الوطن:
2025-02-23@04:44:11 GMT

عمرو فاروق يكتب: أبناء «البنا» ونبوءة الشتات

تاريخ النشر: 7th, July 2024 GMT

عمرو فاروق يكتب: أبناء «البنا» ونبوءة الشتات

منذ 11 عاماً وجماعة الإخوان تعيش أسوأ مراحلها التاريخية منذ تأسيسها على يد حسن البنا عام 1928، إذ إن غالبية الأزمات التى لحقت بها تدور فى فلك الصدام والصراع مع النظم السياسية، فى إطار مظلومية استثمرتها فى الحصول على مكاسب شعبية وسياسية واجتماعية، لكنها الآن فى موضع مختلف تماماً بعد أن ضربت الخلافات صفوفها الداخلية وأضحى التمرد التنظيمى بين قواعدها سمة أساسية، ووقوعها كذلك فى فخ السقوط السياسى والارتباك الفكرى والتفكك التنظيمى.

انتقلت الجماعة فعلياً إلى حالة «التيه»، المصاحب للانهيار التام، مما دفعها إلى التقوقع أو التعايش مع ظاهرة «الكمون التنظيمى»، فضلاً عن أنها لم تعد أحد مكونات الحالة السياسية المصرية، وأنها لن تصبح رقماً فى معادلة الحكم لمرحلة زمنية طويلة، فى ظل «الجمهورية الجديدة»، التى تضع ضمن توجّهاتها القضاء التام على أى مرتكزات إخوانية فى مفاصل الدولة المصرية عبر تشريعات قانونية ودستورية.

جماعة الإخوان، فى ظل صعودها إلى قمة السلطة، فشلت فى الانتقال من «فقه التنظيم»، إلى «فقه الدولة»، وفى إطار سقوطها المدوى، فشلت كذلك فى تقديم مراجعات فكرية أو سياسية أو تنظيمية، ومن ثم اتّجهت إلى تحويل الأزمة السياسية إلى معركة دينية، والترويج لنظرية المؤامرة على الإسلام، التى تتخذها غطاءً لتمرير مشروعها الأيديولوجى.

التمعّن فى وضعية جماعة الإخوان يكشف انهيار منطلقاتها الفكرية والحركية، التى قامت عليها كياناتها التنظيمية، مثل «البيعة» و«السمع والطاعة» و«قداسة القيادات» ومفاهيم «دولة الخلافة»، التى من شأنها أن تضع الجماعة ومستقبلها التنظيمى فى طريق اللاعودة والتشرذم، والمزيد من الانشقاقات المتوالية.

حجم الخلافات والصراعات والفضائح التى انتابت جماعة الإخوان فى الخارج، كفيلة بأن تكشف حقيقة مشروعها التخريبى فى الشارع المصرى، ومتاجرتها بالدين، وادعائها العمل السياسى، وولائها لكفلاء الخارج الذى يعملون على تمرير المشاريع التقسيمية التى تستهدف المنطقة العربية وشعوبها وخيراتها.

ربما عبّرت كلمات شيخ الطريقة الحصافية التى انتمى إليها حسن البنا فى بداية حياته عن مصيره ومصير جماعته التى لم تكن حينها تحبو فى طريق التمدّد والتغلغل فى عمق المجتمع المصرى «اللهم إنهم فتنة سيشتكى منها أهل الأرض، ويضج منها أهل السماء، اللهم سلطهم على أنفسهم، وأرهم الباطل حقاً والحق باطلاً، اللهم أكثر عددهم وقلّل مددهم».

حاولت جماعة الإخوان من الخارج صناعة الفجوة بين الحكومة المصرية والدوائر المجتمعية، عن طريق توظيف الشائعات والأكاذيب والمعلومات الملفّقة، والتقارير المتلفزة الموجّهة، بهدف تزييف وعى الشارع المصرى، وزعزعة الاستقرار الداخلى، وتشويه الصورة القومية للدولة المصرية، إقليمياً ودولياً.

فى إطار معركتها مع الشارع المصرى، قدّمت جماعة الإخوان «الانتماء الدينى» على «الانتماء الوطنى»، معتبرة أن الولاء للعقيدة أولى من الانتماء إلى التراب والأرض، وأن الدين يمثل فى ذاته الوطن الحقيقى، بما يخدم أجندتها الحركية والتنظيمية والفكرية، وتكريس «المفاصلة الوطنية»، واستنساخ نماذج بشرية متمردة على الإطار المجتمعى.

إشكالية «الانتماء الدينى» تمثل الخطوة الأولى فى طريق هدم الأوطان، وتفكيك منظومتها الأمنية والعسكرية والسياسية والمدنية، تحت مزاعم مخالفة القائمين عليها لمقاصد الشريعة وأحكامها، لاسيما أن ماكينة «الشائعات»، التى تم تفعيلها ضد الدولة المصرية من الخارج، والعمليات الإرهابية التى نفّذتها اللجان المسلحة الإخوانية فى الداخل، لم تكن سوى نتيجة طبيعية لتراجع «الانتماء الوطنى».

تجربة وصول «الإخوان» إلى الحكم وسقوطها المروع ترجمة لدى القائمين على المشروع، بأن الجماعة كانت تحرث فى الماء على مدار 90 عاماً، وأن جهدها وخططها فى الانتشار والتغلغل داخل المجتمعات العربية تحولت هباءً منثوراً، ولم تجنِ منها شيئاً، لاسيما أنها خسرت قواعدها التنظيمية، وممتلكاتها ومشاريعها الاستثمارية بسهولة متناهية فى إطار المصادرة القضائية، بالتوازى مع تفكّك حواضنها الفكرية فى عمق الشارع العربى.

