الاحتجاجات الإسرائيلية تتأجج بدعوات الإضراب الشامل والعصيان المدني
تاريخ النشر: 8th, July 2024 GMT
القدس المحتلة- حملت المظاهرات الواسعة التي شهدتها البلدات الإسرائيلية والمطالبة بإبرام صفقة تبادل مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإعادة المحتجزين الإسرائيليين لديها رسائل تحذر من تعميق الشرخ المجتمعي، واتساع دائرة الاستقطاب السياسي والحزبي والتطرف الديني، إذ طالبت بإسقاط حكومة بنيامين نتنياهو، والتوجه إلى انتخابات مبكرة للكنيست.
وتزامنت هذه الاحتجاجات -التي عمت مختلف المناطق وشملت قطاعات واسعة من المجتمع الإسرائيلي- مع مرور 9 أشهر على اندلاع الحرب على غزة، في وقت يدور فيه الحديث عن تطورات بالمفاوضات التي من شأنها أن تفضي إلى إبرام صفقة تبادل ووقف إطلاق النار.
وخلافا لما كان سائدا باعتماد التظاهرات فقط في نهاية الأسبوع، أعلن طاقم "أحرار في بلادنا" تصعيد الاحتجاجات واستمرارها على مدار أيام الأسبوع، من أجل الضغط على حكومة نتنياهو، والتهديد بالعصيان المدني في حال لم تنجز صفقة تضمن عودة المحتجزين.
كما رفعوا سقف مطالبهم بإسقاط الحكومة وتحديد موعد لإجراء انتخابات فورية، وإعادة التفويض إلى الجمهور، حيث تعتبر هذه المطالب تحولا بحراك الساحة الإسرائيلية، سواء على المستوى الجماهيري أو السياسي، إلى جانب مطالب أخرى متعلقة باستعادة السيادة والأمن في مناطق "غلاف غزة" والجليل الأعلى، وإعادة السكان الذين تم إجلاؤهم.
تصعيد متعمدمن جانبه، قال المتحدث باسم كتلة "السلام الآن" آدم كلير إن اتساع دائرة الاحتجاجات والمظاهرات في إسرائيل تشكل ضغطا على حكومة نتنياهو من أجل قبول صفقة التبادل وإعادة المحتجزين، إذ يضاف إلى ذلك التحركات في الساحة السياسية والحزبية الإسرائيلية، التي تصر على التوجه لانتخابات مبكرة رغم الحرب.
وردا على سؤال الجزيرة نت بشأن قدرة هذه المظاهرات واتساعها ومدى تأثيرها على موقف نتنياهو وحكومته، أوضح كلير أن الاحتجاجات باتت شبه يومية، وتتسع لتشمل قطاعات واسعة من المجتمع الإسرائيلي، الذي بات يطالب بوقف الحرب وإسقاط حكومة نتنياهو، التي ما زالت تناور وتراوغ وتصر على القتال، كون انتهاء القتال يعني تفكك الائتلاف الحاكم.
ولفت إلى أن الحراك واتساع المظاهرات بمثابة رسالة إلى حكومة نتنياهو بأن المجتمع الإسرائيلي يطالب بالتغيير، وذلك بعد 9 أشهر من القتال، والإخفاق في تحقيق أهداف الحرب المعلنة، وعدم التمكن من إعادة 120 من المحتجزين عبر المعارك.
ويعتقد كلير -وهو ناشط في طاقم الاحتجاجات الداعي لوقف الحرب- أن الزخم الجماهيري الذي تحظى به المظاهرات يؤسس مرحلة جديدة قد تصل إلى حد العصيان المدني، خاصة في ظل اتساع الدعوات التي تطالب نقابة العمال الرئيسية في إسرائيل "الهستدروت" إعلان الإضراب الشامل في سوق العمل والاقتصاد، وهو الإضراب الذي يشكل ضربة قوية لحكومة نتنياهو.
وشدد المتحدث ذاته على أن الاحتجاجات التي لا تقتصر فقط على مطلب إعادة المحتجزين الذي يجمع عليه الإسرائيليون، بل أيضا تطالب بوقف الحرب، لافتا إلى أن المظاهرات باتت تحظى بدعم أكثر من السياسيين، وازدادت فيها نسبة المشاركة، إذ إنها تهدف للتسبب في شلل تام بالبلاد، لإنقاذها من حكومة اليمين المتطرف، وإعادة التفويض إلى الشعب وإجراء انتخابات فورية.
المتظاهرون يطالبون بحل الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة (غيتي) حكومة مأزومةومع ارتفاع سقف مطالب الاحتجاجات، يعتقد مراسل الشؤون السياسية في صحيفة هآرتس ميخائيل هاوزر طوف أن نتنياهو سيواصل نهج المناورة بترحيل صفقة التبادل وإدارة أزمة ملف المحتجزين، مشيرا إلى أن إعادتهم تعني أنه لا يوجد أي مبرر لاستمرار القتال، وهو الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى حل الحكومة.
وأوضح مراسل الشؤون السياسية أن كثير من الشخصيات السياسية، ومن بينهم قيادات في حزب الليكود، تشكك في قدرة نتنياهو على تنفيذ صفقة التبادل المطروحة حاليا، وعزا ذلك إلى الضغوط التي يمارسها الوزيران بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، ضد تنفيذ صفقة كبيرة وشاملة، والتهديدات بحل الحكومة.
وأشار إلى أن الليكود يجد صعوبة في إمكانية أن يتوجه نتنياهو لموقف معاكس لسموتريتش وبن غفير دون حل الائتلاف الحكومي، قائلا إنه "لم يستفسر معهما بعد عن مدى جدية تهديداتهما"، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن المفاوضات بين إسرائيل وحماس التي ستستمر في الأيام المقبلة لم تستنفد بعد.
