تتزايد الأصوات الاسرائيلية الداعية لوقف العدوان على غزة، باعتباره وسيلة، وليس غاية بحدّ ذاته، تمهيدا لتحقيق هدف يتمثل بتشكيل تحالف إقليمي، بدعم أمريكي.

ولكن مع مرور كل يوم في تورط الاحتلال في هذه الحرب يبتعد عن ذلك، في ظل وجود ذات رئيس الوزراء ونفس الحكومة، مما يزيد من القلق الإسرائيلي المتصاعد منذ هجوم حماس في السابع من أكتوبر.



وترى الأوساط الإسرائيلي، في ظل السياسة الفاشلة التي تقودها الحكومة، أن عشرة أشهر من الحرب أثبتت أنها لا تقرأ الواقع بصورة صحيحة في ظل خطيئة الغطرسة التي تتملّكها.

عوفر شيلح، عضو الكنيست والرئيس السابق للجنة الخارجية والأمن، والباحث الأمني والعسكري، أكد أنه "حذر من كارثة أكتوبر قبل شهور من وقوعها، وتحديدا في مايو 2023، في ظل رؤيته لمشاهد التسرّع في التقييمات، والاستهانة بالعدو، والصعوبة في استيعاب الدروس، وقبل كل شيء ضعف التواصل بين الرتب العسكرية، وغياب الرؤية الشاملة على المستوى السياسي والقيادة العليا في الجيش، وقد ثبت فعلياً أن فحص العمليات والقرارات التي تلت الحرب تثير القلق من أن العيوب الأساسية في الدولة لم يتم تصحيحها".

وأضاف في مقابلة مطولة نشرها موقع زمن إسرائيل، وترجمتها "عربي21" أن "حرب غزة كشفت عن تحدي معقد متمثل في نشوب حرب متعددة الساحات، لكنني لم أتخيل أننا سنفسد بهذه الطريقة بسبب النتائج غير المحتملة للحرب، عقب التقدير الخاطئ بأن مقاتلي حماس لا يستطيعون أن يفعلوا بنا ما فعلوه، وهذا خطأ وخلل إسرائيلي عميق يشمل كل الدولة، مفاده أننا غير قادرين على النظر في جميع المستويات إلى مكاننا في الشرق الأوسط، وتصورنا للأمن من منظور عملي يأخذ في الاعتبار المصالح والقدرات والقيود".



وأشار شيلح، الذي فقد عينه في الوحل اللبناني قبل أربعين عاماً بانفجار قنبلة بين يديه، ثم عمل صحفيا  ومعلقا وكاتبا لأربعة كتب عن الأمن الإسرائيلي، وباحثا كبيرا بمعهد دراسات الأمن القومي، أن "تكرار الإسرائيليين لبعض المفردات من قبيل "جيشنا الأفضل في العالم" أو "الموساد أفضل استخبارات في العالم" أو "أفضل قوة جوية في العالم", يعكس حاجة ذهنية إسرائيلية، وليس بالضرورة واقعا فعلياً، ويعتبر كل من يرفضها خائنًا للدولة، أو أنه لا يحبها، وغير مخلص لها، ببساطة، الإسرائيليون غير قادرين على إجراء هذه المناقشة".

وأوضح أنه "بينما يخوض النقاش العام في الاحتلال في أغلب الأوقات حول وحل التحديات اليومية: قنبلة في رفح، مواجهة في طولكرم، صاروخ مضاد للدبابات في المطلة، مظاهرات للمختطفين، تدوينة غبية بقلم إيتمار بن غفير، فإنهم لا يمنحون مزيدا من الوقع للتعامل مع التحديات الاستراتيجية المعقدة التي يواجهونها، لأنهم لا يملكون الوقت لسماعها، رغم أنهم يعيشون في حالة من عدم اليقين من أن هذه الدولة ستستمر في الوجود، بدليل أنهم في أكتوبر 2023 قال أكثر من 90 بالمئة منهم إن الجيش سينتصر على حماس في الحرب، أما اليوم في يوليو 2024 فإن النسبة تصل 61 بالمئة فقط، أي أن 40 بالمئة لا يعبرون عن ثقتهم بإمكانية النصر، وهذه نسبة لم يكن لها مثيل في تاريخ الدولة".

