عقار (نائبه) و رئيس لمناوي (حاكم أكبر وأهم أقاليم السودان) ولجبريل (وزير ماليته). وفي الحقيقة جبريل أيضا هو بمثابة رئيس وزرائه بل هو بمثابة كل الوزراء في (حكومة برهان) (!).
بما أن هؤلاء الثلاثة هم أعضاء (حكومة برهان ومرؤوسيه) وحلفائه وقد (شاركوا) في مؤتمر القاهرة الأخير (7 يوليو 2024) فيما ظل هو (يرفض) التفاوض!! كان متوقعا عدم امكانية هؤلاء تبني موقف يختلف عن موقف رئيسهم، أي موقف الحركة الاسلاموية! في مؤتمر يفترض أنه معني بالحوار والتفاوض لإيقاف الحرب؟
بل حتى إذا كان بإمكانهم تبني موقف لصالح وقف الحرب، أثبت الواقع العملي بانسحابهم قُبيل التوقيع على البيان الختامي بقليل، عجزهم التام عن فرض موقفهم على البرهان وحزبه —حسب تصريحاتهم قُبيل وأثناء المؤتمر— كدعاة لوقف الحرب!

(5-5): على ضوء النتائج التي ترتبت وتترتب —أيا كانت— على مؤتمر القاهرة يجب أن لا تغفل القوى السياسية والمدنية على وجه الخصوص سؤال نفسها سؤالاً غاية في الأهمية: إلى ماذا أفضى موقف الحياد الذي اتخذته منذ اندلاع الحرب حتى الآن؟
ولو اتخذت القوى المناهضة للحرب موقفاً غير محايداً منذ البداية هل كانت النتيجة من حيث الكُلفة الإنسانية وتطاول أمد الحرب وتدمير البنية التحتية ستكون مختلفة؟
وكيف بإمكان هذه القوى استثمار نتائج هذا المؤتمر لدعم وحدة السودان وعدم مكافأة فلول النظام البائد على جرائمهم في ظل هذا المشهد السياسي المعقد؟
#درب_جدة_للحول_قريب
#لازم_تقيف

ahmeddhahia@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

لماذا تعلوا أصوات الحرب على السلام في السودان ؟

 

تشهد منصات التواصل الاجتماعي في السودان منذ إندلاع الحرب انقسامات حادة تزايدت وتيرتها، و في الفترة الأخيرة أصبحت الأصوات الداعمة لاستمرار الحرب والمروجة لخطاب الكراهية أكثر بروزا من تلك التي تنادي بالسلام ما يعني تصاعد خطاب العنف وأنه يمكن أن يكون عاملا رئيسيا في إطالة أمد الصراع الذي اندلع في منتصف أبريل من العام الماضي وأسفر عن آلاف الضحايا بين قتلى وجرحى ونازحين ولاجئين.

التغيير – فتح الرحمن حمودة

ورغم مرارة الحرب وتزايد تعقيداتها اليومية لا تزال آمال السلام تراود السودانيين الذين يحلمون بالعودة إلى تحقيق شعارات ثورتهم المجيدة ولكن الأصوات المناهضة للحرب تبدو خافتة مقارنة بتلك التي تروج لاستمرار القتال ما يعكس حالة استقطاب حادة في المجتمع.

المواطن عوض أزرق يشير إلى أن الدعوات الشعبية لوقف الحرب موجودة لكنها أصبحت أقلية بسبب الاستقطاب الحاد والدعوات الواسعة لاستمرار القتال ضد قوات الدعم السريع.

قال أزرق في حديثه لــ «التغيير» إن مناخ البلاد الآن يميل نحو الحرب نتيجة للشعور بالغضب من الجرائم التي ارتكبتها قوات الدعم السريع مما جعل الأصوات التي تسعى إلى السلام غير مسموعة.

من جانبه يرى أحمد علي إن ضعف الحراك الشعبي الداعي للسلام يعود إلى عمليات التجييش المتواصلة من الطرفين مما أثر سلبا على قدرة تلك الأصوات في الوصول إلى العامة حيث بات يتم تخوينها من كلا الجانبين.

كما اشار في حديثه لـ «التغيير» إلى أن الظروف الاقتصادية والصحية السيئة التي خلفتها الحرب دفعت الكثيرين للتركيز على معيشتهم بدلا من الاهتمام بوقف الحرب.

و يشهد السودان ارتفاعا في عمليات تسليح المدنيين من قبل الأطراف المتصارعة خاصة من الجيش الذي قام بتسليح مجموعات كبيرة من المدنيين بما في ذلك كتائب البراء التابعة للحركة الإسلامية والتي تقاتل الآن في صفوفه و يعكس هذا التصعيد تزايد العنف وسط المدنيين وتحول الصراع إلى حروب أهلية صغيرة تحت غطاء المقاومة الشعبية.

و تقول الناشطة النسوية حنان بحر  لـ «التغيير» إن هناك غياب للتظاهرات السلمية بعد اندلاع الحرب لكنها تؤكد أن هذا لا يعني تراجع أهداف الثورة بل أن الظروف القمعية جعلت التظاهر السلمي أكثر خطورة.

ومع ذلك ترى حنان أن الحراك السلمي لا يزال قائما من خلال العمل في غرف الطوارئ والمبادرات النسوية والشبابية التي تعمل جاهدة لوقف الحرب.

و اعتبرت أن الأصوات المؤيدة لاستمرار الحرب أصبحت أمرا طبيعيا في ظل وجود مجموعات تسعى للحفاظ على مصالحها وسلطتها مشيرة إلى أن الشعب السوداني سيواصل التمسك بأهداف ثورته حتى تتوقف الحرب وتتحقق العدالة.

