على الرغم من المجهودات الكبيرة التي بذلتها دولة مصر في جمع الأحزاب والقوى السياسية والمدنية السودانية في القاهرة للحوار حول سبل حل الازمة بالبلاد، إلا أن عدم إدانة الانتهاكات الواسعة التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع في الحرب، أدت إلى عدم توقيع مشاركين أساسيين على البيان الختامي.

ورفضت حركات جيش تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، والعدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم، والحركة الشعبية شمال – الجبهة الثورية بقيادة مالك عقار، التوقيع على البيان الختامي لمؤتمر القاهرة.

وقال مناوي في تصريح خاص ل “المحقق” نشر بالأمس، إن مجموعة “تقدم” رفضت حتى إدانة الانتهاكات الواسعة التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع في الفاشر و ود النورة ولذلك لم نكن معنيين بالتوقيع على البيان الختامي.

وكان مناوي و تغريدة على منصة X قد عبر عن شكره “لجمهورية مصر العربية الشقيقة التي وفرت للسودانيين أن يجتمعوا” مشيراً إلى أنهم ظنوا أن الموتمر سيخرج بتعاطف مع الضحايا بإصدار الإدانة علي ممارسات الدعم السريع إلا أن “البيان الختامي خيب ظنون السودانين خاصة الضحايا، لذا لسنا معنيين ببيان لا يحمل تعاطف مع الشعب”.

كما قال رئيس حركة العدل والمساواة جبريل ابراهيم: “جمهورية مصر العربية مشكورة أولاً على استضافتها لأعداد غفيرة من الشعب السوداني. و مشكورة ثانياً على سعيها الدؤوب لإيجاد حل للأزمة السودانية. و مشكورة ثالثاً على تنظيمها مؤتمراً جامعاً للقوى السياسية و “المدنية” السودانية في القاهرة بحثاً عن السلام..

استجاب المدعوون لدعوة مصر دون تردد لعظم مكانتها عندهم، و وجدوا في كلمة معالي وزير خارجيتها الافتتاحية ما أثلج صدورهم. و لكن البيان الختامي لم يراع مشاعر الشعب الذي سامته المليشيا صنوف العذاب، و لم يقل مَن أفقر الشعب و جوعه بعرقلة وصول الطعام إليه. لذلك آثرنا ألا نكون طرفاً فيه.”

الميرغني يرحب و ينتقد صياغة البيان الختامي

من جانبه رحب رئيس الكتلة الديمقراطية جعفر الصادق محمد عثمان الميرغني بالجهود الحثيثة التي بذلتها مصر لجمع السودانيين وإتاحة فرصة لسماع كل الأصوات وبيان الاختلافات.

وأكد في تصريح صحفي اطلع عليه “المحقق” إن “اجتماع القاهرة يمثل خطوة مهمة نحو إنهاء تمرد قوات الدعم السريع في السودان، وتأسيس بيئة مناسبة للانتخابات”.

وعبر الميرغني عن شكره وامتنانه لجمهورية مصر العربية، قيادةً وشعباً، على الجهود المتميزة لجمع السودانيين في هذا المؤتمر الهام. وقال إن هذه الخطوة تأتي في وقت حرج تهدد فيه الحرب بقاء السودان كدولة مستقلة موحدة، وتعصف بملايين الأسر السودانية والمواطنين.

وأوضح الميرغني، أن البيان الختامي لم يعكس روح المداولات والنقاشات التي جرت خلال المؤتمر. وأن الصياغة لم تكن موفقة ولا شاملة، وأكد أن البيان لم يشر بوضوح إلى ما ذكره – سيادته – من إدانة لمهاجمة التمرد لمدينة سنجة ومدني، والمدن التي آوت اللاجئين، والانتهاكات التي ارتكبتها في دارفور.

وأشار الميرغني، إلى أن الشعب السوداني ينتظر نتائج ملموسة ومواقف واضحة تعبر عن دعم الشعب ومؤسسات الدولة، معرباً عن أمله بأن يكون البيان هو الخطوة الأولى في هذا الاتجاه.

