د.حماد عبدالله يكتب: الألقاب العلمية المغتصبة !!
تاريخ النشر: 8th, July 2024 GMT
فقط فى المحروسة تغتصب الألقاب العلمية ويختلط الحابل بالنابل دون ضابط ودون رابط ودون محاسبة وعلى سبيل المثال وليس الحصر.
وموضوع المقال اليوم هو اللقب الذى يغتصبه البعض ويطلق بجرأة شديدة فى الإعلام بلقب "دكتور" يسبق أسماء غير معلوم مصدرها.
فلقب دكتور لا يمنح للحاصل على بكالوريوس طب فى أى نوعية من كليات الطب أو الصيدلة فاللقب يمنح لمن يحصل على درجة الدكتوراه مقدمة من الدارس سواء كان طبيبًا أو صيدليًا أو مهندسًا أو محاسبًا أو أى تخصص أخر اللقب العلمى "الدكتوراه" بعد مناقشة علمية فى موضوع الرسالة من قبل لجنة المناقشة والحكم على منح الدرجة وهنا فقط يصبح المذكور دكتور ويسبق إسمه هذا اللقب ولا يتجزأ عنه حتى مماته وحتى بعد وفاته إذ يقال عنه المرحوم الدكتور "فلان الفلانى" !!
وفى الدول المحترمة حينما يوجه المضيف فى برنامج تليفزيونى أو إذاعى يشاهده المواطنون كلمة دكتور للضيف وهو ليس حاملًا لهذا اللقب يوجب القانون والعرف أن يصحح الضيف للمضيف فى البرنامج فورًا بأنه ليس بدكتور وفى قصة حقيقية أسردها بمناسبة هذا الموضوع أخ فاضل مستثمر مصرى الأصل أوروبى الجنسية ومدير محفظة مالية ضخمة بالبلد الذى إكتسب جنسيته وأسرته فيها وهو خريج إحدى الكليات العملية من إحدى الجامعات المصرية إستضافته القناة الأولى بالتليفزيون الأوروبى وذلك بمناسبة تقدمه لشراء شركة ذات صفة وطنية وتمثل لأهل هذه الدولة "كرامة وطن" وأثارت هذه الصفقة ردود فعل سياسية وإقتصادية بالغة الخطورة فى هذه الدولة ولكن الحرية الإقتصادية تسمح لأى مستثمر بالدخول فى مفاوضات لشراء أنصبة بقدر معين من الشركة المذكورة.
وأثناء حديث المضيف فى البرنامج مع الضيف " أخونا المصرى الأصل " نودى بلقب دكتور "إكس" أكثر من مرة ولم يعترض ولم يصحح سيادته للمضيف (المذيع) بأنه لا يجمل درجة دكتوراه أى أنه وافق على اللقب الذى تعامل به المذيع معه أمام ملايين المشاهدين.. وإنتهى البرنامج وذهب السيد "إكس" إلى بيته ولم يمضى 48 ساعة إلا ووجد إستدعاء من محكمة "العاصمة" –للتحقيق معه ومحاكمته بتهمة إغتصاب لقب لايحمله وهى كلمة " دكتور " وتصوروا حكم على سيادتة بست شهور سجن وقضاهم فى السجن وهذه قصة مشهورة ومعروفة لكثير من الأصدقاء فى مصر وأعتذر على ذكر الواقعة ولن أذكر إسم صاحبها إلابإذن منه !!
وعلى العكس تماماَ نجد على التليفزيون المصرى يستضاف وزير لا يحمل سوى
4 سنوات عجاف أو خمس بالجامعة المصرية ويقال له مارأيك يادكتور فلان فى كذا ويفتى الوزير ويستسيغ اللقب وكأنه حقه !! وهذا عيب !!
ونجد محاسب محترم له قيمة عظيمة وصاحب مشروع أستثمارى عقارى ضخم فى البلد يستضيفة التليفزيون المصرى فى برنامج من أشهر برامجه وينادية المضيف
( مقدم البرنامج ) بالدكتور فلان الفلانى وإذا بالضيف يستسيغ اللقب بسهولة ولا يصححه وطبعاَ الشعب فاهم أنه دكتور مهندس وعلامة وهذا فى رأى لايزيده قدراَ بل ينقص من قدره كمحاسب شاطر وصاحب مشاريع كبيرة !!
كما يستحب بعض حاملى درجة الدكتوراه ومن غير ذوى الوظائف الجامعية أن يطلقوا على أنفسهم الأستاذ الدكتور وهذا غير حقيقى وغير مقبول..
فلقب دكتور قد يمنح لأى حاصل على درجة دكتوراه فى أى تخصص أو حتى درجة دكتوراه فخرية!
ولكن لقب أستاذ يضاف إلى الدكتور بعد جهد فى العمل الجامعى والبحثى وبناءًا على إنتاج علمى لايقل عن خمس سنوات للحصول على لقب أستاذ مساعد دكتور ثم خمس سنوات أخرى على الأقل للحصول على لقب أستاذ دكتور وهذه من خلال لجان علمية محترمة تفحص الأنتاج العلمى للمتقدم لوظيفة أو لقب أستاذ !!
