لجريدة عمان:
2024-10-05@23:32:39 GMT

خطر التضليل الإعلامي على تماسك المجتمعات

تاريخ النشر: 7th, July 2024 GMT

خطر التضليل الإعلامي على تماسك المجتمعات

هذا العصر الذي نعيشه هو عصر المعلومات بامتياز، تتدفق فيه كميات فظيعة في كل جزء من الثانية بشكل منطقي أو غير منطقي، تحمل معها المعرفة كما تحمل معها نقيضها. ومع ظهور ثورة الذكاء الاصطناعي صار توليد المعلومات يحدث بشكل جنوني.. كل فرد في هذا العالم يستطيع أن يولد كميات هائلة من المعلومات ويوجهها في المسار الذي يريده ويصبغ عليها رداء الصدق وهي في الكثير من الأوقات منه براء.

وأمام هذا الجنون المعلوماتي يصبح دور دور وسائل الإعلام في تشكيل الوعي العام أكثر أهمية من أي وقت مضى. لكنّ الأمر لا يبدو بهذه البساطة التي نتوقعها، فتأثير وسائل الإعلام التقليدية والحديثة يأخذ مسارين اثنين، أو يمكن استعارة مقولة «سيف ذو حدين»؛ فمن ناحية، يمكن للصحافة المسؤولة أن تقوم بدور التنوير والتثقيف، والمساهمة في بناء مجتمع مستنير.. ومن ناحية أخرى، يمكن للمعلومات المضللة في وسائل الإعلام، وبشكل خاص الحديثة، أن تشوه الحقائق، وتؤدي إلى تآكل ثقة الجمهور، وتقوض التقدم المجتمعي.. بل وتقوض الوعي الجمعي.

إن أحد أكبر التحديات التي تواجهها الدول في هذا الوقت يتمثل في تحدي المعلومات المضللة التي تنتشر في وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام، وهذه القضية منتشرة في كل المجتمعات ولها عواقب بعيدة المدى.

قبل عقود من الزمن كانت المعلومات حكرا على فئات قليلة في كل مجتمع، وتتحكم فيها الدول والحكومات، لكنّ العصر الرقمي الذي نعيشه فرض «ديمقراطية» الوصول إلى المعلومات أو أغلبها وصارت متاحة أمام الجميع، ولكن في الوقت نفسه سهّل عملية انتشار التضليل والأكاذيب والتلاعب بالعقول وبناء وعي جمعي مزيف في بعض الأحيان. ومن القصص الإخبارية الملفقة إلى الإحصائيات المضللة، يمكن لسيل جارف من المعلومات المضللة أن يؤثر على استقرار المجتمعات ويثير القلاقل السياسية التي قد تؤدي إلى الذعر في بعض الأحيان وإلى عمليات الاستقطاب في الكثير من المجتمعات، وما حدث خلال جائحة كورونا ليس بعيدا عنا.. وهذا المثال وغيره الكثير يؤكد على الإمكانية التدميرية للمعلومات المضللة وقدرتها على تفكيك الوعي وتسطيحه.

وأمام كل هذه الحقائق التي لم تعد خافية على أحد يبرز الوعي الحقيقي المعتمد على المبادئ العلمية والتفكير النقدي باعتباره الحل الأمثل لهذه المشكلة المتفشية. تستطيع المعرفة العلمية مساعدة الأفراد في تمييز المعلومات الموثوقة من الادعاءات الزائفة، وتقييم صحة أي معلومة تصلهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشكل خاص. إن الجميع اليوم في أمس الحاجة إلى تعلم المبادئ البسيطة لعلم المنطق حتى نستطيع جميعا تحليل الحجج وتحديد المغالطات المنطقية، وتقييم مدى موثوقية المصادر، وكل هذه المهارات ضرورية خلال هذه الثورة المعلوماتية التي تزداد ضراوة كل يوم.

