صحيفة الاتحاد:
2025-01-17@22:59:21 GMT

محمد كركوتي يكتب: لا صراعات بلا خسائر

تاريخ النشر: 8th, July 2024 GMT

مشهد الصراعات العام على الساحة الدولية، لم يتغير كثيراً منذ الحرب العالمية الثانية. بالطبع خضعت هذه الصراعات لتطورات متعددة، بما في ذلك توقف بعضها فعلاً، وتأجيل تفاقم أخرى قدر المستطاع، وعلاج لا ينتهي لبعضها الآخر، إلا أن الخسائر الناجمة عنها كبيرة، وترتفع باستمرار، مقابل تراجع «الغنائم» -إن جاز الوصف- الآتية من الحراك الخاص باحتواء ما أمكن منها.

والصراعات (ولاسيما تلك المنفلتة) تلقي بظلالها على الجانب الاقتصادي الدولي بالطبع. فلا يوجد صراع من دون خسائر، ناهيك عن الويلات والأزمات والتأثيرات السلبية بعيدة المدى التي يولدها. ولذلك، فإن الإنفاق على هذه الصراعات يجلب الأعباء تلو الأخرى على أطراف هذا الصراع أو ذاك، وفي كثير من الأحيان ترزح هذه الأطراف تحت وطأة الديون مع تراجع الخدمات، وغياب النمو المطلوب.
الصراعات وأعمال العنف اليوم متفاقمة ومتفاعلة، حتى بلغت خسائرها على الاقتصاد العالمي في العام الماضي 19.1 تريليون دولار، أي ما يوازي 13.5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. ومع وصول الخسائر إلى هذا المستوى المخيف، تتصاعد الصراعات بأشكالها المختلفة لترتفع 20%، وفق مؤشر السلام العالمي الصادر عن «معهد الاقتصاد والسلام». 
والمشكلة تتفاقم أكثر، مع عدم وجود حراك فاعل وعملي لحل الأضرار الناتجة عنها، واللافت أن هناك 92 دولة في الوقت الراهن، تنخرط فعلاً بأشكال مختلفة في صراعات خارج حدودها، وتتحمل بالطبع الآثار الاقتصادية الكبيرة، بما في ذلك توجيه مزيد من الإنفاق للتسليح، ودعم القدرات العسكرية من خلال العمل على توسيع نطاق الجيوش التابعة لها، بالرغم من أن هذه النقطة الأخيرة لم تعد محورية في ظل التقدم التقني في ساحة السلاح.
ولأن الأمر كذلك، فإن إجمالي الإنفاق على تحقيق السلام وحفظه، والبناء على مخرجاته، بلغ العام الماضي نحو 50 مليار دولار فقط، ما يمثل في النهاية أقل من 0.6% من مجموع حجم الإنفاق العسكري، ويبدو واضحاً أن الصراعات ستظل ماثلة على الساحة العالمية لعقود طويلة، لعدم وجود آليات حقيقية فاعلة لإيقافها، وبالطبع ستتواصل الخسائر الناجمة عنها، وهي أموال يمكن أن تحقق نمواً لا حدود له في كل البلدان، ولاسيما تلك التي تعاني أصلاً من أزمات اقتصادية مستعصية تحولت مع الزمن لتكون جزءاً أصيلاً من تاريخها.

أخبار ذات صلة محمد كركوتي يكتب: عبء ديون البلدان الفقيرة محمد كركوتي يكتب: تجارة غير نفطية تحلق

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: محمد كركوتي كلام آخر

إقرأ أيضاً:

د. عصام محمد عبد القادر يكتب: لماذا نظامُ البكالوريا المِصْريّة؟

عندما يُعاني النظام الحالي من عجزٍ واضحٍ في تأهيل المتعلم لمرحلةٍ مِفْصَليّةٍ، يتحدد على أثرها مستقبله الأكاديميّ، أو المهنيّ؛ فحينئذ ينبغي أن نسارعَ نحو تبني نظامٍ أكثر فاعليةٍ حيال تجهيز المتعلم للمرحلة الدراسية التالية، ومنها إلى سوق العمل المتغير الذي يتطلب كفاياتٍ قد أضحت متقدمة بما تشمله من مهاراتٍ، ووجدانياتٍ من شأنها أن تمكن الفرد من مواصلة اكتساب مهارات القرن الحادي والعشرين بصورةٍ وظيفيةٍ.

