تثير لغة نتنياهو، المستخدمة حول اليوم التالي في غزة، شكوكاً حول نيته أصلاً مغادرة القطاع، وبالتالي تعزز سعيه للبقاء هناك على الأقل حتى يقرر ماذا سيفعل، ما يعني «حكماً عسكرياً».

 وكشف تقرير إسرائيلي جديد عن وثيقة أعدّها باحثون إسرائيليون حول مستقبل قطاع غزة بعد هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول)، الذي شنّته حركة «حماس» على منطقة الغلاف، وصفها رئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي بـ«الرائعة»، تعزز فرضية أن إسرائيل ذاهبة إلى حكم عسكري في القطاع.

وقال تلفزيون «آي 24 نيوز» إنه بعد وقت قصير من 7 أكتوبر، قدّم 4 باحثين إسرائيليين وثيقة من 32 صفحة إلى مجلس الأمن القومي والكابنيت (المجلس المصغر السياسي والأمني)، بعنوان «من مجتمع قاتل إلى مجتمع معتدل»، تقترح حلاً للقضية الكبرى:

من سيحكم غزة في اليوم التالي؟

تطرح الوثيقة التي وصفها رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي بـ«الرائعة»، شرطاً رئيسياً وهو هزيمة «حماس» الكاملة، وتفترض أمرين أساسيين: الأول هو أنه بعد 7 أكتوبر ثبت أنه لا يمكن لإسرائيل أن تعيش إلى جانب دولة تسيطر عليها «منظمة إرهابية» مثل «حماس».

والافتراض الأساسي الثاني، أن غزة يجب أن تظل عربية وفلسطينية.

 يقول البروفيسور داني أورباخ، أحد معدي الوثيقة العسكرية: «هذان الافتراضان يؤديان إلى استنتاج مفاده أن هناك حاجة للتحول في غزة». يتابع: «لكن من أجل ذلك، تحتاج إسرائيل إلى التخلص من حساسيتها تجاه إدارة السكان المدنيين». غير أن التحول الذي يتحدث عنه أورباخ يعني حكماً عسكرياً. ويتساءل التقرير الإسرائيلي:

«هل نحن في الطريق إلى نظام عسكري إسرائيلي في غزة؟». وفي محاولة لتفسير المسألة، قام الباحثون الأربعة بدراسة حالات مماثلة في التاريخ، مثل اليابان وألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، وكذلك الحكم العسكري الأميركي في الشرق الأوسط بعد حرب الخليج.

وعدّت الوثيقة أن «ألمانيا واليابان» تشكلان مثالين للنجاح الباهر، مستندة إلى أن التغيير الشامل في المجتمعات المدنية في هذه البلدان، التي كانت تحمل آيديولوجية قاتلة، اعتمد على الهزيمة الكاملة، التي شملت «نزع سلاح وإزالة الآليات السامة للحكم».

فلسطينيون يتفادون الأضرار السبت بعد غارة إسرائيلية على مدرسة الجاعوني التابعة لـ«الأونروا» تؤوي نازحين من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (إ.ب.أ) وتقترح الورقة أن هناك حاجة إلى «إعادة الإعمار، وهو أمر ضروري لتجديد القبول في أسرة الأمم، وإعادة التأهيل.

ويتم ذلك بمساعدة اجتثاث التطرف من الأفكار الآيديولوجية المتشددة، وبناء بنى تحتية سلطوية جديدة، وتدمير رموز النظام القديم، وإجراء محاكمات صورية لمجرمي الحرب، وإيقاف استخدام الكتب القديمة والمتطرفة، وعرض الثقافة اليهودية في المدارس وغيرها».

يدعم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هذه الأفكار، وكذلك هنغبي، الذي نقل عنه قوله:

«سيتعين على الفلسطينيين أن يخرجوا من داخلهم قادة مهتمين بالازدهار والنمو والإدارة، وليس تجربة الجهاد وتشجيع الكراهية لإسرائيل». وتؤكد الوثيقة، أنه حتى لو كانت إسرائيل لا ترغب في حكم غزة، وتفضل إقامة حكومة مدنية أخرى في القطاع، فإن خيار الحكم العسكري يجب أن يطفو إلى الأعلى، خاصة إذا كانت إسرائيل تريد تنفيذ ما هو مكتوب في الوثيقة.

 الكشف عن الوثيقة جاء في وقت يحذر فيه قادة إسرائيليون من أن نتنياهو يعتزم فرض حكم عسكري في القطاع، فخلال فترة الحرب، لم يتردد عن طرح أفكار الوثيقة، متحدثاً عن «نصر كامل وتغيير الثقافة والآيديولوجيا، وتغيير المناهج الدراسية وخلق مجتمع مختلف».

وكتبت تال شنايدر، في موقع «تايمز أوف إسرائيل» الأسبوع الماضي، إن إسرائيل في طريقها لحكم عسكري.

وقالت شنايدر إنه منذ حذّر وزير الدفاع يوآف غالانت في شهر مايو (أيار) من أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يعتزم فرض حكم عسكري إسرائيلي في غزة، لم ينفِ نتنياهو نيته ذلك، بل تتزايد الدلائل على أن الحكم العسكري في طريقه بالفعل، ومثل رواية الضفدع المغلي، ترتفع درجة حرارة الماء ببطء، فيما ينكر نتنياهو ويراوغ ويحرص على عدم «التعامل مع قضية» اليوم التالي في غزة.

