قرية النبي إلياس.. حافظت على هويتها الفلسطينية وواجهت الجدار وعنف الاحتلال
تاريخ النشر: 8th, July 2024 GMT
أخذت اسمها من أحد الأنبياء عليهم السلام واكتسبت قيمة روحية على مر التاريخ إضافة إلى قيمة مكانية فهي تقع في الجزء الشرقي من محافظة قلقيلية على الطريق الرئيسي الذي يصل مدينة قلقيلية ومدينة نابلس، ويحدها من الشمال قرية جيوس، ومن الجنوب قرية رأس طيرة، ومن الشرق عزون وعزبة الطبيب، ومن الغرب مدينة قلقيلية.
تبلغ مساحة قرية النبي إلياس حوالي 4,435 دونما موزعه كالآتي: 1499 دونما أراضي قابلة للزراعة، 123 دونما مساحة عمرانية، 2027 دونما سرقها الاحتلال لصالح الاستيطان والطرق الالتفافية وجدار الفصل العنصري، 188 دونما غابات حرجية، و597 دونما أراضي مفتوحة.
ووفق أحدث أرقام إحصائية يبلغ عدد سكان القرية نحو 1500 نسمة، يعود غالبيتهم إلى قرية عزون المجاورة.
مقام النبي الياس في قرية النبي إلياس في قضاء قلقيلية.
سميت بهذا الاسم لوجود مقام النبي إلياس الذي أقام في القرية لفترة من الزمن وأقيم في مكان سكناه مقامه الحالي الذي حافظ عليه من سكنوا القرية على مر السنوات فأصبح المكان وجهة يزورها الناس من حين للأخر من مختلف المناطق، وإلياس نبي من أنبياء بني إسرائيل، وهو إلياس بن ياسين، من ولد هارون أخي موسى عليهم السلام. ويعرف في كتب الإسرائيليين باسم (إيليا)، وقد ذُكر النبي إلياس في القرآن الكريم في موضعين في سورتي "الأنعام " و "الصافات".
والمقام معلم أثري يقع في الجهة الشمالية الغربية من القرية، ويحتوي على قبر اثري بناه السلطان جقمق وهو عبارة عن جامع يعود للفترة المملوكية. وهناك شاهد كتابي يدل على ذلك من خلال الكتابات الموجودة على أحجار هذا المقام.
وعلى الأغلب أنه لا يوجد جسد النبي إلياس، ويقال أيضا أن هذا المقام هو معبد فنيقي.
وشأن كل بقعة من فلسطين لم تنجو القرية من جرائم الاحتلال بعد احتلالها في حرب عام 1967، ويواجه أهالي القرية "ممنوعات الاحتلال" بكل أشكالها، فهم ممنوعون من الاقتراب من جدار الفصل العنصري، ومن الدخول إلى أراضيهم المصادرة، كما تغرقهم مجاري المستوطنات المقامة على أراضيهم ويمنعون من الاعتراض.
إضافة إلى منعهم من البناء خارج "المخطط الهيكلي" للقرية، أو حتى استصلاح أي أرض تقترب من حدود الجدار أو من المستوطنات التي يهاجم سكانها أهالي القرية ويعتدون عليهم ومن بينها كتابة شعارات عدائية وعنصرية ووضع رأس خنزير على مسجد القرية.
ومنذ عام 2002 شرعت سلطات الاحتلال في بناء الجدار الفاصل على أراضي القرية بشقيها الجنوبي والشمالي لتصادر بذلك ألف دونم، وحرمت أكثر من 20 عائلة من الوصول إلى أراضيها، بل تعتدي على من يقترب من حدود الجدار مسافة 200 متر.
ولم يقف أهالي القرية مكتوفي الأيدي لما يجري من مصادرة لأراضيهم فرفعوا قضايا أمام المحاكم الإسرائيلية التي كانت ترفض هذه الدعاوى بحجة أن الفلسطينيين لم يثبتوا ملكيتهم للأرض مضيفة انه في حال تمكنوا من ذلك فيمكنهم المطالبة بتعويضات.
