محمد شعبان يكتب: المدارس التكنولوجية «الملاذ الآمن»
تاريخ النشر: 8th, July 2024 GMT
البداية كانت في مترو الأنفاق؛ وقتها كنت أبحث عن مدرسة لابنتي بعد حصولها على الشهادة الإعدادية بمجموع يؤهلها للالتحاق بمرحلة الثانوي العام، لكن عيني وقعت بالصدفة على طالب يرتدي «تي شيرت» عليه شعار إحدى المدارس التكنولوجية المتخصصة في دراسة كل ما يتعلق بالسيارات.
قلت لنفسي «لما لا؟».. وخلال ثوان معدودة التقطت هاتفي المحمول من جيبي وبدأت رحلة البحث عن هذه المدرسة عبر شبكة الإنترنت، لاكتشف أنها تابعة لإحدى شركات السيارات الشهيرة، ويشرف على الدراسة بها شريك صناعي ألماني، وكل ذلك بالطبع تحت إشراف وزارة التربية والتعليم.
قادتني هذه المؤشرات الجيدة للبحث أكثر وأكثر، فوجدت أن المدرسة لا تقبل إلا الطلاب المتفوقين، بل تشترط الحصول على مجموع أكبر من مجموع القبول بالثانوي العام، والأكثر من ذلك الحصول على درجات مرتفعة في اللغة الإنجليزية والعلوم والرياضيات، ما يعني أنها ليست مجرد «مدرسة تعليم فني والسلام».
بدأت الفكرة تختمر في رأسي أكثر وأكثر عندما عرفت أن هذه المدرسة توفر فرص عمل للطلاب بعد تخرجهم في أحد مراكز الشركة المنتشرة في ربوع المحافظات، بل وتؤهل الطلاب للالتحاق بكليات الهندسة، أو إحدى الكليات التكنولوجية الجديدة.لم أنتظر كثيرًا.. عرضت الفكرة على ابنتي التي تحمست لها، خاصة في ظل رغبتها بالابتعاد عن «مقامرة» الثانوية العامة، وما تجلبه من ضغوط نفسية ومالية، بعدما رأت تجربة اختها الكبرى.
دخلنا على الموقع الإلكتروني للتقديم، وخلال أيام توجهنا للمدرسة لعقد الاختبارات، وهناك توالت المفاجآت السارة التي يمكن تلخيصها في «مدرسة أوروبية على أرض مصرية».. فالمدرسة مقامة على مساحة كبيرة، وتضم ورشًا مؤهلة ومُعدة وفق تصميم رائع، وهناك أخبرنا المشرفون على المدرسة أن الأولوية في الدراسة للجانب العملي، وأن الطالب لا يدرس سوى المواد التي يستفيد منها فعليًا في مجاله، وأن من بين آلاف المتقدمين لن يتم قبول إلا مائة طالب وطالبة فقط، مقسمين على أربعة فصول، كل فصل به خمسة وعشرون طالبًا وطالبة فقط، لتحقيق المستهدف من العملية التعلمية، خاصة في ظل عدم وجود دروس خصوصية، حيث يتم متابعة الطلاب أولًا بأول ورفع مستوى الطلاب المتأخرين دراسيًا من خلال المهندسين المشرفين على الدراسة.
زادت قناعة ابنتي بالمدرسة، واجتازت الاختبارات، والتحقت بالمدرسة، وخلال عامها الأول تعلمت أشياء كثيرة لم تقتصر على الجانب النظري فقط، بل امتدت لنواحٍ عملية، خاصة أن المدرسة تنظم للطلاب تدريبًا خلال الصيف في أحد مراكز الصيانة الشهيرة، لمعرفة كل ما يتعلق بالسيارات من ميكانيكا وطلاء وسمكرة وغيرها من المجالات التي تؤهل لسوق العمل مباشرة، دون الانتظار في طوابير العاطلين.
