صحيفة البلاد:
2024-10-06@00:54:00 GMT

هل يُقاس معوجّ بمعتدل؟

تاريخ النشر: 8th, July 2024 GMT

هل يُقاس معوجّ بمعتدل؟

الزينة والبشاعة طرفا نقيض، والاعوجاج غير الاعتدال، وهذا ما أثار ذهني عندما جلستُ مع صديقي في مكتبة قديمة تعج برائحة الكتب العتيقة وأوراقها المصفرّة، محاطين بأرفف تضم كنوز الأدب والحكمة، أشعلتُ المصباح الزيتي الذي يضفي على المكان نورًا خافتًا وشعورًا بالسكينة، جلسنا على مقعدين خشبيين عتيقين، وأمامنا طاولة صغيرة تراكمت عليها الكتب والأوراق.

في ذلك المساء، لاحظتُ أن صديقي يحمل كتابًا قديمًا بين يديه، وعلامات التفكير العميق ترتسم على وجهه، لقد كان الكتاب يحتوي على أشعار وقصائد عن الحياة والدنيا، قلت له مستفسرًا: “ما الذي يشغلك يا صديقي”؟

أجابني بابتسامة خفيفة: “كنت أقرأ في هذا الكتاب عن قيمة المال والحياة، وهو ما يشغل بالي كثيرًا في تلك الآونة، وأشعر حقًّا أني أزهد عن المال والدنيا، ولا أريد شيئًا منها، يكفيني ما أكنّه في نفسي من السعادة والرضا”.

قلت له بصوتٍ هادئ: “عليك بعقلية الوفرة والتكسب من الدنيا ما وسعت، وإياك أن تكون من أولئك الصعاليك الذين يرددون شعارات فارغة “المال وسخ الدنيا” ولو رأوه لجروا وراءه جري الوحوش، أما سمعت قول الشاعر:
إن الدراهم في المواطن كلها .. تكسو الرجال مهابةً وجمالًا
فهي اللسان لمن أراد فصاحةً .. وهي السلاح لمن أراد قتالا.”

نظر إليّ صديقي نظرةً تأمليّة وقال: دع عنك الدنيا فالفقر ليس منقصةً، والمال هم وسيّد فاسد، وإذا كان الفقر ابتلاء فالغنى ابتلاء أعظم.
لم أكن لأستسلم بهذه السهولة، فأردفت قائلًا: “ولكن يا صديقي، الفقر مذلة والغنى ستر، قال الإمام علي بن أبي طالب: “لو كان الفقر رجلًا لقتلته”، ألا ترى أن المال يمكن أن يحقق لنا الحرية والاستقلال؟ أن يكون لنا كرامة دون الحاجة إلى سؤال الآخرين”؟
ابتسم برفق وقال: “نعم، ولكن الغنى الحقيقي هو غنى النفس. كما قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “ليس الغنى عن كثرة العرض” إن المال قد يفتح لنا الأبواب، لكنه لا يضمن لنا السعادة ولا الطمأنينة.

وأمام سيل كلماته ، رأيتني لا أتوافق معه البتّة وشعرت بصدى كلماته في أعماقي، فقررت أن أبحث عن نقطة توازن بين أفكارنا، قلت: “ربما يكون الحل في الوسط، المال إذا كان في اليد وليس في القلب، يمكن أن يكون وسيلةً لتحقيق الخير، كما قال الشاعر:
وإذا كانت النفوس كبارًا .. تعبت في مرادها الأجسام
لنجعل المال في أيدينا وسيلةً لتحقيق أهدافنا السامية دون أن نكون عبيدًا له.”

هزّ رأسه موافقًا وقال: “أحسنت القول، يا صديقي. التوازن هو المفتاح، الزهد الحقيقي هو أن نملك المال دون أن يملكنا، أن نستخدمه بحكمة في خدمة الآخرين وفي بناء حياة متوازنة، تذكر قول جبران خليل جبران: “ليس التقدم بتحصيل الأموال، بل بتوجيهها في وجهتها الصحيحة”.