حالة السقوط المحيطة بالجماعة وعناصرها دفعت القائمين عليها للتفكير فى تمرير استراتيجية الانتقال من خانة «الهيكل التنظيمى»، التى وضعها حسن البنا، إلى ساحة «التيار الفكرى» الجارف، والتخلص نهائياً من عبء التنظيم، الذى يُعتبر حائلاً أمام التماهى مع قضايا وإشكاليات المجتمع دون بناء جدار تنظيمى عازل، على غرار التيارات السلفية التى تتحرك بحرية تامة دون خسائر بشرية أو مادية.

ربما تأتى هذه الخطوة كمحاولة لتفادى الانهيار التام أو الهروب من جحيم النسيان، سيناريو الإغراق الدينى المتطرّف فى جنبات المجتمعات العربية، من خلال الأكاديميات والمنصات المؤدلجة، وفق مشروع إحياء تيار «الصحويون الجُدد»، القائم على التمدّد الفكرى دون الغطاء التنظيمى، لكن فى ظنى أن هذه الخطوة لن تفلح فى عودة الجماعة أو مشروعها مرة ثانية فى ظل الوعى المجتمعى، فضلاً عن اعتماد الجماعة تاريخياً على فكرة الاستقطاب والتجنيد التنظيمى، وإدارة الجماعة وفقاً لضوابط هرمية، تمكنها من التحكم المطلق فى قواعدها التنظيمية.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: جماعة الإخوان فى إطار

إقرأ أيضاً:

‏الأكاديمية المصرية للفنون بروما تحيي ذكرى صلاح جاهين.. صور

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أقامت الأكاديمية المصرية للفنون بروما برئاسة الدكتورة رانيا يحيى فعالية فنية ثقافية تضمنت معرضا دوليا للفنان المصري الكبير صلاح جاهين كما تم تقديم عدد من رباعياته الشهيرة، وأيضا بعض الأعمال الكاريكاتيرية التي قدمها في الصحف والمجلات المصرية ليتعرف عليها الجمهور الإيطالي كجزء من ثقافتنا وهويتنا.

يأتي هذا المعرض في إطار الاحتفال بصلاح جاهين الذي أقامته وزارة الثقافة المصرية، كما يأتي في إطار دعم وتوطيد العلاقات المصرية الإيطالية.

‏حضر الحفل فنان الكاريكاتير الإيطالي الشهير اندريا بيكيا، والدكتورة مروة فوزي الملحق الثقافي بالسفارة المصرية.

وتحدث في هذا المعرض فنان الكاريكاتير الإيطالي ماركو دي انجليس والذي تناول القيمة الفكرية والفلسفية المتضمنة في أعمال جاهين وكذا أهميته التي تفصح عنها الأعمال المتنوعة والكثيرة المقدمة من عدد كبير من دول العالم شرقا وغربا، ‏والتي جاءت فى إطار التعاون مع الجمعية المصرية للكاريكاتير.

‏كذلك تضمنت الفعالية ندوة خاصة جدا عن الإيطاليين الذين عاشوا في مصر والتي قدمتها الدكتورة الإيطالية ستيفانيا سفرا احد المهتمين بالحضارة المصرية القديمة وأيضاً توثيق العلاقات المصرية الإيطالية الممتدة، وقد أشارت إلى تعميق تلك العلاقات عبر التاريخ، وتحدثت عن الوجود الإيطالي في مصر من جوهر الصقلي الذي أسس مدينة القاهرة عام 969م. إلى عهد محمد علي باشا 1805-1849 عندما بدأت هجرة الإيطاليين إلى مصر، وقدرة المصريين على احتضان شعب أجنبي، واختلاط حياتهم مع حياة البلد الذي نشأوا فيه وولدوا فيه: مصر. ما أدى إلى خلق علاقة قوية بين إيطاليا ومصر، ومد جسر صداقة ذو جذور قديمة وقوية.

واختتمت الفعالية بمشاركة الفنان الإيطالي البرتو بيرتولى والذي قدم فقرة فنية متميزة بالغناء والعزف على آلة الجيتار ثم قامت مديرة الأكاديمية الدكتورة رانيا يحيى بتكريم الفنانين والمثقفين المشاركين وتقديم درع الأكاديمية المصرية للفنون بروما تقديرا لجهودهم ومشاركتهم. 

مقالات مشابهة

  • بيان الأفضلية بين أداء الصلاة في أول وقتها منفردًا وأدائها في آخر وقتها جماعة
  • اختراق الإخوان للحركة الطلابية.. تاريخ من استغلال قضية فلسطين واللعب على المشاعر الدينية
  • في حواره لـ«البوابة نيوز».. أحمد بهاء شعبان يروي تفاصيل انتفاضة الطلبة 1972: «تم إحياء جماعة الإخوان للقضاء علينا»
  • ‏الأكاديمية المصرية للفنون بروما تحيي ذكرى صلاح جاهين.. صور
  • للأجانب أبناء الأم المصرية..طريقة اكتساب الجنسية والأوراق المطلوبة 2025
  • المفسدون فى الأرض.. كيف خلصت 30 يونيو الجامعات من اختراق الإخوان؟
  • برلماني: مصر تواجه تحديات وحملات ممنهجة تقودها جماعة الإخوان الإرهابية
  • محمد مغربي يكتب: تداعيات «DeepSeek».. انقلاب في عالم الذكاء الاصطناعي
  • ناصر عبدالرحمن يكتب: التواطؤ والعشم.. الشخصية المصرية (15)
  • رئيس جماعة أسفي يطالب مدير الـ OCP بتشغيل أبناء مدينته