شبكة اخبار العراق:
2024-07-18@11:12:11 GMT

رئيس إيراني لتنفيس الاحتقان

تاريخ النشر: 8th, July 2024 GMT

رئيس إيراني لتنفيس الاحتقان

آخر تحديث: 8 يوليوز 2024 - 9:33 صبقلم:خيرالله خيرالله يمكن القول إنّ انتخاب الإصلاحي مسعود بيزشكيان رئيسا للجمهورية في إيران حدث مهمّ، بل تطور بارز نحو الأفضل. كان ذلك ممكنا لو كانت تجارب الماضي القريب تسمح بذلك. لكن هذه التجارب، في مقدمها تجربتا محمد خاتمي وحسن روحاني، لا تبعث على التفاؤل. كان خاتمي وروحاني محسوبين على الإصلاحيين، لكنهما لم يتمكنا من تغيير شيء في إيران التي بقيت تعاني من أزماتها الداخليّة المستعصية منذ قيام “الجمهوريّة الإسلاميّة” في العام 1979.

يترجم هذه الأزمات المستعصية، على أرض الواقع، إصرار النظام الإيراني على شعار “تصدير الثورة”، أي على نشر الفوضى والبؤس في المنطقة كلّها من منطلق أن ذلك خير دفاع عن استمرار النظام. هذا النظام الذي يتحكّم به رجال الدين والذي يرمز إليه التحالف بين “المرشد الأعلى” علي خامنئي و”الحرس الثوري”. يتحكّم خامنئي بكل القرارات المهمّة ذات الطابع الإستراتيجي. يتحكّم “الحرس الثوري” بكلّ ما له علاقة بإبقاء المواطنين الإيرانيين تحت السيطرة وسيف القمع في الداخل من جهة وبالأدوات الإيرانية الموجودة في الخارج من جهة أخرى؛ أي بالميليشيات المذهبيّة التي تقاتل في العراق وسوريا ولبنان واليمن من أجل حماية النظام في إيران.لا شكّ أنّ فوز بيزشكيان يعبّر عن رغبة لدى الشعب الإيراني في إحداث تغيير جذري في نمط العيش. لكنّ الواقع يقول إنّ هذه الرغبة لا يمكن أن تتحقّق عبر شخص مثل الرئيس الجديد الذي لا يستطيع الذهاب بعيدا في إخراج البلد من سيطرة المتشددين المسلحين بدستور “الجمهوريّة الإسلاميّة”. هؤلاء المتشددون وقفوا عائقا في وجه أي تغيير حقيقي في كلّ مرة ثار الشعب الإيراني طالبا استعادة حريته ومبديا رغبته في الانتماء إلى العالم الحضاري. لو كانت هناك أي رغبة لدى النظام الإيراني في حصول أي تغيير حقيقي في العمق، لكان سمح لكلّ من يرغب بالترشّح لخوض الانتخابات الرئاسية. كلّ ما في الأمر أن النظام لم يسمح، بين كل الإصلاحيين، سوى بترشح بيزشكيان الذي كان وزيرا للصحة في عهد خاتمي. لو كان لدى “المرشد الأعلى” أدنى شكّ في ولاء الرجل لما وصل  إلى الرئاسة. يعرف خامنئي تماما أن بيزشكيان لن يثير أي اعتراضات حقيقية على سلوك النظام… بل إنّه هديّة من السماء للنظام الباحث عن تنفيس الاحتقان الداخلي. ظهر هذا الاحتقان في العام 2022 في قضية الفتاة مهسا أميني التي قتلتها شرطة الأخلاق في طهران بحجة عدم التزام وضع الحجاب بالطريقة المطلوبة. لا يتعلق الأمر بالحجاب، أو بوضعه أو عدم وضعه، ذلك أنّ كل إنسان حر في التصرّف بالطريقة التي يريدها من دون إكراه. يتعلّق الأمر بممارسة حرّية شخصيّة، خصوصا لدى المرأة الإيرانيّة التي كانت تتمتع بحقوق كبيرة في عهد الشاه. يقول الرئيس الإيراني الجديد كلاما جميلا مستندا بالفعل إلى معطيات علمية. من جملة ما يقوله، على سبيل المثال، “لا يمكن أن نصل إلى نمو بنسبة 8 في المئة (سنويا) من دون فتح حدودنا والتعاطي مع حكومات المنطقة والعالم. من أجل تحقيق هذا الهدف، نحن في حاجة إلى 200 مليار دولار سنويا. هذا أمر مستحيل في ضوء الظروف الراهنة. من الضروري، إذًا، تسوية مشاكلنا المرتبطة بعلاقاتنا الدولية”.