يسكن نَفَرٌ من الأموات على الجسر
تاريخ النشر: 7th, July 2024 GMT
(1)
لستُ محارِبًا أصيلاً، ولا جُنديًّا مهزومًا، ولا شاعرًا وَسَطًا، ولا قائدًا منتصرًا، ولا موجةً بُنِّيَّةً، ولا عبدًا آبقًا، كي ألجأ.
(2)
يستبسلون في الدِّفاع ضدَّ الهجوم (الذي لم يحدث).
(3)
الموتُ فراق أو التئام. لكن الموت ممنوعٌ بعد هذا.
(4)
النَّصر بالونة.
(5)
كم ينحسرون في المآدب.
(6)
كلُّ نسيانٍ مكيدةٌ؛ كلُّ بحرٍ أبيض.
(7)
عيناكِ الوجع، نهداكِ الخشوع.
(8)
هذا الشِّعر شجرةٌ لا تعرفها الغابة.
(9)
يتكلمون كثيرًا عن الموت، ولم يستمع أحدٌ إلى الأموات.
(10)
كم يكرِّسون الهيكل للهالِك.
(11)
لا يستطيعُ العصافير من هُوَ في الغفوة.
(12)
اصطخاب الكهرباء والمِلح (أعني: جثَّة عارية).
(13)
أحرسُ القمر، وأنتظر الشَّظايا (أيضًا).
(14)
أنا ثلاث كلمات فقط لا يعلمها أحد، حتى أنتِ. أنا زعنفةٌ بعد أقل من دقيقة من الآن.
(15)
ليت تلك البلاد تصير مزرعةً إقطاعيَّةً صريحة (مرَّة أخرى) كي لا يتنفَّسوا (مرَّة أخرى، أيضًا).
(16)
يستودعكِ الشَّمس، والقمر، والقافلة، والقبيلة، والشِّعر، والنَّثر، يا بنت خُوَيلد.
(17)
ينكسر الشُّعاع على النَّافذة الوحيدة، ويعود.
(18)
أستحمُّ بالليل.
(19)
القتيلُ وحده يستطيع الجزم.
(20)
لا تَمُت بأكثر من حاجتك.
(21)
يصير الموتُ ماءً وقِطَطاً لدى مرفَقكِ.
(22)
أخذت الرِّيح كل شيء أيَّتها المقبرة.
(23)
لا تكن قويًّا أبدًا. لا تتغطرس على أوهامك. لا تُجبر الوردة على أن تكون رغيفًا. لا تتوقَّع الوفاء من الذِّكريات. لا تستدعي السَّماء حين تكون عاريًا.
(24)
الصَّفح: أفضل ما يمكن الإتيانُ به في المواخير.
(25)
لا تفرِّط في المحبَّة، ولا المقت، ولا تسمح للَّون الرَّمادي بالتَّقاطع مع دربك. لا تُراجع الدَّرس، ولا تَسْتَوفِهِ، ولا تذهب إلى البحر، ولا تأكل من بين يديه.
لا تغادر البرزخ.
(26)
سأصِرُّ دومًا على أن أكون ساذجًا (تاركًا مهنة الغباء لمن يَستَغبونَني).
(27)
الأحياء بغيضون، والأموات يغضبون.
(28)
تُسعفنا الطَّرائد، ويقتلنا الصَّيد.
(29)
آخر نجمٍ غابَ لا يطلب الفَقد من أحد.
(30)
يقول الميّت كلامًا غير الذي سمِعنا.
(31)
أعانيكِ في الحُبِّ والحَجْبِ.
(32)
في تلك البلاد عليهم مجابهة الاحتياط.
(33)
لم يعد الصِّراط يأتيهم (بعد أن تزوَّدوا بالخرائط).
(34)
لا يستطيع أعظم شاعر أو فيلسوف أن يلخِّص العالم في كلمة واحدة (وذلك لأن العالم يتكوَّن، في الحقيقة، من كلمة واحدة فقط).
