من خلال الجمع بين الخصائص المغناطيسية التي يعتمد عليها الطب الصيني التقليدي والمعرفة المعاصرة حول ميكروبيوم الأمعاء، طوّر فريق من الباحثين الصينيين علاجاً فموياً جديداً لمنع وإصلاح فقدان السمع الناجم عن التعرض للضوضاء.


ويمكن أن يحدث فقدان السمع الناجم عن الضوضاء NIHL من التعرض لمرة واحدة لدفعة قوية من الصوت، مثل طلقة نارية أو انفجار أو التعرض المستمر لأصوات عالية لفترة طويلة، مثل بيئة العمل الصاخبة، بحسب ما نشره موقع New Atlas.

ومع زيادة التصنيع والتحضر في المجتمع، أصبح فقدان السمع الناجم عن الضوضاء مشكلة شائعة تؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار.

علاج صيني تقليدي وطب حديث
فيما تشمل العلاجات الحالية المعينات السمعية وزرع القوقعة، لكن فعاليتها تعتمد على عدد ووظائف الخلايا الشعرية التي تكتشف الصوت في الأذن الداخلية، وفقاً لدورية National Science Review.

ومن المعروف أنها لا تعالج الضرر الذي حدث بالفعل، لكن مجموعة من الباحثين الصينيين نجحوا في إيجاد علاج جديد يجمع بين مبادئ الطب التقليدي والفهم الحديث لميكروبيوم الأمعاء لمنع وإصلاح فقدان السمع.

آلية سماع الصوت
في الأذن السليمة، تنتقل الموجات الصوتية إلى الأذن الداخلية وإلى القوقعة الحلزونية الشكل حيث تلتقط الخلايا الشعرية في القوقعة الموجات الصوتية وتبدأ في التحرك لأعلى ولأسفل، مما يتسبب في اصطدام النتوءات المجهرية الموجودة أعلى الخلايا بهيكل علوي وانحنائها.

في حين يتسبب الانحناء في فتح القنوات، مما يتسبب في اندفاع المواد الكيميائية إلى الخلايا وإنشاء إشارات كهربائية تنتقل على طول العصب السمعي إلى الدماغ، حيث يتم تسجيلها على أنها صوت.

ويحدث فقدان السمع، في معظم الحالات، بسبب الضوضاء، إذ يؤدي التعرض المفرط للضوضاء إلى الالتهاب وتراكم أنواع الأكسجين التفاعلية الضارة ROS في الخلايا الشعرية، مما يؤدي في النهاية إلى موتها.

المغنتيت والهيماتيت
ولقرون، تم استخدام المغنتيت والهيماتيت وهما من أكاسيد الحديد المعدنية، في الطب الصيني التقليدي لعلاج الحالات العصبية، بما يشمل فقدان السمع.

ويُعتقد أن المغنتيت يمتلك خصائص مضادة للالتهابات ويحسن الدورة الدموية، من بين فوائد صحية أخرى.

ويُقال إن الهيماتيت يعزز الدورة الدموية والصحة الجسدية والعاطفية. ويتميز المغنتيت والهيماتيت بخاصية مغناطيسية، وهي التي أعاد الباحثون استخدامها في أسلوبهم العلاجي المبتكر.

جسيمات نانوية
قام الباحثون بتطوير مجموعة جسيمات نانوية من أكسيد الحديد الفائق المغناطيسية SPIOCA، ثم تم طلاؤها بمركب كربوكسي ميثيل السليلوز CMC المعتمد من إدارة الغذاء والدواء الأميركية FDA، وهو مشتق من السليلوز القابل للذوبان في الماء، لضمان إمكانية تناوله عن طريق الفم.

كما تم التأكد من أن مجموعة الجسيمات النانوية SPIOCA تستجيب لدرجة الحموضة، مما يعني أنها يمكن أن تنجو من الظروف القاسية والحمضية للمعدة دون أن تتحلل.

تعزيز بقاء الخلايا الشعرية
إلى ذلك اختبر الباحثون فعالية SPIOCA ضد حالات فقدان السمع بسبب الضوضاء لدى فئران المختبر، حيث تم إعطائها علاجاً عن طريق الفم ثم تم تعريضها للضوضاء البيضاء قياس 110 ديسيبل لمدة ساعتين.

وأدى العلاج المسبق لفئران المختبر بمركب SPIOCA قبل التعرض للضوضاء إلى تعزيز بقاء الخلايا الشعرية.

تعديل ميكروبيوم الأمعاء
كما اكتشف الباحثون أن المركب SPIOCA تم توزيعه بشكل أساسي في الأمعاء. عند النظر عن كثب، لاحظ الباحثون أنه في حين أن التعرض للضوضاء يغير بشكل كبير تكوين ميكروبيوم الأمعاء، فإن مجموعة الجسيمات النانوية SPIOCA تقوم بتصحيحه.

وبالفعل أمكن تقليل الزيادة في البكتيريا "السيئة"، الناجمة عن التعرض للضوضاء، والتي ترتبط بالالتهاب والعدوى، "بشكل ملحوظ" من خلال تلقي العلاج الجديد.

