الأسبوع:
2025-03-01@19:20:45 GMT

أسباب وآثار ظاهرة الفساد على الاقتصاد الوطني

تاريخ النشر: 8th, July 2024 GMT

أسباب وآثار ظاهرة الفساد على الاقتصاد الوطني

الفساد هو انحراف، دون وجه حق، عن منظومة التشريعات والضوابط والقيم الفردية. والفساد الإداري هو انحراف عن السلوك الوظيفي أو التنظيمي للموظف أثناء تأديته عمله لتحقيق دوافع خاصة ولا يتعلق فقط بالتزوير والرشوة بل بكل مظاهر الفساد التي تعرقل المصالح العامة. وتعد صور الفساد قلب الأزمات الاقتصادية والاجتماعية وأكبر التحديات التي تواجه الحكومات والدول المتقدمة، حيث إنها تتسبب فى خلل جسيم يصيب قيم وأخلاقيات العمل وبالتالي المجتمع ككل، فيؤدي لشيوع حالة لدي الأفراد تبرر الفساد وتجد لهم ذرائع، ما يبرر استمراره.

فيلاحظ أن العمولات والرشوة والسمسرة أخذت تشكل نظام حوافز جديدًا فى المعاملات اليومية لبعض من الموظفين، وهنا يكون الدخل الخفي الناجم عن الفساد هو الدخل الحقيقي بل قد يفوق أحيانا الدخل الاسمي مما يجعل الأفراد يفقدون الثقة فى قيمة عملهم، وبالتالي يوجد التفريط التدريجي فى أداء الواجب الوظيفي والرقابي فيتم إعطاء تراخيص العمارات بلا ضوابط، وتسليم الإنشاءات غير مطابقة للمواصفات، ويتم الغش للمواد الأساسية، وتهريب السلع فى السوق السوداء، والتعدي علي أراضي الدولة، والإشغال غير القانوني مما يفقد الدولة والقانون الهيبة.

وعندما يشعر المواطن العادي أن القانون واللوائح والجزاءات لا تطبق إلا عليه فإنه يفقد الثقة فى الدولة وتصبح مخالفة القانون هي الأصل واحترامه استثناء، ويضيع الحد الفاصل بين المال الخاص والعام والمصلحة الخاصة والعامة، وتتآكل القيم وثمار التنمية، وتهدرالمثل العليا للمجتمع.

ويعد الاقتصاد غير المخطط إحدى ظواهر تفشي حالات الفساد.فالسياسات الاقتصادية غير المخططة تؤدي إلى ضعف الولاء للمجتمع، وبروز سلوكيات منحرفة فى أجهزة الدولة وكذلك السياسات التي لا تراعي العدالة فى توزيع الموارد الاقتصادية والثروات فى المجتمع وكذلك فإن تراجع مستوى الجودة فى أداء مؤسسات حشد المدخلات وتخصيص الموارد وتنفيذها وكلما زادت الإعانات الاجتماعية ازداد مؤشر الفساد للمجتمع، وأيضا انخفاض أسعار بعض السلع عن سعر السوق قد يخلق حافزا للأفراد لرشوة المسؤولين للحصول على نصيب منها، كما أن الفقر والأجر المتدني للعاملين وارتفاع التكاليف المعيشية قد يقود إلى ممارسة مظاهر الفساد وذلك لزيادة الدخل وذلك للحاجة الماسة للنقود، كذلك فى ظل ضعف الإرادة لدى السياسيين فى محاربة الفساد وعدم تفعيل إجراءات الوقاية من الفساد من خلال الندوات والإعلام وتعميق قيم ونشر ثقافة النزاهة وسيادة القانون.

ويؤدي الفساد إلى تآكل ثمار التنمية وانخفاض معدل النمو وذلك من خلال انخفاض معدلات الاستثمار المحلى والأجنبي، حيث إن المستثمر يتجنب بيئة الفساد، مما يدفعه إلى تقليل استثماراته ومن ثم ينخفض الطلب الكلي ومعدلات النمو الاقتصادي، كما يؤدى الى زيادة النفقات وانخفاض الإيرادات العامة وبالتالي ارتفاع عجز الموازنة العامة للدولة، فضلا عن التهرب الضريبي مما يؤدي إلى ضعف الإنفاق العام علي الخدمات والسلع الأساسية كما أنه يضعف من فاعلية أداة الضريبة لمحاربة التضخم وكبح جماح الاستهلاك وغيره.

