السودان – يعيش الآلاف من النازحين السودانيين في حالة يُرثى لها، فارين من تداعيات المعارك المستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ أكثر من عام، في وقت تحذر فيه الأمم المتحدة من أن السودان يتجه نحو مجاعة قد تكون الأسوأ منذ عقود.

ويواجه النازحون في معسكرات الإيواء ظروفا إنسانية قاسية، وأظهرت مقاطع فيديو خاصة حصلت عليها شبكة الجزيرة، جانبا من معاناتهم في معسكر المنار الجديد بالضعين، عاصمة ولاية شرق دارفور، بعد فرارهم من مدينة الفاشر وولايات أخرى نتيجة استمرار القتال.

بصوت مكلوم، تحدثت اللاجئة آمنة صافي عن حالها وحال الكثيرين من المتضررين من الحرب، والذين أصبحوا يعيشون في خوف مستمر من سماع أصوات الرصاص والاشتباكات. وقالت للجزيرة “نخاف من الحرب، وقلوبنا لا تحتمل، ويصيبنا الهلع من أصوات الرصاص”.

وتحدثت اللاجئة السودانية للجزيرة بكلمات حزينة عن معاناتها ومغادرة منزلها في منطقة أم درمان إلى مخيمات النزوح، قائلة “وصلت إلى مخيم النزوح قبل حوالي 15 يوما في رحلة معاناة وخطر كبير”، واعتبرت أن أوضاعهم في المخيم أصبحت أفضل بكثير من الوضع الذي كانوا يعيشونه في مناطق المواجهات المليئة بالرعب وغياب الأمان، وأشارت إلى أهمية الأمن للجميع، معبرة عن أملها في استقرار الأوضاع لكي يتمكنوا من العودة إلى منازلهم.

واضطر عدد كبير من النازحين في معسكرات الإيواء لبناء خيام من القش والبلاستيك بأدوات بسيطة ومحدودة، بعدما تقطعت بهم السبل بسبب الحرب، في ظل تحذيرات أممية من أن السودان قد يواجه أسوأ أزمة نزوح في العالم.

وشهدت ولايات سودانية موجة نزوح كبيرة، خاصة مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وأعلنت غرف الطوارئ الإنسانية عن استقبالها أعدادا كبيرة من الفارين، بينهم أطفال ونساء يبحثون عن ملاذ آمن هربا من ويلات الحرب.

وأظهرت اللقطات المصورة قيام مجموعة من المتطوعين والعاملين في المجال الإنساني بتسجيل أعداد جديدة من النازحين في غرفة طوارئ معسكر النيم بولاية شرق دارفور، تبعها بروز لافتة تبيّن قيام غرفة الطوارئ بتوزيع مواد غذائية وإيوائية لـ200 أسرة.

من جهته، قال منسق إيواء غرفة طوارئ الضعين الإنسانية في معسكر المنار الجديد للنازحين آدم محمد للجزيرة، إن الغرفة وبدعم من مانحين تمكّنت من تقديم مساعدات غذائية للنازحين القادمين من مدينة الفاشر وولايات أخرى، لمدة 30 يوما للتخفيف من آثار الحرب والنزوح.

وأشار آدم إلى أن هذه المبادرة تتضمن مطبخا خيريا جماعيا يقدم وجبتي الإفطار والغداء المكونة من الفول والعدس، لعدد 48 أسرة بمعدل 220 فردا، معظمهم من النساء والأطفال، مناشدا المنظمات ووكالات الإغاثة بالوقوف مع هؤلاء النازحين، خصوصا مع الإمكانيات المحدودة للمخيم.

وأوضح المنسق أن أغلب النازحين وصلوا للمعسكر من ولاية شمال دارفور وعاصمتها الفاشر والمناطق المجاورة لها، وتظهر المشاهد عشرات من الأسر النازحة مع أطفالهم في مخيم الإيواء.

أما النازحة فتحية عبد الرحمن، فقالت إنهم يفتقرون لأدنى مقومات الحياة، كون المساعدات المقدمة لم تعد تكفي لتغطية احتياجات المخيم نتيجة تدفق أعداد كبيرة من النازحين، لافتة إلى أن الأمور تزداد سوءا مع غياب المنظمات الإنسانية التي تقدم الدعم والإغاثة.

وتقول فتحية وهي ربة بيت إن حاجتهم الأساسية هي الأكل والشرب والمأوى، فيما تعبّر أغلبية النازحين عن معاناتهم بسبب تكدس الأسر في الخيام المؤقتة، ما يتسبب في انتشار الأمراض.

وأشارت نازحة أخرى إلى وجود أطفال بالمعسكر يحتاجون إلى رعاية صحية ضرورية.

ووثقت لقطات مصورة قيام مجموعة من النساء ببناء خيامهن باستخدام الأخشاب والحصير، كما اتهمن المنظمات الدولية بتجاهل معاناتهم في المخيمات التي تفتقر لأبسط  مقومات الحياة.

