#نور_على_نور د. #هاشم_غرايبه
في مثل هذا اليوم من كل عام، تعطل الدوائر الرسمية في كثير من الأقطار العربية، احتفالا برأس السنة الهجرية، أسوة بعطلتها في رأس السنة الميلادية.
اليوم ليس عيدا بالمفهوم الشرعي، فلا أعياد في الاسلام إلا عيدي الفطر والأضحى، لكنها ذكرى لمناسبة هامة، وهي هجرة الدعوة من مكة الى المدينة، وليس ، فالأيام سواء لا تفاضل بين راس سنة وذيلها، بل الأهمية للحدث الذي جرى في ذلك اليوم، والذي هو أهم حدث فارق في التاريخ البشري.
من الواجب استذكار هذا الحدث، لأنه كان إيذانا بتطبيق منهج الله عمليا في أول دولة أقيمت على الأرض تحكم وفق منهج الله – الدين الذي ارتضاه الله لعباده بعد أن أكمله لهم بالرسالة الخاتمة، فبذلك يكون قد أتم عليهم النعمة العظمى – الهداية – من بين كل ما أنعم عليهم، من نعم ظاهرة لهم أو خفية عليهم.
الملاحظ في كل ما يقال من خطب في إحياء هذه الذكرى، الاستغراق في سرد الأحداث التي وقعت قبل خمس عشر قرنا، والتركيز على تفاصيل الروايات، وكأن الرحلة هي أصل الموضوع ومنتهاه.
المهم في الهجرة ليس في كيف حدثت، بل لماذا أرادها الله.
المعروف أن الدعوة بدأت بالتوسع في مكة بحذر، بسبب عداء المترفين التاريخي للرسالات السماوية، وممانعتهم لمنهج الله كونه يحد من أطماعهم ويقلص امتيازاتهم وعلوهم على الضعفاء، ولما كان هؤلاء يتمتعون بالنفوذ والتأثير المجتمعي، فقد ألبوا الجميع على هذه الدعوة، حتى المستضعفين والعبيد الذين هم أكثر المنتفعين من اتباعها.
لم تكن الهجرة بسبب العداء والتضييق فقط، فهذا أمر يمكن زواله مع الزمن، ولكنها جاءت موقوتة بتدبير الله العليم الخبير، فقد أراد بداية للشدة والمعاناة تدريب المسلمين الأوائل ميدانيا، كما يدرب العساكر تدريبات شاقة ليتحملوا فيما بعد أقسى الظروف، ويتهيؤوا للمهام العظيمة التي تنتظرهم وهي دعوة العالمين.
عندما وجدهم الله تعالى قد اجتازوا هذه الدورة بنجاح، إذن لهم بالإنتقال الى الميدان الذي سيمارسون فيه عمليا المهام التي أوكلها إليهم، وأولها التطبيق العملي لمنهجه ، ليشكلوا الدولة الأنموذج التي ستكون قدوة لكل من سيأتي بعدهم، والتي ما كان لها أن تقام إلا في بيئة مؤمنة.
هذه الحالة الفارقة قدرها الله ليستنبط المسلمون في كل العصور دروسا منها، ومما نستفيد منها في عصرنا هذا:
1 – من أراد العلا تحمل الصعاب، وبقدر عظم المهام تكون الشدائد، ولما كان المؤمن شخصا ارتقى ببشريته فوق الشهوات الحيوانية والمتع الزائلة، فاقترب من الملائكية في أخلاقه، ومن الأنبياء في سلوكه بالصبر والجلد، لذا فعلى المؤمنين حقا أن يتوقعوا الهجمات العدوانية من أعداء الله على الدوام، أو وقوع الملمات والنوازل الطبيعية، فهي ليست عقوبة من الله، بل هي ابتلاء بقصد اصطفاء الشهداء المجاهدين، وكشف المنافقين القاعدين، وبقصد التمحيص والفرز، فيرتقي المرابطون والصابرون، ويسقط من كانوا يؤمنون انتفاعاً: “وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ” [الحج:11].
