أحمد الطيب : الأزهر الشريف و”حكماء المسلمين” يستهدفان تعزيز السّلم وتأكيد ثقافة التعايش
تاريخ النشر: 7th, July 2024 GMT
أكد فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين، أن الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين يستهدفان تعزيز السِّلم وتأكيد ثقافة التعايش والاحترام المتبادل.
جاء ذلك خلال اللقاء الجماهيري الذي نظَّمه المركز الإسلامي بالعاصمة التايلاندية بانكوك اليوم، لفضيلة الإمام الأكبر، حيث حرص آلاف المسلمين التايلانديين على الحضور من 45 محافظة، بحضور فضيلة الشيخ آرون بون شؤم (محمد جلال الدين بن حسين)، رئيس هيئة كبار العلماء في مملكة تايلاند، وكبار القيادات الدينية في تايلاند، وأئمة تايلاند.
وأعرب فضيلة الإمام الأكبر، عن سعادته بتواجده في هذا الجمع من العلماء والمفكِّرين والأئمة التايلانديين، مشيرا إلى أنه حينما يرى آلاف الوجوه التايلانديَّة التي درست في الأزهر الشريف، يشعر بأنه لم يخرج من أروقة الأزهر في القاهرة، معبرا عن سعادته بأن هذه الزيارة تأتي في خضم الاحتفال بالعام الهجري الجديد؛ ليحتفل مع مسلمي تايلاند بهذه الذكرى العزيزة على المسلمين، داعيا المولى أن يُديمَ على الجميع نعم الأمن والأمان والتقدم والاستقرار.
وأكد أن أبواب الأزهر مفتوحة لمسلمي تايلاند، مشيرا إلى أن الأزهر يقدم 160 منحة دراسية سنويا لمسلمي تايلاند للالتحاق بجامعة الأزهر، وأنَّ الأزهر على استعداد لزيادة المنح الدراسية المقدمة لأبناء تايلاند، بما يلبي احتياجات المجتمع المسلم في تايلاند، مبينا فضيلته أن الأزهر منذ نشأته وهو قائم على شرح وتفسير كتاب الله وسنة نبيه وتعليمها للمسلمين حول العالم؛ بل ولغير المسلمين أيضا، وأنَّ رسالة الأزهر هي نشر رسالة الإسلام، التي ترتكزُ على السلام بين الناس جميعًا.
وأوضح شيخ الأزهر أن القرآن لم يقتصر على إقرار السلام بين المسلمين فحسب، بل كان صريحا في إقرار السلام بين المسلم وغير المسلم، وأنَّ العلاقة التي تربط المسلمين بغيرهم هي العلاقة القائمة على التَّعارف والتعايش، وهو المراد بقوله تعالى {لتعارفوا} أي لتتبادل المودة والمعاملة الحسنة.
وأكَّد شيخ الأزهر أن القرآن الكريم وضع أسس العلاقة بين الحضارات والديانات المختلفة، بأنها العلاقة القائمة على التفاهم والاحترام وقبول التعددية، وقد التفت الأزهر لضرورة تطبيق هذا المفهوم بشكل عملي.
وبَيَّنَ فضيلة الإمام الأكبر أن الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين يستهدفان تعزيز السِّلم وتأكيد ثقافة التعايش والاحترام المتبادل، مشيرا إلى أن الأزهر خطى خطوات جادة لتأسيس سلام محلي، وسلام إقليمي، وسلام عالمي حيث إن السلام المحلي تجلى في مبادرة “بيت العائلة المصرية” التي أطلقها الأزهر بالتعاون مع الكنائس المصرية، للقضاء على الفتن الطائفية ولم شمل النسيج الوطني المصري، أما فيما يتعلق بالسلام الإقليمي فقد تبنَّى الأزهر ومجلس حكماء المسلمين نهجا للم شمل الأمة الإسلامية من خلال حوار إسلامي إسلامي يجمع كل مدارس الفكر الإسلامي، وبخاصة السنة والشيعة، أما فيما يتعلق بالسلام العالمي فقد تجلى في انفتاح الأزهر وحكماء المسلمين على المؤسسات الدينية والثقافية في الغرب كالفاتيكان وكنيسة كانتربري ومجلس الكنائس العالمي، وقد توِّجَت هذه الجهود بتوقيع وثيقة الأخوة الإنسانية بين الأزهر والفاتيكان عام 2019.
