سودانايل:
2024-11-22@20:04:44 GMT

نظرة منفرجة

تاريخ النشر: 7th, July 2024 GMT

وجدي كامل
كنا في الصغر، ونحن نستيقظ للذهاب الى المدارس، نسمع ونشاهد الفرق العسكرية الحديثة التدريب (فرق اسلحة الجيش) وهى تركض بصفوف متراصة، ترتدي ملابس رياضية، واحذية جديدة على الشوارع الرئيسة للعاصمة المثلثة التي لم تكن قد اكتظت بعد بالسيارات وزحام البشر. كانت (دولة ٥٦) فتية وغضة وسكان عاصمتها محدودي العدد وربما لم يتجاوز مجموعهم الخمسمائة الف قاطن ( ما قبل الحرب وصل لقرابة العشرة ملايين او اكثر).

. الفرق العسكرية آلتي تميزت بترديد الجلالات الجميلة، الجاذبة كانت تعطينا شعورا عارما وكثيفا بالامن والامان والوحدة الوطنية، كما الاحساس بالفخر وانها حامي حمى الوطن قبل ان يأتي زمان سياسي آخر وتختفي كل تلك المشاهد، ويحل محلها التوحش والانقضاض على الحقوق الاقتصادية والمدنية، ومنها ادارة العملية السياسية بالبلاد وانشاء الميليشيات المساعدة على ابقاء سلطة الجيش على السياسة والاقتصاد. الآن يدفع المواطن بسبب ما فعله تنظيم الاخوان المسلمين من تشويه ببنية السلطة ثمن فتنة الاصل المريض والفرع المصاب وتخسر البلاد ما بنته لاكثر من مائة عام واكثر، مع تجريد المواطن من حق البقاء في مسكنه وارضه. ضبط الاشياء، وتحقيق ميزان العدالة ووضع السودان في الطريق الصحيح لن يتأتى مستقبلا الا بتوفر وتوفير مؤسسة رقابية مدنية عليا تقوم بالتحقيق ومحاكمة كل من شارك ودبر للحرب من كافة الاطراف، وان يتحول اليوم الذي يرى فيه الناس المتهمين تحت امرة وحكم القانون الى يوم قومي، وعيد سنوى، وبداية تدشين دستور دائم محمي بجيش وطني جديد، واحد ومتحد، جيش يؤمن بالديمقراطية والتعددية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ويقف جنبا الى جنب مع شعبه في صيانة الحقوق والمبادئ. حتى ذلك التاريخ المؤمل والمرجو علي السودانيين تضميد الجراح والمعافاة من الحرب واثارها، ونبذ كافة اسبابها المعنوية والاخلاقية والثقافية. ذاك عمل لن يحدث بالامنيات او الوصفات الجاهزة، ولكن بخلق الارادة السياسية اللازمة وكل ما يستدعي اعادة بناء هياكل السياسة والسياسيين انفسهم بالبلاد. قد نحتاج الى اجيال واجيال جديدة مختلفة في نواياها، وتراكيبها، ورؤاها، وهو ما يتطلب وقبل كل شيءٍ البناء على ثقافة اجتماعية واقتصادية وسياسية علمية تعيد صياغة العقل السوداني في علاقته بالعلم والتفكير العلمي بالواقع وحزم التصورات المتعلقة بالتنمية البشرية. وفوق كل هذا وذاك تصبح مهمة صناعة دولة المواطن والنظر للعمل السياسي كعمل لتقديم الخدمات العامة اولى واجبات مرحلة ما بعد الحرب. سينهض السودان متى تعدل وتم تعديل مفهوم السياسة الى الاستعداد والقدرة على تقديم الخدمات للمجموع والتضحية بكل غال لاجل المصلحة العامة، وليس التضحية بالمجموع لاجل مصلحة الفرد.

