الثورة نت:
2025-03-12@11:08:36 GMT

اليمن.. والتغييرات المضادة..

تاريخ النشر: 8th, July 2024 GMT

 

• على مدى عقود، وأمريكا تعمل على إحداث التغييرات في المجتمعات، على مختلف السبل، وفي شتى مجالات الحياة، من التغييرات السياسية، إلى الاجتماعية، مروراً بالاقتصادية والديمغرافية والجغرافية..، وذلك بواسطة الحروب الإقليمية والأهلية، وصناعة الأزمات والتفكيكات الداخلية للدول والشعوب والكيانات الاقتصادية والاتحادات الثقافية، وصولاً إلى التغييرات الفكرية، وحتى التغييرات النوعية في الجنس البشري، سعياً منها لتمديد زمن بقائها على قبة العالم، وقطبية هرم الكيانات الدولية.


• وهي بذلك استخدمت كافة وسائلها الشيطانية، لزرع الفتن الطائفية والعرقية والمناطقية، وإثارة الشهوات الجنسية والاستهلاكية، وابتداع طرق وأساليب شيطانية لإشباعها، وتدمير كل مساعي وجهود الدول والشعوب للنماء الاقتصادي والتنموي، عبر بث عملائها في كافة مرافق الدول، لخلق المشاكل، ثم تأتي هي بالحلول، لتحل الكوارث الأعظم بالآمال المتعلقة بهيئاتها ومنظماتها التنموية، ولتحل بضائعها وشركاتها السلعية والخدمية محل مثيلاتها الوطنية للدول المستهدفة، وتكون بذلك هي المسيطرة على الاقتصاد العالمي، بل وعلى مصائر الشعوب والمجتمعات.
• ما كشفته اعترافات الشبكة التجسسية التخريبية في اليمن، يكفي لتصحوَ الأنظمة العربية والإسلامية وأنظمة الدول النامية من سباتها، فتعمل على إيجاد التغييرات الجذرية في كافة الهيئات الإدارية والقيادية لمرافقها ووزاراتها، ولكن (لا حياة لمن تنادي)، فيبدو أن الأيدي الأمريكية قد تغلغلت في هذه الكيانات، حتى غدى من الصعوبة إيجاد القيادات الحرة، التي تنتمي إلى وطنيتها وشعوبها، وإذا وجدت، فمصيرها التجاهل والتغييب والإبعاد، ولا سبيل إلى عودتها إلا بثورة عالمية، تقوم بها كافة شعوب الأرض ضد التبعية الأمريكية.. والوصول إلى مثل هذه الثورة لن يتأتى إلا بتغيير النظرة الإكبارية لأمريكا، ولن يحدث ذلك إلا بهزّ هيبة أمريكا في وجدان الشعوب، ومحو الهالة الغائمة عن وعيها، وهذا ما تفعله اليمن، منذ بدأت استهداف السفن الحربية والتجارية الأمريكية، في البحار المحيطة، وأصبحت حاملات الطائرات الأمريكية تفر وتتجنب مواجهة الضربات اليمنية، التي ما جاءت إلا انتصاراً لغزة ومظلوميتها التي هزت الوجدان العالمي، بينما لم تهز شعرة في وجدان الأنظمة العربية المحيطة بفلسطين، ولا بالجامعة العربية، التي غدت كل توجهاتها (عبرية) لا (عربية) تجاه ما يحدث في غزة، رغم أن المصير الذي ينتظر تلك الأنظمة التابعة والعميلة لن يختلف عما يحصل في فلسطين.
• من المؤسف جداً للتوجه الرسمي الأمريكي، أن يُحبِط اليمنُ كافة مساعيها التدميرية التفكيكية، التي بذلت لأجلها عشرات السنين وعشرات التريليونات، وملايين الضحايا، وآلاف الخطط، ومئات الهيئات والمنظمات، فقد أصبح كل أعداء أمريكا يشمتون بها، وهي تتراجع أمام الضربات (الحيدرية) اليمنية، ولا تستطيع أن توقفها، أو تحد من تنامي القدرات اليمنية في التسليح والتكتيك العسكري، حتى بات الاعتراف بعدم جدوائية حاملات الطائرات من المُسَلّمات في أروقة المرافق العسكرية الأمريكية، وفي صالات اجتماعاتها، وعلى ألسنة السيناتورات والقادة والخبراء.. وبذلك يمكننا القول: إن العمل اليمني المعاصر، المناصر لفلسطين، أحدث نقلة نوعية وتاريخية في الحروب، وأسلحتها وتقنياتها وتكتيكات المعركة.
• وبناءً على ما سبق، يمكننا القول: إن اليمنَ يعمل الآن على إحداث التغييرات العالمية، المضادة للتغييرات الأمريكية، يساعدها على ذلك الفضاء المفتوح، واستحالة حجب المعلومات والأخبار والتقارير والصور، التي تفضح الكيان الشيطاني الرجعي المسمى (أمريكا)، حتى أمام الشعب الأمريكي نفسه، الذي انتصر لإنسانيته، وأثبت أنه ككافة شعوب الأرض، قادر على رفض ظلم حاكميه، وعدم تصعيدهم إلى كراسي الحكم، بعد أن اكتشف أنه واقع -أو كان- تحت هيمنة أنظمة تعاقبت على حكمه لا لتخدمه، بل لتخدم الصهيونية، وأن ولاءها لم يكن يوماً لناخبيها، بل لجهات أخرى، لا تكترث أن يُسحقوا إذا كان ذلك في مصلحتها، وأنه -أي الشعب الأمريكي- قادر على مواصلة الانتصار لإنسانيته، وخلع تلك الأنظمة، رغم كل ما يدور خلف الكواليس وفي صناديق الاقتراع.. وللجميع يقدم اليمنُ مثالاً حيّاً، واقعياً وعملياً، على ما تستطيع أن تحققه إرادة الشعوب، إذا ما توافرت له القيادة الوطنية الصادقة، المعبرة عن نبضه، الساعية لتحقيق تطلعاته، المتحدية لنصرته كل طغاة العالم وأنظمتهم الرجعية.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