(35)
الخامسةُ صباحًا انسراب.
(36)
السَّجان شخصٌ بسيطٌ، وطيِّبٌ، وينتظر الرَّاتب الشَّهري. أعتقد أن أُمَّه قد أرضعته، ولا أستبعد مطلقًا أنه يحب عصير البرتقال.
(37)
تبقَّى من نتيجة الحرب شخصٌ آخر.
(38)
تواريت عنكِ في ذلك المحفل (لا أزال خجولاً جدًّا، وسيئًا جدًّا في أداء واجباتي المدرسيَّة، وأحبُّ التَّدخين في الهواء الطَّلق).
(39)
الكتابة إطلاقٌ وطلاق.
(40)
مَرَقَة الآخرين ليست رغيفك (وقِس على ذلك).
(41)
يغتابون الرَّماد في الطَّريق.
(42)
أستغيثُ بالرِّيش.
(43)
سأنام هنا، في هذه الليلة هنا، في تلك الليلة هنا، على تلَّة من الرَّمل والخوف (ولن أكون شاعرًا هنا، ولا أريد أن أحبَّكِ هناك).
(44)
هل الكتابة أهم من الحياة، أم أنّ الحياة أهم من الكتابة؟
آسفٌ جدًّا، ليس لديَّ وقتٌ كافٍ.
(45)
السِّتارة التي لا تعرف أسرار النَّافذة...
(46)
أريد العاصفة والزلزال. لا أريد أن أعود إلى الاسم.
(47)
يُثخِنون في بعضهم البعض اليوم للفوز بيومٍ حَدَثَ قبل حوالي ألف وخمسمائة سنة.
(48)
الحُلولُ التي يقترحونها كثيرة ووجيهة (لكن لأنفسهم فحسب).
(49)
لا تأخذوني (لستُ في وارِدِ أُمِّي لغاية الآن).
(50)
القُدسيَّةُ فِطرةٌ قليلةٌ، وواجبٌ عظيمٌ، ورُهابٌ كثيرٌ، وإرهابٌ بَخْس.
(51)
يذبح بعضهم البعض في الطريق إلى الفردوس.
(52)
الموتُ دومًا يعني شخصًا آخر (هو أنتَ دومًا).
(53)
لا تسكبوا المزيد من النَّبيذ في هذا الكأس (حتَّى الشَّمس داكنةٌ بما فيه الكفاية).
(54)
النَّومُ مُقاضاةٌ
(55)
كانت الرُّومانسيَّة مَلاذًا. صارت الرُّومانسيَّة عقابًا.
(56)
كم أخشى أنه سيتحتَّم علينا، في يومٍ قادمٍ، أن نستحي من الذين لا يخجلون.
(57)
المبالغة في التَّأويل عجزٌ عن القراءة («السيجار، في بعض الأحيان، مجرَّد سيجار»، فرويد).
(58)
بعد كل هذه السِّنين، والذِّكريات، والأوجاع، أنا لستُ مُتَمَوسِقًا مع روحي بما فيه الكفاية، لكني راضٍ عن نفسي بما في فيه الكفاية، ولستُ مطمئنًّا إلى الآخرين بما فيه الكفاية.
وسوف يجِدُني الموت حين يأتي بما فيه الكفاية.
(59)
سأحاول قول الأمر مرَّة أخرى: كيف أقول الأمر مرَّة أخرى؟
(60)
صحيحٌ أن البداية مهمَّة. لكن الأهم هو الإصرار على ممارسة البداية حتى النِّهاية (في كلِّ مرَّة).
(61)
أيُّها الموت: أنا خائفٌ جدًّا. ماذا عنك؟
(62)
الحُبُّ مثل الموت، وكما الوردة، زوادة أُعِدَّت على عَجَل، وقد تكفيك أو لا تكفيك في بقية الطَّريق.
أما تلك الحجرة فإنها لن تكون مرَّة أخرى.
