سياسات حكومات السيسي أفقرت المصريين.. البنك الدولي يكشف تدني متوسط دخل الفرد
تاريخ النشر: 7th, July 2024 GMT
كشف أحدث تقرير للبنك الدولي بشأن تصنيف البلدان حسب مستوى الدخل للفترة 2024 - 2025 عن تدني دخل الفرد في مصر بما لا يعكس أي تحسن في مستوى المعيشة منذ أكثر من عقد.
ويبين التقرير أن مصر لا تزال في فئة الشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل، مما يشير إلى صعوبة تحقيق التغيير المنشود في تحسين مستوى الدخل والمعيشة للمواطنين.
ويصنف البنك الدولي اقتصادات دول العالم إلى أربع مجموعات للدخل وهي: البلدان منخفضة الدخل، والشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل، والشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل، والبلدان مرتفعة الدخل.
ويتم تحديث هذه التصنيفات في الأول من تموز/ يوليو من كل عام، استنادا إلى نصيب الفرد من إجمالي الدخل القومي في السنة الميلادية السابقة.
دول تسابق مصر من فئتها
وبلغ متوسط دخل الفرد في مصر عام 2023 حوالي 3900 دولار أي أقل بكثير من متوسط دخل الفرد في العالم والبالغ 13212 دولار.
ورغم أن هناك دول انتقلت من فئة الدخل المتوسط المرتفع إلى فئة الدخل المرتفع مثل: روسيا، وبلغاريا، وبالاو، ودول تحسنت من فئة الدخل المتوسط الأدنى إلى فئة الدخل المتوسط العالي مثل: أوكرانيا، والجزائر، ومنغوليا، وإيران، إلا أن مصر لم يطرأ عليها أي تغيير.
الدول ذات الدخل المنخفض: نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي أقل من 1,085 دولار أمريكي.
الدول ذات الدخل المتوسط الأدنى: نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي بين 1,086 و4,255 دولار أمريكي.
الدول ذات الدخل المتوسط الأعلى: نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي بين 4,256 و13,205 دولار أمريكي.
الدول ذات الدخل المرتفع: نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي أكثر من 13,205 دولار أمريكي، بحسب بيانات البنك الدولي.
تنمية عكسية
ورغم ضخ مئات مليارات الدولارات (حوالي 400 مليار دولار) في مشروعات بنية تحتية ضخمة منذ عام 2014؛ تضمنت طرق وكباري ومدن جديدة، واعتماد كبير على الاقتراض، إلا أنها زادت الأعباء على الدولة والمواطنين بما يعكس فشل كل تلك المشروعات سواء إنجازها أو توقيتها.
ويُثير هذا التقرير تساؤلات حول فعالية خطط الإصلاح الاقتصادي المُتبعة في مصر، ومدى تأثيرها على حياة المواطنين.ويؤكّد على ضرورة إعادة النظر في إستراتيجياتها الاقتصادية والتنموية، مع التركيز بشكلٍ أكبر على تحسين مستوى معيشة المواطنين، بدلًا من التركيز على المشروعات الضخمة التي لا تُترجم إلى تحسين ملموس في حياتهم.
نتائج عكسية لبرامج الإصلاح الاقتصادي
هذا الركود في دخل الفرد في مصر يأتي على الرغم تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي عام 2016 مع صندوق النقد الدولي ولكن جميع المؤشرات تؤكد أنه جاء بنتائج عكسية.
ومنذ البدء في برنامج الإصلاح الاقتصادي قفز نصيب الفرد من ديون مصر الخارجية بنحو 150 بالمئة، ليسجل في حزيران/ يونيو من العام الماضي 1446 دولار، بحسب بيانات البنك المركزي المصري مقارنة بـ 578 دولار في عام 2016.
في تقرير للبنك الدولي بشأن تداعيات تعويم الجنيه التي بدأت في نهاية عام 2016 "كان نمو نصيب الفرد من الاستهلاك سالبًا بالنسبة لمعظم الأسر، وهو ما يعكس الارتفاع الحاد في التضخم في أعقاب التعويم"، مشيرا إلى أن تسارع معدلات التضخم في 2022/2023 تشير أيضًا إلى زيادة إضافية في معدل الفقر.