2 – أنزل الله الدين ليطبق كمنهج حياة، ولا يمكن أن يكون ذلك إلا بانتهاجه من قبل النظام السياسي، لأن الله يزع بالسلطان ما لا يزعه بالقرآن، والدولة هي الضابطة للسلوك المؤدي الى صلاح المجتمع، ولا يتحقق ذلك بالتوقف عند الصلاح الفردي وأداء العبادات، فهذه متطلبات فردية تنفع صاحبها، لكن المجتمع ككل لا يصلح إلا بتطبيق المنهج القويم من قبل دولة قيادتها مؤمنة مخلصة لعقيدتها.
3 – أراد الله أن يعلمنا درسا في الانتماء والولاء، صحيح أن الوطن غالٍ وفيه أثمن ما يملكه المرء ماديا، لكن العقيدة أغلى وأثمن ما يملكه الإنسان في دنياه وآخرته، ورغم أن الغربة عن الوطن والأهل قاسية على النفس، لكن الاغتراب عن الدين والإيمان خسارة محققة.
وقد طبق النبي صلى الله عليه وسلم هذا عمليا بالهجرة، فقد ودع مكة حزينا آسفا على فراقها، واصفا بأنها أحب بقاع الأرض إليه، لكنه ضحى بها مقابل انتصار دينه وعقيدته.
بناء على ذلك، فالجامع الأعظم للمسلمين عقيدتهم، فهي ما توحدهم، وأقوى كثيرا من روابط الجغرافيا واللغة والموروثات القومية والقطرية.
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
ما هي الرسالة التي وجهها نتنياهو لسكان غزة؟
وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الأحد، رسالة لسكان غزة، قائلا: "يمكنكم اختيار الحياة وضمان مستقبلكم أو اختيار الموت والدمار".
في المقابل، أعلنت وزارة الصحة في غزة أن قوات الاحتلال ارتكبت أربع مجازر خلال الساعات الـ24 الماضية، خلفت 35 شهيدا و94 مصابا، وصلوا إلى المستشفيات في القطاع، في ظل تصعيد غير مسبوق.
من جهتها، أكدت كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس، أنها قصفت مقر قيادة وسيطرة لقوات الاحتلال في منطقة التوام شمال غزة باستخدام قذائف هاون من العيار الثقيل، في إطار عمليات الرد على الاعتداءات الإسرائيلية.
انتقادات داخلية في "إسرائيل"نقلت صحيفة معاريف عن أسيرتين إسرائيليتين سابقتين، تحذيرهما من التأخير في إبرام اتفاق تبادل أسرى مع حركة حماس.
وقالت الأسيرتان إن هذا التأخير يمثل "إفلاسا أخلاقيا كاملا للدولة وخيانة وعارا سيلاحقها"، مشيرتين إلى ارتفاع احتمال وفاة مزيد من المحتجزين مع مرور الوقت.
الفلسطينيون داخل إسرائيل تحت القمعفي سياق متصل، كشف تحقيق نشرته وكالة أسوشيتد برس عن حملة قمع متزايدة ضد الفلسطينيين المقيمين داخل إسرائيل، الذين يعبرون عن رفضهم للحرب في غزة.
وأوضح التحقيق، أن هذه الحملة دفعت الكثيرين إلى ممارسة "الرقابة الذاتية" خشية التعرض للسجن أو مزيد من التهميش الاجتماعي والسياسي.
© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com)
وسام نصر الله كاتب وصحفيكاتب وصحفي متخصص في الشؤون السياسية والدولية، وعضو في نقابة الصحفيين الأردنيين واتحاد الصحفيين العرب. يعمل محررا في قسم الأخبار في "البوابة" منذ عام 2011، حيث يتابع ويحلل ويغطي أبرز الأحداث الإقليمية والدولية.
الأحدثترند ما هي الرسالة التي وجهها نتنياهو لسكان غزة؟ كاسادو يعتذر من جماهير برشلونة.. ماذا قال؟ كانييه ويست متهم بالاعتداء على عارضة الأزياء الأمريكية جين آن خلال تصوير فيديو كليب أرملة محمد رحيم تثير الجدل في جنازته..شجار بالأيدي وعناق مع محمد منير سحب جائزة أفضل تيك توكر من ضحى العريبي بعد سخريتها من الجائزة Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا فريقنا حل مشكلة فنية اعمل معنا الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTubeاشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن
© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter