صحيفة الاتحاد:
2024-12-18@02:07:29 GMT

محمد كركوتي يكتب: لا صراعات بلا خسائر

تاريخ النشر: 8th, July 2024 GMT

مشهد الصراعات العام على الساحة الدولية، لم يتغير كثيراً منذ الحرب العالمية الثانية. بالطبع خضعت هذه الصراعات لتطورات متعددة، بما في ذلك توقف بعضها فعلاً، وتأجيل تفاقم أخرى قدر المستطاع، وعلاج لا ينتهي لبعضها الآخر، إلا أن الخسائر الناجمة عنها كبيرة، وترتفع باستمرار، مقابل تراجع «الغنائم» -إن جاز الوصف- الآتية من الحراك الخاص باحتواء ما أمكن منها.

والصراعات (ولاسيما تلك المنفلتة) تلقي بظلالها على الجانب الاقتصادي الدولي بالطبع. فلا يوجد صراع من دون خسائر، ناهيك عن الويلات والأزمات والتأثيرات السلبية بعيدة المدى التي يولدها. ولذلك، فإن الإنفاق على هذه الصراعات يجلب الأعباء تلو الأخرى على أطراف هذا الصراع أو ذاك، وفي كثير من الأحيان ترزح هذه الأطراف تحت وطأة الديون مع تراجع الخدمات، وغياب النمو المطلوب.
الصراعات وأعمال العنف اليوم متفاقمة ومتفاعلة، حتى بلغت خسائرها على الاقتصاد العالمي في العام الماضي 19.1 تريليون دولار، أي ما يوازي 13.5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. ومع وصول الخسائر إلى هذا المستوى المخيف، تتصاعد الصراعات بأشكالها المختلفة لترتفع 20%، وفق مؤشر السلام العالمي الصادر عن «معهد الاقتصاد والسلام». 
والمشكلة تتفاقم أكثر، مع عدم وجود حراك فاعل وعملي لحل الأضرار الناتجة عنها، واللافت أن هناك 92 دولة في الوقت الراهن، تنخرط فعلاً بأشكال مختلفة في صراعات خارج حدودها، وتتحمل بالطبع الآثار الاقتصادية الكبيرة، بما في ذلك توجيه مزيد من الإنفاق للتسليح، ودعم القدرات العسكرية من خلال العمل على توسيع نطاق الجيوش التابعة لها، بالرغم من أن هذه النقطة الأخيرة لم تعد محورية في ظل التقدم التقني في ساحة السلاح.
ولأن الأمر كذلك، فإن إجمالي الإنفاق على تحقيق السلام وحفظه، والبناء على مخرجاته، بلغ العام الماضي نحو 50 مليار دولار فقط، ما يمثل في النهاية أقل من 0.6% من مجموع حجم الإنفاق العسكري، ويبدو واضحاً أن الصراعات ستظل ماثلة على الساحة العالمية لعقود طويلة، لعدم وجود آليات حقيقية فاعلة لإيقافها، وبالطبع ستتواصل الخسائر الناجمة عنها، وهي أموال يمكن أن تحقق نمواً لا حدود له في كل البلدان، ولاسيما تلك التي تعاني أصلاً من أزمات اقتصادية مستعصية تحولت مع الزمن لتكون جزءاً أصيلاً من تاريخها.

أخبار ذات صلة محمد كركوتي يكتب: عبء ديون البلدان الفقيرة محمد كركوتي يكتب: تجارة غير نفطية تحلق

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: محمد كركوتي كلام آخر

إقرأ أيضاً:

د. محمد عسكر يكتب: سباق الذكاء الاصطناعي وتحذير أخير

الذكاء الإصطناعي هو حديث العالم، خصوصا تطبيقات الدردشة القادرة على التجاوب معك. لكن ألا يمثل هذا خطرا كبيرا؟
الدردشة مع تطبيقات الذكاء الإصطناعي هي الترند حالياً في عالم التكنولوجيا والتقنية، خصوصاً عندما يتعلّق الأمر بالنسخة المطورة من "شات جي بي تي- 4" التي تم إطلاقها حديثاً، والتي توفر خصائص جديدة تتعدى بكثير النسخة السابقة. هذا وإن كان التطوّر الكبير في الذكاء الإصطناعي يجذب الإهتمام حاليا لما يتمتع به من مقومات وقدرات فائقه ، وخصوصاً قدرته على تقديم أجوبة فيها نسب عالية من الدقة، كذلك قدرته على القيام بعدد من المهام البشرية في العديد من المهن، ومن ذلك على سبيا المثال لا الحصر مهام الكتابة والترجمة والمحاسبة وجمع المعلومات والتحليل المالي وغير ذلك، ولكنه على الجانب الآخر يثير مخاوف كبيرة تهدّد الكثير من الناس ليس فقط بفقدان وظائفهم ولكن شتى جوانب حياتهم اليومية وقد وصل الأمر لفقدان شخص حياته بالانتحار من أثر تعامله مع أحد هذه البرامج.
خلال العقود الماضية كانت المخاطر التي دأب الكثيرون على التحذير منها هي الانفجار السكاني، التلوث البيئي ونقص الموارد الطبيعية. أما اليوم ومع التطور التكنولوجى الهائل في شتى المجالات ومع تعدد تطبيقاته، فقد تحول الأمر إلى أخطار أخرى تمثل تهديداً وجودياً؛ روبوتات سيصل ذكاؤها إلى درجة تسمح لها بالتفوق على البشر، خاصة مع قدرات الذكاء الإصطناعي اللامحدوده، أو فيروسات حاسوبية مدمرة قد توقف الإنترنت عن العمل. الذكاء الإصطناعي هو الموضة الجديدة التي يدور الحديث حولها الأن في كل المجالات، في أجهزة الهواتف الذكية، في الأجهزة المنزلية، في التلفزيونات، في الأسلحة، وأيضاً في السيارت الذكية، التي يفترض أن تنتشر قريباً في مدن العالم. القلق الحقيقي، وفق بعض الخبراء، هو أنه وبحلول العام 2075، سـتصل آلات مزودة بقدرات خاصة إلى مستويات ذكاء تفوق مستوى الإنسان بكثير مما يمكنها من اتخاذ قرارات بشكل ذاتي، من دون العودة إلى أي مرجعية بشرية.
لذلك وجب التحذير من أن هذا التطور المتسارع بهذه الوتيرة والإفرط فى تطوير برامج وتقنيات الذكاء الإصطناعى دون ضوابط حقيقية أو أنظمة حماية سيؤثر سلبًا على الجنس البشري وسيؤدي في لحظة ما إلى أضرار جسيمة في عدة جوانب حساسة في حياته. فقدرة الأجهزة التقنية على اتخاذ آلاف القرارات المعقدة في الثانية الواحدة يمكن استخدامها إما فى منفعة أو إيذاء الناس، ويعتمد ذلك على الشخص نفسة الذي يقوم بتصميم النظام.
كان مثيراً للإهتمام وجود أسماء مهتمة كثيرة بالتطور التكنولوجي، كـ إيلون ماسك يدعو إلى  التوقف لمدة ستة أشهر عن تطوير أنظمة أقوى من روبوت الدردشة (شات جي.بي.تي-4) الذي أطلقته شركة أوبن إيه.آي في الآونة الأخيرة، مشيرا إلى المخاطر المحتملة لمثل هذه التطبيقات على المجتمع. وفى نفس الوقت فقد طالب كثير من الخبراء فى المجال بوقف موقّت لعمليات تطوير برامج الذكاء الإصطناعي إلى حين إعتماد أنظمة حماية، تتيح تنظيم هذه العمليات ومراقبتها وتحليل المعلومات الواردة إليها، وكذلك معالجة ما قد ينجم عن إستخدامها من إختلالات.
ونحن هنا وإن كنا ندرك أهمية التطور التكنولوجى فإننا فى ذات الوقت نتسأل عن جدوى تطوير "عقول غير بشرية قد تفوقنا عدداً وتتفوق علينا في النهاية وتحل محلنا "؟ وعن خطر المجازفة بفقدان السيطرة على الحضارة البشرية.
هل يجب أن نسمح للآلات بذلك؟

مقالات مشابهة

  • الاقتصاد اليمني بين الانهيار ومعركة البقاء.. تداعيات كارثية تطول المواطن والدولة
  • التنسيقية في أسبوع.. جلسة نقاشية حول "أثر الدعم على كفاءة الإنفاق العام"
  • العمل الدولية: المهاجرون يلعبون دورا حاسما في الاقتصاد العالمي
  • الاقتصاد الرقمي والعملات المشفرة.. مستقبل المال والتحول الاقتصادي العالمي
  • التوترات الجيوسياسية وتأثيرها على الاقتصاد العالمي
  • مفاجآت صادمة تكشف عنها بسنت يوسف خبيرة التاروو (فيديو).. ما القصة؟
  • محمد كركوتي يكتب: معضلة الطاقة الأوروبية
  • “الدبيبة” يبحث مع “شكشك” قضايا المرتبات ومشروعات التنمية
  • رحم الله الدكتور محمد خير الزبير الذي إرتحل اليوم إلى الدار الباقية
  • د. محمد عسكر يكتب: سباق الذكاء الاصطناعي وتحذير أخير