دراويش المعارضة المدنية السودانية- بين التمترس الأيديولوجي وفشل التكيف مع الواقع السياسي”

التمترس الأيديولوجي وأثره على الفكر السياسي
التأثير على تطور الفكر السياسي التمترس الأيديولوجي ليس مجرد تجميد للفكر، بل يؤدي إلى تقييد قدرة الأحزاب السياسية على فهم الواقع المتغير. العديد من الأفكار المعتمدة على أيديولوجيا ثابتة لا تتكيف مع المتغيرات في المجتمع السوداني الذي يتنوع بشكل متزايد. لذا يجب التركيز على أهمية تبني أيديولوجيات مرنة تحاكي تحديات العصر وتستجيب لمطالب الشباب السوداني المتنوع.
التحديات في التعامل مع التنوع أن الاهتمام المفرط بالهويات قد يحد من إمكانية بناء جسر بين مختلف الفئات السودانية. تحتاج المعارضة إلى التفكير في كيفية احتواء هذا التنوع بطريقة تشجع على الوحدة بدلًا من الانقسام.
تحليل مواقف المعارضة وفق معايير العلوم السياسية
ممارسة الديمقراطية الداخلية غائبة إن غياب الانتخابات الداخلية داخل الأحزاب المعارضة يعكس ضعفًا في الثقة والشفافية، وهو ما ينعكس في النهاية على صورتها أمام الجمهور. يمكن اقتراح إجراء انتخابات ديمقراطية داخلية بشكل دوري لكل الأحزاب السياسية لتطوير قيادات جديدة وتحقيق التجديد الفكري.
أهمية تقديم بدائل اقتصادية واضحة لا توجد حلول للمشكلة الكبرى في المعارضة السودانية هي افتقارها إلى حلول اقتصادية عملية. يمكن تسليط الضوء على أهمية وجود خطة اقتصادية متكاملة تكون واضحة ومبنية على أسس واقعية، مثل الاستفادة من التجارب التنموية في دول مثل إثيوبيا و تونس بعد الانتقال السياسي.
تطور الفكر السياسي السوداني: إشكاليات تاريخية
الأنظمة الديمقراطية: التركيز على مسألة أن المشكلة لا تكمن فقط في الأنظمة العسكرية قد يكون محوريًا. فحتى في الفترات الديمقراطية، فشل الأحزاب المعارضة في بناء استقرار سياسي ناجح بسبب عدم وجود ثقافة سياسية جامعة. يمكن الإشارة إلى أن البناء السياسي يحتاج إلى أكثر من مجرد الانتخابات؛ يحتاج إلى بناء ثقافة سياسية مشتركة بعيدًا عن الأيديولوجيا.
الأنظمة العسكرية: في فترة الأنظمة العسكرية، حيث كانت المعارضة إما مقموعة أو تعمل في السر، تبرز الحاجة إلى تعزيز قدرة المعارضة على الصمود أمام القمع وبناء استراتيجيات مقاومة لا تعتمد فقط على المواجهة.
التحديات الراهنة للمعارضة السودانية
التركيز على إسقاط الأنظمة بدلاً من بناء البدائل: هذه النقطة جوهرية لأن المعارضة في السودان غالبًا ما تركز على إزالة الأنظمة السياسية الحالية دون تقديم رؤية واضحة لما يمكن أن يكون بديلًا. يجب أن يتحول الخطاب إلى الحديث عن بناء الدولة السودانية المنشودة التي يتشارك فيها الجميع.
غياب التحالفات الواسعة: إضافة إلى كون التحالفات السياسية أكثر فاعلية عندما تعتمد على أسس وطنية، يجب التأكيد على أهمية التنسيق بين مختلف التيارات السياسية، بما في ذلك الإسلاميين (في حال كانت لديهم الرغبة في المساهمة في العملية الديمقراطية) للوصول إلى توافق سياسي يضمن الاستقرار.
