إصلاحي وسط محيط محافظ.. كيف يتعامل الرئيس الإيراني مع البرلمان؟
تاريخ النشر: 8th, July 2024 GMT
طهران- برزت خلال تاريخ النظام الإيراني حالتان سياسيتان، فإما أن تتوحد أركان النظام وتصبح جميعها تابعة للتيار المحافظ، أو يتمكن التيار الإصلاحي من السيطرة على سلطة أو اثنتين منها.
فخلال فترة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، شهد النظام السياسي حالة موحدة هيمن فيها المحافظون على السلطات الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية، بالإضافة إلى الأركان والمؤسسات الأخرى مثل الحرس الثوري ومجلس صيانة الدستور ومجمع تشخيص مصلحة النظام وحتى الإذاعة والتلفزيون.
وعلى الرغم من هذا التناسق، لم تكن عملية صنع القرار المعقدة في النظام السياسي الإيراني بالسلاسة المتوقعة، حيث إن هذا التناسق أبرز الخلافات الداخلية في البيت المحافظ.
واليوم، وبعد أن فاز الإصلاحي مسعود بزشكيان بالانتخابات الرئاسية المبكرة، تبرز تساؤلات حول العقبات التي قد يواجهها في مسيرته، على رأسها السلطة التنفيذية في البرلمان ذي الأغلبية المحافظة، خاصة وأنه قد ألحق الهزيمة برجل حكومة الظل المحافظ المتشدد سعيد جليلي، وكذلك رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف.
خلاف مؤجليرى البرلماني السابق إسماعيل غرامي مقدم أن البلاد عانت خلال السنوات الأخيرة من تجمع السلطات بيد التيار المحافظ وسيطرته على جميع أركان النظام، حيث لم يكن هناك رقابة عامة، وواجه النظام انتقادات بسبب هذا الأمر.
وتوقع -في حديثه للجزيرة نت- أن تحل خلافات البرلمان المحافظ مع الرئيس الجديد بشأن مجلس الوزراء بشكل ودي، لأن الطرفين بحاجة للآخر لتيسير أمورهما.
لكن الخلافات قد تبرز في المستقبل بشأن تشريع القوانين، بحسب رأي النائب السابق، حيث يوجد تعاون وتعامل بين البرلمان والحكومة بشأن تشريع القوانين وفق الدستور، ومن المتوقع ألا يتفقا في بعض القضايا، مما سيعني تحويل مشروع القانون في حينها إلى مجمع تشخيص مصلحة النظام، بحسب الدستور.
من جهة أخرى، قال الخبير السياسي برديا عطاران إن البرلمان الحالي معتدل وليس محافظا متشددا، ولكن هناك عددا من النواب يمكنهم عرقلة قرارات الرئيس الجديد، مضيفا أنهم ليسوا قليلين ولكن ليسوا أغلبية، وهم تحديدا نواب طهران ومشهد وأصفهان.
وأكد الخبير السياسي -في حديثه للجزيرة نت- أن بزشكيان كان نائبا في البرلمان لمدة أكثر من 12 عاما، وله علاقات فردية مع النواب يمكنه التعويل عليها.
وأوضح أن هناك اجتماعات تتم خلف الستار بشأن اختيار تشكيلة الحكومة، قبل تقديم الوزراء للبرلمان لاعتمادهم، وتوقع أن تضم هذه اللقاءات التي لن تظهر إلى العلن مفاوضات بين البرلمان والرئيس المنتخب لحلحلة الخلافات.
وأشار الخبير إلى أن بزشكيان والمقربين منه أظهروا بعد الفوز أنهم لا يريدون أي توتر مع المحافظين، وبهذا يمكنهم احتواء البرلمان حتى بعد تشكيل الحكومة.
برز وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف منذ اليوم الأول لترشح بزشكيان للرئاسة كداعم له، وقضى أيام الحملة الانتخابية يتنقل من مدينة إلى أخرى يلقي خطابات تشجع الشعب على المشاركة بالانتخابات والتصويت له، حيث يتوقع كثيرون أن يكون لظريف تموضع مهم بحكومة بزشكيان، كوزير للخارجية أو النائب الأول أو أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي.
وتعود أهمية ظريف إلى كونه من قام بمفاوضة دول "5+1" وتوقيع الاتفاق النووي، عندما كان وزيرا للخارجية في عهد الرئيس السابق حسن روحاني، في حين أن بزشكيان يؤكد على أنه سيبذل كل جهده لإحياء الاتفاق النووي.
وتكمن صعوبة الأمر في أن البرلمان يقع تحت سيطرة المحافظين الذين كان بينهم وبين حكومة روحاني خلافات شاسعة، على الرغم من أن الرئيس السابق معتدل لكنه محسوب على الإصلاحيين بسبب دعمهم له في تلك الآونة.
