• على مدى عقود، وأمريكا تعمل على إحداث التغييرات في المجتمعات، على مختلف السبل، وفي شتى مجالات الحياة، من التغييرات السياسية، إلى الاجتماعية، مروراً بالاقتصادية والديمغرافية والجغرافية..، وذلك بواسطة الحروب الإقليمية والأهلية، وصناعة الأزمات والتفكيكات الداخلية للدول والشعوب والكيانات الاقتصادية والاتحادات الثقافية، وصولاً إلى التغييرات الفكرية، وحتى التغييرات النوعية في الجنس البشري، سعياً منها لتمديد زمن بقائها على قبة العالم، وقطبية هرم الكيانات الدولية.
• وهي بذلك استخدمت كافة وسائلها الشيطانية، لزرع الفتن الطائفية والعرقية والمناطقية، وإثارة الشهوات الجنسية والاستهلاكية، وابتداع طرق وأساليب شيطانية لإشباعها، وتدمير كل مساعي وجهود الدول والشعوب للنماء الاقتصادي والتنموي، عبر بث عملائها في كافة مرافق الدول، لخلق المشاكل، ثم تأتي هي بالحلول، لتحل الكوارث الأعظم بالآمال المتعلقة بهيئاتها ومنظماتها التنموية، ولتحل بضائعها وشركاتها السلعية والخدمية محل مثيلاتها الوطنية للدول المستهدفة، وتكون بذلك هي المسيطرة على الاقتصاد العالمي، بل وعلى مصائر الشعوب والمجتمعات.
• ما كشفته اعترافات الشبكة التجسسية التخريبية في اليمن، يكفي لتصحوَ الأنظمة العربية والإسلامية وأنظمة الدول النامية من سباتها، فتعمل على إيجاد التغييرات الجذرية في كافة الهيئات الإدارية والقيادية لمرافقها ووزاراتها، ولكن (لا حياة لمن تنادي)، فيبدو أن الأيدي الأمريكية قد تغلغلت في هذه الكيانات، حتى غدى من الصعوبة إيجاد القيادات الحرة، التي تنتمي إلى وطنيتها وشعوبها، وإذا وجدت، فمصيرها التجاهل والتغييب والإبعاد، ولا سبيل إلى عودتها إلا بثورة عالمية، تقوم بها كافة شعوب الأرض ضد التبعية الأمريكية.. والوصول إلى مثل هذه الثورة لن يتأتى إلا بتغيير النظرة الإكبارية لأمريكا، ولن يحدث ذلك إلا بهزّ هيبة أمريكا في وجدان الشعوب، ومحو الهالة الغائمة عن وعيها، وهذا ما تفعله اليمن، منذ بدأت استهداف السفن الحربية والتجارية الأمريكية، في البحار المحيطة، وأصبحت حاملات الطائرات الأمريكية تفر وتتجنب مواجهة الضربات اليمنية، التي ما جاءت إلا انتصاراً لغزة ومظلوميتها التي هزت الوجدان العالمي، بينما لم تهز شعرة في وجدان الأنظمة العربية المحيطة بفلسطين، ولا بالجامعة العربية، التي غدت كل توجهاتها (عبرية) لا (عربية) تجاه ما يحدث في غزة، رغم أن المصير الذي ينتظر تلك الأنظمة التابعة والعميلة لن يختلف عما يحصل في فلسطين.
• من المؤسف جداً للتوجه الرسمي الأمريكي، أن يُحبِط اليمنُ كافة مساعيها التدميرية التفكيكية، التي بذلت لأجلها عشرات السنين وعشرات التريليونات، وملايين الضحايا، وآلاف الخطط، ومئات الهيئات والمنظمات، فقد أصبح كل أعداء أمريكا يشمتون بها، وهي تتراجع أمام الضربات (الحيدرية) اليمنية، ولا تستطيع أن توقفها، أو تحد من تنامي القدرات اليمنية في التسليح والتكتيك العسكري، حتى بات الاعتراف بعدم جدوائية حاملات الطائرات من المُسَلّمات في أروقة المرافق العسكرية الأمريكية، وفي صالات اجتماعاتها، وعلى ألسنة السيناتورات والقادة والخبراء.. وبذلك يمكننا القول: إن العمل اليمني المعاصر، المناصر لفلسطين، أحدث نقلة نوعية وتاريخية في الحروب، وأسلحتها وتقنياتها وتكتيكات المعركة.