فشل البرنامج الإصلاح الاقتصادي
وصف الخبير الاقتصادي ورئيس منتدى التنمية والقيمة المُضافة، الدكتور أحمد خزيم، وضع متوسط دخل الفرد في مصر من قبل البنك الدولي بأنه "كاشف وليس ناشيء، منذ 8 سنوات والدولة تقوم بخفض قيمة الجنيه دون أدنى مقاومة للهياكل الإنتاجية لتحقيق إيرادات من مزاياها النسبية في قطاعاتها المختلفة، وتقوم بإصلاحات مالية ونقدية لم تسفر سوى عن خفض الجنيه وارتفاع الفائدة وزيادة معدلات التضخم".
وأوضح خزيم لـ"عربي21" أنه "منذ بدء برنامج الإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد وخفضت الحكومة قيمة الجنيه بأكثر من 57 بالمئة وتوالت الأحداث وسرنا على نفس النهج دون تغيير كان ينبغي أن ندرك الأخطاء مبكرا ونتوقف عندها قليلا، طوال تلك الفترة ظلت فاتورة وارداتنا أعلى بكثير من صاادرتنا وتؤدي إلى عجز بأنواعه المختلفة وندرة في الدولار فمن البديهي والطبيعي أن يتبع ذلك انخفاض جديد في قيمة العملة وبالتالي انخفاض في دخل المواطن المصري بنفس القيمة".
واعتبر أن تدني مستوى دخل الفرد "هو دليل على فشل برنامج الإصلاح الاقتصادي، وأننا الآن أمام أرقام كاشفة سواء لمستوى الفقر في البلاد، أو تدني دخل المواطنين، أو ارتفاع معدلات التضخم أي غلاء كبير في الأسعار، ومع استمرار عدم وجود اكتفاء ذاتي في العديد من القطاعات المهمة لا تزال مصر دولة مستوردة لأغلب احتياجاتها"، مشيرا إلى أن "انخفاض قيمة الجنيه لم يساهم في زيادة الإنتاج ومنافسة المنتجات المحلية وزيادة الصادرات كما في دول كثيرة لأن صناعتها تعتمد مواد خام بالدولار من الخارج".
الوضع مرشح لمزيد من التدني
ورجح الخبير الاقتصادي الدولي، إبراهيم نوار، أن يقل رقم متوسط دخل الفرد عن الرقم المعلن في التقرير الأخير للبنك الدولي، وقال: " أرقام البنك الدولي الأخيرة هي لعام 2023.. محسوبة على أساس سعر الصرف السابق قبل التخفيض، وليس سعر الصرف الحالي".
وأوضح في حديثه لـ"عربي21": "الرقم المنشور عن عام 2023 محسوب على أساس سعر الدولار بواقع 31 جنيها. قيمة الجنيه انخفضت بنسبة 45 بالمئة في عام 2024 .. هذا يعني أن متوسط دخل الفرد محسوبا بالدولار في العام 2024 سيقل عما كان عليه عام 23 ولن يزيد".
وذهب نوار إلى القول بأن "سياسة الافقار وبيع ثروات البلد مستمرة. وسوف تتحول نسبة كبيرة من المصريين إلى مجرد خدم في بلدهم للغرباء الذين يتكالبون حاليا على شراء ثرواتها".
وقفز الدين الخارجي المستحق على مصر إلى مستوى قياسي يقترب من 170 مليار دولار، بحسب بيانات البنك المركزي، خلال العام الحالي قبل أن يتراجع قليلا بدعم من صفقة رأس الحكمة التي أنقذت البلاد من حافة الإفلاس.
وفقا لآخر الإحصاءات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2019/2020، بلغ معدل الفقر في مصر حوالي 29.7 بالمئة، هذه النسبة لا تعكس الأرقام الحقيقية، بحسب خبراء خلال العامين الماضيين، ولكنها لا تزال تشير إلى تحديات كبيرة تواجهها البلاد في مجال مكافحة الفقر وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد عربي مصر البنك الدولي الفقر مصر السيسي البنك الدولي الفقر المزيد في اقتصاد اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة برنامج الإصلاح الاقتصادی الدول ذات الدخل الدخل المتوسط البنک الدولی دولار أمریکی قیمة الجنیه فئة الدخل
إقرأ أيضاً:
أين وصل التعاون الاقتصادي بين أنقرة ودمشق؟
أنقرة- في خطوة وُصفت بأنها تمهد لمرحلة جديدة من الانفتاح الاقتصادي بين أنقرة ودمشق، أجرى وزير التجارة التركي عمر بولات زيارة رسمية إلى العاصمة السورية يومي 16 و17 أبريل/نيسان الجاري على رأس وفد رفيع ضم ممثلين عن كبرى الاتحادات والمؤسسات التجارية التركية.
