زين العابدين صالح عبد الرحمن
أن اقرب حدث سياسي يبين غياب دور قيادات الأحزاب هو مؤتمر القاهرة لحوار القوى المدنية السودانية. تجد أن النخب المستقلة؛ إذا كانت داخل دائرة التحالفات، أو النخب التي تضع نفسها في خانة "الوسطية" كقوى محايدة هي الآن التي تقدم الأفكار و الرؤى و تطرح الأجندة للمؤتمرات و غيرها..
معروف أن الأفكار التي كانت تحرك الفعل السياسي بعد انقلاب 25 أكتوبر 2021م، ليست هي الأحزاب السياسية أنما كانت عدد من المراكز الأخرى مثل "البعثة الأممية بقيادة فوكلر- الرباعية و الثلاثية إلي جانب مجهودات الاتحاد الأوروبي" هذه المراكز هي التي كانت تجري الاتصالات مع القوى السياسية، و تقدم الأفكار و الأجندة بهدف تفعيل الساحة السياسية في جانب، و في الجانب الأخر فشلت الأحزاب أن تدير الإزمة بحنكة لكي تصل لتفاهمات فيما بينها.. كانت بعض الأحزاب هدفها الوصول للسلطة دون أن تقدم رؤية لكيفية الوصول، كان أملها أن المراكز الأجنبية هي تصبح رافعتها للسلطة، و كان هناك البعض الرافض لكل شيء دون أن يعلل اسباب الرفض، و هناك البعض الذي يريد أن يقدم إثبات وجود فقط.. و أخرين يريدون العودة بقوة للساحة السياسية، لكن الكل فشل في تهيئة البيئة من أجل قبول حوار الرؤى الأخرى، رغم الكل كان رفعا شعارات الديمقراطية..
السؤال لماذا فشلت قيادات الأحزاب أن تقوم بمهمة إدارة الأزمة بعد الحرب، و خاصة بعد خروجها خارج البلاد؟
عندما خرجت القيادات السياسية و خاصة " قحت المركزي" و بعد شهور من الخروج، و أيضا فشلت أن تقدم افكار تحرك بها الساحة السياسية، تدخل السفير البريطاني الذي طلب من " قحت المركزي" أن تذهب للقاهرة و تعقد مؤتمرها و تفتح حوارا مع الأخرين، خاصة أن الحراك السياسي أصبح في القاهرة فاعلا، و جاءت وعقدت مؤتمرها و أصدرت بيانها دون أن تفتح أي حوار مع الآخرين.. هذا كان الدافع من قبل الداعم الخارجي.. الذي وصل لقناعة أن هذه القيادات السياسية قد اسنفدت ما عندها و لا تستطيع أن تدير الإزمة بالصورة المطلوب، أما بسبب ضعف قدراتها أو لقلة خبراتها، و أصبحت غير مصدر أجماع في الشارع السوداني.. لذلك جاءت فكرة " تقدم" أن تقدم فيها قيادات جديدة و تتراجع قيادات الأحزاب لتكون مكملة فقط لبرواز الصورة. و الورش و اللقاءات التي تمت في فرنسا و سويسرا و حتى في مصر تم الاستعانة بعدد من القيادات المستقلة التي تقف موقفا محايدا بعيدا عن الانتماء السياسي الفاعل أمثال " الدكتور مضوي إبراهيم والدكتور الشفيع خضر و الدكتور خالد التجاني و الدكتور الواثق كمير و و المحبوب عبد السلام و عيدروس و حتى دكتور عبد الله حمدوك إلي جانب رؤساء الحركات مالك عقار و مني اركو و الدكتور جبريل و غيرهم.. هؤلاء هم الذين كانوا بارزين في إدارة مؤتمر القاهرة و كانوا هم المركز الذي يضخ الأفكار و تقديم الأجندة و صياغة البيانات و غيرها و قيادات الأحزاب تكمل الصورة فقط..
