غزة- على وقع تحذيرات متنامية بخروجه عن الخدمة، يترنح مجمع ناصر الطبي في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، وتخشى إدارته من انهيار وشيك، الأمر الذي من شأنه أن يعصف بحياة أكثر من مليون و200 ألف فلسطيني من السكان والنازحين.

وبعدما خرج مستشفى غزة الأوروبي عن الخدمة مطلع الشهر الجاري نتيجة إنذارات إسرائيلية بإخلاء المناطق والبلدات الشرقية من مدينة خان يونس، وسبقته جميع مستشفيات مدينة رفح التي تتعرض لعملية عسكرية برية منذ السادس من مايو/أيار الماضي، بقي مجمع ناصر آخر القلاع الصحية في مناطق جنوب القطاع.

وفي مسعى منها لتأخير لحظة الانهيار، تتبع إدارة المجمع إجراءات تقشفية قاسية، خاصة فيما يتعلق باستهلاك كميات الوقود الشحيحة التي ترد إليها عبر منظمات دولية، حسبما أوضح مدير عام المجمع الدكتور عاطف الحوت في حوار مع الجزيرة نت.

الحوت يقدّر عدد المعتقلين من داخل مجمع ناصر الطبي بـ51 موظفا (الجزيرة) "ناصر" وحيدا

بعد جهود مضنية، نجحت إدارة المجمع في إعادة تأهيله وتشغيله، وقد كانت قوات الاحتلال اقتحمته واحتلته لنحو أسبوعين وعاثت فيه فسادا وخرابا إبان اجتياحها لمدينة خان يونس مطلع ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي واستمر كذلك 4 أشهر. ولا يأمن الحوت أن يعود الاحتلال لاقتحام المجمع مرة ثانية مثلما حدث في مجمع الشفاء بمدينة غزة، خاصة مع إنذارات الإخلاء الأخيرة لمناطق شرق المدينة.

وسط ضغوط شديدة وفي ظل ظروف معقدة تعمل الطواقم الطبية في مجمع ناصر، وبحسب الحوت فإن "الضغط هائل على المجمع، خاصة مع النزوح الكبير من مدينة رفح إلى مدينة خان يونس ومنطقة المواصي، وأي انهيار للمجمع وخروجه عن الخدمة يهدد حياة آلاف الجرحى والمرضى بالخطر".

ويضم المجمع بين جنباته مستشفيات متخصصة هي الباطنة والجراحة والنساء والأطفال، وقال الحوت إن المجمع هو الوحيد حاليا في جنوب القطاع الذي يقدم خدمات غسيل الكلى والحضانة، بعد انهيار هذه الخدمات في مدينة رفح بإخلاء مستشفيي أبو يوسف النجار وبه القسم الوحيد لغسيل الكلى، والهلال الإماراتي المتخصص بالنساء والولادة.

وإضافة لذلك، فإن قسم الاستقبال والطوارئ يستقبل يوميا زهاء 1500 حالة من الجرحى والمرضى، ويقدر الحوت نسبة إشغال المجمع حاليا بـ100%.

سياسة التقطير

وفي ظل هذا الواقع، يواجه المجمع معوقات حادة تعصف به وتهدد بانهيار خدماته الطبية، وتعتبر أزمة شح الوقود الأبرز، ويقول الحوت إن المنظمات الدولية تنتهج "سياسة التقطير" في إمداد المجمع بالوقود اللازم لتشغيله.

وكانت قوات الاحتلال دمرت أثناء اجتياحها للمجمع جميع المولدات الكهربائية الخمس، واضطرت إدارته إلى استعارة مولد من مستشفى غزة الأوروبي، قبل خروجه عن الخدمة، ونقل مرضاه ومعداته وأجهزته لمجمع ناصر، الأمر الذي زاد من ثقل المسؤولية.

وقال الحوت "منذ بضعة أيام ننتهج سياسة تقشفية قاسية، ونستخدم المولدات للإنارة وتشغيل الأجهزة الطبية الضرورية، وبدلا من تشغيل 3 محطات توليد أكسجين نشغل محطة واحدة فقط".

وفي بيان لها، حذرت وزارة الصحة في غزة من استمرار أزمة الوقود اللازم لتشغيل مولدات المستشفيات ومحطات الأكسجين وثلاجات حفظ الأدوية في كافة المرافق الصحية المتبقية على رأس عملها في القطاع، وقالت إنها تلجأ حاليا لإيقاف العمل في العديد من الأقسام داخل هذه المرافق والمستشفيات.

وتعمد إدارة مجمع ناصر يوميا إلى فصل الكهرباء لبضع ساعات من أجل الاقتصاد في استهلاك الوقود، ومن أجل إراحة المولدات، حيث لا تتوفر مولدات بديلة في الأسواق، أو قطع غيار، نتيجة منع الاحتلال توريدها للقطاع المحاصر.