وعندما نجد فرصة من خلالها يتمكن المتعلم من اكتساب خبرات تعليمية وفق فلسفة الإتقان، وفي ضوء قدراته الخاصة، وفي ظل ماهية الفروق الفردية؛ فإن مدعاة التمسك بهذا النظام التعليمي الجديد قد باتت غاية في الأهميّة، وتفتح مسار أملٍ؛ لتحسين مخرجات التعليم، وهذا دون شك مما نطمح فيه، ونأمل أن يتحقق على أرض الواقع التعليمي المصري.

وعندما لا يراعي النظام التعليمي الحالي ظروف المتعلم أثناء اكتسابه لخبرات التعلم، ويركز على ماهية حصد أعلى الدرجات، التي يصنف الطلاب من خلالها، ولا يفتح مجالًا لفرص حقيقية تقدم للمتعلم من أن يحاول الكرّةَ، ويُظهر ما لديه من قدرات؛ فإن الأمر يستلزم منا أن نبحث عن نظامٍ بديلٍ يفتح مسارات التمكين، ويراعي الظروف الطارئة، ويوفر مقومات الطمأنينة؛ فيخلصنا من التنافسية، التي تضير بالمتعلم، بل وبأسرته على حدٍّ سواء.

وأرى أن الخطو نحو الجامعة لا يتطلب ضغطًا في إكساب أبنائنا الطلاب الخبرات التعليمية المستهدفة في عامٍ دراسيٍّ واحدٍ، بل يستلزم التَّمهُلَ في تمكينه لمزيد من الخبرات لفترة قد تمتد لعامين، كما هو متضمن في نظام البكالوريا الجديدة؛ ومن ثم يصبح مؤهلًا للمرحلة التالية في ضوء ما يمتلكه من خبراتٍ نوعيةٍ للمجال الذي تم اختياره طواعيةً بعد المرور بمرحلة التأسيس، أو ما تسمى بالمرحلة التمهيدية.

وأطمح في نظامٍ يسعى لغرس منظومةٍ من  القيم، والأخلاق الحميدة من خلال حرصه على أن تكون دراسة التربية الدينية بصورةٍ إلزاميّةٍ، أو أساسيّةٍ تضاف إلى مجموع درجاته؛ فهذا له أثرٌ فاعلٌ دون مواربةٍ في تشكيل الشخصيّة، وبناء الإنسان، وهنا يمكن أن نتحاور حول مسألة مسمَّى المادة؛ لتصبح موحَّدةً على جميع الطلاب؛ كأن نطلق عليها التربية الأخلاقية، أو ثقافة القيم النبيلة، أو غير ذلك من المسميّات التي تحاول أن تخرجنا من دائرة الفرقة، وتجعل هدفنا موجهًا نحو الغاية المنشودة، والتي أضحت مفتقدةً بقدرٍ لا يُسْتهَانُ به.

ومن ثم فإنّني أُثَمّنُ طريقة فتح المسار أمام اختيار التخصص في ظلِّ محكِّ التأسيسِ بالمرحلة التمهيدية؛ فما أصعبَ الاختيارَ المحدودَ!، وما أجملَ تعدديّةَ الاختيارِ!، التي تقوم على إدراكٍ حقيقيٍّ لقدرات الطلاب، وميولهم العلمية، وشغفهم نحو دراسة مجالٍ بعينه دون أخر، وما أفضلَ مشاركةَ الأسرةِ!، والمؤسسة هذا الاختيار بمزيدٍ من الرويّة، وبعيدًا عن فلسفة سرعة اتخاذ القرار المبْنيُّ على معلوماتٍ، وبياناتٍ غير مكتملةٍ.