• وبناءً على ما سبق، يمكننا القول: إن اليمنَ يعمل الآن على إحداث التغييرات العالمية، المضادة للتغييرات الأمريكية، يساعدها على ذلك الفضاء المفتوح، واستحالة حجب المعلومات والأخبار والتقارير والصور، التي تفضح الكيان الشيطاني الرجعي المسمى (أمريكا)، حتى أمام الشعب الأمريكي نفسه، الذي انتصر لإنسانيته، وأثبت أنه ككافة شعوب الأرض، قادر على رفض ظلم حاكميه، وعدم تصعيدهم إلى كراسي الحكم، بعد أن اكتشف أنه واقع -أو كان- تحت هيمنة أنظمة تعاقبت على حكمه لا لتخدمه، بل لتخدم الصهيونية، وأن ولاءها لم يكن يوماً لناخبيها، بل لجهات أخرى، لا تكترث أن يُسحقوا إذا كان ذلك في مصلحتها، وأنه -أي الشعب الأمريكي- قادر على مواصلة الانتصار لإنسانيته، وخلع تلك الأنظمة، رغم كل ما يدور خلف الكواليس وفي صناديق الاقتراع.. وللجميع يقدم اليمنُ مثالاً حيّاً، واقعياً وعملياً، على ما تستطيع أن تحققه إرادة الشعوب، إذا ما توافرت له القيادة الوطنية الصادقة، المعبرة عن نبضه، الساعية لتحقيق تطلعاته، المتحدية لنصرته كل طغاة العالم وأنظمتهم الرجعية.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
خالد حنفي: القطاع البحثي من أهم المعايير المستخدمة لقياس مدى تطور الشعوب
التقى الدكتور خالد حنفي أمين عام اتحاد الغرف العربية، مع أحمد أبوالغيط أمين عام جامعة الدول العربية، في مقر الجامعة في القاهرة، وذلك بحضور السفير حسام زكي، الامين العام المساعد في جامعة الدول العربية
وبمرافقة وفد من الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية ضم: محمود محي الدين، رئيس مجلس إدارة الجمعية الوزير السابق ومدير صندوق النقد الدولي السابق ، والدكتور اشرف العربي وزير التخطيط والتعاون الدولي الأسبق في جمهورية مصر العربية امين عام الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية ، والدكتورة سارة الجزار المستشارة الاقتصادية في اتحاد الغرف العربية وعميدة كلية النقل الدولي واللوجستيات في الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري.
قال الدكتور "خالد حنفى "أن العلاقات الوثيقة والتعاون البارز بين اتحاد الغرف العربية والجمعية العربية للبحوث الاقتصادية، من خلال تنظيم الفعاليات وعقد اللقاءات التشاورية بشكل دائم ومستمر، حيث يولي الاتحاد اهتماما بالغا وكبيرا بموضوع التطوير البحثي داخل الاتحاد. مشيرا الى أنه في إطار هذا التعاون الوثيق تشرّف اتحاد الغرف العربية باحتضان اجتماعات الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية في مقره في بيروت عام ٢٠١٩، بحضور نخبة من أهم وأبرز الباحثين الاقتصاديين في العالم العربي.
ونوّه الامين العام الدكتور خالد حنفي إلى أن القطاع البحثي يعتبر من أهم المعايير المستخدمة لقياس مدى تطور الشعوب وذلك نظرا لمساهمته الفعالة في تطوير النسيج الصناعي وفي النهضة الاقتصادية والاجتماعية. كما ويعتبر من أهم المؤشرات المعتمدة في تقييم أداء المنظومة البحثية، هو عدد الأبحاث المنشورة والمصنفة دوليا إلى جانب نسبة الإنفاق على البحث العلمي من الناتج القومي.