وأضافت المعلقة أن «مستشار الأمن القومي تساحي هنغبي قال إن هناك عدداً كبيراً من البدائل لليوم التالي، من سيطرة الجيش الإسرائيلي، إلى الحكم العسكري، أو حكم سلطة محلية، أو عشائر فلسطينية، أو مجتمعات مدنية، أو قوات مشتركة». وبعد هنغبي، طالب وزير الزراعة آفي ديختر بسيطرة عسكرية.

بعد ذلك، جرى الكشف عن وثيقة السكرتير العسكري الجديد لرئيس الوزراء، الجنرال رومان جوفمان، الذي يوصي بإقامة حكم عسكري في غزة. ولا يقف الأمر عند هؤلاء، فكثير من السياسيين، وبعضهم مؤثر مثل الوزير السابق، حاييم رامون، دعا إلى إقامة حكم عسكري في غزة. وفي تقرير سابق، قالت «هآرتس» إن ثمة اقتراحاً موجوداً الآن على مكتب نتنياهو، يتعلق بإدارة عسكرية مؤقتة كبديل لـ«حماس».

ونشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» وثيقة أعدّتها المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، كشفت أن التكاليف التشغيلية السنوية لمثل هذه المغامرة تقدر بنحو 5.4 مليار دولار، بخلاف التكلفة الدبلوماسية التي لا يمكن حسابها. كما أن الجناح اليميني في الحكومة يريد سيطرة عسكرية في غزة، وهذا يبدو بديهياً، حيث إنه يهدف إلى استغلال الحكم العسكري للدفع بالاستيطان هناك.

لكن هل يمكن لنتنياهو فرض حكم عسكري في قطاع غزة، بعد الإرهاق الكبير الذي يعاني منه جيشه، ومواصلة «حماس» تنفيذ هجمات خاطفة قاتلة في القطاع، فيما لم يحقق أياً من أهدافه هناك؟! إن كان فعلاً ينوي ذلك، فإنه لا يريد أن تكون للحرب نهاية

المصدر: مأرب برس

كلمات دلالية: الحکم العسکری الأمن القومی حکم عسکری فی فی القطاع فی غزة

إقرأ أيضاً:

أستاذ علوم سياسية: استقالة بن جفير لا تشكل خطرا على مستقبل ائتلاف حكومة نتنياهو

قال الدكتور سهيل دياب، أستاذ العلوم السياسية، إنّ استقالة بن جفير وزير الأمن القومي الإسرائيلي، لا تشكل خطرًا على مستقبل ائتلاف حكومة بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، لأنه استعاض عن ذلك بإدخال جدعون ساعر وزير الخارجية الإسرائيلي قبل فترة قصيرة، والآن لديه أكثرية في الكنيسيت بدون بن جفير وأعضاء الكنيست ما يسمى القوى اليهودية.

وتابع «دياب»، خلال مداخلة هاتفية عبر قناة القاهرة الإخبارية، اليوم، بعد أن أرضى «سمودريتش» بالعديد من الجوائز والهدايا لإبقائه على الأقل في المرحلة الأولى من تنفيذ هذه الصفقة، متسائلًا عن أين تنبع المشكلة والقلق من نتنياهو؟، مجيبًا: «أن مع التوقيع على صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بدء النقاش ليس فقط بالمجتمع الإسرائيلي وإنما داخل اليمين المتطرف، واليمين الخشني الذي يؤيد نتنياهو».

وتساءل عن من مؤيد الصفقة من اليمين مؤيدي نتيناهو؟ فإن 52% من مؤيديه يريدون الصفقة ووقف الحرب و48% ليس كذلك، وإنما الأوساط الأخرى 91% يريدون وقف الحرب وعقد الصفقة مشيرا إلى أن المشكلة ليست في النقاش الإسرائيلي الداخلي وإنما بالقاعدة الانتخابية لمؤيدي بينامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي.

مقالات مشابهة

  • هل هناك تفاهمات سرية؟
  • نتنياهو يخطط لزيارة ترامب ومناقشة قضايا هامة
  • مستشار ترامب يكشف الحقيقة: هل ستعود حماس لحكم غزة أم لا؟
  • مستقبل اتفاق وقف النار بغزة من منظور نتنياهو وترامب
  • الصحة العالمية: هناك حاجة إلى أكثر من 10 مليارات دولار لإعادة تأهيل النظام الصحي في غزة
  • لا يمكن العثور على عمال براتب 60 ألف ليرة تركية! هناك نقص كبير في العمالة في هذه المهن
  • هل تشكل استقالة بن جفير خطرًا على مستقبل حكومة نتنياهو؟ .. خبير يجيب
  • أستاذ علوم سياسية: استقالة بن جفير لا تشكل خطرا على مستقبل حكومة نتنياهو
  • أستاذ علوم سياسية: استقالة بن جفير لا تشكل خطرا على مستقبل ائتلاف حكومة نتنياهو
  • إسرائيل تنفجر في وجه نتنياهو بسبب اتفاق غزة.. مستقبل سياسي على المحك