بزكشيان بين وعود الاصلاح الداخلية وامال الانفتاح على الخارج
تاريخ النشر: 7th, July 2024 GMT
د. حامد محمود
(زمان التركية)ــ عزّز فوز مسعود بزشكيان في الانتخابات الرئاسية الإيرانية بحصوله على نحو 54 في المائة من أصوات الناخبين في الجولة الثانية آمال الإصلاحيين في إيران بعد سنوات من هيمنة المحافظين والمحافظين المتشددين على منصب الرئاسة.
وأكد بزشكيان، المعروف بانفتاحه على الغرب، وفي أول تصريح له منذ إعلان فوزه، أنه “سيمد يد الصداقة للجميع”.
وفاز المرشح الاصلاحى مسعود بزكشكيان في الانتخابات الرئاسية الإيرانية بعدما تغلب على المرشح المتشدد سعيد جليلي في جولة الإعادة، بحسب ما أعلن متحدث باسم هيئة الانتخابات على التليفزيون الرسمي السبت (السادس من يوليو / تموز 2024). وحصل بزشکیان على 53,7% من أصوات الناخبين مقابل، 44,3% من الأصوات لمنافسه المحافظ جليلي.
واتسمت حملة بزكشكيان الانتخابية بأنها هادئة تدعو إلى تجديد الثقة بين الحكومة والمواطنين الإيرانيين، الذين شعر الكثير منهم بخيبة أمل إزاء السياسة بعد محاولات فاشلة للإصلاح وقمع سياسي وأزمة اقتصادية. وفي أوائل التسعينيات، فقد بزشکیان زوجته وأحد أبنائه في حادث سير. وغالبا ما كان يظهر في تجمعات حملته الانتخابية مع ابنته وحفيده.
وفي المناظرات التلفزيونية وصف بزشکیان نفسه بأنه سياسي محافظ يؤمن بأن الإصلاحات ضرورية. ومثل العديد من السياسيين من المعسكر الإصلاحي دعا بزشکیان إلى تحسين العلاقات مع الغرب . وانتقد متطلبات الحجاب الصارمة التي تفرضها إيران على النساء وسعى للفوز بأصوات الطبقة الوسطى. وقال إنه يعارض الرقابة على الإنترنت. وأكد بزشکیان ولائه إلى الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي والحرس الثورى و قال إن هناك حاجة إلى إجراء إصلاحات.
وحظي بزشکیان بتأييد الرئيسَين الأسبقَين الإصلاحيّ محمد خاتمي وحسن روحاني. ودعت شخصيّات معارضة داخل إيران وكذلك في الشتات، إلى مقاطعة الانتخابات، معتبرة أن المعسكرين المحافظ والإصلاحي وجهان لعملة واحدة.
ويعتبر الرئيس هو الرجل الثاني في ههيكل السلطة فى ايران حيث يعمل المرشد الأعلى علي خامنئي كرئيس للدولة وله الكلمة الأخيرة في جميع المسائل الاستراتيجية. وهو أيضا القائد الأعلى للقوات المسلحة الإيرانية.
وتركّزت وعود بزشكيان الانتخابية على العدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة والإصلاحات الهيكلية.
وتعهد بإنشاء نظام اقتصادي شفاف، ومكافحة الفساد، وتعزيز النمو الاقتصادي.
ويعتقد أنه من خلال إصلاح الهياكل الاقتصادية وخلق بيئة ملائمة للاستثمار، يمكن خلق فرص العمل وتقليل البطالة.
وفي السياسة الخارجية، وعد بزشكيان بخفض التوترات الدولية واستعادة الدبلوماسية النشطة والمشاركة البنّاءة مع العالم.
ويجادل منافسوه المحافظون بأنه يهدف إلى مواصلة سياسات إدارة حسن روحاني- التي يرونها فاشلة.
ووعد بزشكيان أيضاً بإصلاح النظام الصحي، وتحسين جودة الخدمات الطبية، وتقليل تكاليف العلاج. وقد أكد على تحسين الظروف التعليمية وزيادة جودة المدارس والجامعات.
وقال: “سأبذل قصارى جهدي لإصلاح نظام الفلترة غير الفعال وإعادة الآلاف من الشركات النشطة في الفضاء الإلكتروني والتي توظف ملايين الإيرانيين إلى الدورة الاقتصادية”.
وسلط بزشكيان الضوء على القضايا البيئية، متعهداً بتنفيذ برامج شاملة لحماية البيئة والتنمية المستدامة.
كما دعا إلى أن تلعب النساء أدوارًا نشطة ومتساوية في جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
ووعد أيضاً بتخفيف القيود المفروضة على شبكة الانترنت وبإشراك الأقليات العرقية في حكومته.
ومن المستبعد أن يدخل الرئيس المقبل أي تحول كبير في السياسة بشأن برنامج إيران النووي أو تغيير في دعم الجماعات المسلحة بأنحاء الشرق الأوسط، إلا أنه هو من يدير المهام اليومية للحكومة ويمكن أن يكون له تأثير على نهج بلاده فيما يتعلق بالسياسة الخارجية والداخلية.