وتستمر الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الفاشر، رغم تحذيرات دولية من المعارك في المدينة، التي تعد مركز العمليات الإنسانية لكل ولايات دارفور.

وتزايدت دعوات أممية ودولية لتجنيب السودان كارثة إنسانية قد تدفع الملايين إلى المجاعة والموت، جراء نقص الغذاء بسبب القتال في البلاد.

المصدر : الجزيرة

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: من النازحین

إقرأ أيضاً:

الفاشر والمخيمان.. مأساة سودانية تتجدد بالقتل والنزوح

تحت وطأة حصار من قوات "الدعم السريع"، تتفاقم الأزمة بمدينة الفاشر السودانية ومخيمات النازحين فيها، وخصوصا مخيمي زمزم وأبو شوك.

وتتعدد أوجه المأساة من شح الغذاء ونقص المياه وغياب العلاج، بجانب قصف متواصل للمدينة، بما فيها المخيمان الكبيران، حيث يوجد أكثر من مليون نازح.

ورغم التحذيرات الدولية، ازدادت الأوضاع سوءا منذ أن بدأت "قوات الدعم السريع" في 11 أبريل/نيسان الجاري محاولات لاجتياح مخيم زمزم، قبل أن تعلن مساء أمس الأحد سيطرتها عليه.

مئات القتلى

والأحد، اندلعت اشتباكات في أطراف وداخل مخيم زمزم، لليوم الثالث تواليا، بين الجيش والقوات المساندة له من حركات دارفور المسلحة في مواجهة "الدعم السريع".

وأعلنت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر (شعبية)، مقتل وإصابة أكثر من 320 شخصا، ونزوح آلاف جراء هجمات "الدعم السريع" على الفاشر ومخيمي زمزم وأبو شوك.

وفي اليوم نفسه، قالت حركة تحرير السودان، والتي تقاتل إلى جانب الجيش، إن 450 مدنيا قتلوا جراء هجوم "الدعم السريع" على الفاشر.

وأدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، مقتل مدنيين في الهجوم على الفاشر ومخيمي زمزم وأبو شوك.

وقال غوتيريش، في بيان، إنه يجب وقف الهجمات على المدنيين، وحماية موظفي الإغاثة الإنسانية والطواقم الطبية بالسودان.

إعلان

وأضاف أن الفاشر تحت الحصار منذ أكثر من عام، مما يحرم مئات الآلاف من المساعدات الإنسانية، وشدد على أنه يجب السماح للمدنيين الراغبين في مغادرة الفاشر بالرحيل بصورة آمنة، حسب قوله.

كما أدانت دول بينها السعودية ومصر والإمارات والولايات المتحدة، في بيانات أمس الأحد، الهجوم على مخيمي زمزم وأبو شوك، ودعت إلى حماية المدنيين.

هجمات "الدعم السريع" أدت إلى مقتل وإصابة مئات ونزوح آلاف من مخيمي زمزم وأبو شوك (مواقع التواصل) تحت الحصار

ودعا حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي شباب الإقليم إلى التحرك، مؤكدا أنه ظل يوجه نداءات متكررة إلى الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، لكنه سيتوقف عن مناشدتهم بعد الهجوم الذي شنته قوات الدعم السريع على مخيم زمزم.

وأضاف مناوي أنه يوجه نداءه الآن إلى شباب دارفور للتحرك الفوري وفك الحصار عن مدينتي الفاشر وأم كدادة، معتبرا أن الوقت قد حان للتحرك.

ومنذ 10 مايو/أيار 2024، تشهد الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب) اشتباكات بين الجيش و"الدعم السريع"، رغم تحذيرات دولية من المعارك في المدينة التي تعد مركز العمليات الإنسانية لولايات دارفور الخمس.

وخلال الفترة الماضية، كان الجيش يمد المدينة باحتياجاتها الإنسانية عبر الإسقاط الجوي، كما يسقط أسلحة لقواته المحاصرة في المدينة منذ نحو عام.

وفي 13 يونيو/حزيران 2024 اعتمد مجلس الأمن الدولي قرارا يطالب قوات "الدعم السريع" بفك حصارها عن الفاشر.

وتصر "الدعم السريع" على السيطرة على الفاشر؛ لأنها بذلك ستكمل سيطرتها على إقليم دارفور بولاياته الخمس.

وإذا حدث ذلك فسيكون من الصعب على الجيش استعادة ولايات دارفور، التي قد تستخدمها "الدعم السريع" "ورقة" في أي مفاوضات مقبلة، وفق مراقبين.

كما تعزز سيطرة قوات "الدعم السريع" على شمال دارفور والفاشر من فتح مجال واسع لتحركاتها إلى ولايتي نهر النيل والشمالية، بعد أن فقدت الخرطوم وولايتي الجزيرة وسنار.

إعلان آلاف النازحين

ومنذ الجمعة الماضي، أدت هجمات "الدعم السريع" إلى مقتل وإصابة مئات ونزوح آلاف من مخيمي زمزم وأبو شوك إلى داخل الفاشر المحاصرة، وفق الجيش ولجان شعبية إغاثية.

