مخاوف من توحش "داعش" بعد سحب "سادك" لبعثتها العسكرية في موزمبيق
تاريخ النشر: 8th, July 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تسحب بعثة مجموعة تنمية الجنوب الإفريقي (سادك) في موزمبيق، قواتها العسكرية، في منتصف وأواخر شهر يوليو الجاري، المشاركة لمواجهة الجماعات المتطرفة وعلى رأسها تنظيم داعش الإرهابي الذي أعلن عن وجوده في البلاد ف العام 2018، خاصة وأن التنظيم الإرهابي عزز تمدده في أفريقيا بعد نجاح الجيش العراقي في إنهاء وجوده الجغرافي عام 2017، كما نجحت قوات التحالف الدولي بمساعدة قوات سوريا الديمقراطية من القضاء على عاصمته في مدينة الرقة السورية عام 2019، بينما عززت بعثة دول الجنوب وجودها من عام 2021 بعد زيادة النشاط الإرهابي.
ونقلا عن تقرير لموقع مجلة (AdF) فإن البعثة الإقليمية لمجموعة التنمية المكونة من 16 دولة، تعاني من نقص مزمن في التمويل، وبدأت في تقليص حجمها في الأشهر الأخيرة، فسحبت بوتسوانا وليسوتو قواتهما في أبريل، وتستعد أنغولا وناميبيا للرحيل، وينتهز الإرهابيون في صفوف الجماعة المعروفة بولاية تنظيم الدولة الإسلامية في موزمبيق (داعش موزمبيق) الفرصة لإعادة تأسيس موطئ قدم لهم في الركن الشمالي من البلاد.
وأكد التقرير أن الجماعات المسلحة هاجمت المجتمعات الساحلية وسكان جزر كويريمباس قبالة الساحل، ونصب الإرهابيون كمائن لدوريات عسكرية، وأعدموا مدنيين بوحشية، ونهبوا القرى والمدن.محطة رومفوما للغاز المسال- موزمبيق
ظهرت بعض المؤشرات الاقتصادية الايجابية في موزمبيق خاصة بعد اكتشاف المزيد من حقول الغاز، إلا أن النشاط الإرهابي بدأ يتجدد في عام 2017 حيث شنت مجموعة إرهابية هجمات عدة على مراكز الشرطة والمقرات الحكومية، في مقاطعة كابو دلجادو. وفي عام 2018 قامت مجموعة إرهابية بقطع رؤوس 10 أشخاص باستخدام أسلحة بيضاء، بعدها بشهر أعلن تنظيم داعش الإرهابي عن تمدده ووجود خلاياه في موزمبيق.
وتشير التقارير إلى أن الأفكار المتطرفة تجد طريقها عند الشباب في مقاطعة كابو دلجادو لتعرض سكان المنطقة لضغوطات سياسية واقتصادية واجتماعية صعبة، جعلت الكثير ينظر للأفكار المتطرفة على أنها السبيل لتحقيق عدالة منشودة.
ويثير انسحاب البعثة العسكرية القلق لدى المراقبين لما حققته من إنجاز في انحسار الموجة الإرهابية، وإزاحتها لأدنى مستوياتها، حيث تجد الجماعات الإرهابية فرصتها من جديد للتمدد ولتجنيد المزيد من الشباب، مع وجود المساحة الكافية للتحرك ضد المدنيين والمسئولين الحكوميين، خاصة وأن المؤشرات كانت تقلل من خطورة نشوب صراعات أو اشتباكات أهلية أو زيادة نفوذ الجماعات الإرهابية بالنظر إلى تدخل المجموعة الإنمائية للجنوب الأفريقي، وقدرتها على السيطرة، إلا أن الأزمات الاقتصادية لإحدى أهم دول الجنوب الأفريقي، دولة جنوب أفريقيا تعاني من أزمة اقتصادية بين وقت وآخر قد تنعكس على توفير التمويل اللازم لاستمرار البعثة العسكرية في موزمبيق.
وفي مطلع الشهر الجاري، أشار تقرير أممي إلى أن ارتفاع وتيرة الهجمات التي يشنها المسلحون في شمال موزمبيق يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية وأزمة النزوح، ما يهدد بإنشاء بؤرة لتوسيع التطرف والنزوح والمعاناة الإنسانية في جميع أنحاء المنطقة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: سادك موزمبيق داعش موزمبيق فی موزمبیق
إقرأ أيضاً:
سوريا إلى أين؟!!