وجدد التزامه بدعم القوات المسلحة السودانية بشكل واضح وصريح، مؤكداً على أهمية دورها في حفظ الأمن والاستقرار في البلاد. وشدد على أن الكتلة الديمقراطية ستواصل العمل على تطوير البيان الختامي، ودعم الجهود المبذولة لإنهاء التمرد وتحقيق السلام الشامل في السودان.

من جانبها قالت إشراقة سيد محمود رئيس الهيئة القيادية العليا للحزب الاتحادى الديمقراطي إن الحزب “حريص على الحوار السوداني السوداني بما يضمن سيادة البلاد وشرعية الجيش والحفاظ على الحقوق والعدالة والقانون ضد كل من شارك في جرائم الحرب ضد الشعب السوداني المظلوم والمقهور، وأننا في خندق واحد مع جنودنا والمقاومة الشعبية حتى النصر في معركة العزة والكرامة”.

وقالت حركة المستقبل للإصلاح والتنمية : “لقد تابعنا دعوة الحكومة المصرية لبعض الأطراف السياسية السودانية، تحت مسمى الحوار السوداني – السوداني في القاهرة، نحن إذ نُثمن دور القاهرة الإيجابي في الأزمة السودانية ونُحيي الشعب المصري على استضافته للاجئين السودانيين، ولمعرفتنا بدور المؤسسات المصرية في هذا الاتجاه، ووعينا أن الأزمة السودانية وانعكاسات واقع الحرب في السودان مرتبط بمستقبل مصر وبكل دول جوار السودان؛ خصوصاً في ظل الأزمات الاقتصادية وجوانب الأمن الغذائي وشح المياه والتغيرات المناخية في المنطقة، فإننا نرى أن الحوار السياسي السوداني – السوداني يجب أن يكون داخل السودان، وأن العمل على وقف الحرب يجب أن يبدأ بتنفيذ إعلان جدة الموقع في 11 مايو 2023 وتطويره لاتفاق وقف إطلاق النار، أما العملية السياسية وبكل تعقيداتها فهي تبدأ بعد وقف الحرب بما يشمل كل القوى السياسية السودانية، وغير ذلك فهو تكسب سياسي من الحرب”.

يشار إلى أن الدعوة التي كانت قد تلقتها الأطراف المشاركة في مؤتمر القاهرة كانت قد حددت يومي السادس والسابع من يوليو لانعقاد المؤتمر، لكن الجهة المنظمة عادت واختصرت الأمر في يوم واحد، وعزا محللون ذلك أن الدولة المضيفة ربما رأت أن البون شاسع بين رؤى الأطراف السودانية المختلفة ففضلت اختصار المنشط في يوم واحد.

المحقق – طلال إسماعيل

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: البیان الختامی الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

تحرك أفريقي وأميركي لتسريع احتواء الأزمة السودانية

الخرطوم- في أول زيارة له منذ اندلاع الحرب في السودان، أجرى وفد من مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي مشاورات مع المسؤولين السودانيين في بورتسودان، لتفعيل الدور الأفريقي في حل الأزمة السودانية وإنهاء تعليق عضوية البلاد في الاتحاد.

كما ينتظر أن يصل إلى العاصمة الإدارية المؤقتة المبعوث الأميركي إلى السودان توم بيريلو لإنعاش عملية السلام المتعثرة.

وتأتي زيارة وفد الاتحاد الأفريقي، اليوم الخميس، للسودان بعد تولي مصر رئاسة مجلس السلم والأمن في مطلع أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

ويضم الوفد سفير مصر لدى إثيوبيا ومندوبها الدائم لدى الاتحاد الأفريقي محمد جاد، ومفوض الشؤون السياسية والسلم والأمن في الاتحاد أديوي بانكولي، ورئيس الآلية الأفريقية المعنية بالسودان محمد بن شمباس ومسؤولين آخرين بالاتحاد.

وأجرى الوفد الأفريقي مباحثات مع رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، وحاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، كما تباحث مع مسؤولين في مجلس الوزراء والنائب العام في حضور عضو مجلس السيادة إبراهيم جابر.

فهم أبعاد الأزمة

كشفت مصادر حكومية للجزيرة نت أن الوفد الأفريقي طرح خريطة طريق لاستعادة عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي، المعلقة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2012.

