القحاته شلة حمدوك لا يستهان بهم في مكرهم وإجرامهم
تاريخ النشر: 7th, July 2024 GMT
القحاته شلة حمدوك لا يستهان بهم في مكرهم وإجرامهم فهم لهم دور كبير في انحياز العالم الإقليمي والدولي للميليشيات و يتعمدون في تغبيش الحقائق
و المطلوب أن تقوم مجموعة أخرى من الساسة الوطنيين و يناهضون القحاته في مؤتمراتهم هذه و لا يتركوا لهم الساحة خاوية..
مصطفى ميرغني
.
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
آفة السودان المؤرخ التقليدي والقانوني التقليدي والسياسي التقليدي يا حمدوك
قرن من الزمان مر و ترك بصمات لا تمحى بسهولة لأنها تنعكس على حال الشعوب في كيفية تحقيق الإزدهار المادي و هو إنعكاس لإزدهار الفكر الذي يفتح على إدراك كيفية فهم الفعل الإجتماعي في صميم ظاهرة المجتمع البشري مثلا فلاسفة أوروبا و علماء الإجتماع و الإقتصاديون و الأنثروبولوجيون التاريخيون أدركوا أن الفعل الإجتماعي يسوقه التحول في المفاهيم و بالتالي تصبح الإنسانية تاريخية و الإنسان تاريخي.
و عليه يصبح الفعل الإجتماعي فعل إنساني بحت لا يحتاج الى أوامر من خارجه لكي تنظمه كما كانت تقوم بذلك الأديان و الشرائع لأن المجتمع الإنساني كمجموع أفراد و في صميم كل فرد تكمن أخلاقيته و عقلانيته لا يحتاج لشريعة إلهية لكي تنظم المجتمع و تأمره من خارجه لأن المجتمع بفعله التلقائي و بعقلانيته و أخلاق الفرد يسير بإتجاه التوازن على صعيدي الإجتماع و الإقتصاد بفضل فكرة الشرط الإنساني.
لأن الفرد الأخلاقي و العقلاني يقبل بسبب أخلاقه و عقلانيته بالمساواة مع الآخريين و لهذا دوما نقول أن الكوز في السودان لم يكن يوما أخلاقيا و لا عقلاني لأنه لا يرضى بالمساواة مع بقية أتباع الأديان الأخرى و ظل على الدوام يلعب دور عبء الرجل المسلم في محاكاة للغريم أي عبء الرجل الأبيض إلا أن فكرة عبء الرجل الأبيض قد جاءت بنيوية كلود ليفي أشتراوس و أزالت وهم أن هناك شعوب بدائية و ساوت بين الحضارات في مختلف مواقع العالم في تفسيرها لظاهرة المجتمع البشري.
و عليه لم تقبل أغلب النخب السودانية بأن تصبح الحضارة الإسلامية التقليدية مساوية للكجور و في الحقيقة و وفقا لفكر كلود ليفي أشتروس فإن الكجور كثقافة مساوي للإسلام في تفسيره لظاهرة المجتمع البشري إلا أن غياب علماء الإجتماع و الفلاسفة و الأنثروبولوجيين يجعل من مثل هذا الطرح ضرب من الجنون و العكس أن من لا يقبل مثل هذا الطرح تنتفي منه عقلانيته و أخلاقه التي تجعله يرضى بالحرية و يحس بأنه متساوي مع الآخريين لأن الحضارات مع إختلافها متساوية.
و لأن الدين نفسه ظاهرة إجتماعية فإن الإنسان وفقا لتجربته و ضمير الوجود قد نضجت تجربته و أصبح ينشد مجد العقلانية و إبداع العقل البشري و بالتالي لم يعد للدين أي إمكانية للعب دور بنيوي في السياسة و الإجتماع و الإقتصاد في ظل فكر الإنسانيين الكبار و قد بداء ظهورهم مع مطلع القرن السادس عشر و يمكننا أن نذكر من ضمنهم سيد القرن السادس عشر ميشيل دي مونتين و يعتبر من الإنسانيين الكبار.
و بالمناسبة نجد أن عمانويل كانط يفتخر بأن ميشيل دي مونتين يعتبر أستاذه الذي قد أوحى له بفكره الذي تتحدث عنه أنثروبولوجيا كانط و تنعكس منها أنثروبولوجيا الليبرالية و نجد من بعدهم في مفارقة عجيبة كلود ليفي أشتروس في فكره النيّر يفتخر بأن أستاذيه هما كل من ميشيل دي مونتين و عمانويل كانط و عليه نطلب من القارئ المحترم ملاحظة هذا التواصل الفكري خلال خمسة قرون في بدايته ميشيل دي مونتين و في المنتصف بعده بقرنيين يتشكل فكر عمانويل كانط و في نهايته أي بعد كانط بقرنيين تظهر أفكار كلود ليفي أشتروس التي تساوي بين الحضارات و تنفي فكرة أن هناك شعوب بدائية و بالتالي قلنا أن لا فرق بين الإسلام و الكجور في تفسير ظاهرة المجتمع البشري.