حينما نفقد الرجال فإننا نفقد أعز ما نملك، وحينما نفقد الأوطان فقد فقدنا كل شيء، هي مقولة سبق وأن قرأتها منذ فترة مبكرة من حياتي، عشنا طوال الأسبوعين الماضيين قصة وطن كبير راح ضحية أبنائه والمتآمرين عليه، وربما لم تنته المؤامرة بعد، فقد أصبحت بلادنا يتنافس عليها كل أراذل العالم ممن لا يمتلكون تاريخًا حضاريًّا وقد استقووا بكبيرهم الذي علمهم السحر.. ولعل ما حدث في سوريا يعد نموذجًا لما آلت إليه أوطاننا، فلم نشهد موقفًا عربيًا حينما اكتفى العرب بمجرد مشاهدة سوريا وهي تسقط في أيدي كارهيها، بل وكارهو العروبة من كل الدول التي لديها ثأر مع العرب، لقد تركنا مستقبل سوريا لكي يحدده الأغيار، ورحنا نشاهد سوريا وهي تسقط مدينة بعد أخرى في مشهد درامي لا مثيل له في التاريخ المعاصر وهو ما يدعونا إلى طرح سؤال مهم: أين الجيش السوري؟ وأين القوى الاجتماعية والسياسية؟ لعل المستقبل القريب يكشف عن حجم المؤامرة التي ربما اشترك فيها كثير من القوى الإقليمية والعالمية، المؤثرة في الشأن السوري، من الذي باع؟ ومن الذي اشترى؟ ومن هم السماسرة الذين لعبوا دور الوسيط في قضية البيع والشراء؟
يصعب فهم سر انسحاب الجيش السوري بهذه السرعة الغريبة إلا وفق مؤامرة داخلية وخارجية، وقد تناسى كثير من المؤثرين في الشأن السوري تاريخ ما يسمى بهيئة تحرير الشام ابتداءً من ارتباطها بجماعة تنظيمي القاعدة وداعش ثم تغيير مسماها إلى جماعة النصرة، وانتهاءً باسمها الجديد (هيئة تحرير الشام)، والجميع يعرف أهدافها وثقافتها وأيديولوجيتها بعد أن اندمجت مع أكثر من خمس وعشرين جماعة وفصيل جميعهم حددوا أهدافهم في إسقاط النظام وغيروا خطابهم باعتبارهم جماعة وطنية تحترم القانون والدستور وحقوق الإنسان وليس لهم هدف إلا إقامة دولة سوريا الجديدة لكي ينعم أهلها في مجتمع مدني قائم على احترام حقوق الإنسان والحفاظ على مؤسسات الدولة وهو خطاب لا أعتقد أن العقلاء قد اقتنعوا به لكنهم تباروا جميعًا بالترحيب به ولم يتنبهوا إلى أن مثل هذه الجماعات تنهج سياسة ما يسمى بالتقية الدينية، حيث يظهرون خلاف ما يبطنون. الأمر اللافت للنظر عدة أمور، أولها: لقد لعب الإعلام العربي وخصوصًا تلك القنوات الأكثر مشاهدة دورًا ترويجيًّا للأحداث حينما راحوا ينقلون على الهواء مباشرة تقدم القوات الزاحفة من الشمال صوب العاصمة دمشق في مشهد دعائي ترويجي يدعو إلى الإحباط، وبث مشاعر اليأس وفقدان الأمل في مقدرة المدافعين عن سوريا، وهو ما أصاب الجيش والمجتمع المدني بقدر كبير من الخوف وبث روح اليأس وتصوير الأمر على أنه لا أمل إلا الاستسلام وفتح أبواب المدن على مصاريعها نحو ما أسموه بالفتح الكبير. لعل ذلك كله كان له أكبر الأثر في فقدان الروح الوطنية والمعنوية في ظل تغطية إعلامية راح يشاهدها العالم كله، ولعل دخول قناة «السي إن إن» وإجرائها حوارًا هو الأول مع أبو محمد الجولاني (أحمد الشرع) قائد هيئة تحرير الشام هو بمثابة رسالة لها دلالاتها التي لا تخفى على أحد.
ثانيًا: لم تتنبه الدول التي اكتوت بنيران تلك الجماعات سواء إقليمية أو عالمية إلى مخاطر سقوط دمشق ولم يخرج علينا إعلامها ولا منظرو سياساتها إلى الحديث عن مخاطر هذا الزحف، بل كان شريكًا أساسيًا للترويج لما يسمى بهيئة تحرير الشام، لدرجة أن البعض قد خرج علينا متحدثًا عن مشروعية تلك الجماعات وحقها في إسقاط النظام، والترويج لفكرة أنها تغيرت وأنها استفادت من تجاربها، وأنها تحولت إلى جماعة معتدلة تنشد الخير والنماء والتسامح، وهنا يكون كمن يدس رأسه وعقله في الرمال بعيدًا عن الواقع.