الصلة بين الدماغ والأمعاء
وأظهرت الأبحاث السابقة الارتباط بين الأمعاء والدماغ وكيف تسهم العوامل المؤيدة للالتهابات الناتجة عن ميكروبيوم غير متوازن في تعطيل حاجز الدم الدماغي الواقي BBB ويمكن أن تؤدي إلى التهاب الدماغ. يحمي حاجز المتاهة الدموية BLB في الأذن الداخلية القوقعة من العوامل الالتهابية بطريقة مماثلة.

واكتشف الباحثون أن SPIOCA يثبط تلك العوامل الالتهابية المرتبطة بالأمعاء، وبالتالي يحمي من الضرر الناجم عن التهاب القوقعة الناتج.

بكتيريا معوية مفيدة
وتبين ان أحد أنواع البكتيريا المعوية المفيدة، التي أدى العلاج بجسيمات SPIOCA النانوية إلى زيادتها هو بكتيريا Bacteroides، التي تنتجها فئة من الدهون تسمى السفينجوليبيدات، والتي تلعب دورًا حاسمًا في بنية الخلية ووظيفتها.

وتوصل الباحثون إلى أن التعرض للضوضاء قمع التعبير عن مستقبل سفينجوليبيد معين في خلايا شعر القوقعة، تحديدًا المستقبل S1PR2، والذي يحمي من فقدان السمع. وبالفعل نجح العلاج بجسيمات SPIOCA النانوية في تثبيط التفاعلات الضارة.

تأثير ترميمي إيجابي
وخلص الباحثون إلى أن "هذه الدراسة توضح آلية جديدة تؤثر بها ميكروبات الأمعاء على التهاب القوقعة، مما يوفر رؤى قيمة في مجال حماية السمع"، شارحين أن النتائج تكشف "للمرة الأولى عن التأثير الترميمي الإيجابي لمواد أكسيد الحديد النانوية على ميكروبات الأمعاء غير الحيوية.

من خلال استهداف تعديل ميكروبات الأمعاء، فإن SPIOCA لديها القدرة على أن تصبح دواء نانويًا فعالًا لعلاج فقدان السمع الناجم عن الضوضاء.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الطب الصيني التقليدي الأمعاء ضوضاء فقدان السمع المغنتيت مضادة للالتهابات جسيمات نانوية میکروبیوم الأمعاء التعرض للضوضاء

إقرأ أيضاً:

ضمن برنامج أمل السعودي.. “إغاثي الملك سلمان” يختتم 3 مشاريع طبية تطوعية في دمشق

ضمن برنامج أمل التطوعي السعودي لمساعدة الأشقاء في سوريا، بمشاركة عدة متطوعين من مختلف التخصصات الطبية، اختتم مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية أمس ثلاثة مشاريع طبية تطوعية في مدينة دمشق بالجمهورية العربية السورية، تشمل زراعة القوقعة، والتأهيل السمعي، وعلاج أورام الأطفال وجراحة العظام.
وأجرى الفريق الطبي التطوعي التابع للمركز خلال الحملة الكشف على 315 فردًا، وإجراء 9 عمليات في جراحة الأورام للأطفال، و31 عملية جراحية لزراعة القوقعة، و42 عملية في جراحة عظام الأطفال، و53 عملية في جراحة العظام وتبديل المفاصل، تكللت جميعها بالنجاح التام ولله الحمد، فضلاً عن تدريب 62 فردًا من أهالي الأطفال المستفيدين على أساسيات التأهيل السمعي والتخاطب.
يُذكر أن برنامج أمل السعودي التطوعي يستهدف تنفيذ 104 حملات في المجالات الطبية والجراحية، وتقديم برامج تدريبية وتعليمية، ومبادرات تمكين اقتصادي للفئات المحتاجة في عدة مدن سورية، بمشاركة أكثر من 3.000 متطوع ومتطوعة.
ويأتي ذلك في إطار منظومة المشروعات الطبية التطوعية المقدمة من المملكة عبر ذراعها الإنسانية (مركز الملك سلمان للإغاثة)؛ للنهوض بالقطاع الصحي السوري، والارتقاء بخدماته.

مقالات مشابهة

  • إجراءات جديدة لزارعي القوقعة السمعية
  • اكتشاف علمي جديد يحل لغز التحنيط عند المصريين القدماء
  • التقدمي دان التعرض لقوات اليونيفيل: لمنع الإخلال بالأمن
  • تشهده أحداث مسلسل فهد البطل في رمضان 2025.. 3 نصائح اتبعيها حال التعرض للتحرش
  • فى ذكراه.. قصة وفاة زكى رستم المأساوية
  • اكتشاف علاقة بين الاكتئاب والرغبة في تناول الحلويات
  • التدخين السلبي: خطر خفي يهدد صحة الأطفال وجيناتهم
  • ضمن برنامج أمل السعودي.. “إغاثي الملك سلمان” يختتم 3 مشاريع طبية تطوعية في دمشق
  • اكتشاف علاج جديد للبهاق من مادة تنتجها بكتيريا الأمعاء
  • مستر بيست: النظر للأهرامات ممتع والمحتوى الذي صورته مدهش