وتُعد الزيارة أول تحرك اقتصادي بهذا المستوى منذ اندلاع الأزمة السورية، وقد حظيت بترحيب رسمي سوري عبّر عنه وزير الاقتصاد والصناعة محمد نضال الشعار، واصفًا المباحثات مع بولات بأنها "مثمرة وتعكس الروابط الأخوية بين البلدين"، مشيرًا إلى أنها "ستشكل بداية لشراكة اقتصادية متينة تخدم مصلحة الشعبين".
من جانبه، أكد الوزير بولات التزام أنقرة بدعم جهود التعافي الاقتصادي في سوريا، معتبرا أن "استقرار سوريا ووحدتها يصبّ في مصلحة تركيا أيضا"، مشددًا على أن إعادة بناء الاقتصاد السوري تمثل ركيزة أساسية لمواجهة التحديات المشتركة، وعلى رأسها الإرهاب وأزمة اللجوء.
اتفاقيات قيد النقاشوأثمرت مباحثات الوفد التركي في دمشق توافقا مبدئيا بين الجانبين على الشروع في مفاوضات تهدف إلى إبرام اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة، تشمل تخفيض الرسوم الجمركية تدريجيًا، وتشجيع الاستثمارات المشتركة، وإعادة تأهيل المناطق الصناعية والبنى التحتية المتضررة، وفق ما صرح به وزير التجارة التركي عمر بولات.
ويأتي هذا التوجه بالتوازي مع استئناف النقاش حول اتفاقية التجارة الحرة الموقعة عام 2007، التي جُمدت مع اندلاع النزاع السوري في 2011. وأكدت مصادر رسمية للطرفين وجود تفاهم أولي لتوسيع نطاق الاتفاقية وتكييفها مع المتغيرات الاقتصادية الراهنة.
إعلانكما اتفق الجانبان على مراجعة شاملة لاتفاقيات حماية الاستثمار ومنع الازدواج الضريبي، بما يمهّد لإلغاء العمل باتفاقية عام 2004 واستبدالها بإطار قانوني جديد أكثر شمولًا وحداثة.
وشملت المحادثات ملفات تنفيذية على الأرض، في مقدمتها تسهيل الإجراءات الجمركية، وإنشاء مناطق حرة ومدن صناعية مشتركة، وتطوير قطاع النقل والخدمات اللوجستية بين البلدين. كما تم التوافق على تكثيف الزيارات المتبادلة بين مسؤولي الوزارات ودوائر الأعمال خلال المرحلة المقبلة، وتفعيل قنوات التواصل بين غرف التجارة واتحادات المستثمرين بهدف تسريع خطوات التنسيق وتنفيذ المشاريع.
وفي إطار هذه التفاهمات، أعلنت الحكومة السورية اعتماد نظام جمركي جديد دخل حيز التنفيذ يوم 11 يناير/كانون الثاني الماضي، وشمل تعديل 6302 تعرفة جمركية تتصل بالحدود البرية مع تركيا ودول الجوار.
كما قررت خفض الرسوم الجمركية على 269 سلعة تركية أساسية في مجالات الغذاء ومواد البناء، وذلك استجابة لمقترح تركي طالب بتيسير دخول المواد الحيوية للأسواق السورية لتجنب ارتفاع الأسعار والتضخم.
انتعاش التبادل التجاري
وواصل التبادل التجاري بين تركيا وسوريا مساره التصاعدي مدفوعًا ببوادر الانفراج السياسي والتنسيق الاقتصادي المتزايد بين البلدين. فقد بلغت الصادرات التركية إلى سوريا خلال عام 2024 نحو 2.2 مليار دولار، في حين لم تتجاوز الواردات السورية إلى السوق التركية 450 مليون دولار، وفق بيانات وزارة التجارة التركية.
