تأليف عبد الله الفكي البشير- الناشر ط1: مركز أسبلتا للاستنارة والنشر، أيوا، الولايات المتحدة، الموزع: دار الأجنحة للنشر والتوزيع، الخرطوم.. ناشر الطبعة الثانية: دار بدوي للنشر، كونستانس، ألمانيا، 2022

بقلم بدر موسى
ماجستير برامج دعم التنمية في دول العالم الثالث (2000)، جامعة أيوا، الولايات المتحدة
يدرس حالياً في ماجستير التدريس والتعليم، جامعة أيوا، الولايات المتحدة

bederelddin@yahoo.

com

البروفيسور علي عبد القادر: "هذا كتاب مذهل"
وطلب البروفيسور علي عبد القادر، قائلاً: "أرى أن ينشر هذا الكتاب في السودان، حتى يستفيد منه الناس وحتى يستفيد منه الشباب والحاكمين، وآمل أن تقام حوله حوارات ونقاش".

قدم الكتاب مقارنة بين أفكار الأستاذ محمود محمد طه وآرائه تجاه التنمية مع أفكار المتخصصين وآرائهم، فمثَّل نموذجاً فريداً لهذه المقارنة، التي أبرزت و"تبرز امتياز الإسلام على كل فلسفة اجتماعية معاصرة، وعلى كل دين، بصورة تقنع العقول الذكيَّة". قارن الكتاب بين أطروحة: التنمية حرية، التي قدمها عالم الاقتصاد والفيلسوف الهندي أمارتيا كومار سن، الحائز على جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية عام 1998، وأستاذ الاقتصاد والفلسفة، حالياً، بجامعة هارفارد، والتي جاءت ضمن كتاب له نُشر عام 1999، وبيَّن طرح الأستاذ محمود محمد طه ورؤيته تجاه التنمية، والتي كانت سابقة، وقد قدمها منذ خمسينات وستينات وسبعينات القرن الماضي، ومثلَّت محوراً أساسياً في مشروعه الفكري: الفهم الجديد للإسلام/ الفكرة الجمهوري/ الفكرة الجمهورية، وجاءت في العديد من كتبه ومقالاته وأحاديثه، كما قام بتفصيل كل ذلك الدكتور عبد الله في كتابه المتميز والعجيب والمدهش.
وتزداد قيمة مقاربة الدكتور عبد الله الفكي البشير، في أنها أظهرت المرجعية الفكرية لرؤية الأستاذ محمود محمد طه تجاه التنمية، وهي القرآن في مستوى آيات الأصول (الآيات المكية). قدم الأستاذ محمود من خلال الفهم الجديد للإسلام، وجهاً مشرقاً للإسلام، في الوقت الذي يواجه فيه الإسلام والمسلمين التهم بالعجز والقصور والتخلف والتطرف ومحاربة التقدم والفهم باسم الله. وهذه التهم تجد سندها وتعزيزها في أخذ الإسلام عن جهل، يقول الأستاذ محمود: "إن الإسلامَ سلاحٌ ذو حدين.. إذا أُخذ عن علمٍ ومعرفة رفع الناس إلى أوج الرفعة والإنسانية والرقي، وإذا أُخذ عن جهلٍ، ارتد بالناس إلى صورٍ من التخلفِ البشع، الذي يحارب باسم الله كل مظهرٍ من مظاهر التقدم والفهم". ولقد أوضح عبد الله في كتابه أن رؤية الأستاذ محمود تجاه التنمية تنطلق من دعوته لإرجاع الحياة إلى الله، وأن منشأ العلوم في حاجة ماسة وضرورية للمزج بين العلم التجريبي المادي مع العلم التجريبي الروحي، نسبة لوحدة الوجود، وأن تعريف التعليم هو تمليك الحي للقدرة، أي القدرة على تكيف الإنسان مع البيئة، وأن عناصر البيئة هي المعلم المباشر، بينما المعلم الأصلي هو الله، وأن الحرية هي العبودية لله، وأن سبب أزمة الأخلاق في العالم يتصل بالتخلف بين تقدم العلم التجريبي، وتخلف الأخلاق البشرية، وقد فصل عبدالله في كتابه كل ذلك تفصيلاً دقيقاً ومسدداً، فقد كتب عبد الله، قائلاً: "أرجع طه أزمة الأخلاق، التي أدت الى الاضطرابات التي يشهدها عالم اليوم، إلى سبب أساسي، وهو مدى التخلف بين تقدم العلم التجريبي، وتخلف الأخلاق البشرية". وأضاف عبدالله، قائلاً: يرى الأستاذ محمود بإن العلم التجريبي الحديث رد مظاهر المادة المختلفة، التي تزخر بها العوالم جميعها، إلى أصل واحد، وأن البيئة التي يعيش فيها الإنسان هي بيئة روحية ذات مظهر مادي. هذا الاكتشاف الجديد، كما يرى الأستاذ محمود، يواجه الإنسان المعاصر بتحد حاسم، فالعلم المادي التجريبي، والعلم الروحي التجريبي، التوحيدي، اتحدا اليوم في الدلالة على وحدة الوجود. ولهذا، كما يقول عبدالله مستشهداً بقول الأستاذ محمود: فإنه على الإنسان "أن يوائم بين حياته وبين بيئته هذه القديمة الجديدة، وبهذه المواءمة والتناسق يكون الرجوع إلى الله بعقولنا، بل وبكل كياننا، حتى نحقق العبودية لله".
عرض عبدالله كتابه على البروفيسور علي عبد القادر (1944- 2022)، أستاذ اقتصاديات التنمية، والخبير السوداني المعروف، الذي عمل قائداً لبعض المؤسسات وفرق العمل التنموية، إقليمياً وعالمياً، وذلك باقتراح من البروفيسور عصام البوشي. أطلع البروفيسور علي عبد القادر على الكتاب، وناقش كل فصوله ومحاوره مع عبدالله، فعبَّر عن اعجابه بالكتاب، وبما جاء فيه من مقارنة علمية، وبما اشتمل عليه من رؤية للأستاذ محمود تجاه التنمية. ثم وصف الكتاب، قائلاً: "هذا كتاب مذهل". تبع ذلك أن حكى البروفيسور علي عبد القادر لعبدالله، قائلاً: "لقد تحدثت مع بعض الأصدقاء عن الكتاب، الذي تضمن رؤية محمود محمد طه تجاه التنمية، فعبَّر أحدهم عن دهشته عن معرفة محمود محمد طه بالتنمية، فرددت عليه، قائلاً: إذا كان كل دارس يمكن أن يعرف تنمية، هل من المعقول أن يكون محمود محمد طه لا يعرف تنمية". وأضاف البروفسور علي عبد القادر، قائلاً: "محمود محمد طه يعرف بدقة وعمق وشمول، بينما نحن الذين لا نعرف". كذلك كان البروفيسور علي عبد القادر حريصاً على أن ينشر الكتاب داخل السودان، وليس خارجه، حيث تحدث إلى عبد الله، قائلاً: "أرى أن ينشر هذا الكتاب في السودان، حتى يستفيد منه الناس وحتى يستفيد منه الشباب والحاكمين، وآمل أن تقام حوله حوارات ونقاش". واستجاب عبد الله من جانبه، لطلب البروفيسور علي عبد القادر، على الرغم من المعروض المقدمة لنشر الكتاب خارج السودان".

