«كل شوق يسكن باللقاء لا يعوَّل عليه»
تاريخ النشر: 7th, July 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
هذا الرجل له سر عجيب وغريب، أما أن تقترب منه ومن أفكاره وتحب كل كتابته وأما أن تبتعد عنه وترفض آراءه.
شخصية متفردة محيرة منذ أن كان على قيد الحياة إلى يومنا هذا -كما قيل -ستجد أما تأيـيد وموالاة ونصرة وأما إنكار ومعارضة وخصومة قد تبلغ درجـة الـتكفير!
سوف تحتار فى فكر الشيخ الأكبر "محيي الدين بن عربي"، وهل هو كما اتهمه البعض كافر أو زنديق أو أَفّاك - هذا ستقرأه عند بعض من علماء أهل السنة والجماعة- وانه جمع-كما اتهموه- كل عقائد المشركين والزنادقة.
أم هو المفكر المتفرد والموصوف عند كثير من المفكرين والكتاب بأنه السابق لعصره وكان متصوفًا وشاعرًا وفيلسوفًا وقد حاز على ألقاب كثيرة مثل الشيخ الأكبر، ورئيس المكاشفين، وإمام المحققين، وسلطان العارفين.
وأيضا فى المقابل هناك من أطلقوا عليه لقب الكاذب والمضل وممارس الكفر الأكبر ولن تجد إجابة شافية إذا قرأت عنه ولن تجد اتفاقا على رأى.
عندما سألت الكاتب الصوفى أحمد بهجت وهو الكاتب الإسلامي الذى أبدع فى كل المجالات الفكرية عن مؤلفاته العديدة، وسألته تحديدا هل أنت متصوفا؟ كانت إجابته غير متوقعة ومفاجأة لى إذ قال إنه ليس متصوفا بالمعنى الحرفى للكلمة لأنه يرى أن التصوف تجربة روحية تشف فيها الروح ثم صمت برهة وبسرعة أكمل بأنه هو فقط مهتم جدا بما كتبه الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي.
جذبت انتباهى هذه الجملة بقوة لأبحث عمن أهتم به الكاتب المتألق أحمد بهجت وقد وجدت مؤلفاته كثيرة ومتنوعة ووجدت الشيخ الأكبر مرتحلا عبر الزمان والمكان ومغتربا لا يعرف مستقرا ولا تدوم معه صحبة، وقد اندهشت عندما عرفت أن مؤلفاته تقترب من الألف كتاب وأن لم يبق منها سوى مائة كتاب.
أما ما كُتَبَ عنه من مؤلفات ودراسات وأبحاث تناولت حياته وأفكاره فهى بالآلاف ومازال التأليف عنه مدحا أو قدحا مستمرا.
بدأت فى قراءة بعض كتبه فشعرت بمتعة لا مثيل لها، أحببت فيه أنه شاعر مبدع وفيلسوف خَلاَّق وأديب مُبْتَكِر وحكيم مُوجِد.
أفكاره تدخلك فى عصف ذهنى مع جمال الكلمة وسحر العبارة ورَوْعَة كل لفظ مع خيال جامح وسفر فى الازمان وترحال من مكان إلى مكان.
من بعض عباراته الممتعة التى قرأتها ولم أنساها "وتحسب أنك جِرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر" أو "كل شوقٍ يسكن باللقاء، لا يعوَّل عليه" أو "كل معرفة لا تتنوّع لا يعوَّل عليها"
كثيرة هى أقواله الرائعة والمذهلة والعجيبة، وصدق من قال إنه المُرتحل الأَكبر عبَّر الزمان والمكان!
الفرحة الكبرى جاءت عند البحث عن مؤلفات الشيخ الأكبر وهى العثور على رواية" موت صغير" لمؤلفها محمد حسن علوان والتى حازت على جائزة الرواية العربية "البوكر" وتناولت حياة الشيخ الأكبر محي الدين بن عربى ودمج فيها الكاتب المتألق بين الحقيقة والخيال وهى رواية ممتعة جدا وشيقة و فيها طرح جديد بأسلوب جميل وكلمات نُضْرَة ونابضة بالحياة، فيها ترحال وحب وسفر وغربة مع سحر الإبداع وإِجَادَة الابتكار وتفوق البراعة.
الأسبوع المقبل بإذن الله نعيش معا أحداث مذهلة فى هذه الرواية الرائعة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: يسكن يعول عليه رواية الشیخ الأکبر
إقرأ أيضاً:
من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي … عيون “الرنّة”
عيون “الرنّة”
من أرشيف الكاتب# أحمد_حسن_الزعبي
نشر بتاريخ .. 30 / 12 / 2017
يقول الباحثون إنه ومن أجل التكيف مع الظروف القاسية، فإن غزلان الرنّة تغيّر لون عيونها من البني الذهبي في الصيف الى الأزرق الغامق في الشتاء.. ففي الصيف تمتاز المناطق القطبية بنهارات لا تنتهي، فيكون الضوء شديد السطوع بسبب بياض الثلج وانعكاس أشعة الشمس، لذا تغير لون عينيها الى اللون الذهبي لتستوعب هذا الوضوح وتبحث عن العشب المختبئ تحت كثبان الثلج المتراكم. وفي فصل الشتاء القارس، حيث تصل درجة الحرارة إلى 40 تحت الصفر، يعم الليل أيام الشتاء الطويلة ويشتد الظلام وتزداد حلكته وتجول المفترسات، من ذئاب ودببة وضباع،الأرض المقمرة، تدوس جمر الثلج بحثا عن فريسة تائهة او مريضة لتفترسها، لذا لا بد ان تغيّر “الرنّة” لون عيونها الى الأزرق الداكن حتى تحمي نفسها من أعدائها المتربصين..