وأفاد شهود عيان في الفاشر بأن آلاف النازحين فروا من مخيم زمزم إلى الفاشر؛ جراء استمرار قصف المخيم من جانب "الدعم السريع".

وأوضحوا أن هؤلاء هم في الأصل نازحون إلى المخيم منذ فترة؛ بسبب الاشتباكات بين الجيش و"الدعم السريع" في مناطق عدة بولايات دارفور.

ومساء الأحد، قالت قوات "الدعم السريع" إنها سيطرت على مخيم زمزم للنازحين، على بُعد 12 كيلومترا جنوب غرب الفاشر.

وبثت عناصر من هذه القوات مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي وهم يعلنون عن وجودهم داخل المخيم.

زمزم وأبو شوك

ومنذ مطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي، بدأت قوات "الدعم السريع" استهداف مخيم زمزم عبر قصف مدفعي.

وقالت قوات "الدعم السريع" إنها تستهدف المخيم لتمركز قوات مشتركة للحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش داخله واستخدامها النازحين دروعا بشرية.

ومخيم زمزم هو أول موقع تعلن وكالات الأمم المتحدة، في أغسطس/آب الماضي، حدوث مجاعة فيه، ويقدر عدد النازحين فيه بنحو 500 ألف.

بينما تقول تقارير غير رسمية أخرى إن العدد داخل المخيم يصل إلى مليون نازح؛ جراء موجات نزوح جديدة عقب اندلاع الحرب بين الجيش و"الدعم السريع" في أبريل/نيسان 2023.

وتأسس مخيم زمزم في 2004، عقب اندلاع الحرب بإقليم دارفور، بعد إعلان حركتي تحرير السودان والعدل والمساواة في 2003 تمردهما على نظام الرئيس السوداني آنذاك عمر البشير، متهمتين إياه بتهميش الإقليم.

وفي فبراير/شباط الماضي، أعلنت منظمة أطباء بلا حدود تعليق نشاطها في المخيم، وأوقف برنامج الأغذية العالمي توزيع مساعدته داخل المخيم.

كما ظل مخيم أبو شوك هو الآخر هدفا لهجمات "الدعم السريع" خلال الأشهر الماضية، ويقع في الجزء الشمالي للفاشر، ويؤوي نحو مليون نازح من إقليم دارفور، وفق تقدير غير رسمي.

إعلان

وتحت وطأة القصف المدفعي من قوات "الدعم السريع"، نزح الآلاف من المخيم إلى بلدة طويلة بولاية شمال دارفور.

ويقع المخيم على بعد 4 كيلومترات شمالي الفاشر، وتأسس في أبريل/نيسان 2014.

ومنذ أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش و"الدعم السريع" حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أميركية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.

وفي الفترة الأخيرة، بدأت تتناقص بوتيرة متسارعة مساحات سيطرة "الدعم السريع" في ولايات السودان لصالح الجيش.

ففي ولاية العاصمة التي تتشكل من 3 مدن، أحكم الجيش قبضته على مدينتي الخرطوم وبحري، فيما يسيطر على معظم أجزاء مدينة أم درمان، باستثناء أجزاء من غربها وجنوبها.

وفي الولايات الـ17 الأخرى، لم تعد قوات "الدعم السريع" تسيطر سوى على أجزاء من ولايتي شمال كردفان وغرب كردفان وجيوب في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.

كما تسيطر قوات "الدعم السريع" على 4 من ولايات إقليم دارفور، بينما يسيطر الجيش على الفاشر، عاصمة شمال دارفور، الولاية الخامسة في الإقليم.

مقالات مشابهة

  • معركة الفاشر تقترب وسط تحذيرات من تفاقم الكارثة الإنسانية.. الجيش يتقدم ميدانيا وحكومة حميدتي الموازية تواجه العزلة
  • شهادات حية يرويها المتضررون.. كارثة إنسانية فى السودان بعد عامين على الحرب.. ميليشيات الدعم السريع ارتكبت إبادة جماعية ضد مجتمع المساليت فى دارفور
  • شهادات حية يرويها المتضررون.. كارثة إنسانية في السودان بعد عامين على الحرب
  • حرب السودان تدخل عامها الثالث.. جرائم حرب في دارفور وانهيار شامل بالشمال
  • مع دخول الحرب عامها الثالث غوتيريش يندد بتدفق الأسلحة للسودان
  • السودان يدخل عامه الثالث من الحرب وسط أوضاع إنسانية كارثية.. مكاسب ميدانية للجيش و”الدعم” ترد بمجازر دامية في الفاشر
  • الفاشر والمخيمان.. مأساة سودانية تتجدد بالقتل والنزوح
  • البعثة الأممية لتقصي الحقائق في السودان تدين استهداف مخيمات نازحين
  • تركيا تدين استهداف مخيم زمزم للنازحين في السودان
  • الدعم السريع يقصف مخيم أبو شوك بالفاشر ويجبر السكان على الفرار