"نحن أول المتضررين من تغير المناخ".. لماذا يدعم المزارعون الريفيون في أوروبا السياسات الخضراء؟
تاريخ النشر: 8th, July 2024 GMT
يعبر المزارعون الشباب في أوروبا عن قلقهم المتزايد إزاء تأثير الزراعة الصناعية الكبيرة على تغير المناخ، مشيرين إليها باعتبارها "المشكلة الحقيقية" في هذا المجال.
يجسد جان ماتيو ثيفينوت، مزارع يبلغ من العمر 30 عامًا من إقليم الباسك الفرنسي، هذا الشعور بوضوح.
يؤكد ثيفينوت لموقع "يورونيوز غرين"، أن "المزارعين ليسوا ضد علماء البيئة، بل على العكس من ذلك، نريد معايير بيئية عالية حقًا في أوروبا".
ثيفينوت يشير إلى أن المزارعين يعانون من تأثيرات سلبية نتيجة تغير المناخ واستخدام المبيدات الحشرية، مما يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة كالإصابة بمرض السرطان.
بصفته ممثلًا لقضايا المناخ في التنسيق الأوروبي عبر الريف (ECVC)، وهو اتحاد نقابات يمثل المزارعين الصغار، يعمل ثيفينوت مع الحكومات والمؤسسات لتعزيز السياسات البيئية التي تدعم المنتجين في نفس الوقت.
ولهذا السبب يعتقد أن التغيير المنهجي ضروري لتحقيق هذه الرؤية.
"دوافع غير واضحة"في مطلع العام الجاري، تصدرت احتجاجات المزارعين الأوروبيين عناوين الأخبار العالمية. ومع ذلك، كما يشير جان ماتيو ثيفينوت، كانت دوافعهم غير واضحة إلى حد ما.
وقال جان: "كانت هناك معارضة زائفة بين علماء البيئة من المدن والمزارعين الريفيين.. نعتقد أن هذا تلاعب، فالصناعة الكبيرة هي التي تحاول جعل المزارعين وعلماء البيئة يتصارعون معا، بينما تكمن المشكلة الحقيقية في الصناعة نفسها".
وأوضح جان أن "المزارعين الصغار لم يتظاهروا ضد السياسات البيئية، بل كانوا يطالبون بحصة عادلة من عائدات منتجاتهم. ففي معظم دول الاتحاد الأوروبي، يبلغ متوسط دخل المزارعين، بما في ذلك الإعانات، نصف دخل المواطنين الآخرين تقريبا، وفقا لـ ECVC.
وأشار بعض منتقدي احتجاجات المزارعين إلى أنها تعكس موقفا مناهضا لحماية البيئة. ويجادلون بأن الممارسات الزراعية الصناعية، التي تروج لها جماعات الضغط الممولة من قبل الشركات الزراعية الكبرى، تساهم بشكل كبير في تغير المناخ وتلوث البيئة.
وبدلا من الانخراط في صراع مصطنع، يطالب دعاة الحوار بإجراء نقاش هادف بين المزارعين وخبراء البيئة.
ويؤكدون أن كلا الطرفين لديهما مصلحة مشتركة في ضمان مستقبل زراعي مستدام يوفر الغذاء للعالم ويحافظ على كوكب الأرض.
وتظهر شركات السوبر ماركت الكبرى لامبالاة تجاه أزمة المزارعين الذين يواجهون تحديات هائلة بسبب تغير المناخ، مما يفاقم من معاناة المزارعين ويحبط المستهلكين.
في الوقت الحالي، يتم التلاعب باتفاقيات التجارة الحرة الأوروبية ضد المزارعين المحليين الذين يعاني إنتاجهم من موجات حر وجفاف وفترات مطر غزيرة تؤثر سلبا على غلة المحاصيل وتهدد سبل عيشهم.
وقال جان إن الزراعة أصبحت أكثر صعوبة بسبب عدم القدرة على التنبؤ بالظروف الجوية، مما يصعب التخطيط واتخاذ القرارات.
ووصف كيف أدى شتاء بارد غير اعتيادي إلى تأخير موسم زراعة الطماطم في منطقته.
تضع شركات السوبر ماركت هامش الربح على رأس أولوياتها، وتبحث عن شراء المنتجات من أرخص المصادر بغض النظر عن التأثير البيئي أو الاجتماعي.