وأشار إلى أن "تفسير هذه المعطيات يعني انعدام الثقة العميق في مستقبل هذه الدولة، ولم يعد الشعار "معًا سننتصر"، ولكن "معًا نخشى أن نخسر"، وهذا تحوّل إشكالي للغاية، لأنها تعني انتقال الأغلبية الإسرائيلية إلى شعور عميق بالقلق، وعدم الأمان في وجود الدولة، مما يزيد من مشاعر كراهية الآخر, لاسيما وأن الرأي السائد بين الإسرائيليين مفادها أن المحور المعادي لهم يخلق وضعاً يشعرون فيه بالشلل، لأنه يعتبرهم جزءً من الجانب الغارق، ولذلك يمكن تفسير عدم رغبتنا بالقتال، حتى وصلنا إلى السابع من أكتوبر ونحن في حالة من الشلل أمام أعدائنا".

وأكد أن "التوتر الاسرائيلي الأمريكي خلال الحرب قد يخلق وضعا يدفع الولايات المتحدة والسعودية لإبرام صفقتهما معاً، ولوحدهما، وحينها سنجد أنفسنا في وضع نحتل فيه غزة بثمن دولي رهيب، لم نناقشه بعد، لكنها أثمان في الاقتصاد والأمن والثقافة، في وضع نكون فيه منغمسين في غزة، ونقف وحدنا أمام المحور المعادي، هذا هو مفترق الطرق الذي وصلنا إليه، ورغم أن نتنياهو يفهم كل هذا، لكن مشكلته أنه على خلاف مع الدولة كلها، ويقودها بعيون مفتوحة على مصراعيها إلى خطر وجودي، لأنه في وضع تفوق مصلحته للبقاء رئيسا للوزراء كل شيء آخر، هذا هو التفسير الوحيد، وليس لدي أي تفسير آخر".

وختم بالقول أننا "أمام واحدة من أسوأ الحكومات على الإطلاق في أي مكان، ولعلها مرشحة بارزة للحصول على لقب أسوأ حكومة في تاريخ الأمم، بسبب سياسة الغطرسة التي تقودها، والبديل لذلك أن تسعى الدولة جاهدة، وبأقصى ما تستطيع، من أجل إنهاء الحرب في غزة، يجب أن تنتهي الحرب الآن، لأنه على الجانب الآخر هناك عدو قوي، يعتقد اليوم، ربما للمرة الأولى على الإطلاق، أنه قادر على هزيمتنا".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية غزة الاحتلال نتنياهو غزة نتنياهو فشل الاحتلال صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

هل تستطيع امريكا إنهاء الحرب في السودان؟!

مناظير الثلاثاء 11 فبراير، 2025

زهير السراج

manazzeer@yahoo.com

* نشر موقع (LAW FARE) الامريكي الشهير المختص في شؤون الحرب والصراعات والاستخبارات والعلاقات الدولية والقضايا السياسية والقانونية مقالاً في الثالث من فبراير (2025 ) للموظفة السابقة في وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية (لمدة 17 عاما) والمختصة في تحليل الشؤون الافريقية (هولي بيركلي فليتشر) تحت عنوان (الحرب في السودان وحدود القوة الأمريكية)، تناولت فيه الحرب الدائرة في السودان بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، والدور الذي يمكن أن تلعبه الولايات المتحدة في انهاء الحرب، وعلى عكس ما يعتقد أو يأمل الكثير من السودانيين بأن تلعب الإدارة الامريكية الجديدة تحت قيادة الرئيس (ترمب) دورا جوهريا في انهاء الحرب، فإنها تتوقع او بالأحرى تخلص الى ان الولايات المتحدة ليس لها سوى القليل جدا لتفعله ــ إن وُجد ــ لانهاء الحرب في السودان.

* تصف (فليتشر) الحرب بين القوات المسلحة والدعم السريع بأنها (صراع على السلطة)، افضى الى واحدة من اسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، ورغم ذلك فإنها لم تُحظ إلا بتغطية إعلامية ضعيفة، وعزت ذلك لصعوبة الوصول إلى السودان (حتى قبل اندلاع الحرب)، خاصة خارج العاصمة الخرطوم التي تعرضت الى دمار شامل، بالاضافة الى الجهل الواسع واللامبالاة تجاه الشؤون الإفريقية في الغرب حتى بين النخب المثقفة، فقد احتلت إفريقيا مرتبة متدنية ضمن أولويات السياسة الخارجية الأمريكية عبر إدارات متعددة، بما في ذلك إدارة الرئيس بايدن، الذي لم يزر القارة إلا في الأشهر الأخيرة من ولايته.