لا يبدو الكلام الجميل كافيا، كذلك لا يبدو كافيا تعيين الرئيس الجديد لمحمّد جواد ظريف، وزير الخارجية السابق الذي لعب دورا في التفاوض مع الغرب في شأن الاتفاق النووي، مستشارا له. في نهاية المطاف، يظل الكلام الجميل كلاما جميلا إذا لم ترافقه أفعال تشير إلى تخلي “الجمهوريّة الإسلاميّة” في إيران عن أوهامها التي تقوم على مبدأ “تصدير الثورة”. لو كان النظام الإيراني نظاما ناجحا بالفعل، لما استغل المواطنون العاديون فرصة الانتخابات الرئاسية للتصويت لبيزشكيان بدل التصويت للمتشدد سعيد جليلي الذي يعتبره الشارع الإيراني من مدرسة “طالبان”! عاجلا أم آجلا سيتبين هل يستطيع الرئيس الإيراني الجديد أن يصنع فارقا، فيكون مختلفا عن سلفه إبراهيم رئيسي، الذي يحمل لقب “جزار طهران” والذي قتل في حادث تحطم طائرة هليكوبتر مع وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان في 19 أيار – مايو الماضي. يكفي من أجل التأكد من حصول التغيير الإفراج عن لبنان الذي تحول رهينة لدى إيران وبات أقرب إلى مستعمرة إيرانيّة. لا حاجة إلى القول مرّة أخرى إن لبنان صار رهينة إيرانيّة في ضوء سقوط البلد تحت هيمنة “حزب الله” الذي ليس سوى لواء في “الحرس الثوري” الإيراني. هل يستطيع بيزشكيان القيام بأي خطوة ذات طابع إيجابي بالنسبة إلى لبنان والتوقف عن تدمير بلد كامل من أجل تكريس الدور الإقليمي لـ“الجمهوريّة الإسلاميّة” التي أخذت على عاتقها المتاجرة بالقضيّة الفلسطينية مستغلة حرب غزّة إلى أبعد حدود؟سيكون لبنان أحد الامتحانات المتاحة أمام الرئيس الإيراني الجديد، خصوصا أن إيران باتت تمتلك قرار الحرب والسلم في لبنان بعدما اتخذت قرارا بفتح جبهة الجنوب. لم يأت هذا القرار سوى بالبؤس والخراب والدمار للبنانيين من أهالي القرى الحدودية ولم يفد “حماس” وغزّة في شيء.الأكيد أنّ هناك امتحانات أخرى أمام بيزشكيان، امتحانات في العراق وسوريا ولبنان واليمن، كما هناك امتحان التزام الاتفاق الذي وقعته “الجمهوريّة الإسلاميّة” مع المملكة العربية السعودية برعاية صينيّة في 11 آذار – مارس 2023. التزمت إيران ما يناسبها من بنود الاتفاق. أوقفت الاعتداءات على الأراضي السعودية، وهي اعتداءات كان يشنها الحوثيون انطلاقا من الأراضي اليمنية. في المقابل، لم توقف أي تدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى كما نصّ عليه الاتفاق.الخوف كلّ الخوف من أن يكون الرئيس الإيراني الجديد أداة لتنفيس الاحتقان الداخلي الإيراني فيما ستبقى إيران أسيرة وهم القوة المهيمنة على المنطقة. وهو وهم لم يجلب، إلى الآن، سوى الويلات!