وللحد من الفساد لابد من تقليص عدد القوانين وتبسيط الإجراءات وعدم السماح بأي خروج عن القانون باستخدام العقوبات الصارمة التى قد تصل الى الحكم بالإعدام وإعلاء مبدأ الشفافية لكافة الأجهزة الحكومية، ورفع أجور ومرتبات الموظفين بالجهاز الإداري، وكذلك تحسين معيشة المواطنين لمواجهة أسعار السلع والتضخم، وتعزيز الثقافة المجتمعية للمجتمع المدني لعدم تفشي ظاهرة الفساد، وإنشاء مكتب متخصص لمحاربة الفساد.وبدأ الاهتمام فى مصر بظاهرة الفساد عام 2008 وسجلت مصر 35 نقطة من أصل 100 فى مؤشر مدركات الفساد عاميْ 2018، 2019 على التوالي متقدمة عما كانت عليه عام 2015 حيث بلغ 36 نقطة.

المصدر: الأسبوع

إقرأ أيضاً:

قضية العلمانية والتصويب خارج المرمى

جمال عبد الرحيم صالح

بداية ينبغي التوضيح بأن الكاتب من دعاة فصل الدين عن الدولة، بلا مواربة، وقد قدم للمكتبة السودانية بحثاً عن هذه المسألة بعنوان “الدين والدولة – مشروع رؤية لفض الاشتباك” من إصدار دار المصورات عام 2022.

لدى الكاتب قناعة بأنه إذا كانت الدعوة للعلمانية تعني أن تكون الدولة على مسافة واحدة من جميع مواطنيها، غض النظر عن أديانهم وثقافاتهم وأعراقهم، فإن معظم دساتير السودان، من دستور 1956 وحتى دستور الإسلاميين عام 2005، اشتملت على تلك المبادئ، بل إن دستور 2005 مضى أبعد عن ذلك في تأكيد تلك المبادئ (راجع دستور 2005).

إذن هنالك خلل ما يجب تصحيحه؛ إذ ليس هناك أكثر دلالة على عمق هذا الخلل، من أن معظم الاتفاقيات والمواثيق التي تداولتها أيدي الساسة السودانيين بمختلف مشاربهم، ابتداءً من البيان الختامي لمؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية، تضمنت تلك المبادئ “العلمانية”. بيد أن معظم القوى الرئيسية الموقعة على تلك المواثيق (خاصة الحزبين الكبيرين) ربطت ذلك لاحقاً بما أطلق عليه “المؤتمر الدستوري”!

وهنا لا بد لنا أن نسأل أنفسنا سؤالاً مباشراً وواضحاً: إذا كانت تلك القوى السياسية متفقة على مبادئ العلمانية الأساسية، وهي أن تقف الدولة على مسافة واحدة من جميع الأديان، وأن السلطة للشعب يمارسها عبر إنتخابات حرة ونزيهة؛ لماذا، إذن، ظهر مفهوم “المؤتمر الدستوري” في حياتنا السياسية منذ عهد بعيد خاصة وأن دستور 2005، المعترف به من القوة الأساسية المناهِضة لشعار “العلمانية”، وأعني إسلاميي المؤتمر الوطني، يشمل ذات المبادئ المعلنة في البيان الختامي لمؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية؟! لماذا الإصرار ذلك المؤتمر لمعالجة مسألة متفق حولها؟

الرأي عندي، أن إحالة الأمر للمؤتمر المنشود، إنما ناتج من الخوف “البنيوي” لدى الحزبين الكبيرين، من الابتزاز الشديد الذي سيتعرضا له من إسلامويي المؤتمر الوطني، في حالة رفعهم لشعارات مثل العلمانية أو فصل الدين عن الدولة، وتأثير ذلك على جماهيرها التي استقطبتها أساساً على محمولات دينية.

لو رجعنا للماضي بعض الشيء، في محاولة لتفسير ذلك الارتباك، سنجد أن الدافع الرئيسي لنشوء الحركة الشعبية لم يكن موقفاً من دستور 1973 العلماني، وإنما كان بسبب ما يسمى بقوانين سبتمبر التي صدرت تحت مظلته! وما إصرار حركتي الحلو وعبد الواحد على علمانية الدستور إلا رفضاً منهم لتلك القوانين، التي يقوم مقامها حالياً القانون الجنائي لسنة 1991، وبالذات ما يسمى بالعقوبات الحدية. نفهم من ذلك، أن القضية الأساسية التي ينبغي مناقشتها أو التحاور حولها، هو موضوع علاقة الدين بالقوانين وبالذات القانون الجنائي، وليس وقوف الدولة على مسافة واحدة، ذلك المبدأ الذي لا يوجد اختلاف أصلاً حوله، بمن في ذلك إسلامويي المؤتمر الوطني!

