صدر العدد 114 من مجلة الفنون الشعبية، تلك المطبوعة العريقة التي تحرص الهيئة المصرية العامة للكتاب على انتظامها منذ الستينيات، ويرأس تحريرها الدكتور أحمد بهي الدين، إذ يضم العدد مجموعة من الأبحاث والدراسات في شتى مجالات التراث الثقافي غير المادي «التراث الحي».

احتفاء بالزاهد في محراب الموسيقى الشعبية

تحت عنوان الزاهد في محراب الموسيقى الشعبية يرحل بلا زفة، افتتح العدد بتأبين للراحل محمد أحمد عمران، أستاذ الموسيقا الشعبية المساعد بالمعهد العالي للفنون الشعبية، الذي وافته المنية في الثاني من ديسمبر 2023، إذ قدم عرضًا لحياته العلمية، وكيف أثرى المكتبة العربية بدراسات عدة أسست نظريًّا لدراسة الموسيقا الشعبية المصرية، بعد أن جاب القرى والنجوع والواحات وحتى المناطق الحدودية؛ سعيًا وراء الحقيقة العلمية.

وتناولت الدراسة المداحين من جنوب مصر واستخدام الدُّف، والطَار، والرِّق، والتصفيق بالأكف المصاحب للدف، والتصفيق الخالص بدون مصاحبة آلية، والتصفيق مع الضرب بالدف، كما ركزت على التكوين المقامي الذي تجري عليه الألحان.

وجاءت في العدد دراسة النسق المكاني المقدس في الشعر الصوفي الشعبي لعمر شهبي، وتتأسس على تصور مؤداه، أن أشكال التعبير في الأدب الشعبي وبخاصة المتصل منها بالمقدس، هي مرآة مجلوة تنعكس عليها تصورات الجماعة الثقافية الشعبية عن الخالق والإنسان والكون.

كما قدم العدد دراسة عن برية الشيخ وهي الوسيلة الي يستدعي بها الخصوم بعضهم بعضًا أمام شيخ المسجد، وكيف أنه برغم انتقال حل المنازعات من المساجد إلى المحاكم، إلا أن تلك الثقافة لا تزال مستمرة وكفيلة ببث الخوف في قلوب الخصوم الذين تصلهم تلك البرية.

وتناولت فاطيمة سكومي تلك الظاهرة باعتبارها ممارسة اجتماعية ناتجة عن تصورات واعتقادات تُشكِّل جزءًا لا يتجزأ من الموروث الشعبي، كما تتمتع بمكانة ودور في الوعي الفردي والجمعي لشريحة مهمة من مجتمع غليزان (ولاية تقع في الجزء الغربي من الجزائر وتبعد عن العاصمة 350 كيلومترا) وغيره من المجتمعات.

ويقدم العدد شرحًا وافيًا عن حرفة الأيقونجرافي (كتابة الأيقونة القبطية) لسحر مراد سامي، إذ تناولت تلك الحرفة بوصفها رسالة تؤدي دورًا تعليميًا له فاعليته في الحياة التعبدية، كما أنها لا تسجل حدثًا أو شخصًا فقط لكنها تساعدنا في فهم موروثنا الشعبي، بلغة تعتمد الرمزية، ويعد رسم الأيقونة أحد فروع الفن القبطي ووريثًا للحضارة المصرية القديمة وما تلاها من تداخل وتزاوج للحضارات التي تعايشت على أرض مصر، ولعب الفن القبطي دورًا تعبيريًّا مهمًّا مستندًا إلى قيم الفن المصري.

ومن خلال مقال فؤاد مرسي يسلط العدد الضوء على مبادرة البلدة ذات العلامة التجارية المسجّلة وأهمية التحوّل الاقتصادي للحرف التقليدية، واستصحاب دورها التنموي، بحيث تتجاوز وظائفها التقليدية المحدودة، وتتحول إلى قيمة مضافة، تعظِّم من الموارد الاقتصادية للدولة وتُسهم بقوة في رسم خططها

يعقوب الشاروني مبدع الحكايات الشعبية للأطفال

ويختتم العدد بمقال بعنوان يعقوب الشاروني مبدع الحكايات الشعبية للأطفال، قدمت فيه إخلاص عطا الله مسيرة الكاتب 1931- 2023م وأهم محطات حياته، والجوائز التي حصل عليها ورؤيته في توظيف الحكاية الشعبية في أدب الطفل.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: هيئة الكتاب الثقافة الفنون الشعبية الثقافة الشعبية

إقرأ أيضاً:

جلسة ثقافية توثّق ريادة الكتّاب العُمانيين في مجلة “صوت البحرين”

احتضن جناح النادي الثقافي بالتعاون مع بيت الزبير جلسة ثقافية تحت عنوان "كتاب عمانيون في مجلة صوت البحرين" قدمها الدكتور حسن مدن كاتب و مفكر بحريني و أدارها الدكتور أحمد المعمري. تناولت الجلسة عدة محاور أساسية حول كتاب “كُتّاب عُمانيون في مجلة صوت البحرين”، الذي يُعدّ مساهمة قيّمة في توثيق التفاعل الثقافي بين سلطنة عُمان والبحرين خلال خمسينيات القرن العشرين، ويسلط الضوء على دور مجلة “صوت البحرين” كمنبر للتعبير عن الفكر الوطني والثقافي في الخليج. حيث تمحورت الجلسة حول مناقشة محور مجلة “صوت البحرين” كمنبر ثقافي خليجي، الاتحاد العُماني في باكستان ودوره الثقافي، تحليل مساهمات الكُتّاب العُمانيين في المجلة، عبدالله الطائي كناقد بأفق خليجي، بالإضافة إلى التفاعل الثقافي العُماني-البحريني وأثره المستقبلي.