ما هي الأسباب التي أدت لضعف قيادات الأحزاب، و تراجعهم عن القيادة لكي يقوم بها المستقلين.. تعود المسألة لغياب الرؤى عند الأحزاب بعد نجاح ثورة ديسمبر 2018م، حيث قدمت أغلبية من العناصر ذات الخبرات السياسية و الإدارية المتواضعة لشغل وظائف دستورية في الحكومتين الأولى و الثانية، دون أن يكون هناك مشروعا مقدما من أي حزب، أو تحالف سياسي غير " إعلان الحرية و التغيير" الذي كان عبارة عن مباديء و موجهات فقط.. أن ضعف القيادات أثر حتى على ضعف الحراك السياسي الجماهيري في قيام الندوات و اليالي السياسية و غيرها.. و هذا الضعف ليس وليد الحظة أيضا له أسباب تعود لطول الفترة الشمولية، و أيضا لأسباب تعود لظاهرة الطلاب المستقلين و المحايدين التي ظهرت في الجامعات و هؤلاء يختلفون تماما عن الحركة الطلابية التي كانت سائدة قبلهم، و كان هدف هؤلاء أن يوقفوا الحراك الطلابي السياسي حتى لا يؤثر على استمرار العملية الأكاديمية، ثم تحولوا بعد فترة لقوى كبيرة يصارعوا بها الأخرين من أجل استلام الاتحاد.. هؤلاء لا تسندهم أي رؤى فكرية و مرجعيات نظرية فقط حالة الرفض و التعبئة لموقف الضد..
أن الضعف السياسي و الفكري الذي طال الحركة الطلابية في المؤسسات التعليمية له أثر سالب على الحراك السياسي وسط الخريجين، و ظل هذا الضعف الذي حدث للأحزاب بسبب حالة التشظي التي طالتها و الانقسامات و خروج العديد من الكوادر الناشطة و الفاعلة في المجالات الثقافية و الفكرية أثر على الأحزاب جميعها، و أيضا العناصر القادمة من الجامعات كانت رصيدا فاقدا الأهلية المطلوبة، و خاصة لإدارة دولة، هذه القدرات المتواضعة جعلت خاصة قيادات الأحزاب الجديدة التي أظهرتها الثورة تفتقد للمؤهلات المطلوبة لإدارة الدولة، و هؤلاء عندما فشلوا في إدارة الفترة الانتقالية بدأوا يبحثوا عن مبررات لهذا الفشل بدلا أن يقدموا نقدا موضوعيا لمعرفة الأسباب التي أدت إلي الفشل. لذلك كان لابد أن يتراجع دورها في إدارة الأزمة و الحرب لكي تظهر قيادات جديدة تعمل من أجل الوصول لحلول، لكن الحرب لها إفرازاتها و شروطها و سوف تظهر مع الأيام ... نسأل الله حسن البصيرة
zainsalih@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: قیادات الأحزاب من أجل دون أن
إقرأ أيضاً:
ثلاثة مزاعم أطلقها ترامب حول زيلينسكي والحرب الروسية الأوكرانية.. ما الذي تكشفه الأرقام؟
تصاعد الجدل هذا الأسبوع بعد تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن الحرب الروسية الأوكرانية، حيث وصف نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بـ"الديكتاتور"، ما أثار استياء القادة الأوروبيين.
وإثر ذلك، رد زيلينسكي عبر اتهام ترامب بالعيش في "فضاء من التضليل الإعلامي" الذي تخلقه روسيا، في تحول واضح عن نهج الإدارة الأمريكية السابقة بقيادة جو بايدن في دعم أوكرانيا.
ومع استمرار الجدل، عملت Euroverify على تفنيد الادعاءات التي أطلقها ترامب، حيث قامت بمراجعة الحقائق مسلطةً الضوء على مدى دقة تصريحاته وتأثيرها على السياسة الأمريكية تجاه الصراع المستمر منذ ثلاث سنوات.
في مؤتمره الصحفي الأربعاء، ادعى ترامب أن هناك "أحكامًا عرفية في أوكرانيا"، مضيفًا أن نسبة تأييد زيلينسكي لا تتجاوز 4%، لكن هذا الرقم لا يستند إلى أي استطلاعات رأي موثوقة، إذ تظهر الدراسات أن نسبة تأييد زيلينسكي ظلت تتجاوز الـ 50% بشكل مستمر.
فقد تم انتخاب زيلينسكي بطريقة ديمقراطية في أيار/مايو 2019، وحصل على 73% من الأصوات في الجولة الثانية. ومع بداية الغزو الروسي الشامل في شباط/فبراير 2022، فرضت أوكرانيا الأحكام العرفية، ما حال دون إجراء انتخابات وفقًا للدستور.
وأكد زيلينسكي مرارًا أن الانتخابات ستُعقد بعد الحرب، في الوقت الذي رفض فيه خصومه السياسيون إجراء انتخابات خلال الحرب. ووفقًا لاستطلاع أجراه معهد كييف الدولي لعلم الاجتماع في شباط/فبراير 2022، بلغت نسبة ثقة الأوكرانيين بزيلينسكي 57%، مقارنةً بـ 52% في كانون الأول/ديسمبر. كما أظهر استطلاع آخر أن نسبة تأييده في أوكرانيا بلغت 63%.