في تلك اللحظة، شعرت بأننا قد وصلنا إلى فهم أعمق لمعنى الحياة، أدركنا أن الإدارة الحكيمة للمال والزهد ليست في الرفض الكامل للدنيا ولا في اللهث وراءها، بل في استخدام الدنيا وسيلةً لتحقيق أهدافنا النبيلة دون أن نفقد قيمنا ومبادئنا.
نهضنا من المكتبة ونحن نشعر بسلام داخلي، مدركين أن الحياة تتطلب منا أن نعيشها بتوازن بين التكسب والزهد، بين الغنى الخارجي والداخلي، وكان اتفاقنا النهائي أن نجعل الدنيا في أيدينا لا في قلوبنا، وأن نعيش بحكمة ورؤية تتجاوز المظاهر السطحية إلى جوهر الأمور.

jebadr@

المصدر: صحيفة البلاد

إقرأ أيضاً:

الرقابة المالية تبحث مع شركات سوق رأس المال تطوير البرامج التدريبية

 

 

 

يبدأ معهد الخدمات المالية، الذراع التدريبية للهيئة العامة للرقابة المالية، سلسلة من اللقاءات مع مسئولى ومديرى التدريب بالشركات العاملة فى كافة الأنشطة المالية غير المصرفية التابعة للهيئة على أن يبدأ اللقاء الأول مع مسئولى الشركات العاملة فى سوق رأس المال والبالغ عددها 540 شركة.

يهدف اللقاء إلى التعرف على الاحتياجات التدريبية للمهنيين بكافة الأنشطة المالية غير المصرفية وكذلك التعرف على تقييمهم للدورات التدريبية المقدمة من خلال المعهد والإجراءات الإدارية الخاصة بالاشتراك فى تلك الدورات وذلك بهدف تطوير الخدمات والبرامج التدريبية التى يقدمها المعهد.

يأتى اللقاء استكمالاً للاستراتيجية التى تتبناها الهيئة العامة للرقابة المالية وجهاتها التابعة خلال الفترة السابقة بشأن التواصل والتنسيق مع كافة الجهات والمؤسسات المشاركة فى بمختلف الأسواق والأنشطة المالية غير المصرفية بهدف تطوير وتنمية تلك الأسواق والحفاظ على حقوق كافة المتعاملين فيها.

يعد معهد الخدمات المالية من الجهات التابعة للهيئة العامة للرقابة المالية والذى يهدف إلى تطوير وتنمية قدرات المهنيين والموارد البشرية بالقطاع المالى غير المصرفى من خلال توفير البرامج التدريبية التى تهدف إلى ترسيخ قواعد العمل المهنى السليم وتحقيق أعلى مستوى من الكفاءة العملية والعلمية، بالإضافة إلى إعداد الدراسات والأبحاث وتوفير البيانات والمعلومات والإحصائيات المتعلقة بالقطاع المالى غير المصرفى وكذلك نشر الثقافة المالية والتوعية بأهمية الخدمات المالية غير المصرفية من خلال ورش العمل، والندوات والمؤتمرات العلمية المتخصصة وتبادل المعلومات والخبرات مع المؤسسات المحلية والعربية والدولية العاملة فى ذات المجال.

 

 

مقالات مشابهة

  • الاستثمار فى رأس المال البشرى
  • الرقابة المالية تبحث مع شركات سوق رأس المال تطوير البرامج التدريبية
  • حوار مع صديقي الChatGPT – الحلقة (20)
  • حوار مع صديقي الChatGPT – الحلقة (19)
  • حظك اليوم الجمعة| توقعات الأبراج المائية.. إستراتيجية جديدة لكسب المال
  • المال العام والعجلات الحكومية يدخلان دعاية انتخابات برلمان كردستان
  • حوار مع صديقي الChatGPT – الحلقة (18)
  • جمعة: النبي كنز مخفي لمن أراد باب الله وعز الدنيا ومفاتيح الجنة
  • تعزيز الوعي الوظيفي في إدارة المال العام
  • إقراض المال للأحبة فخاخ عاطفية ومالية