وبررت المحاكم مصادرة الأراضي بأنه لشق طرق لاعتبارات أمنية فضلا عن أنها تصب في مصلحة السكان الإسرائيليين والفلسطينيين في المنطقة بحسب زعم محاكم الاحتلال.
باب المقام والكتابة أعلاه
ويحتاج المواطن لتصريح للوصول لأرضه خلف الجدار، ويجب تقديم هذا التصريح قبل خمسة أشهر من موعد الموسم، وعادة ما يصدر بعد الموسم بعدة أشهر ويحدده الاحتلال بأيام قليلة يصعب خلالها قطف المحصول كاملا، وهذا ما يجعل الأهالي يضمنون أراضيهم لأناس من البدو الفلسطينيين يقطنون خلف الجدار مقابل نسبة عالية من المحصول تتجاوز الثلثين.
كما يواجه الأهالي خطرا دائما بسبب مستوطنتي "ألفيه منشيه" و"تسوفيم"، فالمستوطنتان تصادِران نحو 900 دونما من أراضي القرية وتحاصرانها من كل الجهات.
وتواجه القرية الاقتحامات الإسرائيلية المتكررة، والتي ترافقها عمليات اعتقال وتجريف للطرقات، وزادت هذه الاقتحامات مع الأحداث التي تشهدها الضفة الغربية من عنف يمارسه الجيش الإسرائيلي والمستوطنين على حد سواء وذلك على وقع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول /أكتوبر الماضي.
المصادر
ـ دليل قرية النبي إلياس، معهد الأبحاث التطبيقية، القدس، أَريج، 2013.
ـ سائد رضوان، "نبذة عن قرية النبي إلياس"، فلسطين في الذاكرة، 10/10/2009.
ـ عاطف دغلس، "قرية النبي إلياس..جدار واستيطان واحتلال"، الجزيرة نت، 28/6/2012.
ـ ميساء عمر، "مكرهة صحية في "النبي إلياس" بسبب الاحتلال"، وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية ( وفا)، 16/8/2022.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تقارير تقارير التاريخ فلسطين فلسطين تاريخ هوية قرية النبي الياس تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قریة النبی إلیاس
إقرأ أيضاً:
مقترح بلا ضمانات… لماذا ترفض المقاومة الفلسطينية المقترحات “الإسرائيلية”؟
في الوقت الذي تتصاعد فيه الدعوات الدولية لاستئناف الهدنة في قطاع غزة، تبدو الفجوة بين طروحات الاحتلال الإسرائيلي ومطالب المقاومة الفلسطينية أوسع من أي وقت مضى، فالمقترح الإسرائيلي الأخير، الذي رُوّج له إعلاميًا باعتباره خطوة نحو التهدئة، لا يحمل في طياته سوى شروط تعكس أهدافًا استراتيجية تسعى لتفكيك قوة حماس وسحب أوراقها التفاوضية، في مقابل تقديم تنازلات شكلية لا تلبّي الحد الأدنى من المطالب الفلسطينية.
هدنة مؤقتة لا تلبي الشروط الأساسية
الموقف الفلسطيني الرافض لمقترح الاحتلال لم يكن وليد رغبة في التصعيد، بل جاء كرد طبيعي على بنود تحمل نوايا خفية أكثر من كونها مبادرات سياسية، فحسب مصدر بارز في المقاومة، فإن جوهر الطرح الإسرائيلي لا يستجيب للمطالب الجوهرية المعلنة، وعلى رأسها وقف شامل ودائم لإطلاق النار، وانسحاب كامل لقوات الاحتلال من القطاع، وبدلًا من ذلك، يقترح الاحتلال “هدنة مؤقتة” مدتها 45 يومًا، يُسمح خلالها بمرور المساعدات الإنسانية عبر المعابر، ولكن بشروط يحددها الجانب الإسرائيلي، ما يُبقي قبضة الحصار مفروضة ولو بصيغة جديدة.
