لندن– يتسلم حزب العمال السلطة في بريطانيا بعد 14 سنة من حكم المحافظين يجمع كثيرون على أنها كانت كارثية على الاقتصاد البريطاني الذي شهد هزات عنيفة خلال حكمهم بداية من الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست) مرورا بجائحة كوفيد-19 وصولا للخطة الاقتصادية التي وضعتها رئيسة الوزراء البريطانية السابقة ليز تراس التي كلفت الاقتصاد البريطاني أسوأ تراجع للجنيه الإسترليني في تاريخه.

ستكون مهمة حزب العمال صعبة في التعامل مع الوضع الاقتصادي الذي يحتاج لحلول عاجلة، رغم أن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر قال إن حل هذه المشاكل سيتم بمنطق بناء "لبنة فوق لبنة"، فلا يوجد حل سحري وعاجل لكل هذه المشاكل.

ما أهم الإخفاقات الاقتصادية التي تركها المحافظون؟

وعد رئيس الوزراء السابق ريشي سوناك، من بين وعوده، بتقليص الدين العام، لكن حدث العكس، فقد زادت الديون من 64.7% من الناتج المحلي البريطاني قبل 15 سنة إلى 96.5% في 2024 وهو أعلى مستوى دين تسجله بريطانيا منذ 1960.

كانت التوقعات تشير إلى أن يصل نصيب الفرد من الناتج المحلي إلى 50 ألفا و200 جنيه إسترليني (64 ألفا و233 دولارا) للفرد بارتفاع نحو 35% منذ سنة 2008، لكن نصيب الفرد حاليا هو 39 ألفا و400 جنيه إسترليني (50 ألفا و414 دولارا) بارتفاع 6% فقط وهو أبطأ نمو لحصة الفرد من الناتج الداخلي الخام منذ الحرب العالمية الثانية.

ووفق معطيات المعهد الوطني للأبحاث الاقتصادية والاجتماعية التابع لوزارة الخزانة البريطانية، تراجع منحنى النمو الاقتصادي من نسبة 3.4% سنويا مسجّلة خلال الفترة بين انتهاء الحرب العالمية الثانية وعام 1973، إلى 2.3% حتى 2008،  لكن منذ وصول المحافظين قبل 14 سنة هوى النمو الاقتصادي إلى 1.2% فقط، قبل أن يغادروا الحكومة تاركين نسبة النمو تقترب من الصفر.

ويشير معهد أبحاث السياسات العمومية البريطاني إلى أن الاستثمارات العامة التي تعد المحفز للاقتصاد تراجعت بأكثر من 500 مليار جنيه إسترليني (639.77 مليار دولار) خلال فترة حكم المحافظين، وتحدث عن دخول بريطانيا إلى مرحلة "ما دون الاستثمار" التي تعني أن الاستثمار العمومي في البنيات التحتية لا يواكب حاجة البلاد.

ووفق بنك غولدمان ساكس الأميركي، فإن حجم المبادلات التجارية بعد بريكست تراجع بشكل كبير، وسجلت بريطانيا تبادلا تجاريا للبضائع أقل 15% مقارنة مع بقية دول مجموعة السبع.

ومع تراجع الاقتصاد تأثرت الأجور بصورة كبيرة، فبعد أن كانت تزيد على 33% بين عامي 1970 و2007، تجمدت سنة 2010 عند صفر%، وفق معطيات مؤسسة الدراسات الضريبية البريطانية.

وفي سنة 2023، أصبحت الأجور في بريطانيا قريبة من المستويات المسجلة في 2008 خلال الأزمة المالية التي ضربت العالم، ووفق المصدر ذاته فإن وضع نمو الأجور في بريطانيا حاليا هو الأسوأ منذ عام 1815.

وتعمقت أزمة الفقر وبشكل كبير في بريطانيا خلال الـ14 سنة الماضية، ولا أدل على ذلك من حجم الاعتماد على بنك الأغذية، حيث كانت بنوك الأغذية توزع 100 ألف سلة غذائية سنة 2010 ليرتفع هذا الرقم إلى 3 ملايين سلة سنة 2023.

المحافظون مُنوا بخسارة كبيرة خلال الانتخابات الأخيرة بعد أداء اقتصادي ضعيف (غيتي) هل الاقتصاد من بين أسباب التصويت للعمال؟

من المعروف تاريخيا أن الاقتصاد ليس نقطة قوة حزب العمال مقارنة مع المحافظين بسبب ميل العمال خلال فترات حكمهم إلى زيادة الضرائب من أجل تمويل الخدمات العامة، لكن النتائج الكارثية للمحافظين دفعت البريطانيين إلى التغيير، حسب مراقبين.

وحسب استطلاع لمؤسسة "إيبسوس"، فإن 38% من الذين صوتوا للعمال قالوا إن السبب هو اعتقادهم أن العمال سيصلحون الاقتصاد، بينما قال 52% إنهم صوتوا للعمال لإيمانهم بقدرة الحزب على معالجة أزمة القطاع الصحي، مما يعني أن البريطانيين صوتوا للعمال من أجل إصلاح الخدمات أكثر من الاعتبار الاقتصادي.