الأكثر من ذلك، أن المدرسة تواكب المتغيرات الحديثة في صناعة السيارات، فبجانب أقسام النقل الخفيف والنقل الثقيل والطلاء والسمكرة، يوجد قسم حديث للسيارات الكهربائية، وآخر للذكاء الاصطناعي، ما يؤكد إصرار مثل هذه المدارس على مواكبة سوق العمل والابتعاد عن الوظائف التقليدية التي أصبحت لا تسمن ولا تغني من جوع.ليس هذا فحسب، فالمدرسة تمنح الطالب بعد تخرجه شهادة اعتماد دولية من الغرفة العربية الألمانية للصناعة والتجارة «AHK»، والتي تتيح للطلاب فرص عمل في الخارج.
ما قيل عن هذه المدرسة ينطبق على كثير من المدارس التكنولوجيا المتخصصة في دراسة مجالات مختلفة يحتاجها سوق العمل، وفي نفس الوقت تمثل ملاذًا آمنًا بديلًا للثانوية العامة بكل ضغوطاتها النفسية والمالية، لذا يمكن القول أن هذه المدارس بحق هي مستقبل أولادنا.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: المدارس التكنولوجية مستقبل مصر مترو الأنفاق
إقرأ أيضاً:
بعد واقعة الشلاليت.. أستاذ تربوي يحذر من إهانة الطلاب في المدارس
أكد عاصم حجازي أستاذ علم النفس التربوي المساعد بكلية الدراسات العليا للتربية جامعة القاهرة بعد واقعة قيام مدرس بركل الطالبات وإهانتهن تهدد العملية التعليمية.
مشيرا إلى أن من أهم ما ينادي به التربويون دائما ضرورة توفير بيئة مناسبة لتعزيز ودعم التعلم. وتتفق هذه الدعوة مع ما تنادي به أحدث النظريات في مجال علم النفس التربوي وهي نظرية التعلم المستند إلى الدماغ.
وعليه فإن توجيه الإهانات للطلاب والسخرية منهم تمتد آثاره السلبية لتشمل الجوانب التعليمية والنفسية ومن هذه الآثار السلبية:
وأد الإبداع والقضاء عليه في المهد حيث إن أساس ظهور الإبداع وانتشاره مبني على العصف الذهني وحرية الحوار والمناقشة ولا يمكن تحقيق ذلك في ظل الخوف من الإهانة والسخرية.
يخشى الطلاب أيضا توجيه الأسئلة والاستفسارات والمشاركة في النقاشات ونتيجة لهذا السلوك التجنبي لا يتمكن الطلاب من فهم المحتوى بشكل جيد.
تتشكل لدى الطلاب اتجاهات سلبية نحو المادة ونحو المعلم نظرا لارتباطهما بخبرات سيئة لدى الطلاب.
تنمو لدى الطلاب بعض المشاعر السلبية التي تؤثر على أدائهم الأكاديمي في هذه المادة وغيرها من المواد وتؤثر أيضا على سلوكهم في الحياة ومن هذه المشاعر السلبية فقدان الثقة بالنفس والإحباط والشعور بالاضطهاد والقهر ونمو مفهوم ذات سلبي وقد تكون هذه المشاعر سببا في فقدان الشغف والطموح.
يعد هذا الأسلوب سببا في فقدان المعلم لهيبته ومكانته ومدعاة لتجرؤ الطلاب عليه وفقدانهم الثقة فيه.
يفقد الطلاب ثقتهم في مصدر القدوة ويلجأون للاقتداء بعناصر وشخصيات سيئة وتنتشر بذلك السلوكيات السلبية بشكل أكبر.
ومما ينبغي الإشارة إليه أن التقدير والاحترام بين جميع أطراف العملية التعليمية يعزز التعلم بكفاءة وفعالية وتنعكس آثاره على جودة التعلم وعلى منظومة القيم في المجتمع فالطالب يتأثر بسلوك المعلم كما يتأثر بعلمه تماما.