من جانبه نوه رئيس الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية الدكتور محمود محي الدين، إلى أهمية الاستثمار في الذكاء الاصطناعي في المنطقة العربية حيث يشهد العالم اليوم طفرة في هذا المجال، وبالتالي لا بد في المنطقة العربية من تعزيز الاهتمام بالذكاء الاصطناعي، حيث الشباب العربي لما يختزنه من قدرات ومهارات قادر على الاندماج في هذه المجالات بما يعود بالنفع على بلداننا وشعوبنا واقتصاداتنا العربية. وأوضح ان هناك علاقة مباشرة بين التنمية ونسبة الإنفاق على البحث العلمي من الناتج القومي.
وشدد على أهمية توجيه البلدان العربية تحولها الهيكلي نحو القطاعات عالية الإنتاجية التي تستخدم التكنولوجيا المتطورة وقدرتها على خلق فرص عمل مستدامة. إلى جانب تعزيز جوانب مختلفة من جاهزية الذكاء الاصطناعي في الدول العربية لمواكبة وتيرته المتزايدة، وتعظيم الفوائد الصافية لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. واعتبر أنّ إعادة التأهيل للقوى العاملة الحالية والمستقبلية ضرورية بشكل حاسم لضمان اكتسابهم المهارات الناعمة والصلبة اللازمة التي تعكس واقع سوق العمل وفي نفس الوقت لضمان اكتسابهم المهارات التي تضمن قابلية توظيفهم في وظائف عالية الجودة.
وتحدث الدكتور أشرف العربي عن تأسيس الجمعية في منتصف الثمانينات أي قبل حوالي ٤٠ عاما، والدور الذي لعبته منذ تأسيسها وما تزال تلعبه على صعيد نشر ثقافة الابتكار والبحث في العالم العربي. ونوّه إلى أهمية الاستفادة من خبرة الجمعية التي تضم نخبة من الباحثين والأكاديميين في العالم العربي، في هذا المجال. لافتا إلى ان الجمعية مهتمة بتطوير التعاون مع جامعة الدول العربية التي تعنى بتعزيز العمل العربي المشترك. في حين تطرقت الدكتورة سارة الجزار إلى المجلة التي تصدر عن الجمعية، وأهمية هذه المجلة في نشر البحوث والدراسات التي تهم المنطقة العربية في مختلف القضايا والمجالات. وشددت على أنه تضم المجلة كتابا وخبراء وباحثين من جميع الدول العربية، ولهم إسهامات بارزة في المجال البحثي، وبالتالي هناك ضرورة للتعاون بين جامعة الدول العربية والجمعية من أجل تنفيذ المشاريع والبحوث التي تصدر عن المجلة على أرض الواقع بحيث تستفيد منها كافة الدول العربية.
أما أمين عام جامعة الدول العربية أحمد ابو الغيط، فنوه خلال اللقاء بدور الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية والتي تضم نخبة من الشخصيات العربية البارزة. مثمنا ما تقوم به في سبيل تعزيز العمل البحثي في العالم العربي الذي هو مفتاح التنمية في العالم العربي. ولفت إلى أنّه كلما زاد الاهتمام بالواقع البحثي في كافة المجالات في العالم العربي كلما زاد مسار النمو والتنمية في الدول العربية. وشدد على أهمية تفعيل دور القطاع البحثي للمساهمة في تنمية المجتمع. ومن أجل ذلك لا بد من إيجاد خطة لاستقطاب الباحثين وعدم الفصل بين البحث الاقتصادي والأولويات والمشكلات الواقعية داخل المجتمعات العربية. فبدون تعزيز الدور البحثي لن نستطيع تجاوز المشاكل وإيجاد الحلول في المستقبل.