(63)
التَّاريخ لا ينحاز لأحد (يظلم التَّاريخ نفسه، لاحقًا، وفي كل مرَّة).
(64)
الليل وديعة.
(65)
يُقاسَى الأحباب بالرَّحيل (يصيرون أحبابًا بالاجتهاد الخاطئ).
(66)
الصَّدى يُطْرِبُ الجميع (باستثناء الصَّوت، طبعًا).
(67)
لا تثأر، فما هكذا يكون الانتقام (الذي عليه أن يكون في حالة تَخَلُّقٍ وتوفُّزٍ دائم).
(68)
يسكن نَفَرٌ من الأموات على الجسر (لا يذهبون، ولا يعودون)، ولم يعد مهمًّا أن يتحطَّم الجسر أو أن يبقى.
عبدالله حبيب كاتب وشاعر عماني
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: بما فیه الکفایة ة أخرى بما فی
إقرأ أيضاً:
رائحة الموت تنبعث من أحد أحياء الخرطوم على وقْع المعارك بين الجيش و«الدعم السريع»
الخرطوم: «الشرق الأوسط» تنبعث رائحة كريهة من حفرة للصرف الصحي في حي دمّرته الحرب في الخرطوم، بينما ينهمك عناصر «الهلال الأحمر» في انتشال جثة منتفخة من تحت الأرض. ويقول المتطوعون إن 14 جثة أخرى لا تزال تحت الأرض، وقال مدير الطب العدلي بولاية الخرطوم هشام زين العابدين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، في الموقع، إن بعض الجثث «عليها آثار إطلاق نار على رؤوسها وهي مهشّمة الجماجم».
وأضاف أن الضحايا إما أُطلق عليهم الرصاص أو ضُربوا حتى الموت قبل إلقائهم في الحفرة.
وخلفه كان صندوق شاحنة يمتلئ بالجثث المُنتشَلة من حفرة الصرف الصحي في منطقة شرق النيل، إحدى المناطق الشرقية للخرطوم، والتي باتت، الآن، أنقاضاً.
وألحقت الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، أضراراً كبيرة بمساحات واسعة من الأراضي.
ومنذ اندلاع الحرب، فرَّ أكثر من 3.5 مليون شخص من سكان الخرطوم، التي كانت، ذات يوم، مدينة تنبض بالحياة، وفق الأمم المتحدة.
ويعيش ملايين آخرون ممن هم غير قادرين أو غير راغبين في المغادرة، بين مبان مهجورة وهياكل سيارات وما يطلق عليه الجيش مقابر جماعية مخفية.
مدينة مدمَّرة
تتواصل الحرب بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، ونائبه السابق قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو، منذ أبريل (نيسان) 2023.
وأسفرت المعارك عن مقتل عشرات الآلاف، وتهجير أكثر من 12 مليون شخص، وفق أرقام الأمم المتحدة، يعيش كثيرون منهم في مخيمات مؤقتة، بينما فرّ أكثر من 3.5 مليون شخص عبر الحدود.
واستولت قوات «الدعم السريع»، في البداية، على الخرطوم، لكن، في الأشهر الأخيرة، استعاد الجيش السيطرة على مناطق؛ من بينها بحري، المعروفة بالخرطوم شمال، ومنطقة شرق النيل الواقعة شرقاً.
وحالياً لا تفصل وحدات الجيش في وسط الخرطوم عن القصر الرئاسي الذي سيطرت عليه قوات «الدعم السريع» في بداية الحرب، سوى أقل من كيلومتر واحد.
ورغم تلك المكاسب، لا يزال دقلو على تحديه، إذ توعَّد بألا تنسحب قواته من العاصمة. وتعهّد، في كلمة عبر تطبيق «تلغرام»، بأن قواته «لن تخرج من القصر الجمهوري». وأضاف: «نحن قادمون إلى بورتسودان» الواقعة على البحر الأحمر، وحيث تتمركز الحكومة منذ سقوط الخرطوم.