ثالثًا: المشهد الأكثر دلالة هو موقف القوى الوطنية السورية في الداخل والخارج التي انحازت بسرعة عجيبة إلى جبهة تحرير الشام وتابعيها، وقد شاهدنا خروج الناس وهم يهللون ويرحبون لمقدم أبو محمد الجولاني زعيم تلك الجماعات ولم يلتفت هؤلاء إلى أنه مهما كانت قسوة النظام السابق وفشله في إدارة الدولة لكن الجميع لم يتنبه إلى أن القادم محفوف بالمخاطر، حتى لو حاول القادمون الجدد تغيير خطابهم لأسباب سياسية لكي يتمكنوا من الإمساك بمقاليد الدولة بهدف إقامة مشروعهم الجديد، حيث يسعون لإقامة ما يسمى بالدولة الإسلامية التي لا تستهدف سوريا فقط وإنما تسعى إلى إقامة الخلافة الإسلامية التي لا تعترف بالحدود الجغرافية، ولا بالقوانين المدنية.
رابعًا: لقد فاجأني كثير من مثقفينا وفنانينا سواء من السوريين أو العرب وهم يروجون بفتح صفحة جديدة مع ما يسمى بهيئة تحرير الشام التي يقولون أنها تغيرت وتحولت إلى جماعة سياسية لا تنشد إلا الخير والنماء للسوريين خصوصًا وقد كانت تلك الجماعة على وعي بدهاليز السياسة الإقليمية والعالمية حينما قبلت ببقاء الحكومة السابقة لكي تستمر في أداء عملها حتى تشكيل حكومة جديدة تدير شؤون البلاد.
السؤال الذي يستوجب الإجابة عليه: ماذا بعد أن سقط النظام؟ هل ستبقى الجماعات المتحالفة على وفاق في إدارة شؤون الدولة على ما بينهم جميعًا من خلافات آيديولوجية ومذهبية وهو ما شاهدناه في معظم الدول التي انتشرت فيها هذه الجماعات وقد تحول الوفاق إلى صراعات وقتال محتدم أودى بحياة الملايين، حدث ذلك في معظم الدول التي استلبها المتشددون وفي جميع الصراعات لم يكن الاختلاف مجرد رأي سياسي أو اقتصادي بل كان عقيدة ودينًا لا يقبل الجدل. السؤال الآخر: هل سيقبل أبو محمد الجولاني وجماعته التراجع عن شهوة الحكم وترك شؤون الدولة للمجتمع القادر على إدارة شؤون البلاد والانخراط في سياق الحياة كجماعة سياسية تقبل بإعمال القانون والدستور وتبادل السلطة؟ خصوصًا وأن إدارة الدولة في القضايا السياسية والاقتصادية والتعليم وإدارة المحليات جميعها قضايا فنية يقوم بها الخبراء الشرفاء ممن يملكون مقدرة على إدارة المؤسسات في سبيل أن تتعافى سوريا وفق قواعد قانونية واجتماعية وثقافية تكون فيها المصلحة العليا للدولة هي الهدف الأول.
لعل ما حدث بمجرد سقوط النظام ودخول إسرائيل على المشهد بعد أن احتلت الشريط الحدودي بما في ذلك جبل القلمون ومنعت خروج الناس من قراهم ومنازلهم واستنفرت قواها على الحدود السورية وهو ما يعد بداية لفهم المستقبل البائس في ظل دعم أمريكي غير محدود وخصوصًا وأن نتنياهو ومن خلفه الرئيس الأمريكي بايدن قد أعلنا بكل وقاحة بأن ما حدث في سوريا هو نتيجة للضربات الإسرائيلية والأوكرانية على المطارات والمواقع العسكرية ومخازن الأسلحة السورية وهو ما سهل من مهمة أبي محمد الجولاني وجماعته، والسؤال: ماذا سيفعل النظام الجديد مع تركيا التي احتلت شمال سوريا وهي تسعى جاهدة لتوسيع احتلالها لأسباب تتعلق بالأكراد الذين يحظون بدعم أمريكي، وماذا سيفعل النظام الجديد مع الأقليات الدينية والعرقية الأخرى؟ وماذا عن بقاء روسيا بمطاراتها وقواعدها العسكرية؟ وماذا وقد أصبحت سوريا شأنًا دوليًا تتنافس عليه الدول شرقًا وغربًا؟ ما هو موقف دولنا العربية وجامعتنا العربية؟ وهم يشاهدون ما يحدث في هذه الدولة القديمة العريقة، التي كانت بمثابة الحاضنة الكبرى للعروبة، أعتقد أن كل ما حدث هو نتاج فشل كبير لكل السياسات العربية حينما أهملنا قضايانا الكبرى وقبلنا أن نكون رهن سياسات دول كبرى عابرة للحدود، وسيبقى السؤال معلقًا ربما لوقت طويل، سوريا إلى أين؟
د. محمد صابر عرب أكاديمي وكاتب مصري