تقع قرية صوبا على بُعد قرابة 10 كلم إلى الغرب من مدينة القدس وتبلغ مساحة أراضيها 4102 دونما. دمّرتها العصابات الصهيونية المسلحة عام 1948، وطردت سكانها، ثم أقامت مكانها عام 1949 مستوطنة "تسوفا".

الموقع

تقع قرية صوبا إلى الجنوب من طريق القدس-يافا الرئيسية، وتصله بها طريق فرعية معبّدة طولها 3 كلم تقريبا، كما تربطها دروب ممهدة بقرى مجاورة مثل عين كارم وسطاف وخربة اللوز والجودة وخربة العمور وبيت أم الميس والقسطل.

ترتفع نحو 770 مترا فوق سطح البحر، ويجري وادي الصرار على مسافة 3 كلم إلى الجنوب منها، وتبعد عن القدس 10 كلم، وكانت على ذروة جبل وتشرف على جبال أخرى من الجهات كلها.

التسمية

يعود اسم صوبا حسب الباحثين إلى تحريف الكلمة الآرامية صوبيا، والتي تعني الحافة. وتحتوي القرية على  موقع أثري يحتوي على بقايا قلعة بناها الإفرنج وعقود وجدران ومدافن ويوجد في جنوبها مقام الشيخ إبراهيم.

وكانت صوبا قائمة في موقع بلدة ربّا القديمة، وسميت "روبوتِه" في رسائل تل العمارنة المصرية القديمة، إلّا أنّ التنقيبات التي أجريت في الموقع تشير إلى أنّ القرية كانت مأهولة أول مرة في العهدين الفارسي والهلنستي.

في أيام الرومان كان اليهود المقيمون في المنطقة يسمونها "صبوئيم"، بينما كان الإغريق والرومان يدعونها "سوبا" (أو سوبيثا). وفي سنة 1596، أنشأ الصليبيون قلعة في موقع القرية وسموها "بلمونت".

في أواسط القرن التاسع عشر، كانت صوبا تحت سيطرة آل أبو غوش، الذين كانوا يحكمون المنطقة من مقرهم في قرية العناب. وأنشؤوا حصنا لهم فيها داخل أسوار القلعة الصليبية، لكنّه دمر هو وأسوار القلعة في إبان حملة إبراهيم باشا المصري في فلسطين سنة 1832.

قرية صوبا كانت مبانيها تتميز بأبوابها المقوسة والمقنطرة (شترستوك) السكان

كان في القرية عام 1922 نحو 307 من السكّان. وفي عام 1931 ارتفع عددهم إلى 434 نسمة كانوا يقيمون في 110 بيوت. وقدّر عددهم في عام 1945 بنحو 620 نسمة.

التاريخ

من أشهر الحمائل (الفروع القبلية) التي أقامت في صوبا واستوطنت فيها منذ بداية القرن الثالث عشر وحتى منتصف القرن العشرين (وبالضبط عام 1948م) ثلاث حمائل هي: الفقيه ورمان ونصر الله، حسب ما ورد في كتاب "حكاية قرية:  قرى فلسطين المدمرة عام 1948م في منطقة القدس".

وتقول رواية أخرى إن القبائل التي أقامت في قرية صوبا واستوطنت فيها حتى منتصف القرن العشرين أربع حمائل هي: الفقيه ورمان ونصر الله وجبران.

وأصل هذه العشائر يعود إلى اليمن، فبنو مالك من قبائل وبطون سعد العشيرة بن مذحج "مالك" بن كنده بن أود بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ عبد شمس بن قحطان بن هود ابن سام جد العرب.

وكان أجدادهم يقيمون في تهامة اليمن بين الجون وجازان. وفي تهامة عسير كانت تعيش قبائل بني مالك -الذين كانت الشعلة شعارهم- وبني قيس مع معظم القبائل العربية حتى القرن الحادي عشر.

