«ألعب وإلا أخرّب» ذاتية المنفعة وموضوعية التكامل
تاريخ النشر: 7th, July 2024 GMT
شبكة العلاقات الإنسانية شبكة معقدة لما يتجاذبها من تشعبات علائقية ومعطيات وتأثيرات عاطفية اجتماعية مختلفة، تنسحب هذه التداعيات الملتبسة المتشابكة على كثير من جوانب الحياة التي قد تتجاوز السياق الشخصي في مساراته العاطفية، العائلية إلى سياقات أكبر مجتمعية ووظيفية عامة، وفي حين يتصدر بعض الأفراد هذه السياقات بمهارته وقدرته وحضوره المؤثر يتخذ بعضهم الآخر منزلة الوقوع في دائرة التأثر العام، وبالتالي الانقياد أو التبعية، أو المجاراة إن شئنا التخفيف من حدة التأثير السلبي بالصعود إلى نبرة المشاركة والتوافق الإيجابيين.
معرفة المؤثر بحدود وإمكانات تأثيره في الآخر هي -بلا شك- قوة بحد ذاتها يمكن استغلالها لتوجيه وتطويع واستغلال وربما تمكين في بعض سياقاتها الإيجابية كذلك، فماذا لو أنك أيها العارف بإمكاناتك عرفت في نفسك تلك القوة والحضور، ولكن الآخر لم يبلغ تلك المعرفة وربما أنكرها عليك؟! من متابعات سلطة الحضور ورفض الغياب أذكر سلوكا طفوليا ربما عايشناه جميعا، حينما يصرخ خاسر ما في لعبة جماعية «تلاعبوني وإلا أخرّب» متمردا على قوانين اللعبة رافضا الخروج من المشاركة، حتى لو أن قوانين اللعبة هي التي أسلمته لذلك الخروج المؤقت، المشكلة أنه يستطيع فعلا فرض نفسه بمنطقه ذاك إن لم يكن في الميدان من يحرس الآخرين واللعبة من تبجح ذلك الثائر بتهديده في غير الحق، ويبقى ليلعب رغما عن الجميع خوفا من تهديد التخريب أوان غياب المشاركة.
بذات المنطق في فكرة «ألعب وإلا أخرب» يمارس بعض الأفراد سلطته العاطفية أو المجتمعية أو الإدارية ليحصل على أكبر قدر ممكن من الفوائد الشخصية قد تتضمن تشاركات وتعاقدات ومنافع اختارها لنفسه رغما عن الجميع ليثبت بأن حيثما حضرتُ أنا كان النجاح والتميز والإنجاز لأكونَ صاحبَه الأوحد المتفرد، أو على الأقل شريكا به، وإن لم تعترفوا لي بذلك فإني مُسَخِّرٌ كُلَّ جهودي لإفساد الأمر، وفي السياق الشخصي نجدها ضمن أن الفرح والنجاح والمتعة معي وحسب، وإلا فلن تهنأوا بها ولن تصلوا إليها دوني، وقد تتطرف تصرفات الشخصية المتنفذة عاطفيا أو عائليا لدرجة تصل حدود الإجرام والعنف، وكذلك الأمر في السياق الإداري حين لا يجد المتنفذ إداريا سلطة أعلى تراقب تصرفاته وتتابع قراراته التي يحدث أن تصدر عن انفعالات شخصية وتراكمات ذاتية مفادها «إن لم يكن لي نصيب في هذه فلن تصل إليكم «لتتعطل مصالح موظفين، وتتقطع أسبابٌ لنجاح وإبداعِ آخرين، مما يحيل بعض المخلصين إلى انطفاء واحتراق وظيفيين دون أن ترمش لذلك المتنفذ المسيطر عين، أو يصحو له ضمير، بل قد يعتقد(واهما) أنه انتصر بتحقق نفوذه حينما اختاروا عدم مشاركته اللعبة!
بذات المنطق يتصرف اليوم بعض مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي بعد تحقق السلطة بواقع الشهرة وضمان المتابعات، ليصل الأمر إلى التعامل بفوقية وتسلط مع الأفراد والمؤسسات، بل والحكومات أحيانا خصوصا إن سبق إشعاره بسلطته تلك في مواقف سابقة ثم حدث أن انقطع عنه ذلك المدد، أو تم استبداله بآخرين ربما يكونون أفضل في زمان أو مكان آخر، فلا يجد حينها بدا من استخدام ورقته الاستدراكية لإنقاذ مصلحته الشخصية «ألعب وإلا أخرّب» دون مراعاة حجم التخريب المتوقع أو مكانه حتى وإن كان يستهدف مصلحة عامة أو أهدافا وطنية.
