في ظلال #طوفان_الأقصى “89”

اعلموا أنَّ ما خفيَ أعظمُ وما ستكشفه الأيامُ أخطرُ

بقلم د. مصطفى يوسف #اللداوي

ستنتهي الحربُ وسيتوقف القتال، وسينقشع الغبار وستتضح الصورة، وستتكشف الحقائق، وستوثق المعلومات، وستظهر بوضوحٍ وجلاءٍ وبالأدلة والبراهين، والأسماء والشواهد، والتواريخ والأماكن، حجم نتائج العدوان الإسرائيلي المروع على قطاع غزة، وما خلفه من دمارٍ وقتلٍ وخرابٍ، وستفضح الصورة الأخيرة العجز الدولي المتآمر، والصمت الشريك، والدعم المعادي، والإسناد الظالم، وسيكتشف العالم أن ما حجبه غبار الحرب، ستكشفه شمس اليوم الأول لوقف العدوان.

مقالات ذات صلة الشيخ سالم الفلاحات يكتب .. ضَريبة المُواطَنة والمعتقلون 2024/07/08

وسيعرف العالم بعد أن تضع الحرب أوزارها حقائق جديدة، وسيطلع على وقائع صادمة، وسيرى صوراً غير تلك التي اعتاد مشاهدتها أو أعرض صفحاً عن رؤيتها، وما زالت آثارها باديةً للعيان، ودليلاً على العدوان، كأعمال القصف الجوي والمدفعي والغارات الكثيفة والقنابل الثقيلة، التي سجلتها وسائل الإعلام الدولية وصورتها، ووثقتها أصولاً الهيئات الرسمية والمدنية ودونتها، بما لا يدع مجالاً للشك بأن هذا العدو الأهوج الأحمق، المجرم القاتل، قد ارتكب في حق الشعب الفلسطيني أبشع الجرائم ضد الإنسانية، بارتكابه آلاف المذابح والمجازر الدموية البشعة بحق المدنيين العزل، واللاجئين الباحثين عن الأمن والأمان والسلامة.

وسيماط اللثام عن مئات بل آلاف الجرائم التي تمت بصمت، ونفذت بهدوء، وارتكبت عمداً وقصداً، وقام بها جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي بأوامر مباشرة من مسؤوليهم، وبتصرفٍ فرديٍ منهم، وبعبثيةٍ لافتةٍ، وساديةٍ مفرطةٍ من متطرفيهم، وبنوايا ثأرية ودوافع انتقامية، جبلوا عليها وعُرفوا بها، دون أن تكون هناك مبرراتٌ لها أو مسوغاتٌ تجيزها، اللهم إلا الطبيعة العفنة، والنفوس المريضة، والأحقاد الدفينة، وحب القتل وغريزة الفساد، والإحساس بالفوقية الكاذبة وبالسامية الزائفة، التي تجيز لهم القتل، وتشرع في عرفهم استعباد البشر، ممن نجو من لوثتهم، وخالفوا فطرتهم، وانسجموا مع العقل الرشيد والقلب النابض ذي الوجيب.

لا تقتصر الجريمة الإسرائيلية في حق الشعب الفلسطيني على الأرقام المعلنة فقط، كعدد الشهداء والجرحى، والبيوت المدمرة، والشوارع المخربة، والمساجد التي سويت ومآذنها بالأرض، والأسواق والمراكز والمحال التجارية، والجامعات والمدارس والمستشفيات، وغيرها مما أصبح ركاماً على الأرض، أو حفراً فيها، أو أثراً بعد عينٍ، إذ تغيرت المعالم وتبدلت الشواهد، ولم يعد يعرف أهل المناطق مناطقهم، أو يميزوا شوارعهم، التي باتت بخرابها واحدة، وبدمارها متشابهة، وستكشف الأيام القادمة يقيناً أن هذه الأرقام هي جزءٌ من كلٍ أكبر، وأن ما لم يعلن أو يكتشف خلال العدوان وأيام القتال، سيكون أكبر وأخطر، وأكثر ألماً وأشد قسوةً.

سيصدم العالم كله عندما يعرف حقيقة الأرقام، وعدد الضحايا والشهداء، ويرى بأم العين التي لا تكذب أن أغلب الشهداء هم من الأطفال والنساء والشيوخ والمسنين وذوي الحاجات الخاصة، الذين لجأوا إلى المقار الأممية، ومراكز المؤسسات الدولية، ومدارس الأونروا والبعثات الدولية، وإلى غيرها من المراكز التي ترفع أعلامها وتحمل هويتها، ورغم ذلك فإنها لم تسلم من القصف الصاروخي والمدفعي، ولم يشطبها العدو من قائمة أهدافه، ولم ينجُ اللاجئون إليها، والباحثون عن السلامة فيها، من القتل والإصابة بجراحٍ بليغة وحروقٍ خطيرة.