وتقول بعض الروايات التاريخية إن وفدا منهم جاؤوا الرسول محمدا صلى الله عليه وسلم وأعلنوا إسلامهم، فأقطعهم عليه الصلاة والسلام وادي جعفر باليمن. ومنهم من شهد معه معركة بدر، كما شهد بعضهم أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، وشهدوا معركة صفين مع علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.

ومع الفتوحات الإسلامية وهجرة القبائل إلى شمال الجزيرة العربية، غادرت بعض القبائل الجزيرة واستقر بها المقام في ضواحي الكرك الشمالية والجنوبية، ومن بين هذه القبائل استقرت بعض قبائل بني مالك في الربة إلى الشمال من مدينة الكرك في الأردن.

وفي عام 1191م دُمّرت قلعة بلمونت مع بقية القلاع المجاورة في اللطرون ويالو والقسطل على أيدي جند صلاح الدين بأمر منه، حتى لا يستفيد منها جنود الصليبيين عندما حاول ريتشارد قلب الأسد استرداد بيت المقدس من يد المسلمين، وبعدها اختفت بلمونت من السجلات.

قرية صوبا كما كانت تبدو في عشرينيات القرن العشرين (غيتي)

وقد استمرت صوبا في الوجود، وذكرت من قبل الجغرافي العربي ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان حوالي عام 1225م، حيث قال إن قرية صوبا من قرى بيت المقدس، وقد استفاد القرويون من الأماكن الموجودة في قمة التلة، حيث توجد القلعة المدمرة لسنين خلت.

وفي رواية تناقلتها الأجيال ورد أن أحد أجداد عائلات صوبا، وهو من بني مالك، قد أقام مع من أقاموا في الجهة الغربية من القدس، واستوطن بقعة من الأرض بين بيت نقوبا وقالونيا والقسطل، ويقال إنه أول من أقام مع عائلته في أرض اللطرون بعد تحريرها من الفرنجة على يد صلاح الدين الأيوبي، وقد ضمت هذه العائلة أربعة أفخاذ هي:

الفقيه: وهو جد عشيرة الفقيه. رمان: وهو جد عشيرة رمان. نصر الله: وهو جد عشيرة نصر الله. جبران: وهو جد عشيرة جبران.

وقد استقرت هذه العشائر في هذه المنطقة حتى أواخر القرن الثاني عشر ترعى أغنامها ومواشيها في الجبال الغربية للقدس، وترد بها على عين ماء في قرية قالونيا، وهي قرية تقع إلى الشرق من القسطل.

وفي أحد الأيام وبينما كان أحدهم يرعى أغنامه جنوب قلعة صوبا، اكتشف عين ماء مغمورة تحت الأشجار الكثيفة، فورد بأغنامه إلى هذه العين، ومن ثم رحلت هذه العائلات وأقامت قرب العين في أراضي صوبا، وقد سميت هذه العين فيما بعد بعين صوبا أو "عين البلد"، وكان ذلك في أوائل القرن الثالث عشر.

ومنذ أوائل القرن الثالث عشر وعائلات صوبا تعيش جنباً إلى جنب في صوبا، وتشكل عشيرة واحدة، تتفرع منها عائلات عديدة وأسر عريقة، ومع الاستقرار في صوبا تحولت حياتهم من الرعي والتنقل إلى حياة الزراعة والاستقرار، فأخذوا يحرثون الأرض المحيطة بالقلعة ويزرعونها حسب مواسم الزراعة، كما غرسوا الأشجار في أراضيها، إضافة إلى مواشيهم.

وتشير سجلات الدولة العثمانية عام 1588م إلى أن عدد عائلات قرية صوبا في تلك السنة كان 21 عائلة مسلمة و6 عائلات من النصارى، وتكشف السجلات نفسها أن بعض العائلات التي قدمت من تركيا ونزلت مدينة القدس تصاهرت مع عائلات صوبا، وانضم بعضها لعائلة الفقيه أو غيرها من العائلات طلبا للحماية والاستقرار، وبعضها اشترى أرضا وزرعها واستقر جنبا إلى جنب مع عائلات صوبا.