كلما زاد العبد في التخضع لله كلما زادت حريته

يقول عبد الله إن العبودية لله، كما هي عند الأستاذ محمود، "هي غاية الحرية، وكلما زاد العبد في التخضع لله، كلما زادت حريته". وذكر عبد الله بأن الأستاذ محمود يقول: "بالعلم التجريبي لا نستطيع الرجوع إلى الله، وإنما أسرع الطرق للرجوع لله يكون عن طريق الفكر، النابت في البيئة الروحية". وأضاف عبد الله بأن الفكر، كما يرى الأستاذ محمود، "أسرع من الضوء، وبالطبع أسرع من الآلة التي ينجزها العلم التجريبي". ولهذا، كما أورد عبد الله، يقول الأستاذ محمود: "إن قواعد الأخلاق البشرية إذا لم ترتفع إلى هذا المستوى فترد جميعها إلى أصل واحد، الأصل الروحي، كما ردت ظواهر الكون المادي إلى أصل واحد، فإن التـواؤم بين البيئـة، وبيـن الحيـاة البشرية، سيظـل ناقصاً، وسيبـقى الاضطراب الذي يعيشه عالم اليوم مهدداً الحياة الإنسانية على هذا الكوكب بالعجز، والقصور، في أول الأمر، ثم بالفناء والدثور، في آخر الأمر".
نواصل في الحلقة القادمة.

bederelddin@yahoo.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الأستاذ محمود محمود محمد طه تجاه التنمیة یستفید منه عبد الله فی کتاب

إقرأ أيضاً:

جامعة قناة السويس: بدء التقدبيم لدورة "الاستراتيجية والأمن القومي (9)" بالتعاون مع الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أعلن مركز إعداد القادة بجامعة قناة السويس عن بدء التقديم لدورة "الاستراتيجية والأمن القومي (9)"، والتي تُنظم بالتعاون مع الأكاديمية، لصالح الجامعة، بمقر مركز إعداد القادة، في إطار استكمال دورات الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية.