ختاما: لا بد من التأكيد على أن الذاتية (الأنا) سمة للإنسان ولا يمكن تهذيبها إلا بكثير من التحضر المتكئ على العلم والمعرفة التراكمية، ثم الاكتفاء بتقدير الذات ومكانة الكفاءة، والتقييد باحترام القانون وعمومية المنفعة، كما لا يمكن تعزيز موضوعية التفكير وحتمية التغيير والتبادل والتكامل دون متابعة أعلى ومحاسبة دائمة، لا بدّ من تغليب المصلحة العامة على المنافع الشخصية بتقييد الاستثناءات القائمة على المحسوبيات والمعرفة الشخصية ونفوذ المناصب الإدارية أو الشهرة الاجتماعية، كما لا بد من التأكيد على أن التمييز القائم على الكفاءة والمهارة لا ينهض بصاحبه فقط، بل يتجاوزه إلى فضائه الإداري أو الاجتماعي ليشمل أولئك الممكنين أصحاب القرار في ذلك التمييز المستحق حينما يتجردون من ذواتهم الفردية مؤمنين بالمشاركة الجمعية، والقيادة بالتكامل والإحلال الدوري، لن ينشأ ذلك بطفرة فجائية بل يبدأ بتأسيس قيم أخلاقية تغرس منذ الطفولة في ضرورة تقبل التغيير وضرورته، الروح الرياضية في تقبل الهزيمة والاعتراف بالفضل لأهل الفضل، في احترام القوانين المنظمة لحياة الأفراد والمؤسسات وعدم التبجح بالقدرة على اختراقها أو التلاعب عليها في استغلال ثغراتها، في استشعار الجميع حيثما كانوا رقابة الله أولا، والقيم الإنسانية الثابتة، ثم المجتمع ومصلحة الوطن، حينها نطمئن إلى أن الميدان -على رحابته- ينعم بأمان دون تهديد أولئك المخربين ما لم يلعبوا، والمعطلين ما لم ينتفعوا.
حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
قمة أبوظبي للأنظمة ذاتية الحركة تعلن عن برنامج نسختها الافتتاحية
أعلنت قمة أبوظبي للأنظمة ذاتية الحركة، عن برنامج نسختها الافتتاحية، التي ستُقام يوم 10 نوفمبر 2025، في حلبة مرسى ياس، تحت شعار "هُنا نرسم ملامح مستقبل قطاع التنقُّل الذكي ذاتي القيادة".
ويشارك في القمة نخبة من القادة والخبراء العالميين في قطاع التنقُّل الذكي، لبحث سُبل تطوير الأنظمة الذكية ذاتية القيادة، إلى جانب استعراض أحدث المستجدات في مجالات الذكاء الاصطناعي والتطبيقات الروبوتية والتنقُّل الذكي.
وتُمثّل قمة أبوظبي للأنظمة ذاتية الحركة الحدث الرئيسي والافتتاحي ضمن فعاليات "أسبوع أبوظبي للأنظمة ذاتية الحركة"، الذي يُقام تحت رعاية سمو الشيخ حمدان بن محمد بن زايد آل نهيان، نائب رئيس ديوان الرئاسة للشؤون الخاصة، رئيس مجلس الأنظمة الذكية ذاتية الحركة.
كما توفر القمة منصة استراتيجية رائدة تستقطب نخبة من صُنّاع السياسات، وقادة القطاع، والمبتكرين، والمستثمرين، والخبراء من مختلف أنحاء العالم لاستعراض أحدث الابتكارات وحلول قطاع التنقل ذاتي القيادة في المجالات البرية والبحرية والجوية وتطبيقاتها الروبوتية والصناعية، ومناقشة سُبل تسريع اعتماد النظم التشريعية والسياسات الهادفة إلى تبنّي هذه التقنيات المتطورة، ترسيخاً لريادة أبوظبي عالمياً في قيادة تطوير وتشغيل حلول التنقل الذكي والأنظمة ذاتية الحركة.
ويتضمّن برنامج القمة 13 جلسة حوارية يشارك فيها أكثر من 30 متحدثاً من صنّاع القرار والخبراء لمناقشة مستقبل الأنظمة الذكية ذاتية الحركة، بهدف ترجمة الرؤى الاستراتيجية إلى حلول قابلة للتنفيذ على أرض الواقع.