wagdik@yahoo.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

مهرجانات العين.. الريادة التراثية والثقافية بامتياز

المثقف ليس ذلك الإنسان الموسوعي، بل المثقف هو من يلمُّ من كل علم بطرف




نعيش في عصر يُسمَّى بعصر الثقافة، حيث الصراع على أشدِّه بين الحضارات والثقافات، وحيث العلاقة بين الثقافة والهوية علاقة متلازمة؛ فكلُّ اختراق للثقافة سيؤدِّي بالضرورة إلى إضعاف لمكونات الهوية، إنْ لم نقلْ تهميشها مستقبلًا.
يقول مالك بن نبي: "الثقافة يجب أن تكون نظرية للسلوك قبل أن تكون نظرية للمعرفة"؛ لأن الثقافة لغة إنسانية مشتركة، ولكي ندرك مكانتنا في هذا العالم ينبغي أن نظل على تواصل تام مع الآخر، وإحداث نهضة سياسية ثقافية من أجل إعادة تشكيل رؤية إنسانية متحضرة؛ نظرًا لما تحتِّمه علينا الظروف الحالية من ضرورة مواجهة الرجعية، بوصفها ظاهرة ثقافية بحتة.
ولم تعد معارض الكتاب سوقًا لعرض حصيلة المطابع من كتب ومنشورات، وبيعها للراغبين في اقتنائها للتعلم، أو حتى للوجاهة الاجتماعية، ولكنها أصبحت مكانًا يعجُّ بالفعاليات التراثية والفنية والترفيهية والموسيقية بالأداء حيث يتبارون في تقديم رؤاهم وأفكارهم إلى جمهور المعرض.
فعلى هامش مهرجان العين للكتاب 2024، ذلك العُرس الثقافي السنوي، تُقام مجموعة من الفعاليات الثقافية والفنية والترفيهية، إذ يستقطب المعرض سنويًّا أكثر من 140 ألف زائر، فيما يمثِّل حدثًا ثقافيًا يحتفي بالتراث والثقافة والفنون؛ ما يعكس رؤية دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، ويترجم أهدافها الإستراتيجية في خلق مجتمع يهتمُّ بالمعرفة، مع التركيز بشكل خاصٍّ على الشباب، والحفاظ على التراث الثقافي.
كما تعود القرية الترفيهية للنسخة العاشرة من حصن الاتحاد التي تقام في مدينة العين في ديسمبر (كانون الأول)، لتأخذكم في رحلة تراثية تجمع بين أسواق تتغنى بعراقة الإمارات، وفعاليات متنوعة تناسب كل أفراد العائلة. كونوا معنا لتعيشوا أجواء الأصالة والفخر.
ولكي نتمكن من خلق شباب يمتلك مجاراة الحضارة، ويحمل فكرًا مستنيرًا وفهمًا عميقًا لما يدور حوله، علينا أن نعلمه كيف يأخذ بأساليب الحضارة وفي الوقت نفسه يحافظ على معتقداته وتقاليده، ولا يتنصل من تراثه، أليس الوعي ضربًا من التفكير؟! أليست اللغة إحدى وظائف التفكير؟! أليست الفكرة واللغة جناحين لطائر واحد؟!
وقد عرَّف المجمع اللغوي الثقافة على أنها جملة من العلوم والمعارف والفنون؛ وعلى هذا فالمثقف ليس ذلك الإنسان الموسوعي، بل المثقف هو من يلمُّ من كل علم بطرف، ويقدر على أن يناقش ويفهم من حوله، وبفهم إرثه وتراثه، بل ويحاول التفكير فيما حوله، في وقت تعدُّ القراءة من أهم وسائل كسب المعرفة والثقافة، وستظل دوماً الأداة الأولى للاتصال بعقول الآخرين وأفكارهم، إلى جانب أثرها البالغ في تكوين وإنضاج الشخصية الإنسانية وتمكين مسارها.
إن ثمة مقياسًا خاصًّا توزن به الأمم والحضارات، ألا وهو مدى قدرة حكوماتها ومؤسساتها الوطنية على رعاية العلم والمعرفة والثقافة.