التسلسل في تطور الأفكار و إستمرارها كما رأينا خلال الخمسة قرون الأخيرة بين ميشيل دي مونتين و مرورا بعمانويل كانط و الى كلود ليفي أشتروس توضح كيف تكونا كل من تاريخية الإنسان و تاريخية الإنسانية و بالتالي الفعل الإنساني كأمر إنساني خفي للفرد داخل مجتمعه لا يحتاج لأمر من خارج المجتمع كالشرائع و الأديان لأن الفرد بطبعه و طبيعته عقلاني و أخلاقي لهذا السبب تظهر الحضارة الغربية متقدمة جدا مقارنة بالحضارات التقليدية كالحضارة الهندية و الحضارة الصينية و الحضارة العربية الإسلامية التقليدية و يظهر من بين فلاسفة أوروبا و علماء إجتماعها من يفاخر بإمتياز و تميّز الحضارة الغربية عن الحضارات التقليدية و من ضمنها الحضارة الإسلامية العربية التقليدية و منهما أي من يفاخران بإمتياز و تميّز الحضارة الغربية عن الحضارات التقليدية نذكر من ضمنهما كل من ماكس فيبر و خاصة في كتابه الأخلاق البروتستانتية و روح الرأسمالية و كذلك مارتن هيدجر.
لهذا السبب يتحدث ماكس فيبر بلا خوف و لا وجل عن زوال سحر العالم أي أن الدين لم يعد يلعب دورا بنيويا في السياسة و الإجتماع و الإقتصاد و كما يستلف منه عالم الإجتماع الفرنسي مارسيل غوشيه بأنه قد أصبح الدين في مستوى دين الخروج من الدين و أصبح المجتمع البشري تسوقه معادلة الحرية و العدالة و قد صارت الديمقراطية و الفكر الليبرالي بديلا للفكر الديني في ظل مفهوم الدولة الحديثة التي تتحدث عن علاقة الفرد بالدولة مباشرة و من مهام الدولة الحديثة أن تحقق للفرد كل حقوقه كمسؤولية إجتماعية نحو الفرد.
في هذا القرن الذي مر كما ذكرنا في بداية المقال نجد أن تسلسل الأفكار خلال الخمسة قرون الأخيرة و خاصة أفكار الإنسانيين الكبار قد وضّحت كيفية نضوج عقل الإنسان وفقا لتجربته و ضمير الوجود و نجد أن أفكار مدرسة الحوليات الفرنسية قد تحدثت عن تاريخ الخوف و تاريخ الذهنيات و كيف تنتج المجتمعات الحية شخصيات تاريخية تفسر ظاهرة كساد الفكر و بالتالي كيف تكسر حلقات العقل الجمعي الكاسد و تشب عن طوقه بعد أن تفسر و تحلل و تفكك تاريخ الخوف و تراكمه في ظلمات الروح مما يجعلك صيد ساهل للكوز الذي يستثمر في تاريخ الخوف في السودان و يبيع لك صكوك الغفران لكي تضمن الخلاص الأخروي و كأن الكوز قد جاء لتوه من الآخرة.
في وقت نجد أن مدرسة الحوليات قدمت شخصيات تاريخية قد فارقات ظلمات الروح و تراكمها بسبب تاريخ الخوف الذي يستثمر فيه رجال الدين كالكيزان و ذهبت بإتجاه أن الدين شأن فردي و عليك ألا تترك تجار الدين من كل شاكلة و لون أن يستثمروا في تاريخ الخوف و يبيعون لك وهم الخلاص الأخروي. ما أقصده هو أن هناك فلسفة تاريخ تقليدية قد إنقضى زمانها و عقبتها فلسفة تاريخ حديثة و هي التي تقدم لنا أفكار الفلاسفة و علماء الإجتماع و الإقتصاديين و الأنثروبولوجيين في زمننا هذا و فلسفة التاريخ الحديثة التي قد بداءت منذ قرن قد أبعدت كل من القانوني التقليدي و المؤرخ التقليدي من قبل قرن من الزمن و المضحك أن المؤرخ التقليدي و القانوني التقليدي نجدهما ما زالا يلعبان دور كبير في ساحات الفكر و بسببهما نتج الكساد الفكري في ساحتنا السودانية.
و تتجلى أقبح صوره في الوثيقة الدستورية التي أعطت إمكانية شراكة العسكر بعد ثورة عظيمة كثورة ديسمبر بل تعتبر من الثورات الكبرى التي تعقبها تشريعات كبرى و هذه التشريعات الكبرى التي تعقب ثورة كبرى كثورة ديسمبر بشعارها الجبّار لا يقوم بها القانوني السوداني التقليدي بل يقوم بها السياسي و بالتحديد ليس السياسي التقليدي السوداني بل السياسي الذي يفهم معنى فكرة الشرط الإنساني.
لذلك كان العشم بأن يكون حمدوك سياسي غير تقليدي يفهم فكرة الشرط الإنساني و وفقا للشرط الإنساني تبداء معركة حمدوك مع من أتوا به أي أتباع الحرية و التغيير لأنهم سياسيين سودانيين تقليديين تغيب عن أفقهم فكرة الشرط الإنساني و بعدها يقدم حمدوك أفكار فلسفة التاريخ الحديثة و يمكنك أن تسأل لماذا نفترض بأن حمدوك مدرك لفلسفة التاريخ الحديثة؟ لأن الرجل يعتبر أقتصادي متشبع بالنظريات الإقتصادية و تاريخ الفكر الإقتصادي و نظريات إقتصاد التنمية و عليه نحن نفترض فيه فهمه لفكرة الشرط الإنساني كإنعكاس من فلسفة التاريخ الحديثة و هي متاحة في النظريات الإقتصادية و تاريخ الفكر الإقتصادي.
و نقول بأن معارك حمدوك الفكرية كانت يجب أن تبداء مع من أتوا به و أغلبهم أتباع الطائفية و عليه كانت ستكون معركة حمدوك مع من أتوا به بداية لزرع مبادئ فلسفة التاريخ الحديثة في السودان بحكم تخصص حمدوك في الإقتصاد و أول علاماته العقلانية أي عقلانية من يكون إقتصادي و بالتالي لاتسعى جهوده إلا من أجل التوازن الإجتماعي و الإقتصادي. و عليه كانت مهمة حمدوك أن تبداء بسياسات مالية و سياسات نقدية و سيطرة كاملة على البنك المركزي و بالتالي تصفية بنوك الإسلاميين و أرجاع الاموال المنهوبة خلال الثلاثة عقود لخزينة الشعب.
و يبداء حمدوك في كيفية طرح سياسات إقتصادية تخدم الشعب فيما يتعلق بالعلاج المجاني و التعليم المجاني و تصفية ديوان الزكاة و تحويل أمواله للميزانية التي تخدم التعليم المجاني و الصحة المجانية و إلغاء الجهاز القضائي الكيزاني كما حصل في تونس و بعدها إلغاء وزارة الشؤون الدينية و الأوقاف لأن السودان ثقافاته متساوية فلا فرق بين الإسلام و الكجور في ظل فلسفة التاريخ الحديثة فلا داعي لوزارة الشؤون الدينية و الأوقاف.
و بعدها يحيط حمدوك نفسه بتشريعات جديدة نتاج فلسفة التاريخ الحديثة التي لا نجدها في فكر القانوني السوداني التقليدي لذلك يعتبر رئيس تونس في حله للجهاز القضائي في تونس متقدم جدا مقارنة بالقانوني السوداني التقليدي. لذلك قلنا أن القانوني السوداني التقليدي في فهمه المتكلس لم يخرج بعد من فلسفة التاريخ التقليدية لذلك تجد القانوني السوداني يشترك مع الكوز في لغب مولانا و بوثيقتم الدستورية و بعدم حل الجهاز القضائي الكيزاني كان القانونون السودانيين التقليديين من أكبر الأسباب لإنتكاسة ثورة ديسمبر العظيمة.
لذلك هدفنا أن ننبه النخب السودانية على أن القانوني التقليدي السوداني و المؤرخ التقليدي السوداني قد أبعد من ساحة الفكر من قبل قرن ليحل محلهما السياسي الذي يفهم معنى فكرة الشرط الإنساني. و فكرة الشرط الإنساني لا تأتي للمثقف التقليدي لأنها تحتاج لمثقف غير تقليدي له القدرة على القرار و الإختيار لما يحل لمشاكل المجتمع وفقا لأفكار فلسفة التاريخ الحديثة التي لم تظهر أفكارها بعد في ساحتنا السودانية.