تشمل الخريطة إحراز تقدم بشأن المتطلبات التي تم بموجبها تجميد العضوية، كما اقترح الوفد وقف إطلاق النار، وتنفيذ خطوات لمرحلة انتقالية جديدة، وبدء عملية سياسية حتى تعود البلاد لاستعادة الحكم المدني والتحول الديمقراطي.

ويوضح المسؤول الحكومي أن رئيس الوفد الأفريقي أكد رفضهم لأي شكل من أشكال التدخل الأجنبي في السودان تحت ذريعة حماية المدنيين، بعدما عُرض الأمر على هامش جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة في 25 سبتمبر/أيلول الماضي، حيث عُقد اجتماع بشأن أزمة السودان وعرض مقترح لنشر قوات أفريقية في السودان، لكن الدول الأفريقية رفضت ذلك بصورة قاطعة.

وبشأن لقاء الوفد الأفريقي، قال إعلام مجلس السيادة أن البرهان أبلغ الوفد أنه يعتبر توصيف الاتحاد الأفريقي لما اتخذه من إجراءات بتاريخ 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021 أنه انقلاب، "غير دقيق وينافي الحقائق".

وذكر أن ما يتعرض له السودان يمثل استعمارا جديدا، وأن تجاهل الاتحاد الأفريقي للأزمة التي يعيشها شعب السودان ناجم من عدم معرفته بحقيقة هذه الأزمة، مبينا أن البلاد محتلة من "مليشيا متمردة، بمشاركة مرتزقة أجانب، وتعاون دول يعرفها الجميع"، حسب قوله.

وأكد البرهان رفضه للسيطرة على السودان بواسطة جهات أجنبية، "تستخدم المليشيا في حربها ضد البلاد"، وقال إن "هناك قوة سياسية تريد أن تعود للحكم بأي طريقة قبل أن يعود المواطنون لمنازلهم ومناطقهم المحتلة بواسطة هذه المليشيا المتمردة".

الاجتماع ركز على أهمية تفعيل الدور الأفريقي في حل الأزمة السودانية وإنهاء تعليق عضوية البلاد في الاتحاد (الصحافة السودانية) تراجع أفريقي

من جهته، قال رئيس الوفد الأفريقي في تصريح صحفي إن الإيضاحات التي قدمها رئيس مجلس السيادة للوفد ساعدت في تفهم أبعاد الأزمة السودانية، موضحا أن اللقاء تطرق إلى ضرورة إيجاد البيئة اللازمة لاستعادة السودان لعضويته في الاتحاد الأفريقي، وأضاف "لا يمكن أن يمر السودان بمثل هكذا أزمة وتكون عضويته مجمدة في الاتحاد الأفريقي".

كما أكد السفير محمد جاد أن مجلس السلم والأمن الأفريقي سيسعى لإحلال السلام في السودان ووقف إطلاق النار، ودعم تسهيل وصول المساعدات الإنسانية للشعب السوداني.

ويرى أستاذ العلاقات الدولية في الجامعات السودانية الدكتور الرشيد إبراهيم أن دور الاتحاد الأفريقي تراجع في لعب دور محوري لحل الأزمة السودانية بسبب تعجله في تعليق عضوية البلاد، "بعد استجابته لمؤثرات خارجية وتحوله لساحة للتنافس والصراع"، مضيفا أنه "لن يكون له دور فاعل في إسكات البنادق وترسيخ الحلول الأفريقية ما لم يصحح مواقفه".

وفي حديثه للجزيرة نت يعتقد أستاذ العلاقات الدولية أن تقدم الجيش والقوة المشتركة في ولاية الخرطوم وإقليم دارفور ومحاولة تنفيذ "إعلان جدة" لإخراج قوات الدعم السريع من منازل المواطنين والمناطق المدنية بالقوة، سيؤدي لتراجع الدور الخارجي في هذه المرحلة، ما لم يحدث تفاهم بين الحكومة السودانية والاتحاد الأفريقي لاستعادة عضويتها فيه.

زيارة أميركية

وفي محور التحرك الأميركي، بدأ المبعوث الخاص للسودان توم بيرييلو زيارة إلى نيروبي وأديس أبابا لمواصلة الجهود الدبلوماسية لإنهاء النزاع في السودان، والاجتماع باللاجئين والقادة المدنيين السودانيين، للحديث عن استعادة مسار شامل نحو مستقبل ديمقراطي، حسب الخارجية الأميركية.

