أطياف
طيف أول:
والوطن يخوض معركةً سلمية سكتت فيها الأصوات كلهم التي تنادي بالحرب إلا من مصلحته ليست في السلام!!
والقاهرة ترفع شعار مؤتمرها (معاً من أجل وقف الحرب) واجهة المؤتمر التي أدخلت جبريل وعقار مناوي في حالة من الحرج المبكر منذ بداية الجلسة بسبب أنهم يخوضون الحرب في السودان بينما يتقدمون صفوف قاعة السلام!!
وفي آخر زاوية عن مؤتمر القاهرة قبل بدايته ذكرنا أن مصر لا نية لها هذه المرة إلى وقف الحرب، وأنها بدعوتها إلى الكتلة، فإنها تسعى لتجريد البرهان من حاضنته السياسية، وها هي القوى المدنية السياسية الداعمة للبرهان منذ ظهوره وانقلابه وحتى تاريخ الحرب تبارح أمس أرض المعركة، وتودع مسرح المؤامرات.
وتقدم مصلحة الشعب، وتقف تحت مظلة السلام، كتفا بكتف مع تقدم التي ذكرنا أنها وبمشاركتها في المؤتمر تكسب سياسيا، ولن يكون المؤتمر خصما أو خسارة عليها؛ وبهذا تبقى مصر نجحت في إحداث اختراق واضح يتمثل في عملية توسيع دائرة الداعمين للسلام بكسب جديد وتضييق الخناق على دعاة الحرب.
وجبريل ومناوي لا يملكون قرار التوقيع على البيان الختامي لطالما أنهم جزء من القوات المقاتلة في الميدان، والتي يعود القرار فيها لقائد الجيش لذلك إن القوى المدنية من الكتلة الديمقراطية سيكون تأثيرها في وقف الحرب أكبر من تأثير القوى الرافضة للسلام من الكتلة على أرض المعارك، وهذا الانقسام يعني تلاشي ما يسمى بالكتلة الديمقراطية
فالمؤتمر كشف أن جبريل ومناوي لا يستطيعان إحداث أي تغيير لا في أروقة السلام ولا في ميادين الحرب فهما أول من نقلا حركاتهما باتفاق جوبا من ميادين القتال لتحمل اسم حركات الكفاح، وبإنحيازهما للحرب وعودة قواتهما للقتال وقرار دعم الحرب يكونان أول من نسف اتفاق جوبا للسلام.
ولكن يبقى السؤال لماذا شارك جبريل ومناوي، وثالثهم عقار في مؤتمر يدعو لوقف الحرب إن لم يكونوا على قناعة تامة بهدفه وغاياته ومساعيه!!
فمصر كانت واضحة في دعوتها إنها ستعقد منبرها لوقف الحرب ومناوي وجبريل على علم تام بما سيناقشه المؤتمر، لكن يبدو أن ما بينهما والقاهرة، وما تم فيها من مشاركات سابقة لهما وعمليات الهدم السياسي يجعلهما، وفي ذات الوقت لا يستطيعون رفض الدعوة من مصر، وإن أرادت المشاركة في عملية السلام والبناء حتى ولو لم يستطيعا إليه سبيلا!!
وبالرجوع إلى الوراء كنا قد تحدثنا أن البرهان فقد حواضنه الاجتماعية في شرق السودان فلأول مرة يجتمع نظار القبائل علي كلمة واحدة، وهذا يكشف أن الخلافات السابقة بينهم في الشرق إنها كانت من صنع البرهان وكرتي لضرب القوى المدنية كما يكشف هذا التلاحم بين زعماء القبائل لجلب السلام أن تأثير حزب الميرغني على الشرق أكبر من تأثير حزب كرتي.
وقال البيان الختامي إن المؤتمرين أكدوا ضرورة الالتزام بإعلان جدة والنظر في آليات تنفيذه وتطويره لمواكبة مستجدات الحرب. وتوجه المؤتمرون بالدعوة والمناشدة إلى الدول والجهات الداعمة لأطراف الحرب بأيٍ من أشكال الدعم المباشر وغير المباشر، للتوقف عن إشعال المزيد من نيران الحرب في السودان.