و في سياق ذلك، أوضح الدكتور حسن أن فكرة الكتاب لم تكن مُخططًا لها سلفًا، بل نشأت أثناء عمله على مشروع بحثي مختلف حول التحولات الثقافية في الخليج العربي. وخلال تصفّحه لأرشيف “صوت البحرين”، لفتت انتباهه أربعة أسماء عُمانية أثارت فضوله بسبب تميز كتاباتهم وغزارتها وامتدادها خارج الحدود الجغرافية العُمانية، وهو ما دفعه إلى التوسع في البحث وتوثيق هذه التجربة في كتاب. وحول تفرّد المجلة، أشار الدكتور حسن إلى أنها لم تكن فقط صوتًا ثقافيًا للبحرين، بل كانت منبرًا خليجيًا وعربيًا جامعًا، احتضن مقالات وكتابات من السعودية والكويت وقطر وعُمان، فضلًا عن مساهمات فكرية من كتّاب عرب معروفين. المجلة، التي صدرت في ظرف سياسي دقيق وتحت هيمنة بريطانية مشددة على المنطقة، استطاعت أن تشكل منصة حوار ثقافي وسياسي وتقدمي تجاوز البعد المحلي إلى الإقليمي والعالمي.

واستعرض أربعة من أبرز الكتّاب العُمانيين الذين كتبوا في “صوت البحرين”، وهم عبدالله الطائي، حسين حيدر درويش، محمد أمين البسطي، وأحمد الجمالي. لكل منهم خصوصيته وتجربته، لكن ما جمعهم هو وعي مشترك بروح المرحلة. فعبدالله الطائي، الذي عاش في البحرين والكويت والإمارات، شكّل نموذجًا للمثقف الخليجي العابر للحدود. تميز بنقده الأدبي ذي الطابع الإقليمي، حيث كتب عن شعراء وأدباء من الخليج والجزيرة العربية، ما يجعله من أوائل من بادروا إلى تشكيل وعي أدبي خليجي شامل.و تميز حسين حيدر درويش، انه رائد من رواد أدب الرحلات الخليجي، وقدّم سلسلة بعنوان “أوروبا كما رأيتها”، تناول فيها مشاهداته من رحلاته إلى مختلف الدول الأوروبية، متأملًا في مظاهر العمران، والثقافة، والاجتماع، والسياسة الغربية. كان يحاكي في تجربته مثقفين عربًا من أمثال رفاعة الطهطاوي، لكن من موقع خليجي خالص. بينما تميز محمد أمين وأحمد الجمالي بمقالاتهما الفكرية ذات الطابع اليساري، التي ناقشت التحولات العالمية ما بعد الحرب العالمية الثانية، وأسهمت في إدخال مفردات ومفاهيم جديدة إلى الخطاب السياسي الخليجي.

و حول كيفية إعادة تقديم هذه التجارب إلى الأجيال الجديدة، خاصة في ظل انصراف الشباب عن القراءة المطولة، اكد الدكتور حسن على ضرورة تحويل هذه المقالات إلى وسائط معاصرة قصص، روايات، مقاطع مرئية، و منشورات رقمية حتى تُستعاد هذه التجارب برؤية حديثة. إلى جانب انه دعا الكُتّاب الشباب إلى استلهام هذه السير وتحويلها إلى أعمال إبداعية قريبة من ذائقة الجيل الجديد. و اختتم الدكتور حسن حديثه بالتأكيد على أهمية التوثيق، مشيرًا إلى أن الذاكرة الصحفية قصيرة، بينما الكتب تحفظ الذاكرة الثقافية للأمم. وقال عن ذلك : “علينا ألّا ننسى أن معرفة الحاضر لا تكتمل إلا بفهم التاريخ الثقافي، وهؤلاء الكُتّاب العُمانيون الأربعة كانوا من أوائل من وضعوا اللبنات الأولى لحداثة فكرية وأدبية في الخليج العربي

مقالات مشابهة

  • "الأولمبية المصرية" تخلي مسئوليتها عن تعديلات قانون الرياضة الجديد
  • 500 دينار شهريًا.. موعد ورابط التقديم في وظائف الأردن
  • ركن الفنون.. إمتاع بصري ومساحة نابضة بالإبداع
  • “أدواري كانت محصورة في الفتاة الشعبية” ناهد السباعي من مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير: فيلم يوم للستات الأقرب
  • ترامب: أمريكا لا تحتاج إلى سلع الصين.. وأطفالنا قد لا يحصلون على العدد الكافي من الدمى
  • العـدد مـئتـــان وستة وخمسون من مجلة فيلي
  • جلسة ثقافية توثّق ريادة الكتّاب العُمانيين في مجلة “صوت البحرين”
  • مجلة أميركية: جنوب السودان على شفا حرب أهلية
  • «العدد فاق توقعاتي».. حسام حبيب يعلن انتهاء مسابقة المواهب بألبومه الجديد
  • ناهد السباعي تكسر الصورة النمطية: "كنت محصورة في أدوار الفتاة الشعبية.. واليوم أختار ما يشبهني