ولكن للأسف الشديد السباك فى المحروسة باشمهندس والنجار باشا، ورجل الأعمال الذى أشترى شهادة دكتوراه من روسيا أو كندا أستاذ دكتور مهندس !!!
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: لقب أستاذ
إقرأ أيضاً:
وداعا دكتور الباقر العفيف (الزول الدُغري)
abdullahaliabdullah1424@gmail.com
بسم الله الرحمن الرحيم
الموت هو الحقيقة الوحيدة التي يصعب تعقلها. اي بوصفه تجربة يُعد عيشها نهاية العيش. لان اللحظة التي يحتد فيها البصر لمعرفة حقيقة الحياة وكل شئ، هي ذات اللحظة التي تفقد فيها المعرفة قيمتها. ولذا وكما هو معلوم ان اكبر اسباب الخوف من الموت هو الجهل به وبما يفضي اليه حتي بالنسبة للمؤمنين، إلا من بلغ فيهم درجة اليقين والاطمئنان وهم اندر من لبن العصفور.
وهذا لا ينفي ان هنالك من يواجه الموت بشجاعة، بل بعضهم يمتهن مهنة تماس للموت كالجنود، او يخاطرون بحياتهم كالمناضلون والثواروالمتدينون سواء من اجل قضايا ومبادئ يؤمنون بها او اديان يعتنقونها، إلا ان الدوافع مرتبطة بوعي الحياة (وبما في ذلك رفضها) وليس وعي الموت ان كان له وعي (تقبل اسدال الستار بقناعة وهدوء).
وكما احزننا رحيل كثير من رموزنا الوطنية في كافة المجالات طوال الفترة الماضية، إلا ان ما ضاعف الحزن ومض القلب، ان هذه الحرب القذرة لم تتح الفرصة لوداعهم بما يستحقونه من احترام وتقديرعلي قدر اسهاماتهم في ترقية الحياة العامة،وتضحياتهم من اجل النهوض بهذه البلاد المتعثرة.
وفي خضم الواقع المأزوم وانبهام سبل الخروج من دوامة الحرب المهلكة، نعي الناعي الدكتور الباقر العفيف، ليضيف للحزن المقيم حزنا ذو نكهة خاصة تشبه خصوصية الباقر الشفيف. اي الباقر الذي تميزت سيرته ومسيرته ومواقفه ومنجزاته بالوضوح والصراحة والجرأة، التي تعاكس تيار المجاملة الكاسح المميز لثقافتناالمجتمعية. ويبدو ان مصدر ذلك حالة من الصدقية العالية مع النفس، الشئ الذي يكسبها الثقة، القادرة بدورها علي التصدي لعيوب المجتمع والسياسة والدولة دون تهيب او لجلجة او مداورة. وهنالك مصدر آخر يُستشف من آثار الباقر الباقية، وهو متحه من ينبوع الاستاذ محمود طه، بكل ما يملكه الأخير من ثراء قيمي ونبل انساني ومعرفة محيطة ومحبة خالصة للوطن وانسانه. فهذا الانسان الشامخ الذي فاض نعيمه علي اهل زمانه وامتد اثره عبر الاجيال، لم يترك اثره البالغ علي الباقر، إلا لتوافر نوع من الكيمياء المشتركة بين المؤثر والمتأثر. وبالطبع كلما تكثفت هذه الكيمياء زاد تاثير المؤثر سواء علي مستوي اتباع نهجه او التاسي بسلوكه، وطوبي لمن كان محمود المحمود استاذه ومعلمه.
وكغيري من الكثيرين الذين لا تربطهم صلة شخصية بالباقر، إلا ان صلة المحبة المرتبطة بمشتركات الحياة العامة، لهي اقرب لصلة الرحم، اوليس الوطن الرؤوم بشكل او آخر ام للجميع! بدلالة ان كل من صدمه خبَر الرحيل، وخبِر بنفسه احساس الوحشة والفراغ والفقد الجلل، لابد وانه عاش ذات الاحساس.والسبب ان الباقر اختلطت حياته الخاصة بالقضايا العامة، لدرجة تشعر وكأنه لم يُخلق إلا لنشر الوعي وترسيخ الاستنارة والتصدي بجلد ومثابرة لفجور الكيزان، كاعداء للحق والخير والجمال.
ولا اعلم متي تعرفت علي الباقر والاصح كتاباته واحاديثه، التي لفتت انتباهي بجرأتها و(دُغريتها)، والاهم في هذا السياق ليس الزمان بقدر ما هو الانجذاب لطروحاته واساليبه وما احدثته في النفس من راحة وانشراح وفي الوعي من مكاسب لا تقدر بثمن، خاصة وسوء حظنا جعلنا ضحايا لعهد الانقاذ المحبط والمظلم، ليتلقفنا الباقر كطوق نجاة، بعد منحنا كثيرا من الامل وانار لنا طريق الخلاص.