وسبق أن تعثرت الجهود الأميركية عبر منبر جنيف في أغسطس/آب الماضي، بعد أن غابت الحكومة السودانية، وانتهى الاجتماع بالاتفاق على تسهيل توصيل المساعدات الإنسانية.

وخلال لقاء مجموعة من ممثلين عن المجتمع المدني في العاصمة الكينية نيروبي، الأربعاء، قال بيريلو "فتحنا قنوات اتصال مع الاتحاد الأفريقي بخصوص تهيئته لإعداد وتجهيز قوات للتدخل، بهدف حماية المدنيين في السودان".

ويرى الباحث والمحلل السياسي فيصل عبد الكريم أن بيريلو ومديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية سامانثا باور علقا زيارة إلى بورتسودان في يوليو/تموز الماضي بعدما طلبا لقاء المسؤولين في مطار المدينة، وهو الأمر الذي رفضته القيادة السودانية، ثم التقيا رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان خلال زيارته نيويورك مؤخرا.

وحسب حديث الباحث للجزيرة نت فإن زيارة بيريلو وباور ستحمل آفاقا جديدة، لأنها تأتي بعد 10 أيام من لقاء البرهان، مما يشي بأن تفاهما قد وقع بين الجانيين في نيويورك، ويريدان استكماله في بورتسودان، خصوصا أن إدارة الرئيس جو بايدن تريد تحقيق اختراق في جدار الأزمة السودانية قبل موعد الانتخابات، في ظل خيباتها المتكررة في الشرق الأوسط بعد حرب غزة والتصعيد في لبنان وقصف إيران لإسرائيل.

ويرهن المتحدث ذاته تحقيق زيارة بيريلو تقدما بالوصول إلى مقاربة بشأن تنفيذ "إعلان جدة" الموقع بين الجيش وقوات الدعم السريع، ورفض إشراك جهات تعتبرها القيادة السودانية مساندة للدعم السريع، وذلك ضمن فريق مراقبة للمفاوضات، من أجل تبديد المخاوف الأميركية بتوجه السودان شرقا وتوسيع مجالات التعاون الاقتصادي والعسكري مع روسيا والصين وإيران.

غير أن أستاذ العلاقات الدولية الرشيد إبراهيم يستبعد تحقيق اختراق في زيارة بيريلو في هذه المرحلة، ويتوقع أن يدير السودان علاقته مع واشنطن بطريقة لا تضعه في مواجهة معها، قبل ترتيب أوراقه وترسيخ تعاونه مع المحور الشرقي.

وبرأيه فإن الحكومة السودانية تنظر بعين الشك للمواقف الأميركية المتماهية مع قوى تساند قوات الدعم السريع، ولا تفرض عليها ضغوطا للكف عن وقف دعمها، كما يرى أن الجيش السوداني في حالة تقدم، ولكن هناك ما يدفع الحكومة لتقديم تنازلات.

مقالات مشابهة

  • «إكسترا نيوز»: انتصارات أكتوبر ملحمة وطنية لتكاتف الشعب والقيادة السياسية والقوات المسلحة
  • بيان من إتحاد الشباب السوداني – تجمع لجان الخارج إلى جموع الشعب السوداني والعالم
  • «التضامن»: المجتمع المدني شهد نقلة نوعية في ظل دعم واسع من القيادة السياسية
  • إبراهيم جابر يبدي تحفظا على المواقف السالبة لبعض الدول الأفريقية وصمتها عما يدور في المشهد السوداني
  • الحركة الاسلامية السودانية وتفكيك الجيش القومي السابق والمؤسسة العسكرية السودانية
  • مدنية خيار الشعب
  • بعد نقل العاصمة السودانية لها.. ماذا تعرف عن منطقة عطبرة؟
  • تحرك أفريقي وأميركي لتسريع احتواء الأزمة السودانية
  • ‏السيناتور كونز: “حان الوقت لكي يتحرك الكونغرس بشأن السودان
  • أحداث رواندا وطلاب الجامعات السودانية