البحر الأحمر.. هجمات الحوثي تشهد تراجعاً ملحوظاً و«أسبيدس» تدمر مسيرتين
تاريخ النشر: 7th, July 2024 GMT
أعلنت مهمة الاتحاد الأوروبي العسكرية لحماية السفن (أسبيدس)، تدمير طائرتين من دون طيار فوق خليج عدن، الأحد، في سياق العمليات الدفاعية التي انضم إليها الاتحاد إلى جانب الولايات المتحدة التي تقود تحالف «حارس الازدهار» لتأمين الملاحة من هجمات الحوثيين.
جاء ذلك في وقت شهدت فيه الهجمات الحوثية خلال الأسبوع الأخير تراجعاً ملحوظاً مع عدم تسجيل أي تهديد حقيقي لاستهداف السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، على الرغم من تبني الجماعة المدعومة من إيران عدداً من العمليات المزعومة.
ونقلت «رويترز» عن مهمة الاتحاد الأوروبي البحرية (أسبيدس) المعنية بحماية السفن لدى عبورها البحر الأحمر أن الفرقاطة «بسارا» التابعة للمهمة، وهي فرقاطة يونانية، دمرت طائرتين مسيرتين في منطقة خليج عدن.
ويأتي التصدي الأوروبي للمسيرتين الحوثيتين، عقب بيان من الممثل السامي للاتحاد للشؤون الخارجية والسياسة جوزيب بوريل خلال زيارته إلى مقر العملية في اليونان، أكد فيه، تدهور الوضع الأمني في البحر الأحمر وخليج عدن بشكل ملحوظ، مما أدى إلى أزمة حادة.
وقال المسؤول الأوروبي إن الحوثيين يشنون هجمات متزايدة التعقيد، وقد طوروا قدرات أكبر لمهاجمة السفن التجارية، ويهددون الأمن البحري والتجارة الدولية، ويعرضون السلام والأمن الإقليميين للخطر.
وأوضح بوريل أن إعادة توجيه حركة المرور البحري عبر رأس الرجاء الصالح يؤدي إلى إضافة 10 إلى 14 يوماً لكل رحلة، وهذا يعني تكاليف أعلى، وارتفاع الأسعار، والمزيد من التضخم وارتفاع أسعار المواد المشحونة والتأمين. وقال: «الأمر مقلق للغاية، حيث تضاعفت تكلفة الحاوية من الصين إلى أوروبا مرتين».
وأشار إلى أن عدد السفن التي تعبر قناة السويس يومياً انخفض إلى النصف، وأضاف: «هذا يعني خسارة كبيرة لمصر والكثير من المشاكل للاقتصاد العالمي».
وتابع المسؤول الأوروبي بالقول: «كما هي الحال دائماً، فإن أفقر الناس هم الأكثر تضرراً. وهذا ينطبق على اليمن، حيث واجهت حركة البضائع عقبات كبيرة بسبب هجمات الحوثيين، مما أدى إلى تراجع تدفق البضائع بشكل كبير، بنسبة 50 في المائة مقارنة مع السنة الماضية، حيث يعاني السكان من نقص حاد في الأدوية والمواد الغذائية نتيجة لذلك، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الأساسية بشكل ملحوظ».
اعتداء مباشر
أكد الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة جوزيب بوريل أن الهجمات الحوثية هي اعتداء مباشر على مصالح الاتحاد وعلى السلام والاستقرار الإقليميين، وعلى حياة من هم الأكثر تضرراً.
وكشف عن أنه منذ إطلاق العملية الأوروبية في فبراير (شباط) الماضي رافقت سفن «أسبيدس» بنجاح أكثر من 170 سفينة تجارية، ودمرت 19 طائرة مسيرة وصاروخاً أطلقها الحوثيون ضد أهداف مدنية.
وشدّد المسؤول الأوروبي على أهمية العملية وقال: «سنواصل العمل للحد من قدرات الجهات الفاعلة العنيفة التي تفسد فرص السلام، وتهدد المدنيين، وتعرض الأمن البحري للخطر».
وتقول الحكومة اليمنية إن الجماعة الحوثية تنفذ أجندة إيران في المنطقة، وتسعى للهروب من استحقاقات السلام، وتتخذ من غزة ذريعة للمزايدة السياسية، كما ترى الحكومة اليمنية أن الحل ليس في الضربات الغربية لوقف هجمات الحوثيين، ولكن في دعم قواتها المسلحة لاستعادة الأراضي كافة من قبضة الجماعة، بما فيها الحديدة وموانئها.
وأثّرت هجمات الحوثيين على مصالح أكثر من 55 دولة وفقاً للجيش الأميركي، وهدّدت التدفق الحر للتجارة عبر البحر الأحمر وهو حجر أساس للاقتصاد العالمي؛ إذ دفعت الهجمات أكثر من 10 شركات شحن كبرى إلى تعليق عبور سفنها عبر البحر الأحمر، ما تسبب في ارتفاع أسعار التأمين على السفن في المنطقة.
وتسبب تصعيد الحوثيين في إصابة مساعي السلام اليمني التي يقودها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ بالجمود؛ إذ تسود المخاوف من انهيار التهدئة الهشة المستمرة منذ عامين، وعودة القتال على نطاق أوسع.