وعَبَر فريق من «وكالة الصحافة الفرنسية»، بمواكبة عسكرية، من أم درمان، المدينة التوأم للخرطوم، والتي استعادها الجيش، العام الماضي، إلى بحري وضواحيها التي مزّقتها الحرب.
ومرّ الموكب في أحياء مهجورة ومُوحشة؛ بما فيها حي الحاج يوسف، حيث تمتد هياكل المتاجر المغلقة والأرصفة المتداعية على طول الشوارع.
وتنتشر الأنقاض والحطام والإطارات المتروكة في الشوارع.
وتجلس مجموعات صغيرة من الناس بين كل بضعة شوارع أمام مبانٍ ومتاجر فارغة منخورة بالرصاص.
وتوقفت المستشفيات والمدارس عن العمل. ويقول الجيش إنه عثر على عدد من المقابر الجماعية، إحداها في محكمة أم درمان.
وتبدو على المدنيين الذين ما زالوا في المدينة، صدمة الحرب.
وقالت صلحة شمس الدين، التي تسكن قرب الحفرة؛ حيث ألقت قوات «الدعم السريع» جثثاً: «سمعت أصوات الرصاص، ليلاً، عدة مرات كما شاهدتهم يُلقون جثثاً في البئر».
جوع
وبالنسبة لمن نجوا وشاهدوا استعادة الجيش للمنطقة، مطلع الشهر، لا تزال الحياة تطرح صعوبات مستمرة. فالكهرباء مقطوعة، والمياه النظيفة والطعام شحيحان.
في شارع هادئ في بحري، يجلس نحو 40 امرأة تحت خيمة مؤقتة يُحضّرن وجبات الإفطار في مطبخ مجتمعي، وهو واحد من عدد من المطابخ التي عانت في ظل سيطرة قوات «الدعم السريع».
وتقوم النسوة بتحضير العصيدة والعدس في أوان كبيرة على نار الحطب.
والغاز لم يعد متوافراً، وشاحنات المياه تأتي، الآن، من أم درمان، وهو تحسُّن ملحوظ، مقارنة بالفترة عندما كان السكان يخاطرون تحت نيران القناصة للوصول إلى نهر النيل، الذي بدوره يمثل مخاطر صحية في ظل غياب خدمات الصرف الصحي.
وأصبحت المطابخ المجتمعية خط الدفاع الأخير للمدنيين الذين يعانون الجوع، وفقاً للأمم المتحدة. لكنها عانت صعوبات طوال الحرب للصمود.
ومع قطع طرق وتدمير أسواق وسلب مقاتلي قوات «الدعم السريع» للمتطوعين تحت تهديد السلاح، أصبح إطعام المحتاجين شبه مستحيل.
وقال مؤيد الحاج، أحد المتطوعين في مطبخ مجتمعي بحي شمبات: «أيام سيطرة (الدعم السريع)، كانت لدينا مشكلة في التمويل لأنهم يصادرون الأموال التي يجري تحويلها عبر التطبيقات البنكية». وأضاف: «لكن، الآن، الوضع اختلف، شبكات الهواتف تعمل، كما أننا، كل أسبوعين، نذهب إلى أم درمان لجلب احتياجات المطبخ».
وما بدأ نزاعاً على السلطة بين البرهان ودقلو، تحوّل إلى أكبر أزمة نزوح وجوع في العالم.
وأدت الحرب إلى تدمير البنية التحتية للسودان، وانهيار اقتصاده الضعيف أصلاً، ودفعت بالملايين إلى حافة الجوع.
وأُعلنت المجاعة في ثلاثة مخيمات للنازحين، وفق التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي المدعوم من الأمم المتحدة.
وفي الخرطوم وحدها، يعاني ما لا يقل عن 100 ألف شخص ظروف مجاعة، وفقاً للتصنيف المرحلي المتكامل.