موقع النيلين:
2024-10-06@07:35:00 GMT

اتفاق سلام جوبا: التمادي في استحالة العهود

تاريخ النشر: 7th, July 2024 GMT

(ملخص الورقة التي قدمتها اليوم لمؤتمر ” قضايا السودان الانتقالية: تحديات في طريق تحقيق السلام المستدام والذي ينظمه مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني على مدار ثلاثة أيام من 6 إلى 8 يوليو 2024 في الدوحة – قطر.)

أريد لورقتي أن تنبني على مقالاتي الصحفية الراتبة التي نظرت فيما يشبه اليوميات في اتفاقية السلام الموقعة في جوبا في أغسطس 2020 بين الحكومة الانتقالية والجبهة الثورية التي ضمت حركات مسلحة من إقليمي دارفور والنيل الأزرق.

وهي مقالات نقدية للسياسة التي من وراء الاتفاقية، ولنصها، ولآثارها الفادحة على أنحاء بالوطن الذي قضت الحكومة الانتقالية نفسها في براثنها بانقلاب 25 أكتوبر 2022. كما ستنظر الورقة في الخطاب العاقب الذي تعرض لمصير الاتفاقية بين البقاء والإلغاء.

ترى الورقة أن الاتفاقية بعامة لم تخرج عن سنخ الاتفاقات المكرورة التي سبق أن عقدتها حركات مسلحة مع نظم عسكرية حاكمة في الماضي. ففي بحث أولئك العسكريين في يومنا عن قاعدة سياسية يقوون بها مركزهم حيال قوى الحرية والتغيير خرجوا باتفاقية جوبا التي هي صفقة سياسية، لا اتفاقية، تمت من وراء الحكومة الانتقالية بقصد إزاحتها عن المشهد السياسي في ملابسات وتفاهمات وبإجراءات توفيها الورقة عرضاً.

واتفاقية جوبا كغيرها من الاتفاقيات من جنسها مع العسكريين الحكام غلّبت إحلال السلام في مناطق الحركات المسلحة على إحلاله في شرط الديمقراطية لسائر القطر. واقتصت الديمقراطية المغيبة منها بنقض الديكتاتوريين للميثاق (أديس ابابا 1972) أو تهافته نتيجة الفتنة حول ثماره بين الحركات المسلحة الموقعة عليه (اتفاق الشرق 2006، واتفاق سلام دارفور 2011).

وستنظر الورقة بشكل أخص في شذوذ هذه الاتفاقية عن سلفها. فالاتفاقيات السلف قاربت أزمة الحكم في السودان، التي تجسدت في القسط في توزيع السلطة والثروة، بمصطلح عرقي بحت بدا معه، في قول أحدهم، كأنهم يريدون تغيير التركيبة العرقية للثروة والسلطة لا بديمقراطية اقتسامهما على السوية. وهذا مظهر عصيب في غياب الحس “عما يواثق بيننا كمواطنين وما يربطنا حزمة كأمة” في قول الفيلسوف الأمريكي رتشارد روتري. فتغليب الهوية الجهوية والعرقية حيال التنمية هو، في قول الأكاديمي الأمريكي مارك ليلا “تراجع إلى كهوف كانوا حفروها لأنفسهم فيما كان جبلاً عظيماً”، أي في أمة كبيرة.

اتفقت اتفاقية سلام جوبا مع سابقاتها في مقاربة أزمة الحكم بمصطلح عرقي جهوي فاحتل تدارك بؤس التنمية في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق مكاناً مقدماً فيها. ولكن جاء شذوذها عنها في اختلاقها ما عرف ب”المسارات” وهو ترتيب رفع مظالم أقاليم أخرى في السودان في غير دارفور والمنطقتين لم تكن تشهر السلاح ضد الحكومة لدى عقد مفاوضات جوبا. ولم تأت تلك الأقاليم غير المحاربة بممثلين بتوافق سائر أهلها، بل بمن تصادف أن كان حليفاً للجبهة الثورية خلال نضالها لإسقاط البشير. وكانت تلك عاهة في الاتفاق نجلاء أغبنت جماعات من تلك الأقاليم مثل جماعات في شرق السودان استنكرت الاتفاق بقوة وبالقوة لأنها لم تفوض من انتخبتهم الجبهة الثورية لتمثيلها في التفاوض نيابة عنها. وتخلقت بالنتيجة ما عرف ب”مشكلة شرق السودان” التي ايقظت فتناً نائمة، وضرجت الشرق بالخلاف والدم والإهانة.
وتسأل الورقة عن مصير هذه الاتفاق الصفقة (قبل الحرب). ولم تتفق مع من نادوا بشطبه بجرة قلم لأنها سآمة اشتهر بها الجيل السياسي الذي لا يكابد السهر على النصوص وتحريرها ويتخلص من مثل اتفاق جوبا بتلويحه يد. خلافاً لذلك ترى الورقة أن يخضع الاتفاق لتحرير جذري قبل أن يعرض كمسودة للحركات المسلحة غير الموقعة من ذوات الخطر ليستحق الاتفاق بوصف الشمول.