تبدو الثقافة فى الوقت الحاضر أكثر فاعلية في حياة البشر، ذلك ليس لمجرّد أن الثقافة ذات صلة وثيقة بنمط الحياة فحسب، بل لأنها ذات صلة متينة بالهوية وبالمستقبل، وما تكمن جذور الهوية إلا في لغتها الأم، وهذا ما عبَّر عنه الإمام الشافعي في معرض حديثه: "ما جهل الناس، ولا اختلفوا إلا لتركِهم لسانَ العرب".
إن القراءة والأنشطة والفعاليات التراثية لها أثر كبير فى تحسين وتكوين نضوج فكري، والارتقاء بالذوق، وتلمُّس مواطن الجمال فى الحياة، ونصنع الثقافة التي تُعبِّر عن تاريخنا وعاداتنا ومبادئنا، ولا مناصَ للفرد من تأدية دوره؛ ليكون قادرًا على إنتاج الجديد، وإحداث التغيير، كما يستطيع إدارة الاختلاف بين المختلفين، ما يجعل رؤيته للمستقبل واضحة، بما يسهل على مواطنيه التكيُّف والتعامل مع المتغيِّرات الحتمية.
والحمد لله أن العاصمة الإماراتية أبو ظبي- بفضل قيادتها الرشيدة وحكامها الحكماء- تصدَّرت قائمة أبرز المدن الثقافية في العالم، وتصدَّرت أفضل الوجهات الجاذبة التي تُسهم في إثراء آفاق فكر الشباب الإماراتي عبر قضاء أوقات مليئة بالأنشطة الفنية والثقافية والمعالم الوطنية والتاريخية المهمة.
العاصمة الثقافية تروج لنفسها من خلال مهرجان العين الذي يتسم بالطابع التراثي حيث القلاع والحصون في هذه المدينة العريقة، كوجهة فريدة من نوعها، ومما تتميز به العين أنها تضم متحف العين الوطني، متحف قصر العين، وقصر المويجعي والعديد من الحصون التي تم ترميمها، وموقع هيلي الأثري، الذي يعود تاريخه إلى العصر البرونزي. أما جبل حفيت، فهو جبل يبلغ ارتفاعه 1240 متراً ويُطل على المنطقة المحيطة.
ما نلحظه هو نموّ مطَّرد في أعداد الفعاليات الثقافية والتراثية المتنوعة لاستكشاف معالمها المميزة، بالإضافة إلى ما تحقَّق ويتحقَّق من إنجازات عظيمة متوالية، بفضل الثقافة والأمن معًا؛ فهما قادران على أن يصنعا الفارق في عالم مليء بالاضطرابات والعنف.
وستظلُّ أبوظبي العاصمة الأم جسرًا ثقافيًّا وتراثياً وفنيًّا وفكريًّا لتعزيز التواصل مع ثقافة المجتمع؛ لأنها ترتكز على قيم أخلاقية رفيعة تتواءم مع عصر العولمة والتواصل الاجتماعي، وتنسجم مع حقوق المواطنة الصالحة والهوية الوطنية.

مقالات مشابهة

  • مهرجانات العين.. الريادة التراثية والثقافية بامتياز
  • وزير الصحة: قانون تنظيم المسئولية الطبية يضمن حق المواطن في تلقي الخدمات المختلفة
  • لجنة المعلمين السودانيين ترفض السياسة «الفاشلة» لوزارة المالية بخصوص الرواتب
  • الجنائية الدولية تلاحق نتنياهو وغالانت..نظرة قانونية
  • أشرف عقبة: الدولة تضع صحة المواطن نصب أعينها
  • محافظ كفر الشيخ يوجه كافة القطاعات بالمشاركة في المبادرة الرئاسية "بداية"
  • أشرف عقبة: الأرقام تتحدث عن نفسها وتبرز جهود الدولة في تطوير قطاع الصحة
  • التعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطن
  • محافظ بورسعيد يوجه بتوفير كافة سبل الراحة للمستثمرين وللعاملين داخل المنشآت الصناعية
  • باستيف حزب أسسه شباب وقلب موازين السياسة في السنغال