وصحيح ان الباقر واحد من السابقين الذين صدقوا الله ما عاهدوا عليه، في بناء الوعي والتبشير بالتغيير والتحول الديمقراطي وجعل الوطن حاضن بحنية لأبنائه بعد افتكاكه من قبضة العسكر وهوس المتاسلمين.إلا ان ما يميز الباقر تحويل تجربته مع المرض وخبرة التعامل معه، الي مدرسة للتعلم حول كيفية قدرة الجسد بمساعدة الوعي وصلابة الارادة، علي التغلب علي مصائب الدهر التي لا تعتق احدا، وهذا في حال لم تعمق تجربة الحياة.
والحال انه لوجاز الوصف، يمكن اعتبار حياة وتجربة الباقر وصراحته المعهودة، نوع من التحرر من الحياء المرضي، الذي يفسد بهجة الحياة ويراكم المفاسد والاخطاء. بعد ان يحول المجتمع الي سجن عريض، يتربص فيه الكل بالكل ويخاف الكل من الكل. ومعلوم ان واحد من افرازات الحياء المرضي، تحفيز عديمي الحياء (الكيزان)، ليجاهروا بالفساد واقتراف الموبقات بجرأة يُحسدون عليها. بل بكل بجاحة يتنصلون من تاريخهم المحتشد بالمظالم والجرائم والاخطاء والخراب،وما ترتب عليه من تاسيس الارضية لهذه الحرب العدمية، وليتصدروا المشهد مجددا كابطال واوصياء علي البلاد، مستفيدين من انتهاكات وبربرية وتفاهة وقذارة مليشيا همجية، فاقت الكيزان انفسهم فسادا في الارض.
وعموما اذا كانت الحياة متاحة للجميع، فاختيار اسلوب الحياة وخصوصا عيشها بما ينفع الناس، فهو امر لا يستطعه إلا اول العزم من البشر، ومن ضمنهم بالطبع الباقر العفيف الذي اختار ان تكون حياته رسالة لتوعية شعبه والاخذ بيده لمرافئ الحرية والكرامة والتقدم، بكل ما يكتنف ذلك من مشاق ومخاطر ضد انظمة عسكرية مؤدلجة كرست جهدها للنهب والقمع والحرب والتخريب.
ونحن اذ نودع العفيف في هذه الايام العصيبة، التي يعتصرنا فيها الالم علي حال البلاد واحوال العباد. تزداد الفواجع بترجل فارس مغوار من صهوة جياد الحكمة والبصيرة والتعاطي الجاد مع القضايا المصيرية. وبفقدان ودالعفيف فقدنا شخصية متمرسة في الحياة السياسية، تكافح بعناد مستصحبة مكتسبات الحداثة واصالة التدين واستقامة النبلاء، لاجلاء كارثة الحرب وازاحة ركام الاستبداد والفساد ما وسعته الحيلة، لفتح آفاق رحبة لجيل الثورة الشاب، الذي رد له شبابه واصدقه الوعد وهو يواجه الرصاص بصدور عارية وهمة عالية (ويتش عين الضلام بالضو علي قول حميد) للخلاص من كابوس البشير ونظامه. وبما ان (الحلو ما يكملش) والسياسة وكل ما يمت للمدنية بصلة امر مستنكر في دولة اعتادت علي صلف العسكر وادمانهم الانقلابات والغدر بالثورات، فقد كان قدر العفيف وامثاله اعادة الكرة من جديد في جهد سيزيفي. ناهيك ان الانقلاب هذه المرة كان من التهور والرعونة بمكان، ليجر خلفه حرب قذرة احرقت الاخضر واليابس. وما زال كاهن الانقلاب الذي فشل في كل شئ، يسعي بهمة للبقاء في منصبه باي ثمن. وهو غير مكترث بدوره ومسؤوليته في ما آلت اليه البلاد من حطام وما اصاب اهلهامن كوارث. وكيف بمن تقاصرت همته وقدرته ومروءته عن (تكريب قاشه) كقائد للجيش او ملء مكانته كراس للبلاد او البر بقسمه اكثر من مرة، ان نرتجي منه خيرا، دعك عن نهوضه ببلاد حطمها بغباء وتبلد يليق بالرجرجة والدهماء. لكل ذلك نحسب ان العفيف رحل وفي نفسه غصة من الحاضر القاتم، ولكن مع فأل حسن بحجم ايمانه اللامحدود بمستقبل البلاد.
الا اسفي وحزني عليك يا ود العفيف وعلي وطنٍ انفقت عمرك لنهضته، وهو يتمنع وينحط من نفق الي جحر الي مجهول، بعد ان تسيده جهلاء القوم وسفهائه ومجرميه.
اللهم اغفر لعبدك العفيف الذي نشهد له بالصدق والمسؤولية والجدية وحب الوطن وشعبه. وتقبله مع الصدقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا. والهم ذويه واصدقائه ومحبيه الصبر وحسن العزاء. والرحمة والمغفرة لشهداء هذه الحرب اللعينة من الابرياء وصغار الضباط والجنود، وعاجل الشفاء للجرحي وعودة للمفقودين. ونساله بكريم فضله دوام الاستقرار والامن والامان، ورد الدولة القاهرة لمواطنيها المستضعفين ردا حسنا. ودمتم في رعايته.