وأعتقد أن قضية الفروق الفردية قد نالت الاهتمام في ظل نظام البكالوريا المصرية المقترح، كما أن مراعاة أساليب التفكير التي ترتبط بقضية الفروق قد أضحتْ محلَّ اعتبارٍ؛ فمنْ لديه نمطٌ من التفكير يطغى على غيره من الأنماط الأخرى فقد أصبح اختيارُهُ صحيحًا للمجال التخصصي بما يؤهله للمرحلة الرئيسة التالية بشكلٍ يستكمل فيه جملةً من الخبرات المُسْتهدفة؛ ومن ثم يُعدُّهُ لبوابةِ الدراسة بمؤسسات التعليم العالي بشكلٍ جيّدٍ؛ فيصبحُ قادرًا على استكمال مساره التعليمي الذي يمدُّهُ بالتَفرَّدِ المهاريِّ المؤهل قطعًا إلى سوق العمل الذي يتعطش لذلك.

وما أودُّ الإشارةُ إليه هو ضرورةُ التَّحَاورِ على أن تكون مادة اللُّغة العربيّةِ مادةٌ أساسيّةٌ في الصفّينِ الثاني، والثالث بمرحلة البكالوريا، بيْد أنها لبنةٌ رئيسة لتشكيل الهُويَّة الوطنيّةِ، وصنْوانٍ يحفظ للإنسان ثقافته؛ ومن ثم تقيه من سلبياتِ الثقافات الوافدة، وتحميه من الانجراف إلى مسبباتِ إضعافِ قيم الولاء، والانتماء لقوميّته؛ لذا أرى أن نتدارس هذا الأمر؛ ليتَّخذَ القرارَ القويمَ، الذي يصبُّ في صالح مستهدفات الوطن العليا، وغاياته؛ فالجميع يعشق تراب هذا الوطن، ويأمل أن يكون راقيًا مزدهرًا بشكلٍ يتَّسِمُ بالديمومةِ، والاستمراريّةِ.

دعونا نسْتبعدُ نظامًا تعليميًا قد بات مريضًا، وبدت عليه علامات الهِرَمِ، فلا يستطيع أن يواكب خريجيه، ومتسبيه متطلبات سوق العمل، المصبوغِ بالتقنية، والمُغَطَّى بفلسفة التفرد المهاري في أي مجال من مجالاته، دعونا نتوافق على الملامح الرئيسة لنظام البكالوريا المصرية، ونضع سويًا مستلزمات، ومقومات نجاحه، دعونا نوحد رغبتنا، وغايتنا تجاه النهوض بتعليمنا الذي يشغلنا جميعًا دون استثناءٍ؛ باعتباره لبنةٍ التَقدّمِ، وقاطرةِ النهضة، والتنمية المستدامة في شتى مجالاتنا الحياتية، والعلمية، والعملية.

وبكل صراحةٍ يمكننا أن نقولَ: إن من يعارضْ نظام البكالوريا المصرية وفق ما يرى من تخوفاتٍ، وتوقعاتٍ تقوم على قناعاته نحْترمْ رأيه، بل ونُثمّنُه؛ لكن يبقى الحوار المجتمعي، والرأي المصريّ الجمعيّ هو الفيصلُ الأوحدُ الذي نرتكنُ إليه؛ فما اجتمعتْ أمةٌ على باطلٍ.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.

مقالات مشابهة

  • صندوق النقد الدولي يتوقع نمو الاقتصاد العالمي بنسبة 3.3 بالمائة في 2025
  • ترامب وإنهاء الحروب.. هل يكون 2025 عام الانتعاش الاقتصادي العالمي؟
  • تعرف على الخسائر الفادحة للجيش الإسرائيلى بعد 467 يوما من الحرب في غزة
  • فتاوى: يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عُمان
  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب: لماذا نظامُ البكالوريا المِصْريّة؟
  • صراعات القوى داخل الحركة الاسلامية وأثرها على الامن القومي السوداني الجزء الاول
  • بالأرقام.. خسائر الكوارث الطبيعية «العام الماضي» تتجاوز 320 مليار دولار
  • 275 مليار دولار خسائر و40 ألف فدان.. اقتصاد أمريكا ينزف من حرائق كاليفورنيا
  • هيئة الرقابة الإدارية توقف التعيينات والإيفاد: دعوة لضبط الإنفاق العام
  • مجلس الدولة: إذا قدم الموظف أجازة وَرُفِضت استحق مقابلا نقديا عنها