قرية صوبا اليوم

لا يزال الكثير من أبنية القرية قائما، ومنها ما فقد بعض جدرانه، ومنها ما هو بلا سقوف. وتسم الأبواب والبوابات المقنطرة واجهات تلك الأبنية، غير أن بعضها دمر تدميرا شبه كامل، حتى لم يبق منه إلّا أسس الجدران.

وكشفت التنقيبات التي أجريت في أحد المواقع الأثرية عن بوابة حجرية كبيرة وعن بعض الحيطان. وما زالت بقايا القلعة الصليبية ظاهرة في الموقع. كما تقع مقبرة القرية في الجهة الجنوبية من قاعدة الجبل.

أبرز معالم القرية

صوبا عبارة عن بيوت أثرية قديمة، وكانت قلعة رومانية مرتفعة ذات جوانب حادة، تتوسط الأراضي المحيطة بها من سهول ووديان وعيون.

وتحتوي القرية على العديد من المعالم المهمة التي تعكس تاريخها العريق وأهميتها الجغرافية. ومن أبرز هذه المعالم:

القلعة الصليبية: واسمها بلمونت، أنشأها الصليبيون وكانت تستخدم حصنا للدفاع. ولا تزال بقاياها واضحة في الموقع. المباني التاريخية: وخاصة المنازل القديمة التي لا يزال الكثير منها قائما، بعضها فقد حيطانه أو سقوفه، وتتميز بالأبواب والبوابات المقنطرة. وبنيت بيوت القرية من الحجر والطين، واتخذ مخططها شكلا مكتظا في الجزء القديم من القرية، وشكلا طوليا في الجزء الجنوبي الحديث. المواقع الأثرية: وهي عبارة عن بوابة حجرية كبيرة كشفت عنها التنقيبات وعن بعض الجدران التي تعود إلى العصور القديمة. موقع بلدة ربّا القديمة: إذ يُعتقد أن صوبا قائمة في موقع بلدة ربّا القديمة، والتي سميت "روبوتِه" في رسائل تل العمارنة المصرية القديمة. المقامات: ومنها مقام الشيخ إبراهيم، ويقع إلى الجنوب. الطرق والمسارات: الطرق الفرعية والترابية كانت تربط القرية بطريق القدس-يافا العام وبالقرى المجاورة. وادي الصرار: يجري على مسافة 3 كلم إلى الجنوب من القرية، ويشكل جزءا من المناظر الطبيعية المحيطة بها. وتكثر ينابيع الماء في أراضيها، وتستخدم مياهها في الشرب وري المزروعات، ومن أهم الينابيع في القرية عين صوبا وعين الخراب في الجزء الجنوبي الشرقي، وعين البدوية وعين رافا في شمالها الغربي. المصاطب الزراعية: تحيط بالجبل وتحتوي على أشجار التين واللوز والسرو، إضافة إلى نبات الصبار. وأهم محاصيلها الزراعية الزيتون الذي غرست أشجاره في 150 دونما. خزان المياه: أنشئ مزوّدا بأنبوب ينحدر على السفح الشمالي للجبل، وما زال قائما في القرية. شبكات الخنادق: حفرها الجيش الإسرائيلي في الجهة الشمالية الشرقية من قمة الجبل وهي بادية للعيان. المستوطنات في صوبا

هوجمت القرية بدءا من 3 أبريل/نيسان 1948 بعد مهاجمة قرية القسطل، ولم تقع في قبضة لواء هرئيل إلا بتاريخ 12 و13 يوليو/تموز 1948.

مستوطنة تسوفا: أُنشئت على أراضي القرية عام 1949 وتعد جزءا من التاريخ الحديث للمنطقة، وقد كانت من قبل تسمى مستوطنة "أميليم".