وتعمقت الأزمات الحياتية للغزيين بما فيها أزمة القطاع الصحي، إثر إعادة احتلال معبر رفح البري مع مصر وإحراقه وإغلاقه كليا منذ بدايات العملية البرية في رفح، إضافة إلى القيود المشددة التي يفرضها الاحتلال على معبر كرم أبو سالم التجاري الوحيد.

الدكتور الهمص: بخروج "الأوروبي" عن الخدمة خسر الغزيون خدمات طبية لا تتوفر في غالبية مستشفيات القطاع (الجزيرة) مخاوف الانهيار

ومن شأن نفاد الوقود أن يؤدي إلى انخفاض نسبة تشغيل مجمع ناصر إلى 30% فقط، ويحذر مديره الدكتور الحوت من أن ذلك قد يفقد آلاف الجرحى والمرضى أرواحهم.

ويعاني المجمع من نقص في الطاقم الطبي، ووفقا للحوت فإنه من بين 1500 موظف في مختلف التخصصات داخل المجمع، يداوم حاليا نحو ألف فقط، فيما البقية إما سافر خارج القطاع، أو معتقل لدى قوات الاحتلال.

ولا تتوفر أرقام دقيقة عن أعداد المعتقلين من الطاقم الطبي بالمجمع، حيث اعتقل الاحتلال عددا غير معلوم منهم على الحواجز العسكرية، في حين يقدر الحوت المعتقلين من داخل المجمع بـ51 موظفا، أبرزهم نائبه ومدير مستشفى الجراحة بالمجمع الدكتور ناهض أبو طعيمة، إضافة إلى أطباء في تخصصات تفتقدها مستشفى العظام بالمجمع حالياً.

ووضع الحوت سياسة الاستهداف الإسرائيلية بحق المستشفيات في سياق مخطط ممنهج للاحتلال هدفه تدمير مقومات القطاع وجعله منطقة غير قابلة للحياة ودفع سكانه للهجرة.

إخلاء "الأوروبي"

وألقى خروج مستشفى غزة الأوروبي عن الخدمة بالمسؤولية كلها على مجمع ناصر، وبرأي مدير التمريض والناطق باسم المستشفى الدكتور صالح الهمص للجزيرة نت، فإن الأعداد الهائلة من سكان مدينتي رفح وخان يونس والنازحين ليس لهم عنوان للخدمة الطبية سوى مجمع ناصر وبما يفوق قدرته وطاقته.

وبخروج "الأوروبي" عن الخدمة خسر الغزيون خدمات طبية تخصصية لا تتوفر في غالبية مستشفيات القطاع، مثل جراحة الأوعية الدموية وجراحة الأعصاب وجراحة الأطفال وجراحة القلب وعملياته المختلفة، وكان يشاركه بهذه الخدمات مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة حتى انهياره وخروجه عن الخدمة، بحسب الهمص.

وشكلت الحرب الإسرائيلية ضغطا كبيرا على "الأوروبي"، ووفقا للهمص فإن المستشفى رفع عدد أسرة المبيت من 240 سريرا إلى 850 سريرا في بعض الأوقات، ورفع أسرة العناية المركزة من 21 إلى 55 سريرا، وقد أجريت داخل أروقة المستشفى حوالي 7500 عملية جراحية حتى يوم الإخلاء في الأول من الشهر الجاري.

وقال المسؤول بالمستشفى إنهم نجحوا في تأمين نقل زهاء 400 مريض من على أسرة المبيت إلى مجمع ناصر الطبي، وهذا سيشكل ضغطا هائلا على المجمع، خاصة أن "الأوروبي" كان بداخله 7 غرف عمليات تجري يوميا ما بين 35 إلى 40 عملية جراحية متنوعة.

وبحزن شديد يتحدث الهمص عن لحظة إخلاء المستشفى، وحالة الهلع والذعر التي انتابت الطواقم والمرضى والنازحين، خشية تكرار ما حدث في مجمعي الشفاء وناصر والمستشفى الإندونيسي من عمليات تنكيل واعتقال وتخريب.

ويتمنى الدكتور الهمص أن لا تطول فترة غياب "الأوروبي" ويستأنف عمله من جديد، رغم ما تعرض له من "أحداث مؤسفة" في إشارة منه إلى سرقة اللصوص والعابثين لمحتوياته.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات مدینة خان یونس مجمع ناصر عن الخدمة لا تتوفر

إقرأ أيضاً:

أنجلينا أيخهورست.. ماذا نعرف عن سفيرة الاتحاد الأوروبي الجديدة بعد وصولها للقاهرة؟

قدمت سفيرة الاتحاد الأوروبي المعينة لدى جمهورية مصر العربية، السيدة أنجلينا أيخهورست، أمس نسخة من خطاب اعتمادها إلى وزارة الخارجية المصرية.