من جهته أعرب الشيخ آرون بون شؤم (محمد جلال الدين بن حسين)، عن سعادته الكبيرة بهذه الزيارة التاريخية لشيخ الأزهر لتايلاند، وقال”لا نجد من الكلمات ما نعبِّر به عن امتناننا لما يقدمه الأزهر من دعم كبير وخدمات غير محدودة لمسلمي تايلاند ممثلة في المنح الدراسية، وإرسال المبتعثين الأزهريين لبلادنا، واستضافة أئمتنا للتدريب في أكاديمية الأزهر لتدريب الأئمة والوعاظ، وإنشاء فرع للمنظمة العالمية لخريجي الأزهر في تايلاند لنشر العلم والدعوة الإسلامية في تايلاند”.
وأشار إلى أنَّ آلاف التايلانديين تخرَّجوا في جامعة الأزهر العريقة، وتولوا مناصب مرموقة في شتى الوزارات والهيئات، موضحا إلى أن الأزهر يمتاز بالأصالة، وله رجال يخدمون الشريعة، وينشرون الفكر الوسطي المستنير في كل بقاع الأرض، مؤكدا أن قيادة شيخ الأزهر لمجلس حكماء المسلمين الرشيدة، لها دورٌ بارزٌ وفعال في بسط قيم الأخوة والتعايش بين أتباع الديانات المختلفة.وام
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: فضیلة الإمام الأکبر حکماء المسلمین الأزهر الشریف شیخ الأزهر فی تایلاند أن الأزهر إلى أن
إقرأ أيضاً:
الرّينة.. بلدة التعايش والعنب والعيون والجذور العربية في فلسطين
الرّينة بلدة كنعانية عربية أصيلة تقع في منطقة الجليل الأسفل شمال شرقي الناصرة، في المنطقة الشمالية من فلسطين، بين مدينتي الناصرة وقانا الجليل، وعلى سفح جبل سيخ الشرقي البالغ ارتفاعه 574 م عن سطح البحر.
بنيت القرية على سفح تل كان يسمى "تل آبل" وهو كنعاني عربي لا تزال آثار ساكنيه القدماء موجودة إلى اليوم، وهي وفقا للاكتشافات الأثرية تعتبر من أعرق القرى العربية القديمة التي تأسست قبل الميلاد بكثير.
الرّينة ثاني أكبر بلدة عربية في منطقة الناصرة.
ومرت على البلدة عصور عديدة، فقد تم العثور على بقايا أثرية تعود إلى العصر البرونزي الأوسط، والعصر الفارسي، والعصر الهلنستي، والعصر الروماني، والعصر البيزنطي، والعصر الإسلامي، والعصر الصليبي، والعصر المملوكي، كما تم العثور على بقايا أثرية من العصر العثماني.
واختلف المؤرخون في سبب تسمية الرّينة بهذا الاسم، فمنهم من اعتقد أنه محرف من "راني" وهي قرية رومانية كانت مبنية على سفح جبل سيخ، وآثارها موجودة حتى اليوم، واعتقد آخرون أن التسمية نسبة لقائد عسكري اسمه "رينيه" كان موجودا فيها، وهناك مصادر حاولت أن ترجع الاسم إلى الكلمات العربية مثل "رنا" أو "ران" و"رناء" وغيرها.
البعض يعتقد أن الرّينة كلمة عربية، ومعناها الخمرة وجمعها رينات، مستدلين على ذلك لوجود الكثير من معاصر العنب فيها.
تبلغ مساحة المنطقة في الحي القديم والجديد معا أكثر من 16029 دونما لتكون بذلك ثاني أكبر بلدة عربية في منطقة الناصرة.