وفي سنة 1964 أنشئت مدرسة تدعى "يديدا" في الجوار إلى الشمال الغربي، على أراض كانت تابعة تقليديا لقرية أبو غوش.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات إلى الجنوب

إقرأ أيضاً:

باحث في العلاقات الدولية لـ«الأسبوع»: «مايك هاكابي» ينفذ الأجندة الأمريكية التي تخدم إسرائيل

يشكل الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، حكومة جديدة تساعدة في اتخاذ القرار داخل إلادارة الأمريكية داخليًا وخارجيًا، وكان من ضمن تلك الاختيارات، ترشيح «مايك هاكابي» ليكون سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل.

في هذا السياق، قال الدكتور محمد ربيع الديهي، الباحث المتخصص في العلاقات الدولية، في تصريحات خاصة لـ«الأسبوع»، إن تصريحات «مايك هاكابي» حول الضفة الغربية ليست محض صدفة، فقد عبر ترامب أثناء حملته الانتخابية عن رغبته بتوسيع مساحة دول الاحتلال، مؤكدًا أن مساحة إسرائيل صغيرة ويجب أن تتوسع، ورغم أن الولايات المتحدة الأمريكية كما يصفها البعض بدولة مؤسسات إلا أن الرئيس الأمريكي يلعب دورًا مهمًا في عملية صنع السياسة الخارجية وتوجهاتها، إما بصورة مباشرة أو اختيار شخصيات تؤيد رؤية وتوجه قيادات مؤسسات الولايات المتحدة الأمريكية.

وأوضح الديهي، أن ترشيح مايك هاكابي جاء لتلبية تطلعات ترامب في توسع رقة دولة الاحتلال، وهو ما قد يشغل المنطقة العربية والشرق الأوسط في المستقبل، ولن يكون عامل استقرار اقليمي، ولا شك في أن تلك التصريحات تؤكد توجه أمريكا في المستقبل لزيادة الدعم المقدم لدولة الاحتلال، وعلى ما يبدو أن عودة هاكابي للمنطقة وكممثل في فلسطين هو مجرد تمهيد لـ تغيرات جيوسياسية ستشهدها المنطقة، ومن ثم العالم وربما نحن سنكون أمام مشهد جيوسياسي مضطرب للغاية.

اقرأ أيضاًالخارجية الفلسطينية: الفشل الدولي في وقف حرب الإبادة شجع الاحتلال على إعلان مخططاتها لضم الضفة

8 شهداء بينهم 3 أطفال و3 نساء في قصف لقوات الاحتلال على دوحة عرمون بلبنان

حزب الله يجبر طائرتين مسيرتين لقوات الاحتلال الإسرائيلي على مغادرة الأجواء اللبنانية

مقالات مشابهة

  • المهرة .. حملة إلكترونية تذكّر بجريمة “الأنفاق” التي ارتكبتها القوات السعودية بحق المعتصمين
  • باحث في العلاقات الدولية لـ«الأسبوع»: «مايك هاكابي» ينفذ الأجندة الأمريكية التي تخدم إسرائيل
  • سلطات الاحتلال تهدم آخر ما تبقى من قرية أم الحيران في النقب
  • فنان يحول الرمل إلى وحيد القرن
  • ما أهمية قاعدة “عاموس” الصهيونية التي استهدفها حزب الله؟
  • الاحتلال الإسرائيلي يقتحم قرية حبلة جَنُوب قلقيلية
  • عن الاستشراق ونقده وتطوره (1- 2)
  • ‏الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض 4 مسيرات صباح اليوم كانت قادمة من لبنان
  • لغة كمزار.. تُنطق ولا تُكتب ويتحدث بها سكان القرية المنعزلة في عُمان
  • جباليا… المدينة التي قهرت جنود الاحتلال الصهيوني