ولكن من هي سفيرة الاتحاد الأوروبي الجديدة؟
أنجلينا أيخهورست هي سفيرة الاتحاد الأوروبي المعينة ورئيسة بعثة الاتحاد إلى مصر. قبل تعيينها في مصر عام 2024، شغلت أيخهورست منصب المدير العام لادارة أوروبا في جهاز العمل الخارجي الأوروبي (EEAS) في بروكسل في الفترة من عام 2020 إلى عام 2024، حيث كانت مسؤولة عن التواصل الاستراتيجي في جميع أنحاء أوروبا. قبلها كانت تشغل منصب المدير العام لشئون أوروبا وآسيا الوسطى منذ 2019 وحتى عام 2020.
في الفترة من العام 2015 إلى عام 2019، شغلت أيخهورست منصب نائب المدير العام ومدير شئون أوروبا الغربية وغرب البلقان وتركيا، حيث لعبت دورًا محوريًا باعتبارها المفاوض الرئيسي في حوار بلغراد وبريشتينا الذي يرعاه الاتحاد الأوروبي. تشمل مسيرتها الدبلوماسية أيضًا عملها كسفيرة للاتحاد الأوروبي في لبنان (2011-2015) وعملها كرئيس قسم الشؤون السياسية والاقتصادية في بعثة الاتحاد الأوروبي لدى سوريا من عام 2008 إلى 2010. كما سبق لها أن قادت عدد من مبادرات التنمية والتعاون الإقليمي من 2004 إلى 2008، ضمن عملها في بعثة الاتحاد الأوروبي في الأردن.
تشمل المسيرة المهنية لأيخهورست شغلها لعدد من المناصب الاستشارية في مجال السياسات بالادارة العامة للتنمية التابعة للمفوضية الأوروبية وكذلك بالادارة العامة للعلاقات الخارجية المختصة بشئون التنمية البشرية والاجتماعية، والشراكة الأورومتوسطية. كما تتمتع أيخهورست بخبرة عملية كبيرة نظرا لعملها السابق مع الأمم المتحدة ومنظمة إنقاذ الطفولة، بالإضافة إلى إنجازاتها الأكاديمية في القانون الدولي ودراسات الشرق الأوسط.
تم ترشيح السفيرة المعينة أيخهورست من قبل الممثل الأعلى جوزيب بوريل لتكون سفيرة الاتحاد الأوروبي ورئيسة بعثتها لدي مصر وجامعة الدول العربية في أبريل 2024. وقد جاءت خلفًا للسفير كريستيان بيرجر.
وأيخهورست هي دبلوماسية متمرسة تتمتع بخبرة واسعة في الشرق الأوسط، وقد شغلت سابقًا منصب سفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان ورئيسة الشؤون السياسية والاقتصادية في بعثة الاتحاد الأوروبي في سوريا. وفي الآونة الأخيرة، شغلت منصب المديرة الإدارية لأوروبا في هيئة العمل الخارجي الأوروبية، وكانت في السابق كبيرة المفاوضين في الحوار بين بلجراد وبريشتينا الذي ييسره الاتحاد الأوروبي.
وبصفتها السفيرة المعينة الجديدة للاتحاد الأوروبي، ستعمل أيخهورست على ترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين الاتحاد الأوروبي ومصر، بناءً على الشراكة الشاملة والاستراتيجية الموقعة في مارس 2024.
وأعربت أيخهورست عن امتنانها لإتاحة الفرصة لها للعمل كسفيرة جديدة للاتحاد الأوروبي في القاهرة قائلة: "يشرفني أن أتولى هذه المسؤولية في مثل هذا التوقيت الحرج. لقد بدات علاقتي مع مصر والعالم العربي بمرور الوقت، بدءً آواخر الثمانينات عندما بدأت مسيرتي الأكاديمية والمهنية في القاهرة، وإنني أتطلع إلى العمل بشكل وثيق مع شركائنا المصريين لمواصلة تعزيز وتقوية العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ومصر من أجل شراكة متبادلة المنفعة."
وتباشر السفيرة المعينة مهامها رسميا بعد تقديم أوراق اعتمادها للرئيس عبد الفتاح السيسي.

مقالات مشابهة

  • مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية يختتم مشاركته في فعالية (الأسبوع العربي) في اليونسكو
  • إقالة جهيد زفزاف من مجمع “AGROLOG”
  • سلطان القاسمي يترأس الاجتماع الثالث لمجلس أمناء مجمع اللغة العربية بالشارقة
  • الانتخابات الأمريكية 2024.. ماذا يحدث إذا تعادل ترامب وهاريس في الانتخابات
  • مرتان بالتاريخ.. ماذا يحدث لو تعادل ترامب وهاريس؟
  • يتحكم في اختيار الرئيس.. ماذا تعرف عن المجمع الانتخابات الأمريكي؟
  • أنجلينا أيخهورست.. ماذا نعرف عن سفيرة الاتحاد الأوروبي الجديدة بعد وصولها للقاهرة؟
  • عبدالغفار: حريصون على التوسع بالمشروعات الصحية وعلى رأسها معهد ناصر
  • الانتخابات الأمريكية 2024.. ماذا يعني فوز هاريس بالنسبة للاقتصاد الأوروبي؟
  • صحة المنيا: قريبا دخول الوحدة الصحية بالمطاهرة الشرقية الخدمة