العوامل الحاكمة للموقفين الإسرائيلي والأمريكي في "طوفان الأقصى"
تاريخ النشر: 7th, July 2024 GMT
د. عبدالله الأشعل *
العامل الأول هو أنَّ عقلية الصهاينة أظهرتْ أنهم يضعون أهدافا قُصوى أو إستراتيجية ثم ينفذونها بالتدريج حسب الظروف؛ فمثلا المشروع الصهيوني أساسه: تفريغ فلسطين من سكانها وإحلال اليهود محلهم، ولكنهم تستروا ونفذوا المشروع بالتدريج مع أدوات أخرى منها استنعاج الحكام العرب الذين دلسوا على شعبهم وفرضوا وصايتهم على فلسطين بذريعة القومية العربية وراح الكتاب العرب يختلفون ويتجادلون حول طبيعة الصراع مع إسرائيل هل هو وجودي أم حدودي أم ديني أم أيديولوجي؟ رغم أن القضية واضحة، وهى إغارة اليهود بمساعدة كل الغرب، وفى مقدمتهم بريطانيا العظمى التى أحسنت التخطيط وترتيب أوضاع مصر والعرب عموما، بحيث تضمن الحياة لاسرائيل ومشروعها الصهيونى.
وتنوَّعت أدوات إسرائيل؛ منها: استئناس الحكام العرب بمساعدة واشنطن؛ بحيث صار مصير إسرائيل مرتبطًا بمصير الحكام، وأوهمونا أن زراعة إسرائيل فى المنطقة هي خدمة للمنطقة وميلاد الشرق الأوسط الجديد برؤية شمعون بيريز؛ حيث تضفي إسرائيل الطابع الديمقراطي على النظم العربية، علما بأنَّ الاستبداد العربي هو خير ضمان لبقاء إسرائيل؛ ولذلك سارعت إسرائيل إلى قمع ثورة الشعب المصرى فى يناير 2011، وتضامنت مع قوى الثورة المضادة. واعتمدتْ إسرائيل أيضًا على الأكاذيب وسياسة الاغتيالات وإرهاب الشعوب العربية، لذلك كان الحكام العرب بصورة خفية سندًا لإسرائيل ضد المقاومة بتعليمات أمريكية، وحرصا من الحكام على كراسيهم، ومع ذلك لا يزالون يرددون شعارًا أبله هو أن القضية الفلسطينية قضية العرب الأولى.
وخلاصة هذا العامل هو أنَّ إسرائيل هدفها الاساسى إزالة المقاومة التى كسرت هيبة الجيش وبسط سلطة السلطة على غزة وتوطين الفلسطينيين فى مصر والأردت وبدء تنفيذ المشروع الصهيونى، ولكنَّ إسرائيل لن تَحِيد عن هذا الهدف، ولكن نظرًا لارتفاع ثمنه وخسائره سوف تؤجله وتنظر فى وسائل أخرى لتنفيذه.
العامل الثانى: ثبت أن إسرائيل أهم من أوكرانيا؛ لذلك ترك القرب أوكرانيا لصالح التركيز على إبادة غزة؛ لذلك قد يكون التسوية فى أوكرانيا حافزًا لروسيا لترميم الجسور مع الغرب وعدم التدخل ضد إسرائيل.
العامل الثالث: أن واشنطن متفقة تمامًا مع إسرائيل على تحقيق أهدافها إبادة الشعب وإزالة المقاومة، ولكن التصريحات الأمريكية متناقضة، وتعلم واشنطن أنَّ إسرائيل مُصِرَّة؛ لذلك تنصح رفق خوفا على المصالح الأمريكية رغم هذا الانكشاف الكبير للمواقف الغربية والعربية وقد ظهر أنَّ الشعارات العربية والأمريكية فارغة عندما يساعدون فى الإبادة.
العامل الرابع: وحدة مصير إسرائيل والحكام العرب؛ لذلك يتساندون ضد رغبات الشعوب فى المنطقة، وقد ظهر أن هؤلاء الحكام لا يملكون القرار، كما أنهم لا يمثلون شعوبهم، وإنما لا يعترفون بهم.
العامل الخامس: أنَّ إسرائيل وأمريكا تحاول تفكيك معسكر المقاومة وتمتن المعسكر الصليبى الموالى لإسرائيل وتبديد فكرة وحدة الساحات.. تلك هى العوامل.
العامل السادس: أنَّ إسرائيل تشعر دائمًا أن وجودها مهدد؛ ولذلك ليس لديها أى مُقدسات قانونية أو أخلاقية أو دينية، كما أنَّ صهاينة إسرائيل يزعمون أنهم ينتمون إلى اليهودية وفق التوراة التى ألفوها.