ما أهم الملفات الاقتصادية الملحة أمام حكومة العمال؟

حسب ما صرح به رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، فإن الأولوية بالنسبة إليه هي:

إعادة الاستقرار للاقتصاد. إعادة الثقة بالاقتصاد البريطاني. القيام بإصلاح ضريبي سيتم الإعلان عنه في أكتوبر/تشرين الأول المقبل مع الإعلان عن أول موازنة في العهد الجديد للحزب. رفع الإنفاق العام خصوصا في مجال البنية التحتية. التحكم في حجم الاقتراض والدين العمومي. الحفاظ على معدل التضخم في حدود 2.2% بعد أن بلغ خلال العامين الماضيين أعلى مستوى له منذ الحرب العالمية الثانية. ما البرنامج الاقتصادي لحزب العمال؟

من أبرز ملامح السياسة الضريبية لحزب العمال هي:

التزامه بعدم زيادة الضرائب المتعقلة بالأفراد مثل الضريبة على الدخل وكذلك الضريبة على القيمة المضافة. وضع سقف للضرائب على الشركات في حدود 25%. زيادة المداخيل الضريبة بأكثر من 8 مليارات جنيه إسترليني (10.23 مليارات دولار)، من خلال التشديد أكثر على الحد من التهرب الضريبي وإغلاق الثغرات الموجودة في القانون الضريبي لغير المقيمين في البلاد والتي من المتوقع أن ترفع الإيرادات الضريبية بنحو مليار جنيه إسترليني (1.27 مليار دولار).

وتعهد حزب العمال أيضا بما يلي:

خلق ما سماه صندوق الثروة الوطني من أجل الاستثمار وخلق نحو 650 ألف وظيفة في الصناعات المستقبلية. الاستثمار في الطاقات النظيفة. بناء 1.5 مليون منزل كجزء من إستراتيجية تطوير البنية التحتية خلال السنوات العشر المقبلة. توظيف 6500 معلم جديد في المواد الرئيسية. توظيف 8500 موظف جديد في قطاع الصحة. توفير 40 ألف موعد إضافي في المساء وعطلة نهاية الأسبوع.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الاقتصاد البریطانی جنیه إسترلینی فی بریطانیا حزب العمال

إقرأ أيضاً:

دمية طفل ضخمة تثير الهلع في بريطانيا

آخر تحديث: 3 أكتوبر 2024 - 10:26 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- أثارت دمية ضخمة على شكل طفل مخيف الهلع والغضب في مدينة بريطانية، حيث وصفها السكان بأنها “كابوس على أرض الواقع” ولا تناسب الأطفال.ووصلت الدمية “ليلي” البالغ طولها 8.5 مترا إلى وسط مدينة روتشديل، كجزء من مشروع لتشجيع الأطفال على التحدث عن تغير المناخ.ورحب مجلس المدينة بالدمية من خلال منشور عبر حسابه الرسمي على منصة “إكس”، مشيرا إلى أنها ستكون ضيفا خاصا خلال مهرجان الفنون البيئية “وايلد واندرز”، الذي سيقام من تنظيم المجلس في الهواء الطلق خلال الشهر المقبل.ودعا المجلس في منشوره تلاميذ المدارس المحلية للحضور ومقابلتها هذا الأسبوع، من أجل “معرفة رأيهم في مستقبل بيئتنا”.في غضون ذلك، كان السكان المحليون أقل حماسا بشكل ملحوظ تجاه الحدث، حيث عبّر أغلبهم عن امتعاضهم من لجوء المجلس لهذه الدمية المخيفة، من أجل توعية الأطفال بقضية عالمية مهمة، فيما اعتبره آخرون هدر للمال العام.ودافع المجلس عن الدمية مشيرا إلى أنه تم تمويل تكلفة بنائها من قبل مجلس الفنون في إنجلترا والمؤسسة الخيرية المحلية “غارفيلد ويستون”.وتابع: “قامت مجموعات مدرسية بزيارة ساحة البلدة للتحدث مع الطفل عن أفكاره بشأن تغير المناخ، وخططه لرعاية الطبيعة والحيوانات”.

مقالات مشابهة

  • المحافظون ورؤساء الجامعات يهنئون الرئيس السيسي بالذكرى الـ51 لانتصارات أكتوبر المجيدة
  • سعر الدولار اليوم السبت 5 أكتوبر في ظل استمرار التحديات التي تواجه الأسواق العالمية وتأثيراتها على الاقتصاد المصري
  • رئيس الوزراء البريطاني الأسبق: عثرنا على جهاز تنصت في حمام مكتبي بعد زيارة نتنياهو
  • رئيس اتحاد العمال المصريين بإيطاليا: فرص واعدة للشباب المصري في سوق الإيطالي
  • جبريل: عيسى يبدأ تنظيف ما أفسده «عبدالغفار» خلال فترة اقتحامه المصرف المركزي
  • موقع “ديكلاسيفايد” البريطاني: ستارمر سمح بـ100 رحلة تجسسية فوق غزة لدعم “إسرائيل”
  • تقرير مفاجئ عن دور بريطانيا بالتجسس على غزة لصالح إسرائيل
  • بريطانيا تسير 100 رحلة تجسسية فوق غزة لمساعدة الاستخبارات الإسرائيلية
  • ورشة عمل لمناقشة التحديات التي تواجه القطاع الخاص
  • دمية طفل ضخمة تثير الهلع في بريطانيا