وتمارس ضغوطا هائلة على المزارعين لخفض أسعار منتجاتهم، مما يجبرهم على خفض التكاليف، وهو ما قد يؤدي إلى استخدام ممارسات زراعية غير مستدامة.
في عمله مع ECVC، يدعو جان إلى تدخل الحكومات في تسعير السلع، مما يجبر المتاجر الكبرى على شراء السلع المستوردة بنفس الأسعار المحلية.
يوضح جان: "لقد نادينا دائما بأن الغذاء ليس مجرد سلعة. إنه جوهر الحياة، ولذا يجب ألا يعامل كبضاعة في أنظمة التجارة الحرة أو منظمة التجارة العالمية، فهو ليس سيارة أو جهاز كمبيوتر، بل هو شيء أساسي نحتاجه للبقاء".
ويضيف أن هذا التدخل سيساعد أيضا المجتمعات الزراعية في الخارج.
يقول جان: "لن ننسى أبدا أن الغرض الرئيسي للمزارعين يجب أن يكون تلبية الاحتياجات المحلية، ثم التفكير في التصدير إذا توفرت الفائض. ولكن بالنسبة للواقع الحالي، نرى التنافس غير العادل، مثلا في إنتاج الكاكاو في بعض دول أفريقيا، مما يضعه في مواجهة الزراعة التقليدية للبقاء".
يشير إلى أن النظام الحالي يؤدي إلى منافسة غير متكافئة بين المزارعين على المستوى العالمي - "حيث يكون المزارعون هم الخاسرون في النهاية، بينما تحقق الشركات العابرة للحدود الوطنية الفوز".
يعمل جان مع مجموعة من الأكاديميين على وضع إطار عمل تجاري دولي جديد "مبني على العدالة، التضامن، والقيم الإنسانية، بدلا من الربحية العالمية التقليدية".
في أوروبا، تعاني الزراعة من تحديات كبيرة، وتتبنى شبكة ECVC موقفا قويا ضد ما يعرف بـ "أدوات التضليل الأخضر"، التي تهدف إلى تحقيق أهداف باريس بطرق لا تضمن النتائج الملموسة.
على الرغم من ترحيبها بعناصر استراتيجية "من المزرعة إلى المائدة" التي تهدف إلى بناء أنظمة غذائية مستدامة، إلا أن ECVC تزعم أن هذه الاستراتيجيات تتعارض مع سياسات التجارة والدعم الحالية.
التحدي الأساسي يتمثل في إطار عمل شهادة إزالة الكربون في الاتحاد الأوروبي (CRCF)، والذي يصفه ECVC بأنه "غير صالح علميا" و"يشكل خطرا على أنظمة الغذاء".
وتعتبر ECVC، أن التركيز على "زراعة الكربون" وتقديم الإعانات لممارسات الزراعة التي تعزز عزل الكربون في الغابات والتربة، حلا مؤقتا يعتمد على تكنولوجيا غير مثبتة على نطاق واسع وتقديم تعويضات الكربون للشركات، يخلق "ثقة زائفة" ويؤخر العمل الحقيقي على تقليل الانبعاثات.
ECVC تحذر من أن هذه السياسات تشجع على الاستيلاء على الأراضي من قبل اللاعبين الخارجيين، مما يزيد من تفاقم مشاكل المزارعين الشباب في أوروبا، ويحد من الوصول إلى الأراضي بأسعار معقولة.
الحل يكمن في دعم الزراعة العضوية، وتناوب المحاصيل، واستقلالية المزرعة، مما يساهم في تقليل الاعتماد على الواردات الكربونية العالية ويحافظ على التنوع البيولوجي دون الحاجة للوقود الأحفوري أو المبيدات الحشرية الضارة.
"إذا كنت مزارعا تقليديا، فإن كل إعانة أو قاعدة من الحكومة ستدفعك إلى النمو بشكل أكبر، وسيؤدي ذلك إلى استخدام المزيد من المبيدات الحشرية وزيادة الإنتاج والتصدير، مما يضعف التنوع البيولوجي ويزيد من الضغط على البيئة"، كما يقول جان ماثيو ثيفينوت، مزارع صغير يسعى للحفاظ على ممارسات زراعية مستدامة في مساحته الصغيرة من الأرض.