ستنتهي الحرب وسيتوقف العدوان، وسيعود الفلسطينيون إلى ما تبقى من بيوتهم، وإلى ركام منازلهم وحطام محالهم، وأنقاض مدارسهم ومساجدهم، وسيتفقدون ما بقي مما كان لهم، وسيبحثون عن المفقودين من عائلاتهم، وهم يعلمون أنهم قتلوا جميعاً، إما خنقاً تحت الأنقاض والركام، وإما إعداماً في السجون والمعتقلات، أو في الشوارع والطرقات والمستشفيات، ثم دفنوا جميعاً كما هم، مقيدين ومكبلين وآثار التعذيب باديةً عليهم، وبعضهم ما زالت الأمصال معلقة بأوردتهم، وآثار العمليات والضمادات باقية على أجسادهم.

وستبدأ السلطات الوطنية في غزة، الفلسطينية الوجه واليد والقلب واللسان احصائياتها، وستعلن للعالم أجمع ما ألحقه العدو بالشعب الفلسطيني من دمارٍ وخرابٍ، وما أحدثه من تلويث وتسميم، وتغيير وتبديلٍ، وأن حجم الأسلحة التي استخدمها، والصواريخ التي أطلقها، والقنابل التي فجرها، تفوق في قوتها وخطورتها، وآثارها ونتائجها، مئات المرات القنبلة النووية التي أطلقت على مدينيتي هيروشيما وناجازكي اليابانيتين، لكن العالم أصر على إنكار الحقائق، ورفض الاعتراف بالوقائع، وأيد العدوان وساعد الاحتلال، وزوده بالسلاح والعتاد، وأيده في السياسة والإعلام.

ما بعد انتهاء الحرب سيغرق العدو في أوحاله، وسيختنق بسبب أفعاله، وستحاصره جرائمه، وستفضحه الصورة، وسيتخلى عنه أصحابه، وسينفض عنه حلفاؤه، وسيعض أصابعه ندماً، وسيلعن قيادته علناً، وسيدرك أن ما ارتكبه في حق الشعب الفلسطيني لم يفت في عضده ولم يضعفه، ولم يخفه ولم يرهبه، ولم يكوِ وعيه أو يغير قناعاته، بل إن جرائمه ضد الفلسطينيين خلقت منهم أجيالاً جديدة أقوى وأقدر، وأصبر وأصدق، وأكثر وعياً وأشد بأساً، وجعلت منهم قوةً لا تهزم، وإرادة لا تكسر، ويقيناً بالنصر لا يتزعزع.

بيروت في 8/7/2024

moustafa.leddawi@gmail.com

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: طوفان الأقصى

إقرأ أيضاً:

ما هي الأسباب التي تعزز فرص الهجوم الإسرائيلي على إيران؟

تناولت صحيفة "غلوبس" الاقتصادية العبرية التقارير الأجنبية عن "هجوم إسرائيلي مُخطط على إيران"، ونقلت تحليل معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي بشأن تلك القضية، موضحة أن طهران تحاول إخفاء وضعها الاقتصادي البائس.

 

وقالت "غلوبس" تحت عنوان "الانهيار الاقتصادي الإيراني يشعل فتيل البرنامج النووي.. على الورق على الأقل"، إن التقارير الأجنبية بشأن النووي الإيراني أثارت استغراب الكثيرين في إسرائيل، وجاء في أحدها بصحيفة "ذا تلغراف" البريطانية، أن إيران رفعت مستوى التأهب في نظام الدفاع الجوي بمنشآتها النووية، خوفاً من هجوم إسرائييل أمريكي، مشيرة إلى أنه على الورق، يبدو توقيت مثل هذا الهجوم مثالياً من حيث الأمن الإقليمي، لأن حركة حماس الفلسطينية ضعفت بشكل كبير، وأصبح حزب الله في وضع حرج، وفي الوقت نفسه سقط نظام بشار الأسد في سوريا، وتعطلت سلاسل الإمداد الإيرانية بالأسلحة والأموال.
ونقلت عن معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، أنه منطقياً وعسكرياً، هذا هو الوقت المناسب لضرب إيران، ولكن يبدو أن طهران تسيء تفسير نوايا إسرائيل التي لن تهاجم وحدها، مشيراً إلى أن الرئيس الأمريكي يفرض عقوبات في وقت ينفتح فيه على المفاوضات مع طهران.