وتُستهَل القمة بجلسة رفيعة المستوى بعنوان "دور الاستثمار والتكامل في تشكيل اقتصاد الأنظمة ذاتية الحركة"، والتي تُسلِّط الضوء على كيفية تحويل الابتكارات في هذا القطاع إلى فرص تجارية قابلة للتنفيذ بحلول عامَي 2030 و2040، من خلال تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتطوير بنى تحتية مرنة تدعم التوسّع في تبنّي تطوير مدن ذكية ومتكاملة.
وتعقبها جلسة نقاشية بعنوان "تنظيم قطاع الأنظمة ذاتية الحركة"، والتي تُركِّز على اعتماد مبدأ السلامة أولاً ثم التوسّع في عمليات التشغيل، من خلال مناقشة محاور تشمل الأمن السيبراني، وحوكمة البيانات، وبناء وتقييم الثقة المجتمعية بالأنظمة ذاتية الحركة.
ويشمل البرنامج كلمة رئيسية بعنوان "نحو مستقبل ذاتي القيادة: من التصور البشري إلى التطبيق الفعلي للحلول والأنظمة الذكية"، والتي تُسلط الضوء على نماذج مركبات الأجرة ذاتية القيادة "روبو تاكسي"، ووسائل النقل العام الذكية، ومركبات توصيل الطلبات ذاتية القيادة.
وتتناول جلسة "تمكين الأنظمة ذاتية الحركة" دور البنية التحتية المرنة في دعم التوسع في تشغيل الأنظمة الذكية بكفاءة واستدامة، بينما تستعرض جلسة "التكامل بين الإنسان والذكاء الاصطناعي" مفاهيم الذكاء الاصطناعي، وآليات الرقابة البشرية عليه، في حين تُركِّز جلسة "اتخاذ القرار المدعوم بالذكاء الاصطناعي" على البنية التشغيلية للذكاء الاصطناعي، عبر استعراض تطبيقاته في الطائرات المسيّرة، والطرق الذكية، وسلاسل الإمداد واللوجستيات المعتمدة على الحوسبة الطرفية والسحابية الآمنة.
أخبار ذات صلةوتطرح جلسة "التعاون بين القطاعات"، أطر التعاون بين قادة قطاعات التنقل والطاقة والتكنولوجيا واللوجستيات لبناء تحالفات إستراتيجية تُمهِّد الطريق نحو تطوير تطبيقات عملية ذات جدوى استثمارية، كما تستعرض جلسة "تصميم الموانئ والمدن الذكية" نماذج التصاميم العمرانية والتطبيقات الصناعية القابلة للتكامل مع الأنظمة ذاتية الحركة، فيما تتناول جلسة "التنقل الجوي الحضري" محاور اعتماد الأنظمة الجوية الذكية، وتكاملها في المجال الجوي، وربط الموانئ والمطارات والمناطق الحضرية ضمن شبكة متكاملة وآمنة.
وتستعرض جلسة "المدن الذكية قيد التنفيذ"، تجارب واقعية في التحول الذكي، فيما تُختتم القمة بجلسة "تمويل وتأمين فئات الأصول الجديدة" والتي تناقش كيفية تطوير نماذج رأسمالية وتأمينية لمواكبة احتياجات المنصات التكنولوجية المستقبلية، وضمان استدامة الابتكار في قطاع التنقل الذكي.
وقال معالي فيصل عبدالعزيز البنّاي، مستشار رئيس الدولة لشؤون الأبحاث الإستراتيجية والتكنولوجيا المتقدمة، الأمين العام لمجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة بهذه المناسبة : "يُعبّر أسبوع أبوظبي للأنظمة ذاتية الحركة عن التزامنا الراسخ تجاه بناء مستقبل الأنظمة الذكية ذاتية القيادة، حيث تتفاعل الآلات مع الإنسان بذكاء وانسجام. ولا يقتصر الأمر على التطور التكنولوجي فحسب، بل يتعدى ذلك إلى ابتكار مفاهيم جديدة للتنقُّل والصناعة والتجربة الإنسانية ذاتها."