إن المجتمعات التي تستطيع إعمال المنطق خلال عملية فرز الكم الهائل المتدفق من المعلومات اليومية تزداد قوة وقدرة على التغلب على التحديات اليومية والأزمات الكبرى. كما يستطيع مثل هذا المجتمع الذي يستند على المنطق أن يصنع قراره بناء على أدلة علمية، وهذا يضمن له سياسات مستنيره وممارسات إدارية أكثر قوة.

وهذا مطلب أساسي لهذه الأجيال التي تلقت تعليما متقدما في أرقى الجامعات ومارست أعمالا لا تستقيم دون التفكير النقدي ودون الاتكاء على المنطق في اتخاذ القرارات. ومن المخيف جدا أن تترك هذه الأجيال المتعلمة هذا النوع من التفكير وتنخدع بالتضليل الإعلامي الذي يأخذ مساحة لا بأس بها في وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام التقليدي. فالمتعلم الممسك بمهارات التفكير النقدي أكثر استعدادا لتحدي المعلومات الخاطئة والمساهمة في كشفها وحماية المجتمع منها.

تحتاج المعلومات المضللة التي تجتاح مجتمعاتنا إلى استجابة مجتمعية قوية تركز على الثقافة العلمية والتفكير النقدي. ومن خلال إعطاء الأولوية لهذه المهارات، يمكن بناء مجتمعات قوية قادرة على التغلب على تعقيدات العالم الحديث. ومن الضروري أن تدرك المؤسسات التعليمية وصناع السياسات على حد سواء أهمية تعزيز ثقافة الاستقصاء والشك واتخاذ القرارات القائمة على الأدلة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: وسائل الإعلام

إقرأ أيضاً:

وفاة 14 شخصاً جراء الفيضانات بالبوسنة والهرسك

 لقي 14 شخصاً على الأقل حتفهم في الفيضانات والانهيارات الأرضية، التي وقعت في البوسنة والهرسك. جاء ذلك في تصريح لمتحدث باسم حكومة كانتون هرسك-نيريفتا لوسائل الإعلام البوسنية اليوم الجمعة. 
وتعد المنطقة الجبلية الواقعة على بعد نحو 30 كيلومتراً شمال مدينة موستار بجنوب البلاد، الأكثر تضرراً. وذكرت وسائل الإعلام المحلية أن الأمطار الغزيرة تسببت في فيضان العديد من الأنهار على جانبيها في المنطقة.
 وأضافت أنه في بلدة يابلانيتسا ألحق انهيار أرضي أضراراً بالكثير من المنازل وأن المئذنة الوحيدة بمسجد البلدة مازالت مرئية. وأصبحت يابلانيتسا معزولة بالكامل، حيث إن الطرق الريفية القريبة غير صالحة للاستخدام وجرفت الأمطار التربة تحت قضبان السكك الحديد.
 وتمكن رجال الإنقاذ في النهاية من الوصول ونقلوا الأشخاص لمناطق آمنة باستخدام القوارب، بحسب وسائل الإعلام المحلية. 

 

أخبار ذات صلة ارتفاع كبير لحصيلة الفيضانات في نيبال نيبال تغلق المدارس مع زيادة عدد قتلى الأمطار الغزيرة المصدر: د ب أ

مقالات مشابهة

  • حزب الله يرد على شائعات حول قياداته
  • الآلاف يتظاهرون في المجر للمطالبة بمواجهة "الآلة الدعائية" التي تعتمدها الحكومة
  • ٥١ عاماً.. الطيران المصرى عزة وكرامة
  • الدكتور فتحي شمس الدين يكتب:  الإعلام الرقمي بناء الوعي المجتمعي
  • منصات تدوير ونشر المعلومات المضللة تهديد للأمن القومي
  • وفاة 14 شخصاً جراء الفيضانات بالبوسنة والهرسك
  • الإعلام والبيئة ..
  • قائد الثورة يكشف تفاصيل حساسة بشأن الهجوم الإيراني على كيان العدو والمواقع التي تم استهدافها وما الذي حدث بعد الضربة مباشرة
  • عبدالله آل حامد يبحث توظيف الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى الإعلامي والترفيهي مع دي إن إي جي
  • تين هاج: تكهنات وسائل الإعلام لا تؤثر على مانشستر يونايتد