أسباب وآثار ظاهرة الفساد على الاقتصاد الوطني
تاريخ النشر: 8th, July 2024 GMT
الفساد هو انحراف، دون وجه حق، عن منظومة التشريعات والضوابط والقيم الفردية. والفساد الإداري هو انحراف عن السلوك الوظيفي أو التنظيمي للموظف أثناء تأديته عمله لتحقيق دوافع خاصة ولا يتعلق فقط بالتزوير والرشوة بل بكل مظاهر الفساد التي تعرقل المصالح العامة. وتعد صور الفساد قلب الأزمات الاقتصادية والاجتماعية وأكبر التحديات التي تواجه الحكومات والدول المتقدمة، حيث إنها تتسبب فى خلل جسيم يصيب قيم وأخلاقيات العمل وبالتالي المجتمع ككل، فيؤدي لشيوع حالة لدي الأفراد تبرر الفساد وتجد لهم ذرائع، ما يبرر استمراره.
فيلاحظ أن العمولات والرشوة والسمسرة أخذت تشكل نظام حوافز جديدًا فى المعاملات اليومية لبعض من الموظفين، وهنا يكون الدخل الخفي الناجم عن الفساد هو الدخل الحقيقي بل قد يفوق أحيانا الدخل الاسمي مما يجعل الأفراد يفقدون الثقة فى قيمة عملهم، وبالتالي يوجد التفريط التدريجي فى أداء الواجب الوظيفي والرقابي فيتم إعطاء تراخيص العمارات بلا ضوابط، وتسليم الإنشاءات غير مطابقة للمواصفات، ويتم الغش للمواد الأساسية، وتهريب السلع فى السوق السوداء، والتعدي علي أراضي الدولة، والإشغال غير القانوني مما يفقد الدولة والقانون الهيبة.
وعندما يشعر المواطن العادي أن القانون واللوائح والجزاءات لا تطبق إلا عليه فإنه يفقد الثقة فى الدولة وتصبح مخالفة القانون هي الأصل واحترامه استثناء، ويضيع الحد الفاصل بين المال الخاص والعام والمصلحة الخاصة والعامة، وتتآكل القيم وثمار التنمية، وتهدرالمثل العليا للمجتمع.
ويعد الاقتصاد غير المخطط إحدى ظواهر تفشي حالات الفساد.فالسياسات الاقتصادية غير المخططة تؤدي إلى ضعف الولاء للمجتمع، وبروز سلوكيات منحرفة فى أجهزة الدولة وكذلك السياسات التي لا تراعي العدالة فى توزيع الموارد الاقتصادية والثروات فى المجتمع وكذلك فإن تراجع مستوى الجودة فى أداء مؤسسات حشد المدخلات وتخصيص الموارد وتنفيذها وكلما زادت الإعانات الاجتماعية ازداد مؤشر الفساد للمجتمع، وأيضا انخفاض أسعار بعض السلع عن سعر السوق قد يخلق حافزا للأفراد لرشوة المسؤولين للحصول على نصيب منها، كما أن الفقر والأجر المتدني للعاملين وارتفاع التكاليف المعيشية قد يقود إلى ممارسة مظاهر الفساد وذلك لزيادة الدخل وذلك للحاجة الماسة للنقود، كذلك فى ظل ضعف الإرادة لدى السياسيين فى محاربة الفساد وعدم تفعيل إجراءات الوقاية من الفساد من خلال الندوات والإعلام وتعميق قيم ونشر ثقافة النزاهة وسيادة القانون.
ويؤدي الفساد إلى تآكل ثمار التنمية وانخفاض معدل النمو وذلك من خلال انخفاض معدلات الاستثمار المحلى والأجنبي، حيث إن المستثمر يتجنب بيئة الفساد، مما يدفعه إلى تقليل استثماراته ومن ثم ينخفض الطلب الكلي ومعدلات النمو الاقتصادي، كما يؤدى الى زيادة النفقات وانخفاض الإيرادات العامة وبالتالي ارتفاع عجز الموازنة العامة للدولة، فضلا عن التهرب الضريبي مما يؤدي إلى ضعف الإنفاق العام علي الخدمات والسلع الأساسية كما أنه يضعف من فاعلية أداة الضريبة لمحاربة التضخم وكبح جماح الاستهلاك وغيره.
وللحد من الفساد لابد من تقليص عدد القوانين وتبسيط الإجراءات وعدم السماح بأي خروج عن القانون باستخدام العقوبات الصارمة التى قد تصل الى الحكم بالإعدام وإعلاء مبدأ الشفافية لكافة الأجهزة الحكومية، ورفع أجور ومرتبات الموظفين بالجهاز الإداري، وكذلك تحسين معيشة المواطنين لمواجهة أسعار السلع والتضخم، وتعزيز الثقافة المجتمعية للمجتمع المدني لعدم تفشي ظاهرة الفساد، وإنشاء مكتب متخصص لمحاربة الفساد.وبدأ الاهتمام فى مصر بظاهرة الفساد عام 2008 وسجلت مصر 35 نقطة من أصل 100 فى مؤشر مدركات الفساد عاميْ 2018، 2019 على التوالي متقدمة عما كانت عليه عام 2015 حيث بلغ 36 نقطة.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
"أبو شقة" يدعو لتحديث كل القوانين والتشريعات التي تتناغم مع الجمهورية الجديدة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أعلن المستشار بهاء أبو شقة، وكيل أول مجلس الشيوخ، موافقته على تقرير لجنة الإسكان والإدارة المحلية والنقل، ومكتب لجنة الشئون الدستورية والتشريعية عن مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 84 لسنة 1949 بشأن تسجيل السفن التجارية.
وقال أبو شقة خلال الجلسة العامة برئاسة المستشار عبدالوهاب عبدالرازق: نحن بصدد مناقشة مشروع قانون مهم لا سيما وأن هذا القانون صدر منذ 1949 ومضى عليه ما يزيد عن 75 عام، والقانون في مفهومه ينظم حركة المجتمع سواء كان تنظيم عام أو في جزئية معينة، وهذا الأمر يقود إلى إننا لابد أن نكون أمام ثورة تشريعية حقيقية لنكون أمام مشروعات قوانين حديثة تتماشى وتتناغم مع الجمهورية الجديدة، وبالتالي نحن في حاجة اليوم إلى إستراتيجية وطنية بحرية.
واستكمل أبو شقة كلمته: علينا أن نكون أمام منطق القانون، واليم نحن أمام قوانين باتت بالية وعقيمة وسط مستحدثات تحدث بالعالم يوميًا، وذلك ليس في هذا القانون فحسب، بل أن هناك قوانين مضى عليها 70 و80 عام والتي تخلق بيروقراطية أمام المستثمرين، علاوة على أن "الغرامات" المقررة بالقانون الصادر في 1949 أصبحت لا تتماشى مع واقع الحال.
ودعا وكيل المجلس إلى ضرورة أن نكون أمام نظم تواكب النظم العالمية، وأن نكون أمام نصوص تشريعية تتوافق مع كل ما هو مستحدث، ووضع التسهيلات أمام المستثمر التي تحقق له مزايا وضمانات في هذا الشأن، لا أن نكون أمام نصوص عقيمة، معتبرًا أن تعديل القانون بمثابة خطوة ومقدمة على الطريق لنكون أمام خطوات جادة وراسخة لتحديث كافة القوانين التي تتوافق وتساير كل ما هو مستحدث مع الجمهورية الجديدة.