ومطلع عام 2025، شهدت الحركة التجارية تسارعًا ملحوظا، إذ سجلت صادرات أنقرة إلى شمالي سوريا خلال الفترة بين 1 و25 يناير/كانون الثاني الماضي ما قيمته 219 مليون دولار، بزيادة نسبتها 35.5% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي والتي بلغت آنذاك 161 مليون دولار.
ويعكس هذا النمو المتواصل تطلعات الجانبين إلى رفع سقف التبادل التجاري الثنائي إلى 10 مليارات دولار خلال السنوات القليلة المقبلة، بالتزامن مع انطلاق مشاريع إعادة الإعمار بعد أكثر من 13 عامًا من الحرب.
وتُظهر المقارنة التاريخية أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ ذروته في عام 2010 بنحو 2.3 مليار دولار، قبل أن ينهار إلى 565 مليون دولار فقط في عام 2012 بسبب تداعيات الحرب وقطع العلاقات الرسمية.
وفي مؤشر جديد على تحول العلاقة الاقتصادية بين أنقرة ودمشق من التنسيق النظري إلى التطبيق العملي، شرعت تركيا في اتخاذ إجراءات ملموسة لتيسير حركة التجارة والتنقل مع سوريا.
وأعلنت وزارة التجارة التركية، في منتصف أبريل/نيسان الجاري، رفع القيود المفروضة على التبادل الحدودي، لتُعامل السلع المتجهة إلى سوريا بالشروط المطبقة نفسها في تجارة الترانزيت مع بقية دول الجوار، في خطوة اعتُبرت تمهيدا لعودة انسيابية لحركة البضائع.
وفي 21 أبريل/نيسان الجاري، أصدرت الوزارة تعميمًا جديدا يسمح للمرة الأولى منذ عام 2011 بعبور السيارات السورية، الخاصة والتجارية، إلى الأراضي التركية عبر المعابر البرية الرسمية.
وجاء هذا التطور عقب اجتماع جمع وزير التجارة التركي عمر بولات مع وزير النقل السوري يعرب بدر، حيث تم الاتفاق على تسريع الإجراءات الجمركية والفنية في المعابر، ووضع خطة مشتركة لتفعيل النقل الترانزيتي عبر الأراضي السورية، بما يربط تركيا مباشرة بأسواق الخليج العربي والشرق الأوسط، ويوفر مسارات بديلة للطرق الدولية التقليدية.
وتزامنًا مع هذه الخطوات البرية، أعلنت الخطوط الجوية التركية مطلع العام الجاري استئناف رحلاتها إلى مطار دمشق الدولي بعد انقطاع دام 13 عامًا، في حين تجري مباحثات لربط الموانئ السورية، خصوصًا في اللاذقية وطرطوس، بالموانئ التركية على البحر المتوسط، إلى جانب بحث إعادة تشغيل خطوط السكك الحديدية المتوقفة.
تحالف جديد
ويرى المحلل الاقتصادي مصطفى أكوتش أن التحالف الاقتصادي بين أنقرة ودمشق يُعاد تأسيسه من الصفر، لا على قاعدة ترميم الماضي، بل عبر شراكة إستراتيجية ترتكز على التكامل في الإعمار والطاقة والنقل، وتستند إلى توافق سياسي بين حليفين.
إعلانويؤكد أكوتش، في حديث للجزيرة نت، أن التحول السياسي في سوريا أتاح فرصة نادرة لإرساء بنية اقتصادية مشتركة، مشيرا إلى أن تركيا تمتلك أدوات فاعلة لدفع الإعمار، لكنها تواجه تحديات أبرزها ضعف البنية التحتية، والاعتماد على التمويل الخارجي، والفجوة المؤسساتية بين الاقتصادين.
وفي السياق ذاته، تؤكد الباحثة الاقتصادية مريم أويانيك أن القطاع الخاص التركي مرشح للعب دور محوري في إنعاش الاقتصاد السوري، لما يتمتع به من خبرة في بيئات ما بعد النزاع، لكنها تشدد -في حديثها للجزيرة نت- على أهمية توفير بيئة قانونية مستقرة وآمنة للاستثمار، تضمن الشفافية وتحفّز رأس المال على الدخول بثقة واستدامة.