لنوضح أكثر كان نهرو و قد أخذ إجازة في الحقوق إلا أنه لم يكن تقليدي كالقانونيين السودانيين لذلك كان يدرك فلسفة التاريخ الحديثة لأنه قارئ مدرب لذلك أقنع غاندي بهند علمانية و ديمقراطية عكس صورة الهند التقليدية التي يحلم بعودتها المهاتما غاندي و قرار نهرو بإختيار هند ديمقراطية علمانية هو ما جعله بأن يكون واحد من أقانيم الثالوث المقدس في الهند و عندما سئل لماذا لم يختار الشيوعية للهند قال قولا يكاد يكون مطابق مع قول ريموند أرون في فهمه لفلسفة التاريخ الحديثة و هو أنه قد قراء كتاب رأس المال لماركس و هو كتاب يزعم عباقرة الرجال بأنه قد قراءه و هم لم يقراءه إلا أنه لم يجد فيه ما يجعله أن يكون ماركسيا و بالتالي يمكن القول أن نهرو في فهمه لفلسفة التاريخ الحديثة قد تخلص من أن يكون مثقف منخدع بماركسية ماركس.
لهذا السبب خصصنا مقالنا لتوضيح أن القانوني التقليدي و المؤرخ التقليدي من قبل قرن من الزمان أبعدا من حقول الفكر ليحل مكانهما السياسي الذي يفهم معنى الشرط الإنساني و لمن يريد المزيد عن معرفة فلسفة التاريخ الحديثة عليه بقراءة أفكار مدرسة الحوليات الفرنسية و أفكار فلسفة التاريخ الحديثة في جهود ريموند أرون و أفكار ماكس فيبر و دلتاي إدموند هوسرل و جورج زيمل و النظرية العامة لكينز و قد ساعد فكرهم ريموند أرون في تغيير وجهة الفكر في فرنسا بعد كان رازح تحت أفكار الوضعية المنطقية لكل من ماركس و أوجست كونت.
في ختام مقالنا نقول لحمدوك أن التحولات الكبرى و الثورات الكبرى تتطلب أفكار السياسي الذي يفهم معنى الشرط الإنساني و متشبع بفلسفة التاريخ الحديثة التي تبعده عن أدب الهويات القاتلة و تقربه من أدب الحريات و نذكره بأن أغلب النخب السودانية قد كانوا مشغوليين بأدب الهويات و قد أهملوا أدب الحريات لذلك أن مجموعته التي يقودها أغلب أتباعها من المتشبعيين بأدب الهويات القاتلة و أغلبهم من أتباع الامام و الختم و المرشد و هؤلاء لا علاقة لهم بأدب الحريات لأنهم مازالوا مشغوليين بأدب الهويات الذي يطير بجناحي العرق و الدين في وقت يحتاج زماننا لأدب الحريات و ما أكثره في أدب النظريات الإقتصادية و تاريخ الفكر الإقتصادي و نظريات إقتصاد التنمية.
و لذلك نقول لحمدوك فانت ما زلت الأقرب ليعلب دور من يفهم فكرة الشرط الإنساني الذي يقوم به السياسي غير التقليدي و أنت الأقرب له بحكم دراستك للإقتصاد و جاء الوقت ليكون قرارك و إختيارك لسودان ديمقراطي و علماني و هذا سيكون بداية لصراعك مع أتباعك أولا و من بعدهم إقناع الشعب السوداني ثانيا كما فعلها نهرو في الهند.
و نقول لحمدوك قد حان الوقت بأن تتقدم للشعب السوداني بفكر منبعه فلسفة التاريخ الحديثة التي أبعدت المؤرخ التقليدي و أبعدت القانوني التقليدي من قبل قرن من الزمن و جاء دورك لتلعب دور السياسي الذي يفهم معنى الشرط الإنساني و من يفهم معنى الشرط الإنساني و يفهم فلسفة التاريخ الحديثة لا يسير وراء المؤرخ التقليدي السوداني و لا يتبع للقانوني التقليدي السوداني بل يحل جهازه القضائي الكيزاني و يحيط نفسه بمشرعيين بعقل فلسفة التاريخ الحديثة لتأتي التشريعات الكبرى التي تلحق الثورات الكبرى و ثورة ديسمبر بشعارها الجبار حرية سلام و عدالة من الثورات الكبرى و تحتاج لفلسفة تاريخ حديثة و هدفها تحقيق فكرة الشرط الإنساني.
لذلك نقول لحمدوك أن الإجتماع الوزاري في لندن بشأن السودان يجب أن تقدموا فيه فكر غير تقليدي و لا يخرج إلا من مثلثين و في تداخلهما يشكلان مفهوم فلسفة التاريخ الحديثة المثلث الأول يقوم على علاقة الفلسفة و علم الإجتماع و السياسة و المثلث الثاني يقوم على مفهوم الديمقراطية و السياسة و التشريع و منهما تأتي قدرة السياسي المتسلح بالشرط الإنساني على القرار و الإختيار لسودان ديمقراطي و علماني و لا مكان فيه لحكم العسكر و نظمهم الشمولية.
taheromer86@yahoo.com