في الخامس من يوليو الجاري يكون قد مرّ (90) عامًا على رحيل المفكر والكاتب الرائد أحمد زكي باشا المُلقب بـ "شيخ العروبة"، وهو - بحق- أحد أعمدة النهضة العربية الحديثة، فهو أول من استخدم مصطلح "تحقيق" على أغلفة الكتب العربية، كما أنه أحد القلائل العاملين على جمع المخطوطات وتصويرها بالفوتوغرافيا وتحقيقها.
وُلِدَ عام 1867م، وتُوُفِّيَ والده وهو صغير، فكفله عمه الذي كان رئيسًا للمحكمة الابتدائية الأهلية. وقد تلقى تعليمه بالقاهرة، وتخرج في مدرسة الإدارة (كلية الحقوق) عام 1887م.
أجاد زكي الفرنسية إجادة تامَّة إضافة للإنجليزية، والإيطالية، واللاتينية، كما عمل مترجمًا في مجلس الوزراء، وتدرج في المناصب حتى أصبح سكرتيرًا للمجلس عام 1911م، حتى أُحِيلَ إلى التقاعد.
تأثر وعاصر زكي كبار أعلام النهضة في عصره: رفاعة الطهطاوي، وجمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده، ولا سيما الأخير الذي سار على نهجه في ضرورة تخليص اللغة العربية من المحسنات اللفظية المبالغ فيها والميل إلى المباشرة في عرض الفكرة.
وللرائد الكبير الفضل في إدخال علامات الترقيم إلى اللغة العربية (كـ: الفاصلة، وعلامة الاستفهام، وعلامة التعجب.. إلخ)، كما أنه هو أول من أطلق مصطلح "الفردوس المفقود" على الأندلس الضائعة.
وقد كان كثير السفر والترحال، حيث زار: إنجلترا، وفرنسا، وإيطاليا، وإسبانيا، كما زار الشام، وإسطنبول، والقدس، واليمن، وقبرص. وقد تَرَكَتْ هذه الأسفار أثرًا كبيرًا في حياته العلمية والأدبية، حيث أتاحت له زيارة عشرات المكتبات والاطِّلاع على مؤلَّفات أعلام الشرق والغرب، علمًا بأن مكتبته كانت الأضخم على الإطلاق، إذ ضمت (18) ألف مجلد ما بين: الكتب، والمخطوطات، والرسائل.
ومن ناحية أخرى، كرَّس زكي جهوده الفكرية في التحقيق والترجمة والتأليف، إذ كتب في: التاريخ، وأدب الرحلات، والأدب، واللغة، وحقَّق كثيرًا من المخطوطات، مقدَّمًا أكثر من (30) كتابًا مؤلَّفًا، إضافًة إلى العديد من الكتب المترجمة، فضلًا عن مئات المقالات بالصحف والمجلات مثل: الأهرام، والمقطم، والبلاغ، والمؤيَّد، والهلال، والمقتطف، والمعرفة، والشورى، ومجلة المجمع العلمي (دمشق).
ومن أشهر كتب زكي: موسوعات العلوم العربية، أسرار الترجمة، نتائج الأفهام في تقويم العرب قبل الإسلام، تاريخ المشرق، قاموس الجغرافية القديمة، عجائب الأسفار في أعماق البحار، ذيل الأغاني، الدنيا في باريس.
فيما يُعد كتابه "السفر إلى المؤتمر" توثيقًا تاريخيًا لرحلته التي قام بها عام 1892م إلى أوروبا واستمرت لستة أشهر، بغرض حضور "مؤتمر المستشرقين التاسع" الذي عقد في لندن في الفترة من 5-12 سبتمبر من نفس العام.
رحم الله أحمد زكي باشا نظير ما قدمه من فضل على العروبة كفكرة واتجاه، وعلى "لغة الضاد".
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
أبو فاعور عن رحيل الطبيب الرسولي أنطوان اسطفان: خسارة كبيرة في زمن الأزمات
أشار عضو كتلة "اللقاء الديموقراطي" النائب وائل أبو فاعور إلى أنه "في زمن الخسائر الكبرى من شهداء ونازحين ومفقودين، يرحل البروفيسور أنطوان اسطفان، وهو الطبيب الرسولي الذي تشرفت بالعمل معه لأجل تعميم ومأسسة ثقافة وهب الأعضاء ومساعدة المرضى، وهو الأب الروحي للبرنامج الوطني لوهب الأعضاء".
أضاف:" الرحمة لروحه الرسولية والتعزية لعائلته ومحبيه".