من جانبه، قال معالي محمد علي الشرفاء، رئيس دائرة البلديات والنقل - أبوظبي، إن أسبوع أبوظبي للأنظمة ذاتية الحركة يُجسّد رؤية الإمارة في إعادة رسم مستقبل التنقُّل عبر تبنّي معايير عالمية جديدة للابتكار في قطاع النقل الذكي، ومن خلال تطوير الحلول الذكية والآمنة والمستدامة في أنظمة النقل البرية والبحرية والجوية، نُسهم في إحداث تحوّل جوهري في أسلوب التنقُّل العالمي.
من ناحيته، قال معالي أحمد جاسم الزعابي، رئيس دائرة التنمية الاقتصادية - أبوظبي: " إن أسبوع أبوظبي للأنظمة ذاتية الحركة يُبرز رؤية الإمارة لبناء منظومة اقتصادية حيوية ترتكز على الابتكار، حيث تتكامل التكنولوجيا والاستثمارات لدفع عجلة التنمية، لافتا إف وفي عام 2023، أطلقنا مجمّع صناعة المركبات الذكية وذاتية القيادة (SAVI) ضمن مبادراتنا لبناء اقتصاد المستقبل، إلى جانب إسهامات المنظومة الداعمة للأعمال في ترسيخ مكانة أبوظبي بوصفها مركزاً عالمياً لصياغة مستقبل التنقُّل الذكي والصناعات المرتبطة به".
ويشارك في القمة نخبة من صُنّاع القرار ورواد القطاع، من أبرزهم معالي فيصل عبدالعزيز البنّاي، مستشار رئيس الدولة لشؤون الأبحاث الاستراتيجية والتكنولوجيا المتقدمة، الأمين العام لمجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة، ومعالي محمد علي الشرفاء، رئيس دائرة البلديات والنقل - أبوظبي، ومعالي أحمد جاسم الزعابي، رئيس دائرة التنمية الاقتصادية - أبوظبي، وسعادة الدكتور ناصر حميد النعيمي، الأمين العام لمجلس التوازن للتمكين الدفاعي، وسعادة الدكتور محمد حمد الكويتي، رئيس مجلس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات، وسعادة بدر سليم سلطان العلماء، مدير عام مكتب أبوظبي للاستثمار، وراشد مطر المناعي، الرئيس التنفيذي لشركة "لود أوتونوموس"، والدكتور طالب الهنائي، المدير العام لشركة "آرتشر للطيران" في دولة الإمارات؛ وطارق أحمد الواحدي، الرئيس التنفيذي لمجموعة "سفن إكس"؛ و محمد صلاح، الرئيس التنفيذي لـ"أدفانسد موبيليتي هاب"؛ وستيفان تيمبانو، الرئيس التنفيذي لشركة "أسباير".
كما يشارك في الحدث، توني شو هان، المؤسس ورئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة "وي رايد"؛ وسفين بيكر، المدير العام لشركة "سيليكون فالي موبيليتي"؛ وفاي أرجوماندي، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "ميميك"؛ ونيخيل جول، رئيس العمليات التجارية لشركة "آرتشر للطيران"؛ ومات تشاسن، الرئيس التنفيذي لشركة "ليفت إيركرافت"؛ وتوبياس ليبيلت، الرئيس التنفيذي لشركة "بينتلير موبيليتي"؛ ومارك سيجر، الرئيس التنفيذي المشارك ومؤسس شركة "جلايد وايز"؛ ومايكل سونديربي، الرئيس التنفيذي بالإنابة لشركة "ستير إيه آي"؛ وجورج بيرنتزاس، الرئيس التنفيذي لشركة " فيرسا ايروسبيس"؛ وإيلينا سورليني، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة مطارات أبوظبي؛ وهوغو فوزاتي، الرئيس التنفيذي للأعمال في شركة "تينسور"؛ وشريف توفيق، الرئيس التنفيذي للشراكات الخاصة بالذكاء الاصطناعي والتقنيات السحابية السيادية في شركة "مايكروسوفت"؛ وديزموند ويتلي، الرئيس والرئيس التنفيذي ورئيس مجلس إدارة شركة "بيم جلوبال".
وتضم فعاليات "أسبوع أبوظبي للأنظمة ذاتية الحركة" كلاً من معرض "دريفت إكس" 2025، و"كأس آسيا والمحيط الهادئ للروبوتات 2025"، والنسخة الثانية من "دوري أبوظبي للسباقات المستقلة والمسيَّرة".
وللمزيد من المعلومات حول "أسبوع أبوظبي للأنظمة ذاتية الحركة 2025"، يمكن زيارة: autonomous.abudhabi
المصدر: وام