تقديرات الاحتلال.. الحرب على غزة كلّفت اقتصاده خسائر غير متوقعة
تاريخ النشر: 7th, July 2024 GMT
لم تقتصر تبعات الحرب الكارثية التي شنها الاحتلال على غزة على جوانبها العسكرية القتالية التي سجلت إخفاقات بدأت ولما تنتهي بعد، بل إنها امتدت الى مستوياتها الاقتصادية والتجارية التي تمثلت في الكساد الاقتصادي وتراجع النمو بصورة كبيرة وغياب الازدهار.
يهودا أرييه مودي الخبير المالي والمصرفي أكد أن "معظم القطاعات الاقتصادية لن تقفز فور انتهاء الحرب كي تتعافى، لأنه من الواضح أنه بعد الدمار الكبير في مستوطنات غلاف غزة والشمال، سيتعين على دولة الاحتلال استثمار جزء كبير من ميزانيتها من أجل ترميم كل الدمار الذي حدث في الشمال والجنوب، سواء من خلال زيادة الضرائب، أو الاستمرار في أخذ القروض، حيث ستتدفق كل هذه الأموال للشركات الهندسية لتصميم وبناء الطرق والمباني العامة والأحياء الجديدة بدلاً من تلك التي تم تدميرها".
وأضاف في مقال نشره موقع زمن إسرائيل، وترجمته "عربي21" أنه "بما أن فائض الضرائب لا يفيض نحو خزينة الدولة، فإنني أكثر قناعة بأننا أمام موسم من الجفاف الضريبي والاقتراض والتضخم، وستكون العلامات الإرشادية أكثر سلبية من الإيجابية، بعيدا عن الانغماس في النبوءات المبتذلة والأفكار الهلامية، التي تتحدث عن ارتفاع النمو بعد الحرب، حيث لا أساس لها من الصحة، ولأن أرقام الناتج المحلي الإجمالي للفرد بعد كل حرب تعكس سوء الوضع الاقتصادي، وكل الرسوم البيانية التي تتضمن مؤشرات الحروب الكبرى التي خاضها الاحتلال تؤكد أنه لا يوجد اتفاق على وجود نموّ منظم بعد الحرب الحالية في غزة".
واستدرك بالقول أن "الاستثناء الوحيد يتعلق بحرب يونيو 1967 التي شهدت الدولة بعدها نمواً مرتفعاً للغاية، ورغم أن الأرقام صغيرة، لكن القفزة بدت لافتة، مع أننا أمام حرب غير عادية وقصيرة جدًا، توسع بعدها الاحتلال أبعد من حدوده السابقة، واستفاد من العمالة الرخيصة التي "سقطت" فجأة بين يديه، ومن موجات ضخمة من المتطوعين اليهود الذين أتوا من جميع أنحاء العالم، أما حرب أكتوبر 1973 فهي قصة مختلفة تمامًا، حيث لم تنته الحرب ونتائجها المباشرة حتى نهاية العام، وفي 1974 حدثت قفزة كبيرة عكست نفقات الحكومة لتغطية نفقات الحرب، واستعادة القدرة العسكرية للجيش".
وأشار أنه "في عامي 1974-1975 حصل انخفاض في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وتعتبر السنوات التي تلت تلك الحرب بداية السنوات السيئة في الاقتصاد الإسرائيلي، وسميت "سنوات التضخم وفقدان السيطرة والأزمات التي أثرت على كل مجالات الدولة"، مع العلم أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي يشمل استثمارات الدولة في العام التالي للحرب، لأنه عندما تشتري قنابل جديدة، وتصلح الطرق، يزيد الإنفاق، دون وجود رفاهية".
وأوضح أن "حرب لبنان الأولى بين يونيو وسبتمبر 1982، حتى الانسحاب من جنوب لبنان في مايو 2000، تعتبر من بين أطول الحروب في تاريخ الاحتلال، فقد شكلت مثالا على الانهيار الاقتصادي في السنوات التي تلتها، وبالتأكيد ليس للنموّ، حيث نما الناتج المحلي الإجمالي للدولة فعليًا في العام التالي للحرب بسبب استثمارات الحكومة في استعادة البنية التحتية".
وختم بالقول أنه "في عامي 1984-1985 حصل انخفاض حاد في الناتج المحلي الإجمالي لما دون سنة
الأساس في 1982، ولذلك فقد شكلت تلك الحرب أحد الأسباب الرئيسية للدوامة التضخمية في 1985، وقادت الدولة لأسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها، وبين عامي 2004-2021، قفز اقتصاد الاحتلال من الناتج المحلي الإجمالي من 20 إلى 50 ألف دولار".