الهدف غير المعلن: نزع أوراق القوة من يد حماس
القراءة التحليلية لبنود المقترح تشير إلى أنه لا يُراد له أن يكون اتفاقًا لإنهاء الحرب، بل أداةً لفرض وقائع سياسية جديدة، فتركيز المقترح على استعادة تسعة أسرى إسرائيليين، بينهم جندي يحمل الجنسية الأمريكية، يعكس رغبة الاحتلال في استعادة “ورقة الأسرى” كأولوية تفوق أي اعتبار إنساني يتعلق بأهالي غزة، بل إن المصدر ذاته يؤكد أن الطرح يهدف إلى سحب هذه الورقة تدريجيًا من يد حماس، باعتبارها أحد أهم عناصر الضغط التي تملكها الحركة.
ويُضاف إلى ذلك، تضمّن المقترح بندًا ينص على إعادة تموضع الجيش الإسرائيلي في غزة على نحو ما كان عليه قبل الثاني من مارس، وهي صيغة تعني استمرار الاحتلال الفعلي، سواء عبر التمركز العسكري المباشر أو السيطرة على المجالين الجوي والبحري، بما يفرغ أي حديث عن “التهدئة” من مضمونه الحقيقي.
استراتيجية “التهدئة المشروطة”.. إعادة إنتاج الحصار
من الناحية السياسية، يبدو أن “إسرائيل” تسعى لإعادة صياغة مفهوم الحصار عبر أدوات جديدة، فبدلًا من الحصار العسكري الصريح، يُطرح الآن “فتح مشروط للمعابر” لفترة مؤقتة، بما يُبقي مصير غزة بيد الاحتلال، وهذه الاستراتيجية تُعيد إلى الأذهان سيناريوهات التهدئة السابقة التي فشلت لأنها لم ترتكز على ضمانات دولية ملزمة، ولم تُحقق أي تغيير جوهري في حياة الفلسطينيين، بل إن هذا النوع من التهدئة المشروطة يُستخدم عادة لكسب الوقت، وإعادة التموضع، وتفكيك المقاومة من الداخل عبر خلق حالة إنهاك وإرباك سياسي وأمني.
إعادة التمركز لا تعني الانسحاب
البند المتعلق بـ”التمركز العسكري قبل الثاني من مارس” لا يمثل سوى عودة إلى مرحلة تصعيدية سابقة، فهذا التاريخ يُمثل ذروة العمليات البرية التي شنّها جيش الاحتلال داخل القطاع، وبالتالي فإن العودة إلى تلك الوضعية تُعدّ بمثابة تثبيت لواقع الاحتلال وليس العكس، كما أن المقترح لا يشير إلى أي نية للانسحاب الكامل من غزة، وهو مطلب جوهري لدى المقاومة، ما يُفقد المقترح أي جدية في تحقيق تهدئة حقيقية.
الرهان على الزمن.. تكتيك إسرائيلي مألوف
ما تقوم به “إسرائيل” ليس جديدًا؛ فالرهان على عامل الزمن، عبر مقترحات مؤقتة، هو جزء من تكتيكها المعروف لإدارة الصراع وليس حله، وقد استخدمت هذه الاستراتيجية في جولات سابقة من المواجهة، حيث تسعى لتجميد الوضع الميداني لفترة محددة، تسمح لها بإعادة ترتيب أوراقها العسكرية والسياسية، دون أن تُقدّم أي التزامات حقيقية للفلسطينيين، وفي هذا السياق، فإن ما يُطرح اليوم لا يختلف في جوهره عن مبادرات سابقة فشلت لأنها لم تكن سوى محاولات لفرض الاستسلام بغطاء دبلوماسي.