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: الرئیس الإیرانی الجدید الجمهوری ة الإسلامی ة فی إیران لو کان من أجل

إقرأ أيضاً:

الرئيس الإيراني والأسئلة الحقيقية

آخر تحديث: 17 يوليوز 2024 - 12:38 مبقلم:خيرالله خيرالله  لم يوضح الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان كيف يريد تطبيق برنامج إصلاحي في “الجمهوريّة الإسلامية” الإيرانية في وقت يعرف تماما أنّه قبل بأن يكون رئيسا للجمهوريّة في ظلّ نظام يرفض الاعتراف بوجود معارضة ذات أي وزن أو تأثير… أو دور. لو لم يكن بزشكيان يحظى برضا “المرشد الأعلى” علي خامنئي لما كان وصل إلى موقع رئيس الجمهورية. مثل هذا الرضا هو الشرط الأوّل والأخير لاحتلال هذا الموقع، خصوصا أنّ “المرشد” يستطيع منع أيّ شخص لا يعجبه من الترشح للرئاسة أصلا. كلّ ما في الأمر أن الرجل حاجة إلى النظام في الوقت الحاضر وهو فضلا عن ذلك حاجة لإعطاء صورة غير صحيحة عن “إيران المعتدلة” في عالم مقبل على تغييرات كبيرة ومنطقة تعيش في حال غليان. في مقال طويل نشره أخيرا في صحيفة “طهران تايمز”، حرص بزشكيان على تأكيد الولاء لخامنئي أوّلا. قال في هذا المجال “في ظل الحرب والاضطرابات السياسية في المنطقة، أظهر النظام السياسي في إيران استقراره، من خلال إجراء الانتخابات بطريقة تنافسية وسلمية ومنظّمة، ودحض مزاعم بعض خبراء الشؤون الإيرانية في بعض الحكومات”، مشددا على أنّ “هذا الاستقرار السياسي وأسلوب إجراء الانتخابات الزاخر بالفخر يؤكدان فطنة قائد الثورة الإسلامية آية الله الخامنئي، وتفاني الشعب الإيراني في الانتقال الديمقراطي للسلطة، حتى في الظروف الصعبة”. ليس معروفا عن أي “انتقال ديمقراطي للسلطة”؟ يتحدث بزشكيان أيضا عن التعاون مع الدول الأخرى في المنطقة والعالم من دون أيّ إشارة بالاسم إلى الولايات المتحدة. يقول الشيء وعكسه، خصوصا عندما يتطرق إلى العلاقات مع العالم والمحيط القريب. يقول مثلا “سنبادر إلى التعاون مع تركيا والسعودية وسلطنة عُمان والعراق والبحرين وقطر والكويت والإمارات والمنظمات الإقليمية لتعميق العلاقات الاقتصادية وتعزيز العلاقات التجارية وزيادة الاستثمار المشترك ومعالجة التحديات المشتركة والمضي قدما نحو إنشاء إطار إقليمي للحوار وبناء الثقة والتنمية. إن منطقتنا تعاني منذ فترة طويلة من الحرب والتوترات الطائفية والإرهاب والتطرف وتهريب المخدرات ونقص المياه وأزمة اللاجئين والدمار البيئي والتدخلات الأجنبية وأنّ الوقت قد حان لمعالجة التحديات المشتركة بين الدول في المنطقة لمستقبل أفضل للأجيال القادمة”. اعتبر بزشكيان أنّ “التعاون من أجل التنمية والازدهار الإقليميين سيكون المبدأ التوجيهي لسياستنا الخارجية”. أكد “أننا كدول تمتلك موارد كثيرة ومعتقدات مشتركة نابعة من تعاليم الإسلام السمحة يجب علينا أن نتحد وأن نعتمد على قوة المنطق وليس منطق القوة”، مضيفا “من خلال الاستفادة من طاقاتنا لإيجاد المعيار، يمكننا أن نؤدي دورا حاسما في النظام العالمي الناشئ بعد القطبية من خلال تعزيز السلام، وخلق بيئة هادئة مواتية للتنمية المستدامة، وتعزيز الحوار، وتبديد معاداة الإسلام”. زاد “إيران مستعدة للقيام بنصيبها العادل في هذا الصدد. سأعمل على وقف المذبحة في غزة ومنع اتساع الحرب”. من أطرف ما ورد في المقال قول الرئيس الإيراني الجديد إنّ طهران “ستضع تعزيز العلاقات مع جيراننا