وهذه من أهم النقاط التي لامست الأسباب الجوهرية لاستمرار الحرب
كما أن المؤتمر مهد الطريق إلى منبر جدة، وذلك بجمعٍ أكبر للقوى المدنية وزيادة نسبة ارتفاع صوت الشعب المطالب بالسلام والداعي إلى تفاوض بين الطرفين
وفي ذات الوقت قطع العشم أمام الفلول ودعاة الحرب الذين كانوا ينتظرون فشل المؤتمر وانهياره أو سيره في صالح أحلامهم السياسية الميتة.
والأهم من ذلك أنه يغلق الباب أمام مبادرات القاهرة القابلة للتفسير والتأويل مستقبلا، ويحدد موقفها النهائي الداعم للسلام ووقف الحرب لا غيره.
طيف أخير
#لا_للحرب
عشت يا وطني المسالم ديمة سالم
الوسومصباح محمد الحسن
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: صباح محمد الحسن
إقرأ أيضاً:
???? كيف تعيد هجمات المسيرات على المنشآت الاستراتيجية المدنية تعريف الحرب الحالية ؟!
تقود مليشيات الدعم السريع و الدول الراعية لها حرباً ليست بالجديدة في تاريخ صناعتها على مستوى الدول الأفريقية و العربية أيضاً، ولا يخفى على أحد طبيعة تشكل هذه المليشيات و ديناميكية تحولها جراء محاولة السيطرة على السلطة.
مما استدعى كتابة هذه الأسطر هو أيضا ليس بالشيء الجديد فقد شهدت المدن و القرى السودانية اكبر عمليات استهداف تاريخي للأرض و البنى التحتية و المؤسسات الخدمية.
إن نظرنا إلى هذه الحرب بعيدا عن أثرها على المؤسسة العسكرية السودانية و المنظومات العسكرية المدنرجة تحت قانونها أو التي ألحقت بعد اتفاق جوبا (2020) و بموجب استحقاقات هذه الوثيقة.
قضيت خلال العام 2024م جله في مناطق ريفية منخرط كجزء من واقع اجتماعي و اقتصادي جديد له تاريخ تطوره وعلاقاته الشائكة مع الدولة، سواء من ناحية طبيعة الأنشطة به أو مدى تطوره، و لا حظت ما معنى أن تكون هناك دولة مسؤولة عن بنى تحتية و خدمات حتى وإن كان بعضها لا يتجاوز الإمداد الدوائي أو توفير أوراق حصيلة الزكاة، و لاحظت مدى تأثر هذه المناطق باستقرار الدولة، حيث ينعكس عليها بصورة كبيرة جدا فإن كانت أزمة الخبز في مدينة مروي صعبة و قاسية فإنها مضاعفة في أريافها.
وبالرغم من محاولة البعض إيجاد بدائل أخرى في طعامهم اليومي فإن تكلفته عالية على الأسر، وهذه التكلفة تؤثر على دخل الأسرة الشهري حيث يمكن أن يعمل توفير الخبز على خلق إمكانية عمل ثلاث إلى أربع نساء في أنشطة من خلالها يزدن دخل الأسرة ثلاثة أضعاف سواء أكان بتربية الماشية أو العمل في مصانع الحلويات أو التجارة الصغيرة و صناعة المخبوزات فكل ( ألف جنيه ) سوداني يؤثر على الأسرة و رفعها من مستوى الفقر إلى مستويات أفضل.
وايضا يوفر استقرار الدولة انعكاس على الخدمات الأساسية مثل المياه فقد يستهلك البعض نصف يومهم في تغطية الحوجة الاستهلاكية اليومية مما يعني خروج أيدي عاملة في الأسر و بالتالي خسارة دخل اضافي كان يمكن أن يدخله هؤلاء الأفراد.
ينعكس هذا على مستوى الصحة العامة فمع كل انقطاع للكهرباء تزيد فرص إصابة الأفراد بالملاريا و ايضا بضعف الغذاء و احتمالية الإصابة بالأمراض الناتجة عن تلوث المياه بسبب افتقارها إلى وسائل نقل نظيفة.