تكشف هذه المعطيات الإحصائية أن حرب الاحتلال على غزة شكلت بشرى سيئة لاقتصاده الذي يعاني، مما سيجعل إسناد معاني "تفاؤلية" خاصة لهذه الحرب الحالية في غزة خطيئة كبرى، في ضوء الخسائر التي تكبدها الاحتلال في الأرواح والأموال، ولعل حرب غزة الجارية تشبه سمات حرب لبنان الأولى من حيث طولها الزمني، والجهد الاقتصادي الذي تنطوي عليه، لذلك، ليس هناك أمل كبير في حدوث ازدهار اقتصادي كما يعتقد كثير من الإسرائيليين الذين يخلطون بين أمنياتهم المبالغ فيها، والوقائع المظلمة القائمة فعلياً.
للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الاحتلال غزة فلسطين غزة الاحتلال طوفان الاقصي صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الناتج المحلی الإجمالی
إقرأ أيضاً:
العسكريون مع حسم الملف.. ونتنياهو يسعى لـ«نصر سياسي»
نتنياهو يصطدم بالجيش.. و«الأسرى» يدفعون ثمن التعنّت الإسرائيلي
- القاهرة تطرح مبادرة جديدة.. وتعثّر المفاوضات يفاقم عدوان الاحتلال
- أزمة نقص الجنود تتمدّد.. والتذمّر يتصاعد في صفوف قوات الاحتياط
- الحكومة في مأزق.. والعائلات الغاضبة تتهمها بالتخلي عن أبنائها
بينما تستمر الحرب في غزة لأكثر من عام ونصف العام، بدأتِ الخلافات تظهر بشكل واضح داخل كيان الاحتلال الإسرائيلي، إذ يختلف رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو مع قادة جيشه حول أهداف الحرب، ففي الوقت الذي يعلن فيه الجيش أن مهمته الأساسية هي إعادة الأسرى، يؤكد نتنياهو أن الانتصار العسكري هو الهدف الأول، مما يكشف عن أزمة عميقة داخل القيادة، بالتزامن مع نقص حاد في أعداد الجنود، وضغوط داخلية كبيرة، وتعثر في المفاوضات يزيد من معاناة المدنيين في غزة.
وأقر قادة الجيش الإسرائيلي بعجزٍ يتجاوز 10 آلاف جندي عن الاستمرار في الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام ونصف العام، فيما أعلن نتنياهو، عزمَه توسيع العمليات العسكرية في غزة خلال الفترة المقبلة، بعد تعثّر مفاوضات الهدنة ووقف إطلاق النار نتيجة تعنته، وفريقه المفاوض.
اتسعت حالةُ التململ والغضب داخل صفوف جيش الاحتلال، خاصة بين جنود الاحتياط، عقب صدور قرار بتمديد خدمتهم لأربعة أشهر إضافية، ما فاقم من معاناتهم النفسية والاقتصادية، وألقى بظلاله على الكيان المحتل الذي يخوض حربًا مستمرة تخطتِ العام ونصف العام دون تحقيق أهداف استراتيچية واضحة، باستثناء القتل العشوائي للنساء والأطفال، في مشهد يزيد من عزلة الجيش أخلاقيًّا أمام المجتمع الدولي.
كانت وسائل إعلام عبرية تحدثت عن صدور قرار رسمي باستدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط، في إطار توسيع العمليات العسكرية في قطاع غزة. وأكدتِ القناة 12 الإسرائيلية أن اجتماعًا أمنيًّا عقده نتنياهو انتهى باتفاق على تنفيذ عملية توسيع تدريجية للقتال خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة، مع توجيه الجيش للتصرف بشكل «أكثر عدوانية» في القطاع.
ويهدف هذا التصعيد، بحسب المراقبين، إلى زيادة الضغط على المقاومة الفلسطينية للحصول على شروط تفاوضية أكثر ملاءمةً لحكومة الاحتلال، خصوصًا بعد تعثر الجولة الأخيرة من المفاوضات نتيجة رفض المقاومة مقترحات نتنياهو. ووفقًا للتسريبات، تم اتخاذُ القرار النهائي خلال اجتماع الجمعة، على أن يُستكمل النقاش حول خطوات التنفيذ مساء الأحد.
ورغم غياب تفاصيل دقيقة بشأن طبيعة المهام «الأشد عنفًا» التي سيُكلَّف بها الجيش، فإن بعض التحليلات تشير إلى أن توسيع الحرب ليس سوى محاولة لإطالة أمدها.. مستغلةً في ذلك دعمًا أمريكيًّا مستمرًّا، ومناخًا دوليًّا يسمح للكيان بمواصلة عدوانه دون مساءلة، ولا يقتصر ضغط نتنياهو على المقاومة في غزة فحسب.