هل يعني الاتفاق على علمانية الدولة إبعاد الدين عن مصادر التشريع؟ بالتأكيد لا! هناك قوانين مرتبطة بمعتقدات الناس، سواء مسلمين، أو مسيحيين، أو من معتقدي كريم المعتقدات؛ وهي قوانين الأحوال الشخصية. صحيح أن بعضها يحتاج لتطوير ليتماهى مع قيم وأنماط حياة مستجدة، بيد أن ذلك لا يلغي ارتباطها بالمعتقد سواء تحدثنا عن المسلمين أو المسيحيين أو المعتقدين في ديانات أو ثقافات أخرى، وما أكثرهم. هذه نقطة هامة للغاية، وينبغي وضعها في دائرة الانتباه ونحن نتجادل حول ماذا تعني علمانية الدستور.

للخروج من ذلك الجدل الدائري حول مسألة العلمانية، أرى أن على خطابنا السياسي والفكري والإعلامي، الاتجاه نحو معالجة تلك الجزئية، أي علاقة الدين بالقانون، وليس علاقة الدين بالدولة. من وجهة نظري أنه إذا تم التصويب على ذلك الهدف سنختصر الكثير من الجدل، علماً بأن الإسلاميين، وحتى هذا الجانب، أي القانون الجنائي، لا يملكون أي حجة على الآخرين يبتزونهم من خلالها! فهناك شواهد، لا تقبل الجدل، بأن الإسلامويين أنفسهم نفضوا أيديهم عن ذلك القانون نظرياً وعملياً وتجاوزوا في ذلك ثوابت استقرت منذ أكثر من ألف عام، من أمثلة ذلك التجاوز الجرئ، من صلب القانون الجنائي السوداني الحالي والمتضمن للعقوبات الحدية:

* لا يميز القانون بين المسلم وغيره في الشهادة.

* لا يوجد تمييز في الدية بين المرأة والرجل، أو بين المسلم وغير المسلم.

* أضاف القانون الجنائي شرطاً لتطبيق حد السرقة جعل من المستحيل تطبيق ذلك الحد.

* جعل تحديد قيمة الدية، في القتل الخطأ مثلاً، مرتبطاً بتقديرات رئيس القضاء متجاوزاً القاعدة المعروفة وهي عدد مئة من الإبل.

* ما تم تنفيذه من بتر للأعضاء (فيما يخص الحدود والقصاص) لم يتجاوز العشرة حالات، حسب المعلومات المتوفرة للكاتب، في خلال الخمسة والثلاثون عاما.ً

* تحايلت حكومة الإنقاذ على مادة “حد الردة” بوسائل مختلفة في إتجاه عدم تطبيقها، والذي يعني ضمناً عدم قناعتها به (أمثلة: قضيتي السيدة أبرار والسيد البارون).

بالنظر لكل تلك الحقائق، نرى أن تجاوز العقبات فيما يخص مسألة العلمانية، أو فصل الدين عن الدولة، أمر قابل للتحقق بدون دفع أثمان باهظة، وكل المطلوب، في نظر الكاتب، أن يتم الخروج من ذلك الجدال الدائري، ومخاطبة القضية الحقيقية التي هي مسألة علاقة الدين بالقانون.

الوسومجمال عبد الرحيم صالح

مقالات مشابهة

  • لازم تعرف.. 6 مبادئ ترتكز عليها الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد
  • الحكيم يقترح تأسيس مرصد وطني لمكافحة الفساد
  • الوطني للأرصاد يكشف عن أقل درجة حرارة سجلت على الدولة
  • قضية العلمانية والتصويب خارج المرمى
  • نواب: إيجيبت كادي يعزز الصناعة ويوفر آلاف الوظائف ويدعم الاقتصاد الوطني
  • استطلاع للآراء في درعا حول الحوار الوطني: الإسراع بتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية وزيادة الرواتب
  • الشعب الجمهوري: الحكومة انتصرت لمحدودي الدخل بحزمة الحماية الاجتماعية الجديدة
  • برنامج خبراء الإمارات يدعم القطاعات الاقتصادية بالكفاءات الإماراتية
  • حماس تعلق علي خروج الأسرى وآثار التعذيب عليهم
  • تكتل الأحزاب يطالب بإجراءات عاجلة لوقف تدهور العملة الوطنية