حماس بين الضغط والتريث
المعطى الجديد في المشهد هو موقف حماس، التي لم تُعلن رفضها الرسمي للمقترح لكنها لم تُقدّم ردًا نهائيًا أيضًا، ما يدل على أن الحركة تدير الموقف بتأنٍ شديد، في ظل توازن معقد بين الضغوط العسكرية والسياسية والإنسانية، فالحركة تدرك أن أي خطوة نحو قبول مقترح هشّ قد يُفقدها دعمًا شعبيًا واسعًا، وخاصة في ظل تصاعد الغضب الفلسطيني والعربي نتيجة استمرار العدوان الإسرائيلي، وفي الوقت ذاته، فإن التريث يسمح لحماس بقراءة المشهد الإقليمي والدولي، وخاصةً في ظل تنامي الأصوات المطالبة بوقف فوري للحرب، وارتفاع منسوب الإدانة للجرائم الإسرائيلية.
غياب الضمانات الدولية.. مأزق أي اتفاق محتمل
ما يفاقم هشاشة المقترح الإسرائيلي هو غياب أي آلية دولية تضمن تنفيذ بنوده. فحتى في حال قبول حماس بوقف مؤقت لإطلاق النار، فإن التجربة السابقة تُظهر أن الاحتلال لا يلتزم بأي تفاهمات ما لم تُقيدها قوة دولية قادرة على المحاسبة، وفي ظل تواطؤ بعض القوى الكبرى مع الرؤية الإسرائيلية، وتراجع فعالية المؤسسات الدولية، تبدو أي ضمانات مجرد وعود شفوية لا تلبث أن تنهار تحت ضغط التغيرات الميدانية.
الخشية من فخ النزع التدريجي للسلاح
أخطر ما في الطرح الإسرائيلي هو ما بين السطور.. فتح الطريق أمام مرحلة جديدة من الضغط السياسي والعسكري لنزع سلاح المقاومة، دون خوض معركة مباشرة، فالمقترح يُمهّد لحالة من التفكيك التدريجي لقدرات حماس، عبر إدخالها في مسارات تفاوض طويلة، تُستنزف خلالها سياسيًا وعسكريًا، ويُعاد فيها تشكيل البيئة الأمنية في غزة وفقًا للرؤية الإسرائيلية، وهذا ما يُفسر إصرار المقاومة على التمسك بشروطها الأساسية، ورفضها لأي صيغة تُعيد إنتاج الاحتلال أو تُفرّغ انتصاراتها الميدانية من مضمونها.
في النهاية، في ضوء ما تقدّمه “إسرائيل” من مقترحات ظاهرها التهدئة وباطنها الهيمنة، تبرز معادلة جديدة تُختبر فيها صلابة الموقف الفلسطيني وقدرته على الصمود السياسي بعد الصمود الميداني، فالعرض الإسرائيلي الأخير ليس سوى حلقة في سلسلة طويلة من المحاولات التي يسعى من خلالها الاحتلال لتفكيك بنية المقاومة، ليس عبر الحرب المفتوحة فقط، بل من خلال ما يُروّج له كمساعٍ دبلوماسية وإنسانية.
تركيز الاحتلال على استعادة الأسرى، وإصراره على فتح المعابر بشروطه، وتحديده لفترة تهدئة مؤقتة، ثم الإبقاء على وجوده العسكري بطريقة أو بأخرى، كلها مؤشرات على أن المقترح يفتقر لأي نية حقيقية لإنهاء العدوان، بل يُراد له أن يكون وسيلة ضغط مركبة: استنزاف سياسي لحماس، وإنهاك مجتمعي لسكان غزة، وتلميع لصورة “إسرائيل” دوليًا على أنها تسعى لـ”السلام”، لكن ما يغفله الاحتلال أن المقاومة الفلسطينية، وبعد سنوات من المواجهة والخبرة، لم تعد أسيرة الأوهام الدبلوماسية، فقراءة الحركة للمقترح تعكس نضجًا في فهم أبعاد الصراع، وتؤكد أن الميدان ليس وحده من يحسم المعركة، بل الوعي بطبيعة الخصم وأدواته السياسية.