نتابع منذ بداية يناير سياسات مليشيات الدعم السريع العدوانية التي تعمل على ضرب محطات الطاقة الكهربائية في مناطق نهر النيل و الشمالية بالتحديد حيث سقطت أكثر من 50 مسيرة أصابت أكثر من عشرة منها محطات إما توزيع أو نقل الكهرباء مما أحدث شلل كلي او جزئي في أكثر من سبع ولايات.
ومن المعلوم أن الولايات المستهدفة بيها أكثر من 450 ألف فدان عبارة عن مشاريع زراعية تستخدم الطاقة الكهربائية في عمليات الري بجانب المصانع الغذائية و مواد البناء وغيرها من فرص العمل التي تؤثر الكهرباء في استقرار عامليها بجانب تعطل بعض الخدمات الصحية في المشافي الكبرى خصوصا التي تعمل على تقديم الخدمة لمرضى السرطان و الامراض المزمنة فقد خرجت وحدات العناية الفائقة المركزية في مشافي مدينة مروي الطبية و كريمة و تضررت بشكل جزئي في دنقلا و عطبرة و الدبة.
هذه السياسات العدوانية تعريفها بالعمليات العسكرية أمر خاطيء و إنما هو ” عدوان خارجي ” مشغلي المسيرات و المسيرات و الاطقم العسكرية التي توفر الإمداد العسكري جميعها خارجية و بتمويل خارجي.
بالإضافة إلى ذلك فمع تفكك مليشيا الدعم السريع إلى جيوب أصبحت جميع الأعمال العسكرية التي تقوم بها تعرف على أنها عمليات إرهابية ضد مؤسسات مدنية خدمية ولا تحتوي على اي طابع عسكري أو يتدخل الجيش في إداراتها.
ما يبنى على ذلك تعريف جديد للحرب في السودان فالدعم السريع الذي لاحظناه في 15 أبريل قد تفكك ولا يمكنه استعادة تركيبته العسكرية ليس لعدم القدرة العسكرية وحسب بل حتى المصالح الإجتماعية قد تقطعت جراء الخسرات العسكرية التي منيت بها هذه القوات.
إن تسمية الحرب الحالية ” حرب عصابات إرهابية ضد المواطن ” يعطي مساحة للتفكير في الحل بشكل كلي حيث اضمحلت مقولة الحرب الأهلية و ايضا مقولة ” قوات الدعم السريع ” وفق حيثيات ميدانية عسكرية، و ايضا حيثيات الدولة نفسها و أجهزتها التنفيذية حيث يسمح تحويل الحرب بإعطاء فاعلية أكثر لولاة الولايات وايضا الأجهزة التنفيذية الأخرى بدلا من مركزية الجيش وتحميله تكاليف إدارة الدولة و المؤسسات الخدمية أيضا و يحول أمانة حكومة الولايات إلى مساحة خلفية للمسؤولين في الفرق العسكرية المعنية بأمر العمليات العسكرية.
أيضا يمكننا النظر إلى طبيعة الرؤية السياسية التي طرحتها بعض القوى إتجاه مسألة الحرب حيث لم تعدل هذه القوى طرحها حتى هذه اللحظة وظلت ممسكة بخطاب سياسي يفتقر إلى التحولات التي طرأت على المشهد العسكري الذي بنيت عليه وقائع خطابها.
اخيرا هناك بعض الذين يتشدقون بخطابات الانفصال وغيرها من الرؤى التي تشابه فكرة الكمايتة في الجارة الشقيقة مصر، أو بعض مدعي الحالة الفينيقية في لبنان، هؤلاء لا رد عليهم فهم مهزومون من داخل مشروعهم بل إن الحديث عنهم محض عبط وبلاهة سياسية و ادعوهم إلى شرب حجر الشيشة مع كأس سحلب و الاستمتاع بأموال الإمارات فلا رفق بين مشروع حميدتي و مشروعهم سوى أن حميدتي أكثر منهم شجاعة وهم جبناء حتى الدفاع عن منازلهم لم يقوموا به فلماذا يريدون فصل أقاليم كاملة، هذه الأمور تحتاج إلى رجال أشداء و عازمون على المضي في دروبهم وهم مجرد ” رمتالة”
حسان الناصر