* وتضيف، ان القليل من التغطية الإعلامية للحرب السودانية يركز غالبًا على انتقاد ضعف الاهتمام الدولي، مع الادعاء بأن الولايات المتحدة يمكن أن تفعل المزيد، ورغم وجود العديد من المحللين الذين يقترحون حلولًا لإنهاء الحرب، إلا ان توصياتهم غالبًا ما تكون متناقضة وغير واقعية. فمن جهة، يطالبون بتدخل أمريكي أكبر، ومن جهة أخرى، يدعون إلى تمكين الدول الإفريقية لحل أزماتها بنفسها. كما يطالبون الولايات المتحدة باتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه الأطراف الفاعلة السيئة، لكنهم في الوقت نفسه يقرون بأن العقوبات الأمريكية ضعيفة التأثير.

* تقول (فليتشر)، انه بعد ما يقرب من 20 عامًا من تغطيتها للشؤون الإفريقية داخل وكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، فانها ترى أن الولايات المتحدة لا تستطيع فعل الكثير لإنهاء الحرب في السودان، فالأطراف المتحاربة لا تُظهر أي رغبة في وقف القتال، وإجبارها على ذلك سيتطلب تدخلاً عسكريًا قويًا، وهو أمر غير واقعي وغير مناسب في سياق السياسة الخارجية الأمريكية بعد الحرب الباردة.

* غير ان هذا لا يعني أنه لا ينبغي عدم محاولة تخفيف معاناة السودانيين، أو دعم جهود السلام عندما يصبح الطرفان أكثر استعدادًا للحوار. كما أنه لا يعني أن الولايات المتحدة يجب أن تنسحب من إفريقيا تمامًا، وهو ما قد تفعله إدارة ترامب بناءً على تجربتها الأولى التي تميزت بتجاهل شبه كامل للقارة، باستثناء بعض التدخلات العشوائية عند إثارة قضايا معينة مثل مقتل المزارعين البيض في جنوب إفريقيا أو الصراع على سد النهضة الإثيوبي. ومع ذلك، فمن غير المرجح أن يهتم ترامب كثيرًا بالسودان، إلا إذا كان من الممكن إغرءه بالحديث عن الذهب الذي يمتلكه قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي). فهو من العاشقين للذهب (اى ترمب).

* وفي اجابة على السؤال: (ماذا فعلت الولايات المتحدة حتى الآن؟) تقول (فليتشر)، بأنه منذ الإطاحة بعمر البشير في عام 2019، قدمت الولايات المتحدة وحلفاؤها مثل المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، دعمًا ماليًا وفنيًا للحكومة الانتقالية في السودان، وساعدت في تنفيذ خارطة طريق للتحول المدني. كما ساهمت في التفاوض على اتفاقية جوبا للسلام بين الخرطوم والمجموعات المتمردة، لكن انهيار الحكومة الانتقالية بعد انقلاب عسكري عام 2021 والصراع على السلطة بين الحلفاء السابقين ادى الى نشوب الحرب، ولقد حاولت إدارة بايدن مرارًا التوسط لوقف إطلاق النار وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، ولكنها لم تحقق سوى نجاح محدود في هذا الصدد، وقبل فترة قصيرة من انتهاء حكم الرئيس بايدن وصفت الولايات المتحدة الجرائم التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في دارفور بأنها "إبادة جماعية"، وهو مجرد توصيف رمزي يتطلب عملية سياسية معقدة لاثباته، كما فرضت عقوبات على أفراد وكيانات من كلا الطرفين، بما في ذلك حميدتي والجنرال عبد الفتاح البرهان.

* أما عن الدور الخارجي في تأجيج الحرب، فإن الكاتبة والخبيرة السابقة في الشأن الافريقي بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، تصف الدعم العسكري والاقتصادي الذي تقدمه الامارات العربية المتحدة لقوات الدعم السريع بانه العامل الاكثر تأثيرا في استمرار الحرب، ورغم العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على شركات إماراتية مرتبطة بالصراع، إلا أنها لم تمارس ضغطًا دبلوماسيًا أو اقتصاديًا كافيًا على الإمارات لوقف الدعم، ويعود ذلك إلى اعتماد واشنطن على أبوظبي في قضايا أخرى، مثل مواجهة إيران في الشرق الأوسط، ومع وصول ترامب للسلطة، فإن العلاقات الوثيقة بين عائلة ترامب والإماراتيين قد تجعل من الصعب اتخاذ موقف أكثر صرامة.