وفي سجلات ضرائب الإمبراطورية العثمانية لعام 1596 ظهرت باسم "رينا"، وذكر بأنها تقع في ناحية طبرية في لواء صفد. كان عدد السكان الخاضعين للضريبة جميعهم مسلمون، بالإضافة إلى 6 عائلات مسيحية.
وكانوا يدفعون الضرائب على المنتجات الزراعية المختلفة: القمح، والشعير، وأشجار الفاكهة، وحدائق الخضراوات والفواكه، والماعز وخلايا النحل، بالإضافة إلى الإيرادات العرضية، والجزية.
مبنى المجلس المحلي في الرينة
وأظهرت خريطة من غزو نابليون عام 1799 المكان باسم الرّينة، وفي عام 1838 وصف سكان الرّينة بأنهم من المسيحيين الأرثوذكس اليونانيين والمسلمين السنة .
كان في الرّينة عام 1922 حوالي 787 نسمة ارتفع عام 1931 إلى 1015 نسمة، وفي عام 1945 بلغ عددهم حوالي 1290 نسمة، وفي إحصاءات عام 1948 حوالي 2077 نسمة ارتفع عام 1965 إلى 2740 نسمة، وفي عام 2022، بلغ عدد سكانها ما يقارب 20 ألف نسمة.
اهتم سكان البلدة منذ القدم بالأشجار المثمرة، وكانت البساتين تحيطها من كل جانب وكان الزيتون يغطي حوالي 1250 دونما، وكان فيها ثلاث معاصر للزيتون.
اشتهرت منذ القدم بكثرة عيون الماء فيها، وبجودة مياهها وعذوبتها، واستخدامها كعلاج أيضا، وقد جرت مياه هذه العيون منذ العهد الروماني القديم إلى قرية صفورية بواسطة القنوات المشيدة من الحجارة، وهذه القنوات تخصص بها الرومان واشتهروا بها.
تقع الرّينة على خط جعلها عرضة لهزات أرضية عنيفة. ففي عام 1837 وقع زلزال تسبب بانشقاق الأرض وابتلاع بعض الناس والماشية، وبعد 90 عاما من هذه الزلزلة حدث في عام 1927 زلزال هائل في فلسطين، كان أثره مدمرة على الرّينة حيث تهدمت معظم منازلها، مما اضطر قسما من الأهالي إلى الانتقال إلى الحي الجديد.
بعد تلك الحادثة شرع الكثيرون ببناء منازلهم على الجهة اليسرى من الطريق المؤدي إلى الناصرة وأخذت تظهر تدريجيا ما يعرف اليوم باسم الرّينة الجديدة، وقد تميزت تلك الفترة بهجرة العديد من أبناء الرّينة إلى مدينة حيفا.
احتلت الرّينة في تموز/ يوليو عام 1948 خلال عملية "ديكل" من قبل المنظمات الصهيونية حيث استشهد 14 من سكان القرية على يد تلك العصابات بعد احتجازهم بالقرب من القرية، وإحضارهم إلى الرّينة واتهامهم بتهريب الأسلحة.
أما اليوم فقد اقتلعت غالبية الأشجار بهدف بناء المساكن مكانها، وذلك بسبب سياسة التضييق الإسرائيلية على حركة العمران في البلدة التي حصلت على صفة المجلس المحلي عام 1968.
قرية الرّينة من القرى المختلطة التي يعيش فيها العرب المسيحيون إلي جانب إخوانهم المسلمين، وفيها عدد من المساجد والكنائس ومقامات الأولياء، وتعد نموذجا للتعايش والتآلف بين مختلف أبناء البلدة.
مسجد الشيخ قاسم الرينة.
المصادر:
ـ "قرية الرّينة تديم النظر وتغض الطرف"، القدس العربي، 15/4/2008.
ـ حسين منصور والدكتور جوني منصور، كتاب " الرّينة: التاريخ، الذاكرة والواقع"،2010.
ـ مصطفي الدباغ، بلادنا فلسطين .
ـ عارف العارف، النكبة الفلسطينية .
ـ موسوعة القرى الفلسطينية.