العامل السابع: تظاهر واشنطن بالإنسانية فى إطار المواقف الأمريكية الإجرامية المتناقضة، ومثال ذلك تعلن واشنطن أنها توافق على استمرار القصف، ولكن مع مراعاة المدنيين، رغم أن أول أهدافها إبادة الشعب، خاصة المدنيين حتى ترغم المقاومة على التسليم.
* أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري سابقًا
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
بنك السودان المركزى يستيقظ ولكن بعد …
بنك السودان المركزى يستيقظ ولكن بعد…
************************************
بروفسور احمد مجذوب احمد على
10 نوفمبر 2024
*******^*******^*^^^*******^****
طالعنا السيد محافظ بنك السودان ببيان عن الغاء فئات عملات من التداول بسبب مخاطر تتهدد الوضع النقدى فى البلاد، وقد لجأ البنك المركزى لذلك لأن نهبا قد اصاب المؤسسات وتزويرا قد اعترى عملتنا الوطنية بعد مضي 18 شهرا من حدوث الكارثة الاقتصادية المالية والنقدية.
نحن نكتب هنا عن البنك المركزى المؤسسة التى تمثل ضلعا اساسياً فى النشاط الاقتصادي المالي والنقدي والمصرفي.
أين كانت طيلة هذه الفترة السابقة التى امتلأت بالمقالات والتنبيهات للمخاطر المحدقة بالاقتصاد من جراء عمليات النهب والسلب والتدمير للبنى التحتية الاقتصادية التى قام بها المتمردون، فطالت ذات البنك المركزي رئاسته وفروعه وكافة الأجهزة المصرفية، منذ اللحظات الأولى للتمرد، ما حدث لم يكن سرا مكنونا، وإنما حدث وثقته فيديوهات التمرد قبل أن توثقه كمرات الشرفاء من أبناء هذا الوطن الغالي.
وقد كتبت – وكتب غيري – منذ الأيام الأولى منبهين لأهمية المعالجة الاقتصادية واتخاذ التدابير اللازمة للإصلاح اولا بأول وتقليل الآثار السالبة وتجنب الأضرار.
ففى 3 يونيو 2023 كتبت “أن الملف الاقتصادي لا ينفصل عن الملفات الأخرى ويزيد عليها بأنه يمثل القاعدة الأساسية التى تساعد على سلامة سير الملفات (الأمنية والانسانيةوالإعلامية والخارجية) وأكدت أن معالجة التحدي الاقتصادى تمكن من تأمين مسيرة القوات المسلحة في تحرير وتأمين الوطن).
وذكرت في موضع آخر من ذات الخطة
عن أهمية تكوين مجموعة عمل للملف الاقتصادي من المختصين فى الجانب الحكومي والقطاع الخاص تتفرع عنها مجموعات عمل متخصصة مثل: القطاع المالي – القطاع النقدي والمصرفي –
الصادر (مؤسسات وسلع واجراءات)
واختصاص مجموعات العمل هذه هو (اصدار القرارات الإدارية والمالية اللازمة لتسهيل تنزيل الاجراءات الاقتصادية وحشدالموارد لمقابلة الأولويات وتقنين هذه الاجراءات، واستدعاء الكوادر المفتاحية فى وزارات القطاع الاقتصادى للعمل مع وزير المالية فى تنفيذ البرنامج الاسعافي المتناسب مع الظروف الأمنية وقيادة مجموعات العمل المتخصصة. والجهات المستهدفة : (المالية / البنك المركزى / الجمارك /الضرائب/الزراعة/المعادن /الكهرباء/ الصناعة …الخ).
كما اقترحت الآتى فى محور تمكين الجهاز المصرفي من ممارسة مهامه المصرفية:
– اصلاح نظم الدفع القومية ونظم شركة (EBS)
– اصلاح النظم التقنية الداخلية لكل مصرف والتأكد من وجود واستخدام النسخ البديلة والاحتياطية لتأمين المعلومات.
– تمكين المصارف من مقابلة السحب على الودائع بمنحها تسهيلات تمويلية لسد العجز السيولي المتوقع.
– معالجة مشكلة شبكات الاتصال لأنها روح التقنية المالية.
– دراسة العمليات التمويلية للقطاع الانتاجي والخدمي والتجاري بإعادة جدولتها.
كما كتبت فى 26 سبتمبر 2023 في مقال عن اسباب تدهور سعر صرف الجنيه، وعن دور نظم التقنية المصرفية فى تسهيل التحويل من حساب لحساب وإنشائها لسوق مواز واسع خارج رقابة البنك المركزى، وذكرت أن المشكلة ليست فى النظم التقنية المالية والمصرفية، لأن المصارف لا تملك تقييد المودع عن التصرف فى وديعته، وإنما فى البنك المركزي الذى يصدر السياسات الموجهة للمصارف لضبط وتنظيم التحويل من حساب لحساب.