المصادر الإضافية • Angela Symons
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية "الجميع خائفون" لكن لقمة العيش تتطلب المجازفة.. المزارعون في لبنان تحت القصف الإسرائيلي فيديو: المزارعون الكاتالونيون يغلقون الطريق الرئيسي بين إسبانيا وفرنسا مخاوف من تأثير تغير المناخ على إنتاج الزيتون في إسبانيا الاتحاد الأوروبي تربية المواشي إقليم الباسك زراعة الغذاءالمصدر: euronews
كلمات دلالية: الانتخابات الأوروبية 2024 مارين لوبن حركة حماس الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الانتخابات الأوروبية 2024 مارين لوبن حركة حماس الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الاتحاد الأوروبي تربية المواشي إقليم الباسك زراعة الغذاء الانتخابات الأوروبية 2024 مارين لوبن حركة حماس الصراع الإسرائيلي الفلسطيني فرنسا إسرائيل إيمانويل ماكرون فلسطين إسبانيا حزب الله السياسة الأوروبية یعرض الآن Next تغیر المناخ فی أوروبا
إقرأ أيضاً:
وزيرا البيئة والزراعة يبحثان الاستفادة من المخلفات في تصنيع الأعلاف والأسمدة
عقد السيد علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي اجتماعا مع الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة لبحث كيفية الاستفادة من المخلفات والمتبقيات الزراعية سواء الناتجة عن الأنشطة الزراعية او الحيوانية وذلك بحضور المهندس مصطفى الصياد نائب وزير الزراعة والدكتور حسام شوقى رئيس مركز بحوث الصحراء والأستاذ ياسر عبد الله رئيس جهاز تنظيم إدارة المخلفات والأستاذ محمد معتمد مساعد وزيرة البيئة للتخطيط والإستثمار والدكتورة أميمة الصوان استشارى جهاز المخلفات وبعض قيادات الزراعة والبيئة.
ورحب السيد علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي بوزيرة البيئة والوفد المرافق لها مشيدا بالتعاون بين الوزارتين في كثير من الملفات المشتركة والتى حققت نجاحات يمكن البناء عليها وخاصة في منظومة جمع وتدوير قش الارز وطالب بالاستفادة من التجربة من خلال توسيع نطاق التعاون بحيث يشمل متبقيات ومخلفات جميع المحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية والداجنة الامر الذي يسهم في حماية البيئة من التلوث والحفاظ على صحة المواطنين بالاضافة الى تحقيق عائد اقتصادي على المزراعين والمربين وتشغيل العمالة وتوفير فرص عمل واستخدام المخلفات في انتاج الطاقة والاسمدة العضوية والاعلاف والمخصبات الزراعية.
وقد وجه فاروق قيادات الوزارة بتسهيل التعاون مع وزارة البيئة في هذا الشأن وإزالة اي معوقات تحول دون ذلك وأكد على دعوة المستثمرين لدخول هذا المجال مشيرا إلى إستعداد الوزارة إلى تقديم كافة أوجه الدعم الفني من خلال مراكزها البحثية مؤكدا أن المخلفات الزراعية ثروة يجب استغلالها وعدم اهدارها قد يسهم ذلك في تقليل فاتورة استيراد الأعلاف من الخارج.
ومن جانبها أكدت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة ان تنفيذ هذا المشروع يأتى فى ضوء تكليفات فخامة رئيس الجمهورية بتعظيم الاستفادة من المخلفات الزراعية فى صناعة الأعلاف والتوسع فى ذلك لتقليل استيراد الاعلاف ، حيث تمتلك مصر كماً هائلاً منها والتي يمكن تحويلها بسهولة إلى ثروة علفية مع ضرورة توفير المعدات اللازمة لهذه الصناعة ووسائل نقل اقتصادية وذلك بالتنسيق والتعاون بين وزارتي الزراعة والبيئة.
وأوضحت وزيرة البيئة أنه بناءا على توجيهات دولة رئيس مجلس الوزراء بوضع تصور متكامل فى هذا الشأن من خلال لجنة مشتركة من وزارتى الزراعة والبيئة وبالتعاون مع مركز البحوث الزراعية والمركز القومى للبحوث ، تم إعداد التصور والعرض على رئيس مجلس الوزراء، حيث ترتب على ذلك صدور قرار مجلس الوزراء رقم 1115 لسنه 2023 بتشكيل لجنة عليا لاستخدام المتبقيات الزراعية في صناعة الأعلاف برئاسة وزارة الزراعة.