مقالات ذات صلة الاحتلال يسعى لبناء جدار على الحدود مع الأردن.. ما طوله وتكلفته؟ 2024/12/21في السياسة أيضا لا بد من تغيير لون العيون حسب فصول التحالفات، فلا عزاء لـ”العيون السود” في القطب المتجمد ولا في الشرق الأوسط الملتهب، فاللون الثابت والنظرة الواحدة لا يضمنان البقاء على قيد الحياة ولا يحميان من الأعداء الذين يبحثون عن فريسة في صراع البقاء. لا بد من اتباع نهج “الرّنة” في التكيّف مع الظروف القاسية التي لا تحمي أحداً ولا تنظر إليه بعين العطف، حتى القطعان المتشابهة إذا ما ضعف فرد من أفرادها أو كسرت ساقه ولم يستطع المضي معها تتركه لمفترسيه، فالهروب والانقضاض لا يرحمان الضعفاء، الضعف في صراع البقاء يعني الموت غير المعلن.. فما الذي جعل أمّة “الرنّة” إذن تغيّر بحر عيونها حسب الفصل وشدة الضوء والليل والنهار؟.. إنه البقاء والدفاع عن النفس وحفظ سيادة الذات..
في العروبة، تشبه بعض الدول “الرنّة” الى حدّ بعيد، تحمل “شجرة المبادئ” فوق رأسها تاجاً وقوة وأداة حادة لمعركة لا تقبل المساومة عليها ولا تقبل ان تكسر او تقطع؛ تهاجم بها عند الضرورة وتهرب بها عند الضرورة أيضاَ، لكنها لا تسقطها عن رأسها أبدا، فالغزال إن تخلّى عن “قرونه” صار نعجة؛ والنعاج مهما قاومت غلبتها السكين الصغيرة.. بالمناسبة، أمة الرنّة تبقى مخلصة لأبناء جنسها ما استطاعت، تحاول أن تذود عن القطيع حتى لو نزفت كل دمها على الثلج الأبيض كي لا تترك ثغرة في القبيلة. لا يميتها سهم الصيّاد أو عضة الذئب، فهي تهرب بالسهم عند الضرورة وتلعق الجرح فتشفى، لكنها تموت كمداً إِن “نُطحت” بقرن شقيق..
undefined
أجمل ما في هذه الكائنات الأنفةُ والكرامة والبرّية التي تجري في عروقها، فهي لا تقبل التدجين أبداً، ولا تقبل الانبطاح، تقاوم، تقاتل بتاج العظم الذي يكسو رأسها، وقد تموت، لكنها لا تركض وراء صائدها من أجل حفنة علف أو غصن من عوسج.. هي برية، مثابرة، ثائرة على الظروف والفصول والثلج العنيد، تحفر في الجليد القاسي إن احتاجت لتلتقم ما تسدّ به جوعها ويقويها على المواجهة..
في التاريخ لم يدجّن غزال رنّة واحد إلا في الأساطير وأفلام الكرتون، إذ صوّر في قصص الأطفال وهو يجرّ عربة بابا نويل والسوط يلذع جنبيه ليصل في الموعد أثناء توزيع الهدايا على حلفاء “سانتا كلوز” في عيد الميلاد.. كل غزلان الرنّة سخرت من الغزال الكرتوني لأنه ارتضى لنفسه أن يترك القطيع ويدخل قصص التسلية بعربة السيد “بابا نويل “، ورغم كل هذا لا أحد يذكره في الأغاني ولا في الحكايات ولا في الأمنيات، لا يذكره سوى السوط الذي يطلب منه المسير أو التوقف أو تغيير مسار العربة.. “الرنةّ الكرتوني” عندما فقد بريّته فقد مبادئه وصار مطية للسيد “بابا نويل” الأشقر..
أجمل ما في غزلان “الرنّة” الحقيقية أنها قد تغيّر نظرتها وحدّة إبصارها لكنها لا تغير مبادئها.. يقول الباحثون حتى في الموت -الذي هو النهاية الحتمية لكل الكائنات- يفضل الرنّة ان يموت فوق المرتفعات، يثني ساقيه على الأرض أولا، ثم يرخي رأسه على الصخر أو الثلج ليترك “تاج رأسه العاجي” مرتفعاً…”فالرنّة” لا تموت مطأطئة أبداً..
احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com
#173يوما
#الحرية_لاحمد_حسن_الزعبي
#أحمد_حسن_الزعبي
#كفى_سجنا_لكاتب_الأردن
#متضامن_مع_أحمد_حسن_الزعبي