مقترحات لتطوير المعارضة السودانية
تبني خطاب سياسي قائم على الحلول: يمكن اقتراح أن المعارضة يجب أن تتبنى برنامجًا عمليًا يعالج القضايا المستعجلة مثل الفقر، التعليم، والصحة، من خلال حلول قابلة للتنفيذ. لا يكفي مجرد نقد الأنظمة الحالية، بل يجب تقديم رؤية بديلة قابلة للتحقيق.
تعزيز الممارسة الديمقراطية الداخلية: مع ضرورة إجراء انتخابات داخلية، يجب أيضًا تفعيل دور الشباب داخل الأحزاب المعارضة. فالشباب يمثلون الجزء الأكبر من المجتمع السوداني وهم قادرون على تقديم حلول مبتكرة للأزمة.
السياق الإقليمي والدولي وتأثيره على المعارضة
التأثيرات الإقليمية: التركيز على كيفية تأثير التغيرات السياسية في دول الجوار، مثل مصر و إثيوبيا، على المواقف السياسية في السودان قد يكون ذا أهمية كبيرة. إضافة إلى ذلك، قد تساعد المعارضة في بناء علاقات دبلوماسية استراتيجية تضمن لها الدعم والتأييد الإقليمي والدولي في أوقات الحراك السياسي.
الدعم الدولي: يجب أن يكون الدعم الدولي للمعارضة مشروطًا بالحفاظ على استقلاليتها السياسية.
ولكن يمكن أيضًا الاستفادة من منظمات المجتمع المدني الدولية لضمان وجود رقابة شفافة على العمليات الانتخابية والانتقال الديمقراطي.
نحو معارضة أكثر نضجًا
دور المعارضة في بناء الديمقراطية- المعارضة السودانية بحاجة إلى التغيير الجذري في خطابها السياسي وتنظيمها الداخلي. النجاح لا يعتمد فقط على التخلص من الأنظمة السياسية، بل على استعداد المعارضة لتقديم بديل سياسي واقتصادي واضح وعملي.
ماهي توقعات المستقبل - في ظل التحولات الإقليمية والعالمية، سيكون على المعارضة السودانية أن تثبت قدرتها على التكيف وتقديم حلول واقعية لتحديات السودان في الفترة القادمة.
هل ستظل المعارضة تركز على هدم الأنظمة فقط أم ستستطيع بناء مشروع سياسي حقيقي؟

zuhair.osman@aol.com

   

مقالات مشابهة

  • صناعة الشعوب المشوهة
  • المفوضية الأوروبية: نقترح حزمة جديدة من الإجراءات المضادة على الصادرات الأميركية
  • وقفة أمام بقع الدم السوري..!
  • ترامب ومرحلة التغييرات المرحلية
  • المساجد الذكية بالمملكة.. توظيف التقنية للإدارة وخدمة المصلين
  • السيد الرئيس أحمد الشرع في مقابلة مع وكالة رويترز: الأمن والازدهار الاقتصادي مرتبطان بشكل مباشر برفع العقوبات الأمريكية التي فرضت على نظام الأسد، فلا نستطيع أن نقوم بضبط الأمن في البلد والعقوبات قائمة علينا
  • "تنظيم الاتصالات" تطلق برنامج "نفاذ"
  • دراويش المعارضة المدنية السودانية- بين التمترس الأيديولوجي وفشل التكيف مع الواقع السياسي”
  • 9 أمراض يعالجها الثوم
  • عن العقوبات الأمريكية والدعم الإقليمي للكيانات الموازية في اليمن