وأشارت د. ياسمين فؤاد إلى الجهود التى بذلتها وزارة البيئة لتعظيم الاستفادة من المتبقيات الزراعية متضمنة التطوير التشريعي والتنظيمي بداية من وضع قانون تنظيم إدارة المخلفات رقم 202 لسنة 2020 ولائحته التنظيمية ، وإصدار الاستراتيجية الوطنية للمتبقيات الزراعية عام 2019 ، وإعداد الخطة التنفيذية لتنفيذ تلك الإستراتيجية وربطها بخريطة لتوزيع المخلفات الزراعية على المحافظات، وايضا اصدار التعريفة المغذية لإنتاج الكهرباء من المخلفات، بالإضافة الى تنفيذ ندوات وأنشطة التوعية بأهمية الاستفادة من المتبقيات الزراعية بأنواعها والمخاطر الصحية والبيئية المترتبة على حرقها والتخلص غير الامن منها وذلك بكافة محافظات الجمهورية.
وأضافت الدكتورة ياسمين فؤاد ان منظومة إدارة نوبات تلوث الهواء الحادة " قش الأرز " تعد أحد قصص النجاح البارزة في مجال إدارة المخلفات الزراعية، فهى منظومة تشارك فيها عدد من الجهات المعنية بالدولة ، والتى حققت نجاحات كبيرة ، حيث اصبحت نسبة الكبس والجمع تصل ٩٠% ، واصبحت توفر فرص استثمارية كبيرة ، وتم تصميم المنظومة بهدف خلق سوق فعال لقش الأرز من خلال دعم المتعهدين بالمعدات لجمع وكبس قش الأرز الناتج بالمحافظات. كما سعت وزارة البيئة للتوسع في إنتاج الطاقة الحيوية (البيوجاز) من خلال تنفيذ عدد (1921) وحدة منزلية ومتوسطة بإجمالي إنتاج سنوي من الغاز الحيوى 2.152 مليون متر مكعب يعادل تقريباً 86 ألف اسطوانة بوتاجاز، وتعالج 53.8 طن من المخلفات الحيوية كما تنتج 50,000 طن تقريبا من السماد العضوي ، مشيرة إلى التعاون مع شركاء التنمية لاعداد فرص استثمارية لإنتاج الأعلاف غير التقليدية من المتبقيات الزراعية.
وخلال الاجتماع تم تقديم عرض تفصيلى لاستخدام المتبقيات الزراعية في صناعة الأعلاف غير التقليدية، حيث تتوفر كميات كبيرة من المتبقيات الزراعية فى الوقت الراهن بما يقرب من 45-40 مليون طن(مخلفات حقلية، مخلفات زراعات الخضر والفاكهة) وتستخدم حالياً فى عدد من المجالات منها، إنتاج الأعلاف غير التقليدية، وإنتاج الاسمدة العضوية مثل(الكومبوست)، كما تدخل فى بعض الصناعات مثل صناعة الأخشاب ، وكذا إنتاج الطاقة الحيوية، وغيرها من الصناعات، وتم استعراض معوقات استخدام المتبقيات الزراعية، وتم مناقشة الاجراءات اللازمة للتغلب على تلك المعوقات.
كما تم إستعراض الفرص الإستثمارية للإستفادة من المتبقيات الزراعية وزارة البيئة من خلال تنفيذ مشروع إنشاء مصنع لتدوير مخلفات جريد النخيل بالوادي الجديد لانتاج الأخشاب باستثمارات تقديرية 70 مليون يورو، بالإضافة الى إعداد عدد من الفرص الاستثمارية في مجال الاستفادة من المخلفات الزراعية لانتاج زيوت من بذور التين الشوكي ، وإنتاج السيليكا غير المتبلورة من قش الأرز ، كما تم استعراض آليات انتاج الأعلاف غير التقليدية من المتبقيات الزراعية والاجراءات المتخذة فى هذا الشأن.
وقد اتفق الحضور على ضرورة الإنتهاء من إعداد دراسة الجدوى الفنية والاقتصادية للفرص الإستثمارية لإنتاج الأعلاف غير التقليدية من المتبقيات الزراعية، من خلال الاستعانة بعدد من الخبراء في مجال الزراعة والانتاج الحيواني بالمركز القومي للبحوث، وأحد المكاتب الاستشارية المتخصصة، ليتم الدعوة لطرحها ومناقشتها مع كافة أصحاب المصلحة والجهات الحكومية، والخبراء ومصنعي الأعلاف، لضمان تحقيق أقصى استفادة ، وتحقيق رؤية الدولة المستقبلية للتوسع فى انتاج الأعلاف من المتبقيات الزراعية.