وفيما يتعلق بانطباع الأوكرانيين عنه، وصفه 74% منهم بأنه وطني، و73% بأنه قائد ذكي ومطلع، و65% بأنه شخصية قوية تقود البلاد في زمن الحرب.
وأكدت الباحثة في العلوم السياسية أولغا أونوش، أن نشر معلومات مضللة حول شرعية زيلينسكي يعزز الدعاية الروسية ويقوض حق الشعب الأوكراني في تقرير مصيره.
المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لا تتجاوز حجم الدعم الأوروبيفي منشور عبر "تروث سوشال"، ادعى ترامب أن الولايات المتحدة قدمت 350 مليار دولار (334 مليار يورو) لأوكرانيا، وأن إنفاق واشنطن تجاوز الدعم الأوروبي بمقدار 200 مليار دولار (191.1 مليار يورو).
لكن البيانات تظهر أن الولايات المتحدة لم تتجاوز أوروبا في إجمالي المساعدات، كما أن الرقم الفعلي أقل من المبلغ الذي ذكره ترامب.
وتشير إحصائيات معهد كيل للاقتصاد العالمي إلى أن إجمالي الدعم الأوروبي، بما يشمل الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء، بلغ 132.3 مليار يورو، مقارنة بـ 114.2 مليار يورو من الولايات المتحدة.
أما بالنسبة لأكبر المساهمين، فقد تصدرت إستونيا والدنمارك القائمة، حيث خصصت كل منهما أكثر من 2% من إجمالي الناتج المحلي قبل الحرب لدعم أوكرانيا.
كما اتهم ترامب زيلينسكي بالفساد، مدعيًا أن الرئيس الأوكراني "اعترف بأن نصف الأموال الأمريكية المرسلة إلى أوكرانيا مفقودة".
إلا أن زيلينسكي، في مقابلة مع وكالة "أسوشيتد برس"، أوضح أن أوكرانيا لم تتلق سوى 72.5 مليار يورو من إجمالي المساعدات الأمريكية، معظمها على شكل أسلحة، فيما يتم إنفاق الجزء الأكبر من الدعم داخل الولايات المتحدة، سواء في تصنيع الأسلحة أو دفع رواتب الجنود الأمريكيين.
تكلفة الحرب تُرهق موسكوادعى ترامب أن "روسيا لا تنوي تدمير كييف، ولو أرادت لفعلت ذلك. روسيا قادرة على محو المدن الأوكرانية تمامًا، لكنها الآن تهاجم بنسبة 20% فقط من قوتها العسكرية".
لكن معظم البيانات تشير إلى أن روسيا خصصت جزءًا كبيرًا من قدراتها العسكرية لغزو أوكرانيا. ووفقًا لتقديرات وكالة الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، يوجد نحو 580,000 جندي روسي على الأرض، فيما يُعتقد أن موسكو أنفقت حوالي 200 مليار يورو على مجهودها الحربي.
كما فرضت العقوبات الغربية قيودًا على قدرة روسيا في تصنيع الأسلحة، وسط تقارير تشير إلى تراجع مخزونها العسكري. وتعتمد موسكو بشكل متزايد على الطائرات المسيرة والصواريخ الإيرانية، إلى جانب الدعم العسكري من كوريا الشمالية، لتعويض النقص في قواتها وعتادها العسكري.
ويرى بعض المحللين أن انخراط روسيا في الحرب أدى إلى تراجع نفوذها في مناطق أخرى من العالم، بما في ذلك سوريا، حيث فقد حليفها بشار الأسد السلطة في كانون الأول/ديسمبر بعد هجوم مفاجئ من فصائل المعارضة المسلحة.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية تقرير: الجنرال فاليري زالوجني قد يتفوق على زيلينسكي لو أجريت انتخابات فمن هو؟ انتقادات أوروبية لترامب بعد وصفه زيلينسكي بـ"الديكتاتور" القادة الأوروبيون يوافقون على ترشيح أوكرانيا ومولدافيا لعضوية التكتل وزيلينكسي يعتبر القرار تاريخيا فولوديمير زيلينسكيدونالد ترامبالكرملينروسياأوكرانياالولايات المتحدة الأمريكية