* وتقول الكاتبة انه بالنظر الى تاريخ السودان، فإن النزاع الحالي يُنظر إليه على أنه معركة وجودية بين حميدتي والبرهان، حيث يسعى كل منهما إلى تحقيق نصر كامل أو تقسيم فعلي للدولة، وإذا حدث هذا الانقسام، فسيكون بمثابة فصل جديد في تفكك البلاد، التي تم تشكيلها بشكل مصطنع في الحقبة الاستعمارية دون منطق داخلي أو انسجام.

* وتضيف، بان الولايات المتحدة كان لها يد في تفكيك السودان من قبل، فبعد ضغوط من نشطاء إنجيليين بيض وزعماء حقوقيين سود، لعبت واشنطن دورًا رئيسيًا في إنهاء الحرب بين الشمال والجنوب، مما أدى إلى انفصال جنوب السودان عام 2011. لكن هذه الخطوة انتهت بخلق دولتين فاشلتين بدلًا من واحدة.

* كما ساعدت قوات حفظ السلام الأممية المدعومة من الولايات المتحدة سابقا في تقليص العنف في دارفور. لكن مع انتهاء مهمة هذه القوات وخروجها من السودان في يناير 2021، عادت أعمال العنف بقوة مرة اخرى.

* وعن النفوذ الأمريكي في إفريقيا تقول فليتشر، بانه شهد تراجعا ملحوظا في العقود الاخيرة مما يُنظر إليه على أنه فشل في السياسة الخارجية لواشنطن، غير ان الولايات المتحدة يمكنها فعل المزيد، إلا ان أولوياتها غالبا ما تركز على التنمية الاقتصادية والديمقراطية ومكافحة الإرهاب، بدلاً من التدخلات العسكرية، مضيفةً انه في الوقت الذي تدخلت فيه قوى مثل الصين وروسيا في إفريقيا دون قيود أخلاقية، واجهت الولايات المتحدة صعوبة في مواكبة المنافسة، حيث رفضت دعم الأنظمة القمعية والفاسدة. وعلى الرغم من أن هذا الموقف يقلل من تأثيرها، إلا أنه يحافظ على قيمها الأخلاقية، وهو ما قد يكون أكثر أهمية على المدى الطويل.

* أخيرا تقول الكاتبة، انه يمكن للولايات المتحدة إنهاء الحرب السودانية مؤقتًا عبر دعم أحد الأطراف عسكريًا، كما فعلت سابقًا مع جنوب السودان، لكنها ستدفع ثمنًا أخلاقيًا باهظًا إذا فعلت ذلك. ويريد منتقدو السياسة الأمريكية في إفريقيا أن تكون الولايات المتحدة نشطة، لكن دون أن تكون استعمارية، وأن تقدم المساعدات دون فرض قيَّمها، وأن تنقذ إفريقيا دون أن تتصرف كالبطل الخارق.

* وتخلص الى ان الحرب في السودان ستنتهي عندما يدرك المتحاربون أن مصالحهم تقتضي وقفها، ويمكن للولايات المتحدة المساعدة في تحقيق ذلك، لكنها لا تستطيع فرضه، وفي النهاية، فان السودان هو الذي يجب أن ينقذ نفسه، ولكن هذا لا يعني أن الولايات المتحدة يجب أن تتخلى عن القارة، ولكنها يجب أن تهتم أكثر وتبذل جهودًا أكبر، لأن المآسي الإفريقية تستحق اهتمام العالم، ليس فقط من أجل المصالح السياسية، بل لأن (إنسانيتنا المشتركة) تفرض ذلك.

* كان ذلك ما كتبته الخبيرة السابقة في وكالة الاستخبارات الامريكية والمختصة في الشؤون الافريقية (هولي بيركلي فليتشر)، وفي رأيي المتواضع أنها قدمت تحليلاً واقعياً لكنه يحمل نظرة متشائمة ومحدودة لدور الولايات المتحدة في السودان، ويعكس الإطار العام الذي تنظر به واشنطن إلى الصراعات في إفريقيا، خاصة من زاوية المصالح الأمريكية أكثر من أي اعتبارات إنسانية أو استراتيجية طويلة المدى، واجد نفسي اتفق معها في الآتي:

أولا، محدودية النفوذ الأمريكي في إنهاء الحرب، حيث لم تستطع امريكا رغم محاولاتها الدبلوماسية ان تفرض وقف اطلاق النار، او تحقيق اختراق سياسي، وهو في رأيي نابع من أن الصراع السوداني يدور بين أطراف داخلية ذات مصالح متجذرة، ولا يمكن فرض حل خارجي ما لم يكن هناك استعداد داخلي للتسوية.