وقدر أنه إلى في ظل اتساع الحراك الجماهيري فإن فصيلا التيار الحريدي في الائتلاف المتمثل بحركة "شاس" وحزب "يهدوت هتوراة" سيدعمان صفقة التبادل في حال وافقت الأطراف كافة على بنودها.
ويقول مراسل الشؤون السياسية إن هذا الطرح الذي تتبناه أحزاب في الائتلاف وفي حزب الليكود الحاكم يعكس الموقف ذاته لأحزاب معسكر المعارضة، التي أعلنت دعم الحكومة من الخارج لإنجاز صفقة تضمن عودة المختطفين، مع تحديد موعد توافقي للذهاب إلى انتخابات برلمانية.
تحديات داخليةوفي سياق كل هذه التحولات، يعتقد المحامي أورئيل لين أن التحديات التي تواجه الإسرائيليين والأزمات الداخلية التي تعصف بمجتمعهم في ظل الحرب ليست مزيدا من الألعاب والمناورات السياسية، بل تعكس مستقبل المجتمع الإسرائيلي، قائلا إن "دولة إسرائيل بأكملها على المحك".
وأوضح لين -وهو رئيس سابق للغرفة التجارية في تل أبيب- أن المظاهرات تأتي أيضا في سياق قضايا جوهرية، لعل أبرزها تقاسم العبء المجتمعي، والدعوات لتشريع قانون لفرض الخدمة العسكرية على اليهود الحريديم، وهي قضايا تضاف إلى ملف المحتجزين، وتضع مستقبل حكومة نتنياهو على المحك.
ولفت إلى أن نتنياهو الذي يسعى إلى تمرير قانون إعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية، بالذات في ظل الحرب، وفي وقت ما زال فيه عشرات من الجنود العسكريين في الأسر لدى حماس، يؤكد أن مصالحه السياسية الشخصية تحدد نهجه وقراراته، وذلك لضمان استقرار الائتلاف الحكومي وعدم تفككه.
وأشار لين إلى احتمالية أن تأخذ الاحتجاجات مناحي مختلفة، قد تصل إلى حد العصيان المدني، خصوصا أن كثيرا من المطالب تنطوي تحت رايتها، وتعكس بشكل متدرج هواجس المجتمع الإسرائيلي حيال مستقبل البلاد، في ظل سطوة اليمين المتطرف على مقاليد الحكم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات المجتمع الإسرائیلی حکومة نتنیاهو صفقة التبادل إلى أن
إقرأ أيضاً:
غالانت: حكومة نتنياهو تسعى لحكم عسكري بغزة يدفع جنودنا ثمنه
انتقد وزير الدفاع الإسرائيلي المقال يوآف غالانت اليوم الأربعاء سعي حكومة بنيامين نتنياهو، للاستعانة بشركات خاصة تحت ذرائع توزيع المساعدات الإنسانية بقطاع غزة، معتبرا أن ذلك يعني "حكما عسكريا سيدفع الجنود حياتهم ثمنا له".
وقال غالانت عبر حسابه على منصة إكس إن "الحديث الذي يتناول توزيع الغذاء على سكان غزة من قبل شركات خاصة تحت حراسة الجيش الإسرائيلي، كلام منمق لبداية حكم عسكري".
وأضاف أن ما سماه "ثمن الدم" سيدفعه جنود الجيش الإسرائيلي، وستدفعه إسرائيل، "في ظل ترتيب سيئ للأولويات سيؤدي إلى إهمال مهام أمنية أكثر أهمية"، وفق ما نقلته عنه وكالة الأناضول.
واعتبر غالانت، أن على إسرائيل تجهيز ما وصفه بكيان بديل يحل محل الجيش الإسرائيلي في السيطرة على المنطقة، و"إلا فإننا في الطريق إلى حكم عسكري"، مشددا على أن الحكم العسكري في غزة ليس جزءا من أهداف الحرب، وإنما عمل سياسي خطير وغير مسؤول.
وفي 5 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، أقال نتنياهو، غالانت، وعيّن بدلا منه وزير الخارجية السابق يسرائيل كاتس، على وقع خلافات تتعلق بطريقة إدارة الحرب في غزة.
وبعد إحداثها أزمة تجويع كبرى في غزة بقرارها حظر عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، تزعم إسرائيل أنها تبحث إحلال كيانات بديلة لتوزيع المساعدات في القطاع، في مقدمتها شركة أمنية أميركية.
وقد ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي اليوم الأربعاء، أن نتنياهو، ووزير دفاعه كاتس، أجريا أمس نقاشا لـ4 ساعات بخصوص غزة مع مختصين، تناول خطة لجلب شركة أمن أميريكية خاصة إلى غزة، دون الإشارة إلى هويتها.
كما كشفت صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية عن اجتماع أجراه وزير الدفاع الجديد، بكبار قادة الجيش لبحث إمكانية استخدام شركة أمن أميركية لتوزيع المساعدات الإنسانية بقطاع غزة.
وطُرح خلال الاجتماع إمكانية دخول شركة أمن أميركية خاصة إلى أحياء معينة في غزة وتحمّل مسؤولية الجانب المدني وتوزيع المساعدات الإنسانية، على أن يمنحهم الجيش الإسرائيلي الغطاء الأمني فقط، وفق الصحيفة الإسرائيلية.
ويأتي ذلك في حين تواصل إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حربها المدمرة على غزة، مخلّفة أكثر من 148 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة متفاقمة تخيم على القطاع المحاصر.