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
البحرية الأمريكية في مأزق .. استنزاف غير مسبوق أمام تكتيكات صنعاء
التحديات التي فرضتها صنعاء على البحرية الأمريكية
تكلفة غير متكافئة: بينما تطلق القوات اليمنية طائرات مسيرة منخفضة التكلفة وصواريخ محلية الصنع، تعتمد البحرية الأمريكية على منظومات دفاعية تكلف الواحدة منها ملايين الدولارات، ما يخلق استنزافًا اقتصاديًا حادًا.
إرباك حركة التجارة العالمية: تشير البيانات إلى أن 30% من حركة الحاويات العالمية تأثرت مباشرة نتيجة الهجمات البحرية اليمنية، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف النقل والشحن والتأمين، ودفع الشركات إلى اتخاذ مسارات بديلة أكثر كلفة عبر رأس الرجاء الصالح.
عجز استخباراتي أمريكي: على الرغم من أن الهجمات البحرية اليمنية تعتمد على الرصد الدقيق للأهداف العسكرية والتجارية، إلا أن القيادة الأمريكية تعاني من قصور استخباراتي واضح، حيث فشلت في التنبؤ بالهجمات أو احتوائها، وفقًا لما ورد في التقرير.
تكتيكات يمنية تقلب موازين البحر الأحمر
وأوضح التقرير أن القوات اليمنية استخدمت مزيجًا من الطائرات المسيّرة، الصواريخ الباليستية المضادة للسفن، وصواريخ كروز الساحلية، مما مكنها من فرض منطقة تهديد واسعة النطاق دون الحاجة إلى أسطول بحري.
ومن أبرز العمليات التي أشار إليها التقرير:
عملية السيطرة على السفينة “جالاكسي ليدر” في نوفمبر 2023، حيث استخدمت مروحية مسيرة لإنزال قوة هجومية على متن السفينة، في سابقة نوعية تعكس التخطيط والتنسيق عالي المستوى لدى القوات اليمنية.
الهجوم على السفينة “MV True Confidence”، والذي تسبب في أول خسائر بشرية مباشرة في النزاع البحري، مما رفع مستوى المخاطر على السفن التجارية وأجبر العديد من الشركات على إعادة النظر في خطط عبور البحر الأحمر.
التكلفة العسكرية والاقتصادية للولايات المتحدة
وتشير تقديرات الخبراء العسكريين إلى أن العمليات العسكرية الأمريكية في البحر الأحمر تكلف مليارات الدولارات شهريًا، حيث تتطلب تشغيل مستمر للسفن الحربية والطائرات الدفاعية، إضافة إلى استخدام مكثف لصواريخ باهظة الثمن لاعتراض الهجمات اليمنية.
وهذا الاستنزاف المالي والعسكري يضع واشنطن أمام تحدٍ كبير حول مدى استدامة هذه العمليات، خصوصًا في ظل غياب استراتيجية واضحة للقضاء على التهديد اليمني أو احتوائه بفعالية.
البُعد السياسي والاستراتيجي
ولم يقتصر التقرير على الجوانب العسكرية، بل أشار إلى أن القوات اليمنية استفادت من الانقسامات بين الحلفاء الغربيين بشأن الحرب في غزة، حيث لم يُظهر الاتحاد الأوروبي حماسًا كبيرًا لمواجهة صنعاء عسكريًا، وركز على ضرورة تهدئة الأوضاع بدلًا من تصعيدها.
كما أن الصين، رغم امتلاكها مصالح ضخمة في البحر الأحمر، لم تتدخل ضد القوات اليمنية، وهو ما يعكس عدم رغبة بكين في الدخول في صراع قد يعزز النفوذ الأمريكي في المنطقة، مما يمنح صنعاء ميزة استراتيجية إضافية.
مستقبل المواجهة في البحر الأحمر
ويختتم التقرير بتحليل لمستقبل النزاع، متسائلًا: هل تسعى صنعاء للسيطرة الكاملة على الممرات البحرية، أم أن هدفها يقتصر على فرض النفوذ البحري؟
وحتى الآن، لم تصل القوات اليمنية إلى مستوى السيطرة التامة على البحر الأحمر، لكنها نجحت في جعله منطقة غير آمنة للسفن التجارية والعسكرية الغربية، وهو إنجاز استراتيجي بحد ذاته.
وفي ظل غياب حلول عسكرية فعالة، يشير التقرير إلى أن البحرية الأمريكية قد تجد نفسها في موقف حرج إذا استمرت صنعاء في تطوير تكتيكاتها واستخدام أسلحة أكثر تطورًا.
هل واشنطن أمام إعادة تقييم لجدوى عملياتها في البحر الأحمر؟
ومع استمرار هذا الاستنزاف، يطرح التقرير تساؤلًا جوهريًا: إذا لم تجد الولايات المتحدة استراتيجية أكثر كفاءة في التعامل مع القوات اليمنية، فهل ستضطر إلى إعادة تقييم جدوى عملياتها العسكرية في البحر الأحمر؟
وحتى ذلك الحين، يبدو أن صنعاء مستمرة في فرض معادلتها الخاصة، مجبرة البحرية الأمريكية على لعب دور دفاعي في واحدة من أهم الممرات البحرية في العالم.
المساء برس