وفي هذا السياق، أكد الأستاذ الدكتور ناصر مندور رئيس الجامعة، أن هذه الدورة تأتي في إطار سعي الجامعة لتعزيز وعي المشاركين بالقضايا الاستراتيجية والأمن القومي، وتنمية مهاراتهم في التحليل السياسي والاستراتيجي، بما يواكب تطورات المرحلة الحالية.

تُقام الدورة تحت رعاية الأستاذ الدكتور ناصر سعيد مندور، رئيس الجامعة، وإشراف عام الأستاذ الدكتور محمد عبد النعيم، نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب، فيما يتولى الإشراف التنفيذي الأستاذ الدكتور محمد فتوح غنيم، مدير مركز إعداد القادة والمشرف العام على الدورة، بالتنسيق مع الدكتورة رنا محمد عبد العال، أستاذ العلوم السياسية المساعد بالجامعة.

وذكر الدكتور محمد عبد النعيم أن المركز يحرص على تقديم برامج تدريبية متكاملة تُسهم في إعداد كوادر قادرة على مواجهة التحديات الوطنية والإقليمية، متمنيًا التوفيق لجميع المشاركين في الدورة.

من جانبه أفاد الدكتور محمد فتوح غنيم أنه من المقرر أن تنعقد الدورة خلال الفترة من 3 إلى 7 مايو 2025، يوميًا من الساعة الثانية ظهرًا حتى الرابعة عصرًا، وذلك بمقر مركز إعداد القادة، الواقع في الطابق الرابع بالإدارة العامة لرعاية الشباب بالجامعة.

يستهدف البرنامج التدريبي الطلاب في مرحلتي البكالوريوس والليسانس بجامعة قناة السويس، وطلاب الدراسات العليا سواء بالجامعة أو من جامعات أخرى، إلى جانب خريجي الجامعات والمعاهد العليا، والعاملين بالجامعة، وأعضاء الهيئة المعاونة وأعضاء هيئة التدريس، بالإضافة إلى العاملين في القطاعين الحكومي والخاص.

تشترط الدورة أن يكون المتقدم مقيدًا بإحدى الكليات أو حاصلًا على مؤهل عالٍ (بكالوريوس أو ليسانس)، ولا يحق التسجيل في أكثر من دورة في التوقيت ذاته. كما يُلزم المشاركون بالحضور بنسبة 100% دون تغيب أو اعتذار، مع تقديم صورة بطاقة الرقم القومي وسداد الرسوم المقررة وفقًا لما هو معلن.

يُعد يوم الخميس 17 أبريل 2025 آخر موعد لتسجيل البيانات عبر النموذج الإلكتروني والانضمام إلى مجموعة الواتساب المخصصة للدورة، فيما تنتهي مهلة سداد الرسوم يوم الأحد 27 أبريل 2025، مع إعطاء الأولوية بأسبقية الحجز. وقد تم تحديد رسوم الاشتراك بمبلغ 550 جنيهًا لمنتسبي الجامعة من طلاب وعاملين وأعضاء هيئة تدريس، و600 جنيه لطلاب الدراسات العليا، و650 جنيهًا لموظفي القطاع الحكومي المرشحين من جهات عملهم، فيما تبلغ قيمة الاشتراك 700 جنيه للموظفين الحكوميين غير المرشحين، والعاملين بالقطاع الخاص، والخريجين.

للتسجيل، يمكن للمهتمين تعبئة النموذج عبر الرابط التالي:
https://forms.gle/wxdHJ2ryDhh5Ae3aA

كما يمكن الانضمام إلى مجموعة الواتساب الخاصة بالدورة عبر الرابط التالي:

https://chat.whatsapp.com/C0dubQt0HkgE9jbCGYRMff

يشرف على الدورات الدكتورة مناي شاهين وكيل المركز لشئون الأنشطة ، والدكتور باسم المغربي وكيل المركز لشئون المقر.

مقالات مشابهة

  • فضل قراءة سورة النور يوميًا
  • ما حكم قراءة القرآن جماعيًا؟.. المفتي يجيب
  • ما الواجب المباشر تجاه الفكر الحر في ظل استمرار السردية التكفيرية؟ «10-13»
  • الروم والمسلمون.. قراءة في السياق القرآني
  • لماذا تتحول الثورات إلى مآس دموية؟ قراءة في كتاب
  • أمور عجيبة تحدث بمنزلك عند قراءة هذه السورة في العشر الأواخر
  • لماذا سمي القرآن بهذا الاسم؟ وما الإعجاز في هذه التسمية؟
  • مسابقة لحفظ كتاب الله من نزلاء السجن الاحتياطي بصنعاء
  • جامعة قناة السويس: بدء التقدبيم لدورة "الاستراتيجية والأمن القومي (9)" بالتعاون مع الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا
  • جامعة قناة السويس تنظم دورة "الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي" مايو المقبل