في أول تعليق له.. محمد جواد ظريف يكشف كواليس استقالتهhttps://t.co/jFwmRVqVik

— 24.ae (@20fourMedia) March 3, 2025  تأثير العقوبات الأمريكية

وتقول الصحيفة الإسرائيلية إن سياسة العقوبات التي ينتهجها دونالد ترامب تسير على قدم وساق، مشيرة إلى أنه قبل نشر تقرير "ذا تلغراف"، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على أكثر من 30 تاجراً ومشغلا لناقلات النفط وشركات الشحن المشاركة في أسطول الظل الذي يخدم صناعة النفط الإيرانية، وتشمل القائمة عقوبات على تجار النفط في عدد من الدول، بالإضافة إلى مدير شركة النفط الوطنية الإيرانية، ومديري ناقلات النفط من الصين.
وتحدثت الصحيفة عن تأثير عقوبات النفط على الوضع الاقتصادي في إيران، التي يعيش أكثر من ثلث سكانها تحت خط الفقر، في الوقت الذي يقدم النظام الإيراني أكثر من 10 آلاف دولار لأسر أعضاء حزب الله الذين أصيبوا في الحرب، فيما ظلت المكاتب الحكومية والبنوك والمدارس في 22 من محافظات إيران البالغ عددها 31 مغلقة اليوم الإثنين بسبب عدم توفر الكهرباء اللازمة لتشغيلها.


تقدم البرنامج النووي

وعلى النقيض تماماً من حالة الاقتصاد المحلي، فإن البرنامج النووي الإيراني أصبح الآن في أكثر مراحله تقدماً على الإطلاق، وفقاً لتقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ونقلت غلوبس عن المعهد أنه "من الممكن أن يكون هذا نابعاً من مصلحة داخلية في إيران لإظهار قدرتها على الصمود في الخارج، بعد التصريحات الإسرائيلية بشأن القضاء على الدفاع الجوي الإيراني، وليس من المستحيل أن يرغب النظام، بسبب الوضع الاقتصادي الصعب في البلاد، في إيصال رسالة مفادها أنه على الرغم من أن الوضع الداخلي رهيب، فإن التهديد الخارجي أعظم، كما كانت الحال خلال الحرب الإيرانية العراقية في ثمانينيات القرن العشرين".
في السياق ذاته، أجرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية حواراً مع بيني سباتي، الباحث البارز في برنامج إيران في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، والذي عكس في حديثه صورة قاتمة عن إيران، مؤكداً أن الأزمة الحالية أكثر خطورة من الحرب الإيرانية العراقية.

هل يُسقط تعدين البيتكوين النظام الإيراني؟https://t.co/tepd2E95XR

— 24.ae (@20fourMedia) February 28, 2025  إقالة دون تأثير

وعلى الرغم من أن إقالة وزير الاقتصاد الإيراني عبد الناصر همتي تثير تساؤلات حول قدرة الحكومة على التعامل مع الأزمة الاقتصادية المستمرة، إلا أن سباتي يقول إن هذه الإطاحة لن يكون لها أي تأثير تقريباً، وأن "حكومة هذا الرئيس لا تتخذ القرارات حقاً، ولا تتمتع بأي تأثير حقيقي، ولكن من يتمتع بتأثير حقيقي هو الزعيم، في إشارة للمرشد علي خامنئي، ومستشاريه، وغالبيتهم من الحرس الثوري.
وبحسب سباتي، فإن إشارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى أن الوضع الحالي أكثر خطورة من الحرب الإيرانية العراقية، تكشف عن الضعف الإيراني.
ورأى أن رفض خامنئي استئناف المحادثات مع الولايات المتحدة الأمريكية يسبب أضراراً جسيمة، لأنه يحط من قدر الدولة الإيرانية والاقتصاد الإيراني، والمجتمع أيضاً، ويذهب بكل شيء نحو الهاوية على شكل كرة من الثلج.

مقالات مشابهة

  • شاهد | الأسير الفلسطيني المحرر جلال الفقيه بعد 22 عاماً في سجون العدو يتنسم عبق الحرية بغزة
  • ما هي الدول الأوروبية التي ستشارك في "تحالف الراغبين" من أجل أوكرانيا؟
  • ما هي الأسباب التي تعزز فرص الهجوم الإسرائيلي على إيران؟
  • الإعلام الحكومي: استئناف العدو حصار غزة استمرار لحرب الإبادة بحق الشعب الفلسطيني
  • أخطر رجل فى العالم
  • إعلام صهيوني: تل أبيب قررت عدم تجديد العدوان على غزة خلال الأيام القادمة
  • إعلام صهيوني: تل أبيب تقرر عدم استئناف العدوان على غزة في الأيام المقبلة
  • بالفيديو.. عيترون الجنوبية تودع شهداءها بين ركام الحرب
  • إعلام إسرائيلي: الإخفاق في 7 أكتوبر أخطر بكثير من يوم الغفران
  • الناطق باسم “حماس”: تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي يطرحها العدو مرفوض