يمتد الضغط الإسرائيلي ليشمل الوسطاء، الذين تتعقد مهماتهم أمام تعنت حكومة الاحتلال، رغم التنازلات المتكررة التي قدمتها المقاومة. وفي ظل هذا الجمود، بدأتِ القاهرة الترويج لمقترح بديل عن الهدنة الطويلة التي رفضها نتنياهو سابقًا، والتي كانت تقضي بإطلاق جميع الأسرى مقابل تهدئة تمتد لخمس سنوات.
ويقضي المقترح المصري الجديد بهدنة قصيرة لا تتجاوز العام، تُنفَّذ على مرحلتين بضمانات أمريكية. المرحلة الأولى منها تشمل إطلاق سراح نصف الأسرى الأحياء، وتسليم رفات بعض القتلى، مقابل إخراج حركة حماس من إدارة غزة. أما المرحلة الثانية، فتنص على التفاوض لاحقًا حول الملفات العالقة.
وكشف مسئول مصري رفيع المستوى أن تعثر المفاوضات لا يعود إلى تصلُّب موقف المقاومة، كما تدَّعي تل أبيب، بل إلى عراقيل متعمدة يضعها وفد الاحتلال، رغم تجاوب الطرف الفلسطيني. ووفق تقديرات إسرائيلية، فإن عدد المحتجزين لدى المقاومة يبلغ نحو 59 إسرائيليًّا، من بينهم 24 فقط يُعتقد أنهم ما زالوا على قيد الحياة. ورغم جهود الوساطة الممتدة لأكثر من عام ونصف العام، فإن الحرب لا تزال قائمةً دون تقدم فعلي في ملف الأسرى.
ويبدو أن أولى بوادر الخلاف العلني بدأت تطفو على السطح بين نتنياهو وقيادة الجيش بعد إعلان العسكريين أن «الحرب من أجل إعادة 59 محتجزًا لدى المقاومة، تليها مهمة هزيمة حماس»، بينما يؤكد نتنياهو أن «إعادة الأسرى ليستِ الهدف الأهم في حرب غزة. الهدف الأسمى في الحرب هو الانتصار على أعدائنا، وسنحققه».
وبحسب محللين، فإن البيان يعكس بدايةَ شرخٍ متصاعدٍ بين المؤسستين العسكرية والسياسية، خاصة أن الجيش يسعى إلى تبرير مواقفه أمام جمهوره الداخلي، في ظل تصاعد الانتقادات المجتمعية لأدائه وارتفاع أعداد الرافضين لمواصلة الحرب، من المدنيين والعسكريين على حد سواء.
هذا التباين العلني في الأهداف المعلنة بين نتنياهو والقيادة العسكرية يُعَدّ الأول من نوعه منذ تعيين وزير دفاع ورئيس أركان جديدَين، وقد يكون مقدّمةً لخلافات أعمق في المرحلة المقبلة، لا سيما في ظل رغبة نتنياهو في إطالة أمد الحرب، باعتبارها طوقَ نجاة له من الاتهامات الجنائية التي تلاحقه في قضايا فساد، إلى جانب مسئوليته السياسية عن فشل التعامل الاستباقي مع هجوم السابع من أكتوبر عام 2023.
تصريح نتنياهو أثار غضبًا واسعًا داخل المجتمع الإسرائيلي، خصوصًا في أوساط عائلات المحتجَزين، الذين اعتبروا أن توسيع العمليات العسكرية يعني إصدار حكم بالإعدام على أبنائهم، خاصة أن كثيرًا من القتلى سقطوا بسبب قصف الاحتلال نفسه خلال فترة الأسر، غير أن تصريحات نتنياهو لم تكن استثناءً، بل سبقه وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي قال قبل أيام: «إعادة الرهائن ليستِ الهدف الأهم. عازمون على إخلاء غزة ممَّن فيها، تنفيذًا لرؤية ترامب».
ويرى محللون أن حكومة نتنياهو المتطرفة لا تُعير حياةَ الأسرى أهميةً حقيقيةً، بقدر ما تسعى لإطالة أمد الحرب واستثمارها سياسيًّا، حتى لو استلزم ذلك تطبيقَ ما يُعرف بـ«تعليمات هانيبال»، التي تبرر التضحية بالأسرى لتحقيق أهداف عسكرية، من بينها السيطرة على مزيد من الأراضي وتنفيذ خطة إخلاء غزة وتهجير مَن تبقَّى من سكانها، وصولًا إلى تحويل القطاع إلى منطقة غير قابلة للعيش.
اقرأ أيضاًعائلات المحتجزين الإسرائيليين: حكومة نتنياهو ليس لديها خطة واضحة لإعادتهم
وسائل إعلام إسرائيلية تزعم تصديق الحكومة على خطة احتلال غزة.. وانتقادات حادة لنتنياهو
عاجل | ترامب يصدم نتنياهو بقرار مفاجئ بخصوص إيران