على رأس أولوياتها، وستعمل على إرساء أسس منطقة قوية، بدلا من منطقة تسعى فيها دولة واحدة إلى فرض هيمنتها وسيطرتها على الدول الأخرى”، معربا عن اعتقاده بأنّ “الدول المجاورة والشقيقة ينبغي ألا تهدر مواردها الثمينة في منافسات استنزافية، أو سباقات تسلح، أو تقييد بعضها بعضا بلا داع، وبدلا من ذلك، يجب أن يكون هدفنا خلق بيئة تمكّن الدول من تخصيص مواردها لتحقيق التقدم والتنمية في المنطقة لصالح الجميع”. كان مفيدا لبزشكيان طرح أسئلة حقيقية موجهة، أصلا، إلى إيران نفسها وليس إلى الآخرين عن كيفية “هدر الموارد الثمينة”، خصوصا أن كلام الرئيس الإيراني الذي يتطرق إلى “سباقات تسلح” جاء في سياق إشارته إلى أن “منطقتنا تعاني منذ فترة طويلة من الحرب والتوترات الطائفية والإرهاب والتطرف وتهريب المخدرات (…)”. طرح بزشكيان أسئلة كثيرة مطلوب من “الجمهورية الإسلاميّة”، قبل غيرها، الإجابة عنها بدءا بالنشاطات التي تمارسها الميليشيات المذهبيّة في العراق وسوريا ولبنان واليمن ومناطق مختلفة من هذا العالم. ليس مفهوما، في طبيعة الحال، كيف يتحدث الرئيس الإيراني الجديد بهذه الأريحية عن “الحرب والتوترات الطائفية والإرهاب والتطرف وتهريب المخدرات”، كما لو أن الميليشيات التابعة لـ”الحرس الثوري” تكافح هذه الظواهر في حين أنّها تشجعها… بل هي جزء لا يتجزّأ منها! من أجل أن يؤخذ كلام الرئيس الإيراني الجديد على محمل الجدّ، توجد حاجة إلى عودته إلى الواقع. ما دام لا يستطيع القيام بمثل هذه العودة، يبقى كلامه كلاما جميلا لا أكثر. من السهل الخروج بمثل هذا الكلام الجميل، لكن من الصعب إقناع أيّ دولة من دول المنطقة به. بكلام أوضح، إن الشعوب العربيّة تعرف جيدا ما تفعله إيران في المنطقة وطبيعة العلاقة بين “الجمهوريّة الإسلاميّة” ونظام مثل النظام الأقلّوي في سوريا الذي يخوض حربا مع شعبه منذ ما يزيد عن 13 عاما. هل تشارك إيران، عبر ميليشياتها في هذه الحرب من أجل خدمة الاستقرار في المنطقة أم بسبب دعمها لنظام تعتقد أنّه تابع لها، نظام مستعد لكلّ أنواع القمع من أجل تهجير أكبر عدد من السنّة من الأراضي السوريّة؟ كان لافتا في المقال الذي نشره بزشكيان غياب أيّ إشارة إلى لبنان. هل سأل نفسه ما الذي تفعله “الجمهوريّة الإسلاميّة” في لبنان وما طبيعة ممارسات الحزب التابع لها على الأرض اللبنانية، منذ قيام هذا الحزب مطلع ثمانينات القرن الماضي… وصولا إلى فتح جبهة الجنوب اللبناني؟ يمكن الكلام عن تغيير حقيقي في إيران وعن إصلاحات في العمق وعن دور إيجابي لهذا البلد على الصعيد الإقليمي متى تطرح في طهران الأسئلة الحقيقية بدل الكلام المضحك المبكي عن “الانتقال الديمقراطي للسلطة”…

مقالات مشابهة

  • تحذيرات إسرائيلية من تحديات أمنية غير مسبوقة على مختلف الجبهات
  • محمد بن سلمان يهنئ رئيس إيران الجديد بفوزه في الانتخابات
  • الرئيس الإيراني والأسئلة الحقيقية
  • تقرير أميركي يكشف عن مخطط إيراني لاغتيال ترامب
  • نصر الله: عملية طوفان الأقصى ساهمت في تخفيف الاحتقان المذهبي
  • الكتائب: على المجتمع الدولي الضغط لإخراج لبنان من قبضة إيران
  • تقرير دولي يعرّي طموحات إيران البحرية الجديدة
  • إيران.. وديناميكية النظام السياسي
  • بشأن الكولبار.. حقوقيون يحثون الرئيس الإيراني على الوفاء بتعهداته
  • مركز بحثي: إيران تهدد المصالح الإسرائيلية في قارة أفريقيا