ومنذ اندلاع الحرب لم يتوقف الثوار عن النضال بل تحولوا إلى تقديم المساعدة للسكان في مناطق الصراع من خلال غرف الطوارئ التي لا تزال تعمل على تقديم الدعم والمساعدة رغم الظروف الصعبة.

أما محمد أحمد، فيرى أن غياب التظاهرات السلمية في ظل الحرب الداخلية أمر متوقع لكنه يشير إلى أن الحراك المدني خارج السودان منقسم بين مجتمع مدني وسياسي مما يجعل تأثيره محدودا.

و قال لـ «التغيير» إن غياب أصوات السلام يعود إلى عدم تنظيم المجتمع المدني نفسه بشكل جيد لمواجهة الحرب بالإضافة إلى شعور الكثيرين بضرورة الدفاع عن أنفسهم في ظل الخسائر الفادحة التي لحقت بهم.

وأدت الحرب إلى تشريد آلاف المدنيين بمن فيهم النشطاء و المهتمين بالعمل العام الذين ما زالوا يعملون على إيقاف الحرب كما انخرط العديد منهم في دعم غرف الطوارئ في مناطق الصراع داخل البلاد .

و تقول الناشطة السياسية إجلال آدم  لـ «التغيير» إنها ترى أن الأصوات الداعية لاستمرار الحرب تتزايد يوميا مما جعلها تتفوق على الأصوات المنادية بالسلام.

ونوهت إلى أن هذه الأصوات تمكنت من اختطاف القرار من القوات المسلحة مما أدى إلى فشل جميع الجهود التي كانت تهدف إلى وقف الحرب.

ونبهت إجلال إلى أن رفع أصوات السلام يتطلب توحيد صفوف المجتمع المدني والقوى السياسية بمختلف أطيافها والعمل الجماعي لمناهضة تلك الأصوات التي تسعى إلى تدمير البلاد عبر استمرار الحرب.

و أصبحت الحملات المؤيدة لاستمرار الحرب على مواقع التواصل الاجتماعي الصوت الأعلى وربما تقودها جهات خارجية متخصصة في تصدير خطاب الكراهية والعنصرية وسط السودانيين.

أما الناشط السياسي موسى إدريس فيشير إلى وجود حملات حالية على مواقع التواصل الاجتماعي تطالب بوقف إطلاق النار لكنها تفتقر إلى التنظيم والتنسيق الفعال ويرى أن ضعف الحراك المدني على أرض الواقع يعود إلى عدم تقارب وجهات النظر بين القوى الفاعلة.

وقال في حديثه لـ «التغيير» إن غياب صوت السلام يعود إلى عدم وجود استراتيجية إقليمية ودولية واضحة لوقف الحرب مشيرا إلى أن محاولات الوساطة حتى الآن لم تسفر عن أي نتائج ملموسة مؤكدا أن تحقيق السلام يتطلب حداً أدنى من التوافق بين الأطراف المتصارعة ودعما دوليا وإقليميا جادا .

و مع اندلاع الحرب في أبريل من العام الماضي وسط مخاوف متزايدة من انزلاق البلاد نحو الفوضى الشاملة والحرب الأهلية وما قد يترتب عليها من تأثيرات سلبية على دول الجوار والمنطقة بأسرهها ظهرت عدة مبادرات دولية وإقليمية سعت إلى إيجاد حلول لوقف الصراع المستمر لكن جهودها لم تحقق النتائج المرجوة مما زاد من تعقيد المشهد السياسي والأمني.

و كانت قد تصدرت مبادرة منبر جدة قائمة المبادرات الرامية إلى إنهاء الحرب بوساطة سعودية أمريكية إلى جانب مبادرات أخرى مثل مبادرة منظمة إيغاد الاتحاد الأفريقي و المبادرة الإثيوبية مبادرة الجامعة العربية ومبادرات القوى المدنية و لم تتمكن أي منها حتى الآن من تحقيق اختراق ملموس في مسار وقف الصراع.

و على الرغم من أن أصوات دعم الحرب التي تهدف إلى إطالة أمد الحرب عبر تصدير خطابات الكراهية والعنصرية بين السودانيين هي الصوت الأعلى إلا أنه يبقى الأمل معقودا على توحيد الصفوف وسط الأصوات التى تنادي بالسلام لإعادة بناء الدولة وتحقيق السلام المنشود.

الوسوماستمرار الحرب الحرب السلام خطاب الكرهية

مقالات مشابهة

  • عدد الجرحى تجاوز الـ 10 آلاف.. ماذا عن المستشفيات التي خرجت عن الخدمة؟
  • لماذا تعلوا أصوات الحرب على السلام في السودان ؟
  • لماذا يدعم بعض الوطنيين الجيش المختطف بواسطة مليشيا الحركة الإسلامية؟ وما مدى مصداقية هذه الحجج في الواقع؟
  • شاهد بالصور.. لماذا تحولت جسور الخرطوم إلى مفتاح للحسم العسكري بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع؟
  • هيئة الطرق: الطريق الساحلي السريع أحد أهم الطرق الرئيسية بمنطقة جازان التي أسهمت في دعم الحركة السياحية
  • "لماذا نحن؟".. حزن جماعي يخيّم على لبنان
  • ما الذي يدفع مثقفين تقدميين لدعم جيش الحركة الإسلامية ..!!؟؟ محاولات للفهم ..
  • لماذا تتبخر أجساد الشهداء في غزة ؟
  • الحركة الاسلامية السودانية وتفكيك الجيش القومي السابق والمؤسسة العسكرية السودانية
  • بيان جديد لحزب الله عن العبوات التي استهدفت الجيش الاسرائيلي.. هذا ما جاء فيه