*كاتب متخصص فى شئون ايران والخليج
Tags: الانتخابات الرئاسية الإيرانيةمسعود بزشكيانالمصدر: جريدة زمان التركية
كلمات دلالية: الانتخابات الرئاسية الإيرانية مسعود بزشكيان
إقرأ أيضاً:
من أوكرانيا إلى فلسطين: العدالة الغائبة تحت عباءة السياسة العربية
محمد عبدالمؤمن الشامي
في المحاضرة الرمضانية الـ 12 للسيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، أشار إلى حقيقة صارخة لا يمكن إنكارها: الفرق الشاسع بين الدعم الغربي لأوكرانيا في مواجهة روسيا، وبين تعامل الدول العربية مع القضية الفلسطينية. هذه المقارنة تفتح الباب على مصراعيه أمام تساؤلات جوهرية حول طبيعة المواقف السياسية، ومعايير “الإنسانية” التي تُستخدم بمكيالين في القضايا الدولية.
أُورُوبا وأوكرانيا: دعم غير محدود
منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، سارعت الدول الأُورُوبية، مدعومةً من الولايات المتحدة، إلى تقديم كُـلّ أشكال الدعم لكييف، سواء عبر المساعدات العسكرية، الاقتصادية، أَو حتى التغطية السياسية والإعلامية الواسعة. لا تكاد تخلو أي قمة أُورُوبية من قرارات بزيادة الدعم لأوكرانيا، سواء عبر شحنات الأسلحة المتطورة أَو المساعدات المالية الضخمة التي تُقدَّم بلا شروط.
كل ذلك يتم تحت شعار “الدفاع عن السيادة والحق في مواجهة الاحتلال”، وهو الشعار الذي يُنتهك يوميًّا عندما يتعلق الأمر بفلسطين، حَيثُ يمارس الاحتلال الإسرائيلي أبشع الجرائم ضد الفلسطينيين دون أن يواجه أي ضغط حقيقي من الغرب، بل على العكس، يحظى بدعم سياسي وعسكري غير محدود.
العرب وفلسطين: عجز وتخاذل
في المقابل، تعيش فلسطين مأساة ممتدة منذ أكثر من 75 عامًا، ومع ذلك، لم تحظَ بدعم عربي يقترب حتى من مستوى ما قُدِّم لأوكرانيا خلال عامين فقط. الأنظمة العربية تكتفي ببيانات الشجب والإدانة، فيما تواصل بعضها خطوات التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، في تناقض صارخ مع كُـلّ الشعارات القومية والإسلامية.
لم تُستخدم الثروات العربية كما استُخدمت الأموال الغربية لدعم أوكرانيا، ولم تُقدَّم الأسلحة للمقاومة الفلسطينية كما تُقدَّم لكييف، ولم تُفرض عقوبات على “إسرائيل” كما فُرضت على روسيا، بل على العكس، أصبح التطبيع سياسة علنية لدى بعض العواصم، وتحول الصمت العربي إلى مشاركة غير مباشرة في استمرار الاحتلال الصهيوني وجرائمه.
المقاومة: الخيار الوحيد أمام هذه المعادلة الظالمة
في ظل هذا الواقع، يتجلى الحل الوحيد أمام الفلسطينيين، كما أكّـد السيد القائد عبد الملك الحوثي، في التمسك بخيار المقاومة، التي أثبتت وحدها أنها قادرة على فرض معادلات جديدة. فمن دون دعم رسمي، ومن دون مساعدات عسكرية أَو اقتصادية، استطاعت المقاومة أن تُحرج الاحتلال وتُغيّر قواعد الاشتباك، وتجعل الاحتلال يحسب ألف حساب قبل أي اعتداء.
وإن كانت أوكرانيا قد حصلت على دعم الغرب بلا حدود، فَــإنَّ الفلسطينيين لا خيار لهم سوى الاعتماد على إرادتهم الذاتية، واحتضان محور المقاومة كبديل عن الدعم العربي المفقود. لقد أثبتت الأحداث أن المقاومة وحدها هي القادرة على إحداث تغيير حقيقي في مسار القضية الفلسطينية، بينما لم يحقّق التفاوض والتطبيع سوى المزيد من التراجع والخسائر.
المواقف بالأفعال لا بالشعارات:
عندما تُقاس المواقف بالأفعال لا بالشعارات، تنكشف الحقائق الصادمة: فلسطين تُترك وحيدة، بينما تُغدق أُورُوبا الدعم على أوكرانيا بلا حساب. هذه هي المعادلة الظالمة التي كشفها السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، حَيثُ يتجلى التخاذل العربي بأبشع صوره، ما بين متواطئ بصمته، ومتآمر بتطبيعه، وعاجز عن اتِّخاذ موقف يليق بحجم القضية.
إن ازدواجية المعايير لم تعد مُجَـرّد سياسة خفية، بل باتت نهجًا مُعلنًا، تُباع فيه المبادئ على طاولات المصالح، بينما يُترك الفلسطيني تحت القصف والحصار. وكما أكّـد السيد القائد عبد الملك الحوثي، فَــإنَّ المقاومة وحدها هي القادرة على إعادة التوازن لهذه المعادلة المختلة، مهما تعاظم التواطؤ، ومهما خفتت الأصوات الصادقة.