وما كتب عن الاقتصاد ومؤسساته والبنك المركزى وسياساته، كان كافيا للمساعدة فى تنبيه القائمين على حجم التحديات والمخاطر لاتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة القائم منها والمتوقع، لكن : أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا… لمن تنادي.
سؤال يخطر على بال كل عاقل: أين كانت قيادة البنك المركزي السابقة والحالية من هذه التطورات؟! هل كانوا نائمين أو منومين طيلة الفترة الماضية، ثم فجاة تذكروا أن هناك أموالاً منهوبة من البنوك ومن المواطنين؟ والكل يعلم أن ذات رئاسة وفروع البنك المركزى نهبت بما فيها مطابع العملة، وهل البنك المركزى لم يعلم بذلك طيلة الفترة الماضية، فى حين أن القاصي والداني يعلم أن أوراق البنكنوت المنهوبة تم تداولها قبل أن يتم ترقيمها ولا حتى قصها.
ولكن لئن تأتى متاخرا خير من ألا تاتي، وهذا القرار يتطلب جملة من التدابير، فتغيير واستبدال العملة إجراء متزامن يتم إعلانه و تنفيذه فى الظروف العادية عند استلام العملات الجديدة، بالسحب التدريجى للعملة الملغاة والتعامل بالجديدة، او فى الظروف الطارئة يتم الاستبدال الفورى عند إكمال اجراءات طباعة واستلام العملة البديلة، لأن التأخير عن التنفيذ قد يدفع بكثير من العملاء لاتخاذ اجراءات تحميهم من إيداع أموالهم خاصة المشكوك فيها لدى البنوك، مثل شراء العملات الأجنبية مما يؤدى لانخفاض سعر الصرف الذى يشهد تحسنا خلال الأسابيع الماضية، أو شراء سلع (محاصيل وغيرها) وهذا الاجراء يضعف أثر السياسة خاصة فى حق المستهدفين بها، وتنقل العبء لآخرين يصبحوا ضحية، ولهذا فلابد من تبني حملة إعلامية مصاحبة لهذه الاجراءات لضمان تحقيق أهداف سياسة استبدال العملة حتى تحقق أهدافها.
كما ينبغي المحافظة على ثقة الجمهور في النظام المصرفي، لأن اهتزاز هذه الثقة يؤدى إلى إحجام المودعين عن الإيداع وازدياد السحب للمبالغ المودعة. وهذا عمل يؤكد الحاجة لخطة إعلامية سابقة تخلق قدرا من الطمأنينة.
لأن المحافظ إن لم يكن قد اتخذ التدابير اللازمة قبل القرار، فإن قراره هذا سيكون بمثابة القشة التى قصمت ظهر البعير.
أشار البيان إلى أن دوافع ذلك هو: وجود عملات مجهولة المصدر ؟ وهنا فإن على البنك المركزى إعلان الجمهور بنوع وخصائص العملة مجهولة المصدر ، لأنه لا يقل اهمية عن اجراءات الالغاء والاستبدال، حتى يراجع كل مواطن ما بحوزته من عملة، وهو يعلم مصدرها الذى استلمها منه، ولا أظن أن اجهزتنا الأمنية والاستخباراتية وفنيي البنك المركزي والمصارف لا يعلمون مصدر وصفات هذه العملة.
ومما ينبغى الاهتمام به والترتيب له هو: ما هو تعامل المصارف مع حاملي هذا النوع من العملات مجهولة المصدر؟
من الحقائق المعلومة أن المطابع التى تتعامل فى العملة محدودة ومعروفة عالميا بل حتى الشركات المصنعة لماكينات الطباعة معلومة والشركات المنتجة لورق العملة معلومة، فهل تعجز مؤسساتنا عن معرفة من يشنون عليها مثل هذه الحرب؟ وما هى الضمانات إذا لم تتخذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد المزيفين أن تواصل ذات الجهات فى طباعة العملة الجديدة؟
إن التوسع فى التقنية المالية وتحقيق الشمول المالى ونشر نقاط البيع وتسهيل فتح الحسابات واصدار البطاقات الائتمانية هو المخرج من هذه الدوامة، والكل يعلم أن بعض فئات العملة تقل قيمتها عن تكلفة طباعتها، ولا سبيل غير التوسع فى التقنية المالية وسن التشريعات اللازمة التي تنظم ذلك وتلزم جمهور المتعاملين بالدفع عبر بطاقات الدفع الآلي، ولم تعد نظم التقنية المالية مكلفة كما كانت فى السابق، فهي تحتاج فقط للقرارات الحاسمة من الأجهزة المختصة.
ولنا عودة.
مع تحياتي.