وبغير النهوض بمسؤولية الحفاظ على الاتفاق بمسؤولية تهد الحيل سينتهي إلى واحدة من تلك التي استحالت وتمادت في الاستحالة فنقضت غزلها بنفسها.

عبد الله علي إبراهيم

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

ورقة علمية تبحث في حالة محور المقاومة كنموذج للمذهبية في النزاعات الدولية

في أعقاب حالة الاستقطاب المذهبي التي شكّلها محور المقاومة، أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في العاصمة اللبنانية بيروت ورقة علمية بعنوان: "المذهبية الدينية في النزاعات الدولية: حالة محور المقاومة"، وهي من إعداد الأستاذ الدكتور وليد عبد الحي.

عرضت الورقة وزن المذهبية في السياسة الخارجية الإيرانية، كما ناقشت التوظيف المذهبي في العلاقات العربية الإيرانية، والسياسة الإيرانية الخارجية تجاه الشيعة العرب والشيعة غير العرب. وختم الباحث ورقته بمبحث حول طوفان الأقصى بين المذهبية الدينية والرؤية الاستراتيجية للصراع.

وخلصت الورقة إلى أن المتغير الرئيسي في إدارة العلاقات الدولية ليس البعد "المذهبي" بل المنظور الواقعي القائم على "المصلحة القومية"، وتوظيف البعد المذهبي سياسياً لصالح تعظيم مصلحتها القومية وتضييق المجال الحيوي لحركة خصومها وخصوصاً إيران. واستدلَّ الباحث بإدارة "إسرائيل" لشبكة علاقاتها الدولية، باعتبارها ذات علاقات وثيقة مع أغلب العالم المسيحي، بمذاهبه العديدة، كما أنها أحد مصادر التسليح الأولى للهند الهندوسية، والفلبين الكاثوليكية، وأذربيجان الشيعية. كما أن مبيعاتها العسكرية لدول اتفاقات أبراهام العربية ارتفعت خلال الفترة 2021–2023 بمعدل 17%، وكانت قبل الطوفان الشريك التجاري الأول في الشرق الأوسط لتركيا السنية، وتحظى بعلاقات متقدمة مع اليابان، الشنتوية/ البوذية.

وأشارت الورقة أن الموقف الرسمي العربي، في أغلبيته، من إيران ليس إلا توظيفاً "مذهبياً" لغرض سياسي يتمحور حول صدّ أي قوى تغيير للأنظمة السياسية، خصوصاً الوراثية منها، والتي ترى أن أمن الأنظمة يعلو على أولوية أمن المجتمع وأمن الدولة.

ورأى الباحث أن ذلك يستوجب بناء العلاقات العربية الإيرانية، وخصوصاً من جانب محور المقاومة على أساس التحوّل العقلاني التدريجي نحو المنظور غير الصفري، وتغليب المشترك على المتعارض في إدارة هذه العلاقات، على أن لا تمسّ هذه القاعدة الغاية الاستراتيجية، التحرر من الاستعمار الاستيطاني.

مقالات مشابهة

  • الآلاف يتظاهرون في المجر للمطالبة بمواجهة "الآلة الدعائية" التي تعتمدها الحكومة
  • «400» طفل بمخيمات النزوح في دارفور يعانون من سوء التغذية
  • ورقة علمية تبحث في حالة محور المقاومة كنموذج للمذهبية في النزاعات الدولية
  • أفكار عامة حول دعوات جلب قوات لفرض سلام في السودان
  • السودان .. تصاعد الحرب وتفاقم الأزمات الأنسانية مع اقتراب موسم الأمطار من نهايته
  • اتفاق بين أمريكا وكوريا الجنوبية حول الإنفاق العسكري
  • نشطاء سودانيون: مقتل 59 شخصًا وإصابة آخرين جراء غارات جوية شمال دارفور
  • من حق السودان أن يتمتع بعضويته في الاتحاد الإفريقي.. مناوي يؤكد رفض السودان القاطع للتدخلات الدولية السالبة
  • اتفاق ينهي إضراب عمال موانئ الساحل الشرقي لأميركا
  • تحركات لاحتواء الحرب فى السودان.. وفد من مجلس السلم والأمن الإفريقى يزور بورتسودان