وفي ضوء هذه المحددات وضرورة الحصول على اعتماد الوزراء من قبل البرلمان المحافظ، يرجح بعض الخبراء أن يكون عباس عراقتشي خيار بزشكيان للخارجية، وهو الذي كان معاونا سياسيا لظريف عندما كان وزيرا للخارجية، وشاركه بالمفاوضات النووية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات
إقرأ أيضاً:
البرلمان الإيراني يعزل وزير الاقتصاد بسبب التضخم وتراجع العملة
عزل البرلمان الإيراني اليوم وزير الاقتصاد عبد الناصر همتي، وذلك بعد ثمانية أشهر تقريبا من تشكيل الحكومة في إدارة الرئيس مسعود بزشكيان. وقرر مسائلته حول أزمة معدل التضخم العالي وتراجع كبير في سعر صرف العملة الوطنية الريال.
وخسر الوزير في التصويت على حجب الثقة عنه، مع تأييد 182 برلمانيا للمذكرة من أصل 273 حضروا الجلسة (من أصل 290 عضوا) المخصصة لإقالته.
وحاول الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الدفاع عن الوزير أمام النواب. وقال بيزيشكيان "نحن في خضم حرب (اقتصادية) مع العدو".
وأضاف "المشاكل الاقتصادية التي يشهدها مجتمعنا اليوم غير مرتبطة بشخص واحد ولا يمكننا إلقاء اللوم فيها على شخص واحد".
ورفع الكثير من النواب أصواتهم، وتناوبوا على انتقاد الوزير بغضب، معتبرين أنه المسؤول عن الوضع الاقتصادي المزري.
وقال العضو في البرلمان روح الله متفقر آزاد "لا يستطيع الناس تحمل الموجة الجديدة من التضخم، ولابد من السيطرة على ارتفاع أسعار العملات الأجنبية والسلع الأخرى".
في المقابل، أكدت النائبة فاطمة محمد بيجي "لا يستطيع الناس تحمل تكاليف شراء الأدوية والمعدات الطبية".
من جانبه، أكد الوزير همتي الذي كان في السابق محافظ البنك المركزي، إن "المشكلة الأكبر التي تواجه الاقتصاد هي التضخم. إنها مشكلة مزمنة تؤثر على الاقتصاد منذ سنوات".
إعلانوتولى مسعود بيزيشكيان منصبه في تموز/يوليو مع طموح معلن بإنعاش الاقتصاد وإنهاء بعض العقوبات التي فرضها الغرب.
لكن تزايدت وتيرة انخفاض قيمة الريال الإيراني في الآونة الأخيرة وخاصة في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وقال همتي "سعر الصرف ليس حقيقا والسعر عائد إلى توقعات تضخمية".
وفي السوق السوداء الأحد، كان الريال يتداول بأكثر من 920 ألفا في مقابل الدولار الأميركي، مقارنة بأقل من 600 ألف في منتصف عام 2024. وفي عام 2015، كانت قيمة الريال تبلغ 32 ألف ريال مقابل الدولار.
وتابع الوزير "المشكلة الأخطر في اقتصاد البلاد هو التضخم وهو تضخم مزمن يعاني منه اقتصادنا منذ سنوات".
وبحسب أرقام البنك الدولي، ظل معدل التضخم في إيران أعلى من 30% سنويا منذ عام 2019.
ووصل إلى 44.5%% بحلول عام 2023، بحسب هذه المؤسسة الدولية، ومعدل العام الماضي غير معروف.
غير أن همتي أقر خلال الجلسة البرلمانية بأن التضخم لا يزال مرتفعا، حيث بلغ 35%. وأكد للمشرعين أن فريقه يعمل جاهدا لمعالجة هذه القضية، لكنه نبه إلى أن العملية ستستغرق وقتا.
وأضرت العقوبات الغربية ولا سيما الأميركية المفروضة منذ عقود بالاقتصاد الإيراني، مع تفاقم التضخم منذ انسحاب واشنطن العام 2018 من الاتفاق النووي المبرم العام 2015.
وعند عودته للبيت الأبيض أعاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في يناير/كانون الثاني، إحياء سياسة "الضغط الأقصى" على إيران، ما أدى إلى تشديد القيود عليها.
وبموجب الدستور الإيراني، تصبح إقالة الوزير سارية المفعول على الفور، مع تعيين قائم بأعمال الوزير حتى تختار الحكومة بديلا.
وسيكون أمام الحكومة بعد ذلك ثلاثة أشهر لتقديم بديل، والذي يتعين التصديق على تعيينه من خلال تصويت آخر في البرلمان.
إعلان