ثانيا، الكاتبة على حق في الإشارة إلى أن بعض الدول الاقليمية تلعب دورًا رئيسيًا في تمويل ودعم الطرفين، وهو ما يُعقّد الصراع، وان الدور الامريكي لانتقاد هذا التدخل الخارجي يبقى ضعيفًا بسبب المصالح المشتركة بين واشنطن وتلك الدول خاصة في ملفات مهمة لامريكا مثل مواجهة إيران.

ثالثا، تحليل الكاتبة حول انفصال جنوب السودان كان دقيقاً، فلقد ساهم تدخل الولايات المتحدة بشكل كبير في استقلال جنوب السودان، ولكنه لم يحقق الاستقرار، بل أدى إلى ظهور دولتين فاشلتين بدلًا من واحدة، وهو ما يوضح كيف أن التدخلات الخارجية، حتى وإن كانت بحسن نية، قد تأتي بنتائج عكسية.

* أما نقاط اختلافي معها فتتمحور في الآتي:

أولا، التقليل من أهمية الدور الأمريكي المحتمل

صحيح أن التدخل العسكري الأمريكي غير وارد، ولكن يمكن لواشنطن أن تمارس ضغطًا أكبر على الدول التي تدعم أطراف النزاع. كما أن فرض عقوبات أكثر صرامة، أو استخدام نفوذها في مجلس الأمن، قد يكون له تأثير في الحد من الدعم الخارجي للأطراف المتحاربة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لواشنطن أن تزيد من دعمها للمنظمات الإنسانية وتضغط من أجل فتح ممرات آمنة للمساعدات، بدلاً من الاكتفاء بدور المراقب.

ثانيا، إغفال الدور الإفريقي في حل النزاع

المقال يتحدث عن أن الحل يجب أن يكون داخليًا، لكنه لم يركز على دور الاتحاد الإفريقي أو دول الجوار، مثل إثيوبيا وتشاد وجنوب السودان. هذه الدول لديها نفوذ وتأثير مباشر على الأزمة، ويمكنها أن تلعب دورًا أكثر فعالية من مجرد انتظار تدخل غربي.

ثالثا، الرؤية السلبية لدور الولايات المتحدة في إفريقيا

يبدو المقال وكأنه يستسلم لحقيقة أن النفوذ الأمريكي في إفريقيا يتراجع، لكنه لا يطرح أي استراتيجية للتعامل مع هذا التراجع. وفي الحقيقة أن الصين وروسيا تملآن الفراغ الذي تتركه الولايات المتحدة، وإذا استمرت واشنطن في سياسة "الحياد الأخلاقي"، فقد تجد نفسها خارج المشهد تمامًا، مما يضر بمصالحها على المدى البعيد.

* أخيرا أقول، ان المقال يعكس واقعًا صعبًا لكنه لا يقدم حلولًا واقعية أو مقترحات بديلة. صحيح أن الولايات المتحدة لا تستطيع إنهاء الحرب السودانية وحدها، لكنها تستطيع لعب دور أكثر فاعلية من مجرد المشاهدة والتعليق. مستقبل السودان لن تحدده واشنطن، لكن لا يجب ان يُترك ليُحسم داخليًا فقط، خاصة في ظل التدخلات الإقليمية والدولية المستمرة.  

مقالات مشابهة

  • صحيفة تركية: فطاني التايلندية ساحة الحرب التي لا يراها أحد
  • مسؤول إسرائيلي سابق: حماس حققت أهدافها بغزة وإسرائيل فشلت
  • هل تستطيع امريكا إنهاء الحرب في السودان؟!
  • مقتل أسير إسرائيلي في 7 أكتوبر وجثته بغزة
  • مسؤول أمني يتحدث عن الاشتباكات بين القوات السورية وحزب الله
  • نتانياهو انتهى سياسياً!
  • حزب المؤتمر السوداني: إنهاء الحرب يجب أن يتم عبر حل سياسي شامل
  • مصدر مسؤول:توطين الرواتب في البنوك الاتحادية مقابل إنهاء اعتصام السليمانية
  • الخارجية السودانية تدعو المجتمع الدولي لدعم خارطة الطريق التي طرحتها قيادة الدولة
  • الخارجية تدعو المجتمع الدولي لدعم خارطة الطريق التي طرحتها قيادة الدولة